المشاركون في مؤتمر التحالف من أجل الحكم الذاتي في الصحراء يقومون بزيارة لميناء الداخلة الأطلسي    عبد النباوي: العقوبات البديلة علامة فارقة في مسار السياسة الجنائية بالمغرب    نجاح باهر للنسخة الثامنة من كأس الغولف للصحافيين الرياضيين الاستمرارية عنوان الثقة والمصداقية لتظاهرة تراهن على التكوين والتعريف بالمؤهلات الرياضية والسياحية لمدينة أكادير    الاستيلاء على سيارة شرطي وسرقة سلاحه الوظيفي على يد مخمورين يستنفر الأجهزة الأمنية    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة.. وهبي: "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    مأسسة الحوار وزيادة الأجور .. مطالب تجمع النقابات عشية "عيد الشغل"    تجار السمك بالجملة بميناء الحسيمة ينددون بالتهميش ويطالبون بالتحقيق في تدبير عقارات الميناء    موتسيبي: اختيار لقجع قناعة راسخة    سلطات سوريا تلتزم بحماية الدروز    القصر الكبير.. شرطي متقاعد يضع حداً لحياته داخل منزله    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية ورياح عاتية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    المغرب يتلقّى دعوة لحضور القمة العربية في العراق    الدولي المغربي طارق تيسودالي ضمن المرشحين لنيل جائزة أفضل لاعب في الدوري الاماراتي لشهر أبريل    تأخيرات الرحلات الجوية.. قيوح يعزو 88% من الحالات لعوامل مرتبطة بمطارات المصدر    الإنتاج في الصناعات التحويلية.. ارتفاع طفيف في الأسعار خلال مارس الماضي    المغرب يواجه حالة جوية مضطربة.. زخات رعدية وهبات رياح قوية    مُدان بسنتين نافذتين.. استئنافية طنجة تؤجل محاكمة مناهض التطبيع رضوان القسطيط    الشخصية التاريخية: رمزية نظام    فلسفة جاك مونو بين صدفة الحرية والضرورة الطبيعية    هذه كتبي .. هذه اعترافاتي    وزارة الأوقاف تحذر من الإعلانات المضللة بشأن تأشيرات الحج    العراق ولا شيء آخر على الإطلاق    المغرب ينخرط في تحالف استراتيجي لمواجهة التغيرات المناخية    إلباييس.. المغرب زود إسبانيا ب 5 في المائة من حاجياتها في أزمة الكهرباء    مسؤول أممي: غزة في أخطر مراحل أزمتها الإنسانية والمجاعة قرار إسرائيلي    تجديد المكتب المحلي للحزب بمدينة عين العودة    الصين تعزز مكانتها في التجارة العالمية: حجم التبادل التجاري يتجاوز 43 تريليون يوان في عام 2024    انطلاق حملة تحرير الملك العام وسط المدينة استعدادا لصيف سياحي منظم وآمن    الحكومة تلتزم برفع متوسط أجور موظفي القطاع العام إلى 10.100 درهم بحلول سنة 2026    العلاقة الإسبانية المغربية: تاريخ مشترك وتطلعات للمستقبل    الإمارات تحبط تمرير أسلحة للسودان    كيم جونغ يأمر بتسريع التسلح النووي    ندوة وطنية … الصين بعيون مغربية قراءات في نصوص رحلية مغربية معاصرة إلى الصين    رحلة فنية بين طنجة وغرناطة .. "كرسي الأندلس" يستعيد تجربة فورتوني    السجن النافذ لمسؤول جمعية رياضية تحرش بقاصر في الجديدة    ابن يحيى : التوجيهات السامية لجلالة الملك تضع الأسرة في قلب الإصلاحات الوطنية    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    المغرب يروّج لفرص الاستثمار في الأقاليم الجنوبية خلال معرض "إنوفيشن زيرو" بلندن    تقرير: 17% فقط من الموظفين المغاربة منخرطون فعليا في أعمالهم.. و68% يبحثون عن وظائف جديدة    مارك كارني يتعهد الانتصار على واشنطن بعد فوزه في الانتخابات الكندية    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    إيقاف روديغر ست مباريات وفاسكيز مباراتين وإلغاء البطاقة الحمراء لبيلينغهام    جسور النجاح: احتفاءً بقصص نجاح المغاربة الأمريكيين وإحياءً لمرور 247 عاماً على الصداقة المغربية الأمريكية    دوري أبطال أوروبا (ذهاب نصف النهاية): باريس سان جرمان يعود بفوز ثمين من ميدان أرسنال    الأهلي يقصي الهلال ويتأهل إلى نهائي كأس دوري أبطال آسيا للنخبة    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    نجاح اشغال المؤتمر الاول للاعلام الرياضي بمراكش. .تكريم بدرالدين الإدريسي وعبد الرحمن الضريس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزراء بنكيران قادمون... !!
