إحداث "مؤسسة المغرب 2030" يوحد الأغلبية والمعارضة في مجلس النواب    تنظيم حفل بمناسبة انتهاء مدة الخدمة العسكرية للفوج ال39 من المجندات والمجندين بالقاعدة الأولى للبحرية الملكية بالدار البيضاء    الاحتفال بالذكرى ال50 لإرسال البعثة الصينية الصحية إلى المملكة المغربية    الحكومة تعرض حصيلة تنفيذ مالية 2023 .. والمعارضة تشكك في الأرقام    نشطاء يحرّكون ملف الطرد من الجزائر    مجلس النواب يصادق على تعديل قانون الوكالة الوطنية للمياه والغابات    سيدي إفني : إطلاق تجربة رائدة في مجال صيد الأخطبوط بالغراف الطيني    الحكومة تعلن إدخال تحسينات جديدة على برنامج "Go Siyaha" لدعم المشاريع السياحية    بالأغلبية.. مجلس النواب يقرّ مشروع قانون إحداث مؤسسة "المغرب 2030"    بالأرقام: نتائج الشراكة الفعالة بين مديرية الأمن الوطني ووزارة التربية الوطنية للتوعية والوقاية من مخاطر الجريمة والانحراف    إسرائيل تشن غارات في سوريا بدعوى "حماية الدروز" من القوات الحكومية    بوريطة يتباحث مع أحمد سعيد التميمي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية    بني ملال: وفاة المعتصم بوعبيد فوق خزان الماء..    وزارة الفلاحة تدافع عن جمعية مربي الأغنام والماعز وتؤكد أن حساباتها تُدقَّق سنويا    نشرة إنذارية: موجة حر وزخات رعدية مصحوبة بتساقط البرد وبهبات رياح من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المملكة    توقعات بتفاقم العجز التجاري في المغرب من 19.8% سنة 2025 إلى 20.1% سنة 2026    تضامن واسع مع الإخوة الشبلي بعد حبسهما بسبب مطالبتهما بكشف ملابسات وفاة أخيهما    لامين جمال يثير تفاعلاً واسعاً بسبب استعانته ب"فنانين قصار القامة" في حفل عيد ميلاده    تحت قيادة جلالة الملك، المغرب يرسخ مساره التنموي في احترام تام لهويته بروافدها المتعددة (رئيس دائرة غولوا)    حجز أزيد من 37 ألف قرص مخدر وتوقيف ثلاثة متورطين في ترويج المؤثرات العقلية    فيضانات تجتاح نيويورك ونيوجيرزي جراء أمطار غزيرة    حكيمي يختتم الموسم بتدوينة مؤثرة    التحريض ضد مغاربة مورسيا يجر زعيم "فوكس" إلى المساءلة القضائية    وفاة أكبر عداء ماراثون في العالم عن عمر يناهز 114 عاما    المغرب نموذج للتحديث المؤسساتي والتنمية الاقتصادية (ثاباتيرو)    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بتراجع    تقارير أرجنتينية.. المغرب وقطر والبرازيل في سباق محتدم لتنظيم كأس العالم للأندية 2029    موجة حرّ شديدة وأجواء غير مستقرة بعدد من مناطق المملكة    المنتخب المغربي يواجه مالي في ربع نهائي "كان" السيدات    قارئ شفاه يكشف ما قاله لاعب تشيلسي عن ترامب أثناء التتويج    تطورات تؤكد أن أحداث مورسيا دوافعها سياسية رخيصة    فرانكو ماستانتونو: مكالمة ألونسو حفزتني.. ولا أهتم بالكرة الذهبية    "فيفا": الخسارة في نهائي مونديال الأندية لن يحول دون زيادة شعبية سان جيرمان    العيطة المرساوية تعود إلى الواجهة في مهرجان يحتفي بالذاكرة وينفتح على المستقبل    كيوسك الثلاثاء | توجه جديد لتقنين استعمال الهواتف داخل المؤسسات التعليمية    إيرادات الجمارك المغربية تتجاوز 47,3 مليار درهم في النصف الأول من 2025    الإفراط في النظر لشاشات الهواتف