حطّت رياح الجائحة العالمية الراهنة حفل الدورة الرابعة عشرة لجائزة الشيخ زايد للكتاب بموقع "يوتيوب"، الذي بثّ حفل تكريم افتراضيا للفائزين بها في هذه السنة. وقال علي بن تميم، الأمين العام للجائزة رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، إنّ الدورة الرابعة عشرة لجائزة الشيخ زايد للكتاب تأتي "في ظروف عصيبة يمرّ منها العالم أجمع"، وذكر أنّ انعقاد هذا الاحتفال عن بُعد "واحد من تجليات هذه الأزمة التي تعيشها جميع القطاعات ونتلمّس تأثيرها المباشر وغير المباشر". واسترسل الأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب قائلا: "هذه محنة عالمية تاريخية، وجائحة قلّ ما شاهد تاريخ الإنسانية مثيلا لها، وفي المحن الكبرى يُختبَر الإنسان في إنسانيته، وتُختبَر الإنسانية في جوهر جهودها". ثم زاد معبّرا عن أساه على ضحايا الجائحة وجميع من يمرّون بظروف حرجة من مرضى وطواقم طبية ومتضرّرين. واستدرك بن تميم متحدّثا عن ما يُرى في الوقت نفسه "من بارقة الأمل في هذا التضامن الإنساني غير المسبوق"، وفي "تجديد الرهان على الكتاب والثقافة، لا بوصفها الرفيقة المثلى لهذه العزلة فحسب؛ بل لأنها سبيلنا لفهم ما جرى واستيعاب الدّروس منه، ونقل الخبرة، وجسر عبورنا من هذه المحنة نحو المستقبَل المشرق". كما نبّه المتحدّث إلى أهمية ما تدفع إليه هذه الأزمة من "إعادة طرح أسئلة جادة على الثقافة والمشتغلين بها؛ منها أهمية الثقافة العلمية والصحية والبيئية، التي نتمنى أن تأخذ حيزا أكبر من اهتمام الباحثين والكتاب والعلماء والقرّاء". وبارك علي بن تميم فوز من ظفروا بالجائزة في هذا العام، ووصفهم ب"أهل الإنجازات المؤمنين بقيمة الكلمة، الساعين إلى إعلاء شأنها سبيلا دائما لخير البشريّة وتطوّرها وتضامنها وارتقائها"، قبل أن يخصّ بالذّكر الشاعرة والناقدة والمترجمة والأكاديمية سلمى الخضراء الجيوسي، التي تُوِّجَت بجائزة شخصية العام الثقافية، متمنيا لها "مزيدا من العطاء في رحلتها المعرفية الشيّقة". وقال الشاعر التونسي منصف الوهايبي، الظّافر بجائزة الشيخ زايد في الآداب، إنّ هذه "جائزة مرموقة تمثّل منعطفا في سيرته، وفي الشعر التونسي والمغاربيّ"، وزاد في تدخّل مصوّر أنّ في هذا التّتويج لديوانه "إعادة اعتبار لفنّ هو الأرقى والأنبلُ في ثقافتنا العربية". بدورها، استهلّت الفلسطينية الأمريكية ابتسام بركات، الفائزة في فرع "أدب الطفل والناشئة"، كلمتها قائلة: "قلبي يفيض فرحا اليوم، وأتقاسَم هذا الفرح مع جميع أطفال العالم، خاصة المحرومين منهم منه، علّه يخفّف من حرمانهم، على أمل أن يأتي يوم وتُرْوَى نفوسهم بالأفراح، فيروُون قصصهم للإنسانية"، ثم توجّهت للمشرفين على الجائزة بقولها: "شكرا جزيلا من قلبي، ومن قلمي، ومن عالم الطّفولة". وشكر الباحث العراقي حيدر قاسم مطر، الفائز في فرع "المؤلف الشاب"، "إدارة الجائزة العربية والدولية المرموقة"، ثم زاد معبّرا عن أمله في أن تفتح له هذه الجائزة "آفاقا مستقبلية واسعة في تطوير ودفع عجلة تقدّمه في مجال دراسات الفكر الإسلامي والاستشراق"، وأن يكون هذا التتويج "داعما ومحفّزا للباحثين العرب والعراقيين