نشر في هسبريس يوم 14 - 03 - 2012

مواقف و سلوكات بعض وزراء و قياديي و برلمانيي العدالة و التنمية تجعلني أتخيل و أتذكر أكثر ما مرة "دون كيشوط" ، هذا الرجل البورجوازي النحيف الذي أفرط في قراءة كتب الفروسية القديمة ذات القيم البالية فآمن بالفروسية إلى حد الهوس، فأراد أن يعيد دور الفرسان النبلاء الجوالين الذين يمشون في الأرض لينشروا العدل و ينصروا الضعفاء، فنصب نفسه فارسا رفقة خادمه الوفي سانشو ليدافع عن العدالة و الحب في عالم أثم وهو لا يملك سوى حصانا هزيلا و درعا و رمحا... وهكذا طول رحلته للدفاع عن المظلومين تجده يتصارع مع طواحين الهواء و النعاج و أعداء وهميين لا يوجدون إلا في مخيلته... دون كيشوط يحارب دائما الشيء الخطأ و يدافع عن الشيء الغلط مما يجعله أضحوكة و تنتهي معاركه العجيبة دائما باعتذار خادمه الوفي سانشو لكل من حوله بسبب سوء الفهم الحاصل.
فلا فساد بعد اليوم... لا بطالة بعد اليوم... لا محسوبية و لا زبونية و لا ظلم بعد اليوم... لا أمية و لا جهل و لا تطرف بعد اليوم... لا فقر و لا هشاشة و لا إقصاء بعد اليوم...لا نفاق و لا خوف و لا شك ولا هروب من المشاكل بعد اليوم... فوزراء بنكيران قادمون إلينا بسيارات الكانغو لينشروا العدل و يحاربوا الأشرار...
فقبل الانتخابات التشريعية الأخيرة و حزب العدالة والتنمية يتوعد الفساد و المفسدين، و يعد الضعفاء و المظلومين. و ما إن تم تنصيب بنكيران رئيسا للحكومة حتى أصبحت دون أن أفطن أتتبع بشغف عبر الجرائد الإلكترونية مغامرات الحزب "الدون كيشوطي" الطريفة ... فينسج خيالي حكايات و أحاديث بطلها دون كيشوط...
... فبينما دون كيشوط يتجول بسيارة الكانغو رفقة خادمه الوفي بعد أن تم تنصيبه مسؤولا على تدبير الشأن العام المحلي للبلاد، فإذا به يتوقف على حين غرة و يلتفت إلى خادمه الوفي و عيناه تبرقان و صوته يرتجف كأنه يحلم:
- دون كيشوط: إنني أرى خطرا يهدد البلاد و العباد... إنه مسخ عجيب لم أر مثله في حياتي... يشبه الثعبان و لكنه أطول منه... إنه مخلوق رهيب فائق السرعة يريد أن يلتهم قوت العباد و يريد أن يترك البلاد قاحلة...
- سانشو: لا بد أنك تحلم سيدي دون كيشوط...سأنزل لأشتري لك قنينة ماء...
- دون كيشوط: أنا لا أحلم يا سانشو... إني أراه كما أراك أمامي...
- سانشو: لكن سيدي ، من أين سيأتي لنا هذا الوحش العجيب؟ و أين سيختبأ ؟ إنك تعلم سيدي أكثر مني أنه حتى الغابات تم اقتلاعها و لم يعد يوجد مكان للاختباء...