يضعف مهارات التعلم لدى الأطفال            الداخلة، "ملتقى طرق" يربط بين فضاء البحر المتوسط ومنطقة جنوب الصحراء (صحيفة كندية)    اليونسكو تُدرج "مقابر شيشيا" الإمبراطورية ضمن قائمة التراث العالمي... الصين تواصل ترسيخ إرثها الحضاري    الصين تواكب المغرب في إطلاق الجيل الخامس: فتح باب التراخيص يعزز الشراكة التكنولوجية بين الرباط وبكين    "مهرجان الشواطئ" لاتصالات المغرب يحتفي ب21 سنة من الموسيقى والتقارب الاجتماعي    دراسة علمية: السمنة تسرّع الشيخوخة البيولوجية لدى الشباب وتعرضهم لأمراض الكهولة في سن مبكرة        اللاّوعي بين الحياة النفسية والحرية    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    الذّكرى 39 لرحيل خورخي لويس بورخيس    المحلي بوصفه أفقا للكوني في رواية خط الزناتي    لأول مرة.. دراسة تكشف تسلل البلاستيك إلى مبايض النساء    وفاة مؤثرة مغربية بعد مضاعفات جراحة في تركيا تشعل جدلا حول سلامة عمليات التخسيس    مهرجان ربيع أكدال الرياض يعود في دورته الثامنة عشرة    تواصل ‬موجات ‬الحر ‬الشديدة ‬يساهم ‬في ‬تضاعف ‬الأخطار ‬الصحية    وفاة الإعلامي الفرنسي تييري أرديسون عن عمر ناهز 76 عاما    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يحتل برج إيفل منارة القرويين؟
نشر في هسبريس يوم 12 - 11 - 2012

تعتبر حرب الرموز والدلالات أخطر على النفوس من حرب المدافع، لأن تدميرها أكبر وأثرها أعظم، ولست أدري كيف غاب ذلك على الذين يريدون تثبيت رموز الاحتلال والغزو والإبادة على أبواب فاس، في الذكرى المائوية للمذبحة التي نفذها الجنرال "موانيي" بالمدينة سنة 1912م غداة توقيع الحماية بعد الثورة التي قادها العسكر النظامي ضد الحَرَّابة الفرنسيين الذين ساموهم سوء العذاب -كما سنرى لاحقا-، ونعني بذلك برج إيفل وقوس النصر الذي يقال بأنه سيقام على أبواب فاس حيث كان جنود الجنرال "موانيي" قد نصبوا مدافعهم لضرب المدينة ومعالمها التاريخية، ولولا تدخل السفير الفرنسي وقناصل الدول الأجنبية لصارت مثلها مثل الدار البيضاء (1907م) أثرا بعد عين.
إن نصب ذلك البرج وإقامة ذلك القوس في تلك المدينة وفي ذلك المكان، ليعيد إلى الذاكرة ما فعلته الجيوش الفرنسية بالمغرب والمغاربة، ويذكرهم بالمذبحة المروعة التي فرضها الجنرال المذكور على المعتقلين؛ بعد تمكنه من احتلال المدينة ومطاردته للسكان والعساكر المتمردة، حيث أمر أن يقتل بعضهم بعضا ويدفن الآخر الأول..
وكان بالأحرى أن يقام لذلك شواهد تذكر المجرمين بإجرامهم وتضيف عزة للأجيال اللاحقة التي فرض عليها أن تجهل تلك الوقائع وغيرها، يقول شاهد عيان عن تلك المذبحة، وهو الفقيه الوزير محمد بن الحسن الحجوي:
"يوم الأربعاء 17 أبريل 1912م ثار العسكر المغربي على ضباطه الفرنسيين، وتوجهت جماعة منه مسلحة إلى مولاي عبد الحفيظ لتشتكي منه سوء تصرف ضباطها الفرنسيين، ولما وصلوا إلى القصر صاحوا.. الشكوى على الله وعليك مولاي حفيظ، فأوقفوهم بباب بنيقة الوزير ليقيدوا شكواهم، فقيدها الكاتب الأول، وأطلّ عليهم السلطان مظهرا أسفه، وأجابهم الوزير اذهبوا واحترموا في حرم مولاي عبد الله، فضجوا وصاحوا: بل نذهب للقشلة ونقاتل، إنما أتينا لرفع ظلامتنا، وأنتم تأمروننا بالاحترام، وخرجوا مغتاظين..