خاصّة، للمشاركة والمنافسة ضمن هذه الجائزة". وتحدّث التونسي محمد آيت ميهوب، المتوّج في "فرع الترجمة"، عن سعادته الكبيرة ب"مشاركتكم لي فرحة الحصول على جائزة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد"، ثم زاد مبيّنا أنّ هذه الجائزة "من أعرق الجوائز العربية والعالمية، وأكثرها تطبيقا لمعايير التحكيم الحديثة". وعبّر الهولندي ريتشارد فان لوين، الظّافر ب"جائزة الشيخ زايد للثقافة العربية في اللغات الأخرى"، عن شرفه بها، خاصة لتمثيلها رمزا لتقدير كتابه من زملائه العرب، ثم أضاف قائلا: يقصد الكتاب تسليط ضوء جديد على سيرورات التبادل الثقافي والنّقل الأدبي، وآمل أن تمكن الجائزة الكتاب من الوصول إلى الجمهور العربي، فيصير معروفا بشكل أوسع في العالم العربي، ويصير جزءا من التبادل الثقافي الجاري في وقتنا الراهن. وتعليقا على تتويج مجلة "بانيبال" البريطانية بجائزة الشيخ زايد للنشر والتقنيات الثقافية، قالت مارغريت أوبانك، ناشرة المجلة، إنّ "اختيارنا كفائزين شرف عظيم لنا"، ثم شكَرَت "كلّ المساهمين والكتاب في المجلة، والمترجمين الرائعين، والمحررين والمصممين المذهلين"، خاصّة بالذكر من أسست معه المجلة، ومن يترأّس تحريرها اليوم: الكاتب العراقي صموئيل شمعون. واعتبرت الأكاديميةُ الفلسطينية الأردنية سلمى الخضراء الجيوسي، شخصيّةُ العام الثقافيّة، أنّ "ليس في عمر الكاتب أروع من هذه اللحظات التي تبارك عمله، وتدفع بصاحبه لمزيد من العطاء". وعبّرت الكاتبة عن "فرحها الكبير جدا بوجود مؤسّسات ثقافية رائدة، كمؤسسة الشيخ زايد للكتاب التي هي مثال أعلى للجدّ والتنوير"، واستلهمت من هذه التسميةِ - التتّويجِ لخدمتها للثقافة العربية معنى، هو: "العمل المرهق الذي عانيته وحدي في بداية عملي على نقل الثقافة العربية إلى العالَم قد آتى أكله، ونال مكافأته، ووجد مداره". تجدر الإشارة إلى أنّ الشاعر منصف الوهايبي قد توّج عن ديوانه "بالكأس ما قبل الأخيرة" الصادر عن "دار مسكيلياني للنشر" في سنة 2019، وتوجت الكاتبة ابتسام بركات عن قصتها "الفتاة الليلكية" الصادرة عن "مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي" في سنة 2019، والباحث حيدر قاسم مطر عن كتابه "علم الكلام الإسلامي في دراسات المستشرقين الألمان – يوسف فان إس أنموذجا"، الصادر عن "دار الروافد الثقافية ناشرون وابن النديم للنشر والتوزيع" في سنة 2018. وتوّج المترجم محمد آيت ميهوب عن ترجمته لكتاب "الإنسان الرومنطيقي" للمؤلف جورج غوسدورف، من اللغة الفرنسية إلى العربية، الصادرة عن "دار سيناترا ومعهد تونس للترجمة" في سنة 2018، وتوّجت مجلة بانيبال البريطانية ب"جائزة الشيخ زايد للنشر والتقنيات الثقافية" لإسهامِها في "تقديم أعمال من الأدب العربي المعاصر إلى القراء الناطقين بالإنجليزية". وتوج الباحث ريتشارد فان لوين ب"جائزة الشيخ زايد للثقافة العربية في اللغات الأخرى" عن كتابه "ألف ليلة وليلة وسرديات القرن العشرين: قراءات تناصّية" الصادر باللغة الإنجليزية عن "دار بريل للنشر" في سنة 2018، فيما ظفرت الأكاديمية والمترجمة والشاعرة سلمى الخضراء الجيوسي ب"جائزة شخصية العام الثقافية".