- دون كيشوط: لا تناقشني ... إني أراه قادما من بلاد إفرنجية... اكتب يا سانشو هذه البرقية و أرسلها حالا " أنا دون كيشوط فارس الفرسان و حامي اليتامى و الضعفاء أعلن أنني سأتصدى لهذا المسخ الرهيب الفائق السرعة".
- سانشو ( يقاطعه): عفوا سيدي، سأرسلها لمن؟
- دون كيشوط: إنك مشاكس يا سانشو و عنيد و تستحق العقاب.. .لا يهم لمن سترسلها؟ فهل كل البرقيات تحتاج إلى مرسل إليه؟ حقا إنك غبي أبله !! اغرب عن و جهي... عقابا لك سأتركك خمس دقائق لتلتهمك أشعة الشمس الدافئة...
- سانشو: سيدي لقد توصلت التو ببرقية عاجلة ردا على برقيتكم..
- دون كيشوط: (مذهولا): و هل أرسلت البرقية؟
- سانشو: لا سيدي، لم أرسلها بعد... و لكن ألم تخبرني سيدي أنه ليس من الضروري أن أرسل برقية لأحصل على رد عليها...
- دون كيشوط ( مزهوا): حقا أخبرتك بهذا؟ أنا فعلا عبقري... هيا اقرأ علي فحوى البرقية... أتخيل المسخ الرهيب الفائق السرعة و هو يرتجف من فارس الفرسان...
- سانشو ( و هو يرتجف): عذرا سيدي، البرقية شديدة اللهجة و لن أستطيع أن أقرأها على مسامعك... و لكن سيدي يبدو أنني أخطأت، إنه ليس وحشا و لكنه "تي جي في" و هو صديقا للبلاد و العباد و سيعود بالنفع الكبير على الأمة في المستقبل و سيضعنا في صفوف الدول المتقدمة و لا خوف منه يا سيدي.
- دون كيشوط ( فرحا كالأطفال) : أنا سعيد جدا يا سانشو بهذا الخبر... يسعدني أن أسمع أن البلاد و العباد بخير... و لكنني حزين من أجلك لأنك أخطأت... عليك أن تعتذر يا سانشو و تتدبر الأمر... فأنت خادم فارس الفرسان...و لابد أن تواجه ذنبك بشجاعة...
يواصل دون كيشوط رحلته و هو ممتطيا سيارة الكانغو القديمة رفقة خادمه الوفي، باحثا عن عدو يتصارع معه أو مظلوم يدافع عنه. فجأة، يلتفت إلى سانشو:
- دون كيشوط: ما الخطب؟ لما كل هذه الضجة و هذا الازدحام؟ اذهب و تقص لي الأمر؟
- سانشو: سيدي، إنهم ملتفون حول بعض الصور لفنانة مرتدية قفطانا مغربيا.
- دون كيشوط: و ما المشكل و لم الصراخ؟ ألم يروا قفطانا مغربيا في حياتهم؟ أم لم يروا ممثلة في حياتهم؟
- سانشو: سيدي، إنهم ملتفون حول ساقها... فالقفطان مفتوح قليلا...
- دون كيشوط: تقصد تحت الركبة؟
- سانشو: أكثر سيدي... بحوالي أربعين سنتيما فوق الركبة.
- دون كيشوط: ما شاء الله... إنها فعلا سيدة فاضلة تستحق التقدير و الاحترام... اكتب يا سانشو برقية في الموضوع حالا "أنا فارس الفرسان و حامي الشرفاء و منقذ قلوب العذارى أتضامن مع قفطانك المفتوح تضامنا مطلقا و أدعو له بمزيد من الانفتاح و التألق"
- سانشو: سيدي لقد توصلت ببرقية من السيدة الفاضلة ردا على رسالتكم هذا نصها " قفطاني و أنا ممتنون لكم و نبلغكم أن ظلكم عندو ابتسامة زوينة".
- دون كيشوط ( منتشيا و مزهوا): أنا سعيد جدا يا سانشو...لقد أدخلت البهجة إلى قلب السيدة الفاضلة و قفطانها. أرأيت كيف تجد ابتسامة ظلي لطيفة؟ أنا سعيد جدا يا سانشو... النساء يبعثن الدفئ إلى قلوبنا الحزينة. حقا لا نجاة من النساء و فخاخهن إلا بتوفيق من الله !