ثم جاءت جماعة أخرى تطلب مشافهة السلطان، فقالوا لهم: تكلموا فإنه يسمعكم، فقالوا: إن الحَرّابة احتقرونا وأهانونا بكل ما أمكنهم من الضرب واللطم والبصاق في وجوهنا، وأنهم عند الاحتلال (1911م) طلبوا منا الخدمة على شروط من جملتها؛ أننا عسكر السلطان، واليوم نقضوا تلك الشروط، قائلين: إن مولاي حفيظ ذاهب لحاله، فكونوا معنا، ومن أراد الشكاية فليذهب للكومندار والجنرال، ونحن لا نقبل الخدمة إلا مع السلطان، ثم إن بعضهم ناداهم بأن الفرنسيين جعلوا الوردية بباب مكناس، فتوجهت الجموع إلى هناك، وانتشر الباقي في المدينة، فظن الناس أن السلطان أعلن الحرب على الفرنسيس فابتهجوا وصارت النساء تزغردن، وبدأ تبادل إطلاق النار مع الجنود الفرنسيين المتواجدين في الثكنة وفي المراكز التابعة للسفارة حوالي 300 جندي، وبعدما جاءت التعزيزات من مكناس حوالي 1000 جندي، نصبوا المدافع على ظهر المهراز، وضربوا باب الفتوح ومقام مولاي علي بوغالب، وجبهة الطالعة، وهدموا صومعة المدرسة العنانية، وليلة الجمعة ذهب بعض الأعيان عند السفير الفرنسي معتذرين له، فأجابهم: بأنهم يلامون على ولولة العيال بالسطوح، وقائلا لهم: من كانت له قدرة على خلع سلطان ونصب آخر، فكيف لا يقدر على ردّ هذه الحركة؟
وبعد وصول الجنرال "موانيي" أمر يوم الإثنين بإقامة محاكمة قتل فيها 32 فردا، ويوم الثلاثاء 326 آخرين، وصورة التهمة أن يقبض على أحد، ويقال: هذا متهم فلا بحث ولا دليل ولا ولا..، فيؤمر بحفر حفرة ويرمي رفيقه بضربه بالرصاص فيها ثم دفنه، ثم يحفر حفرة أخرى لنفسه، فيقتله الذي يليه على نفس الشاكلة، وهكذا، حتى أتى على آخرهم، وقتل بعض آخر بدار الدبيبغ لا ندري عددهم.
ويوم الأربعاء قتل 13 فردا بباب عجيسة، ويوم الخميس قتل 13 آخرون، وتم نهب الدور والحوانيت، وأعلنت الأحكام العرفية، وفرضت غرامة على أهل فاس متفاوتة حسب الأحياء، وأمر الخطباء بأن لا يتعرضوا بالدعاء للسلطان، ولا على أعداء الدين، وفي يوم الجمعة 7 جمادى الثانية، دخل ليوطي فاس كحاكم عام للمغرب في موكب حافل، وأغلقت الأسواق، وأمر الجميع بالخروج للقائه، وزراء وأعيان وعلماء، ولقي الجميع إهانات كثيرة من العسكر لتوسيع الطريق، وعطلت صلاة الجمعة نكاية بالناس، ولم يدخل ليوطي إلا في الساعة الخامسة مساء حيث تركهم ينتظرونه طيلة النهار. (انظر كتابنا "مسائل ورسائل للعلامة محمد بن الحسن الحجوي ص72 وما بعدها).
ألا يحق لنا أن نتساءل عن دلالة إقامة هذين النصبين في زمن لم يعد خافيا على أحد أين يوجدان، ومن يريد زيارتهما، ولأي غرض؟
كما نتساءل عن قيمة ما يعرف من تاريخ البلد لدى بعض من يدير شأنه، بعدما عزت الكبرياء وقلت الأنفة في زمن أصبح التسابق فيه إلى التفكير بالجيب أو المعدة أو الشهوات والأهواء، ناسين أو متجاهلين أن المغرب إذا كان قد استعصى على الغرباء الذين أرادوه لقمة سائغة على مر التاريخ مستعينين بالحشود والقوات والحيل، فإنه أكثر عصيانا على الذين ينسون أنهم مغاربة!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.