تخليدا للذكرى ال442 لمعركة وادي المخازن بالقصر الكبير، أحيت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير- فرع العرائش ذكرى هذا الحدث التاريخي البارز من خلال تنظيم ندوة علمية عن بُعد في موضوع: "معركة وادي المخازن.. إرث حضاري وتاريخي"، الثلاثاء، بمساهمة ثلة من الأساتذة الباحثين الذين تناولوا هذا الحدث من جوانبه الحضارية والثقافية والاجتماعية. وألقى مصطفى الكتيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، كلمة بالمناسبة أبرز من خلالها الأهمية التاريخية والحضارية التي يكتسيها هذا الحدث المفصلي والنوعي، الذي حقق فيه المغاربة انتصارا ساحقا على الحملة البرتغالية بقيادة الملك دون سيباستيان يوم 4 غشت 1578م، مما وضع حدا للأطماع البرتغالية في غزو المغرب واستعماره وجعله بلدا تابعا.. ونتيجة لذلك كان للمعركة صدى كبير على الصعيد الخارجي، وأدى إلى سقوط البرتغال تحت الوصاية الإسبانية، في الوقت الذي أصبح فيه المغرب قوة يحسب لها حسابها بين الدول. وفي هذا السياق، استعرض المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير محطات جهادية وكفاحية سابقة عن معركة وادي المخازن بما يثبت تجدر فعل المقاومة لدى المغاربة وسكان المنطقة في مواجهة الغزو الإيبيري لشواطئ المغرب منذ القرن الخامس عشر. كما توقف المندوب السامي عند القيم التي صنعت الإنجاز التاريخي الكبير في معركة وادي المخازن، والمتجسدة في قيم التضامن والتكافل والتآزر والالتحام بين القمة والقاعدة، "فمنذ أن وطأت الحملة البرتغالية شواطئ المغرب هبّ المغاربة عن بكرة أبيهم بقيادة السلطة السعدية وتأطير شيوخ الزوايا والمتصوفة والصلحاء للدفاع عن بيضة الدين وحوزة الوطن وحماية ثوابتهم الدينية ومقدساتهم الوطنية، وتوج ذلك بإنجاز تاريخي كبير ما زالت الأجيال تنهل من قيمه وتجاربه". ولم يفت المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير التأكيد على ضرورة الاستفادة من هذه الدروس والعبر وتمثلها، وتجاوز المقاربات الضيقة في تناول الحدث، بالانفتاح على جوانبه وأبعاده الحضارية والثقافية والذهنية والاجتماعية، و"هو الكفيل بإغناء البحث التاريخي والذاكرة الوطنية، وفتح المجال لإقامة علاقات بين شعوب المنطقة يسودها التعاون والسلم في مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية؛ وفي مقدمتها ما تشهده بلادنا والعالم من جائحة كورونا كوفيد 19، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله والعرش العلوي المنيف". وقد تميزت ندوة "معركة وادي المخازن.. إرث حضاري وثقافي" بكلمة المكتب المحلي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بالعرائش، التي بيّنت أهمية الذكريات الوطنية وضرورة إحيائها بما يليق بها من اعتزاز وإكبار؛ وفي مقدمتها معركة وادي المخازن الخالدة. كما أبرزت الكلمة ذاتها الغاية الوطنية والدينية والعلمية والبيداغوجية التي يكتسيها هذا الفعل الاحتفالي، إضافة إلى تقديم الأرضية العلمية والمعرفية للندوة الرامية إلى الانتقال من الاقتصار على معالجة الجوانب العسكرية والسياسية والديبلوماسية للمعركة إلى الانفتاح على التناول الحضاري وثقافي والاجتماعي والاقتصادي والذهني للحدث؛ وهو ما ساهمت في تجسيده مداخلات الأساتذة التي تميزت بالتنوع من حيث المعالجة وكذا التجديد في تناول حدث معركة وادي المخازن. وهكذا، جاءت مداخلة الباحث سعيد الحاجي موسومة ب"أي استثمار للإرث الثقافي لمعركة وادي المخازن؟"، فيما عالج الأستاذ محمد أخريف موضوع "مساهمة المنطقة الشمالية في معركة وادي المخازن من خلال الزوايا.. الزاوية الريسونية نموذجا". أما الدكتور زين العابدين زريوح فتناول جانبا من "الجوانب الذهنية لمعركة وادي المخازن 1578م.. مساهمة في دراسة عقليات أطراف المعركة"، بينما تطرق الدكتور محمد سعيد المرتجي في مداخلته "معركة وادي المخازن بين الكتابة وتثمين الذكرى" إلى مسألة الإشعاع والمشاركة في التعريف واستثمار الحدث والموقع.