يواصل دون كيشوط رحلته و هو ممتطيا سيارة الكانغو رفقة خادمه الوفي من أجل نشر قيم العدل و الفضيلة و الدفاع على مصالح المظلومين و الفقراء. و كلما مر بجانب إحدى اللوحات الإشهارية يقف أمامها و ينزل من سيارته و يتأملها كطفل مذهول يرى شيئا لأول مرة... فجأة يتوقف وعلامات الإرهاق و الإجهاد بادية على محياه و كأنه في معركة شرسة بطلها وخصمها دون كيشوط.
- دون كيشوط (بحيرة): أخبرني بصدق سانشو، هل أدبر الشأن العام بعدل؟ هل أنا عادل يا سانشو؟ هل سأدخل الجنة؟
- سانشو: عفوا سيدي، لم أفهم قصدك؟
- دون كيشوط: ألا ترى كيف استولت العاهرات على المدينة؟ إنني منزعج يا سانشو. العاهرات استوطن البلد. و هن غريبات عن هذا البلد و لا نعرف عنهن شيء.
- سانشو: سيدي لم أفهم ما تقصد و لكن كلامك أخافني.
- دون كيشوط: ألم ترى كيف المدينة مليئة باللوحات الإشهارية و كيف اللوحات الإشهارية مليئة بصور العاهرات. العاهرات أصبحن جزءا من الفضاء العمومي .أنا دون كيشوط فارس الفرسان سأحارب العاهرات و أطردهن من البلد.
- سانشو: سيدي، إنهن لسن بعاهرات. بل فنانات أتين من أراض مختلفة ليشاركن في مهرجانات.
- دون كيشوط: حقا. لم أكن أعلم بأمر هذه المهرجانات... وهل البلد يحتاج إلى مهرجانات؟ العباد يريد أن يأكلوا.
- سانشو: سيدي، ألم تقل لي يوما أنه فقط البهائم من تعيش بالعلف وحده.
- دون كيشوط ( فرحا و مزهوا): أنا قلت لك هذا؟ حقا أنا عبقري...اكتب برقية " أنا فارس الفرسان، أعلن أنني سأضاعف ميزانية المهرجانات و سأدعمها".
( يصمت دون كيشوط قليلا ثم يتحدث بنبرة حالمة كأنه يخاطب نفسه): نعم العباد يحتاجون إلى الموسيقى و المسرح و الشعر ليتحاوروا بعمق يعيشوا بسلام فيما بينهم...
الإنسان لن يتحرر و يتصالح مع محيطه إلا عبر الفن لأن الفن يزعج و لكن لا يجرح ...السياسة تجرح و لكن لا تزعج.
و يستمر دون كيشوط رفقة خادمه الوفي و هو ممتطيا سيارة الكانغو القديمة باحثا عن عدو يتصارع معه أو مظلوم يدافع عنه.
و يستمر وزراء بنكيران في تبني قضايا هامشية بلا معنى و أخر خبر أثار انتباهي هو خبر إقالة عامل لأنه أساء إلى أحد وزراء العدالة و التنمية... تخيلت مكتب الفرع للحزب و هو متجند بسيدي بنور في اجتماعات مراطونية لكتابة تقرير و بحث جدي في الموضوع و تمنيت لو مكتب الفرع للحزب تجند لكتابة تقارير حول الوضعية الاجتماعية و الثقافية و السياسية لسيدي بنور، و تخيلت عدد الاجتماعات الرفيعة المستوى التي أقيمت و الطاقات التي أهدرت و الهواتف التي استعملت، و تخيلت كاتب الفرع للحزب و هو يشيع في مقاهي سيدي بنور بأنه من أقال العامل و يمثل دور بطولة مزعومة. و تساءلت هل يمكن أن نسير الشأن العام للبلاد و الرغبة في الانتقام تحركنا حيث لا نستطيع أن نتسامح فيما بيننا و لا نستطيع أن ننسى الإساءة ، و لا نستطيع أن نسمو و نتعالى عن بعض صغائر الأمور.
تخيلت رسول الله صلى الله عليه و سلم لو كان يرد بالمثل عن كل إساءة تعرض لها هل كان سيبقى له وقت أو جهد للعمل على نشر الدعوة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.