افتتاح وكالة اسفار ltiné Rêve إضافة نوعية لتنشيط السياحة بالجديدة    طنجة تجمع نخبة الشرطة في بطولة وطنية قتالية (صور)    إطلاق قطب الجودة الغذائية باللوكوس... لبنة جديدة لتعزيز التنمية الفلاحية والصناعية بإقليم العرائش    ثلوج المغرب تتفوّق على أوروبا...            مونديال 2026 | 5 ملايين طلب تذكرة في 24 ساعة.. ومباراة المغرب-البرازيل الثانية من حيث الإقبال    إسرائيل تعلن قتل قيادي عسكري في حماس بضربة في غزة    تساقطات غزيرة بولاية تطوان تتسبب في خسائر مادية وتعطل حركة السير و الجولان    تفكيك شبكة إجرامية تُهرّب الحشيش من المغرب إلى إسبانيا عبر "الهيليكوبتر"    البنك الإفريقي للتنمية يدعم مشروع توسعة مطار طنجة    "داعشي" يقتل 3 أمريكيين في سوريا        أخنوش: السياسة ليست مجرد انتخابات بل حضور دائم في الميدان وخدمة المواطن    الرجاء يعود من السعودية ويواصل تحضيراته بمعسكر مغلق بالمغرب    غوتيريش يعلن انتهاء "مهمة العراق"    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية وأمطار قوية أحيانا رعدية مرتقبة اليوم السبت وغدا الأحد بعدد من مناطق المملكة    الجمعية العامة لمؤتمر رؤساء المؤسسات التشريعية الإفريقية تجدد التأكيد على تشبثها بوحدة وسلامة أراضي دول القارة    تدخلات تزيح الثلج عن طرقات مغلقة    إنذار كاذب حول قنبلة بمسجد فرنسي ذي عمارة مغربية    سلالة إنفلونزا جديدة تثير القلق عالميا والمغرب يرفع درجة اليقظة    بونيت تالوار : المغرب يعزز ريادته القارية بفضل مبادرات صاحب الجلالة    رسالة سياسية حادة من السعدي لبنكيران: لا تراجع عن الأمازيغية ولا مساومة على الثوابت    بورصة البيضاء .. ملخص الأداء الأسبوعي    محمد رمضان يحل بمراكش لتصوير الأغنية الرسمية لكأس إفريقيا 2025    ميسي في الهند.. جولة تاريخية تتحول إلى كارثة وطنية    تعاون غير مسبوق بين لارتيست ونج وبيني آدم وخديجة تاعيالت في "هداك الزين"    مجلس السلام خطر على الدوام /1من2            من الناظور... أخنوش: الأرقام تتكلم والتحسن الاقتصادي ينعكس مباشرة على معيشة المغاربة        مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    نقابات الصحة تصعّد وتعلن إضرابًا وطنيًا باستثناء المستعجلات    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    كأس أمم إفريقيا 2025.. "الكاف" ولجنة التنظيم المحلية يؤكدان التزامهما بتوفير ظروف عمل عالمية المستوى للإعلاميين المعتمدين    الممثل بيتر غرين يفارق الحياة بمدينة نيويورك    القنيطرة .. يوم تحسيسي تواصلي لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة    جهة الدار البيضاء : مجلس الأكاديمية الجهوية يصادق على برنامج العمل وميزانية 2026    خطابي: فلسطين تحتاج "محامين أذكياء"    السغروشني تعلن تعبئة 1,3 مليار درهم لدعم المقاولات الناشئة    حبس الرئيس البوليفي السابق لويس آرسي احتياطيا بتهم فساد    الركراكي يرفع سقف الطموح ويؤكد قدرة المغرب على التتويج بالكان    تشيوانتشو: إرث ابن بطوطة في صلب التبادلات الثقافية الصينية-المغربية    الإقصاء من "الكان" يصدم عبقار    بنونة يطالب ب «فتح تحقيق فوري وحازم لكشف لغز تهجير الكتب والوثائق النفيسة من المكتبة العامة لتطوان»    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    يونيسكو.. انتخاب المغرب عضوا في الهيئة التقييمية للجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    تناول الأفوكادو بانتظام يخفض الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية    تيميتار 2025.. عشرون سنة من الاحتفاء بالموسيقى الأمازيغية وروح الانفتاح    منظمة الصحة العالمية .. لا أدلة علمية تربط اللقاحات باضطرابات طيف التوحد    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقولة عصيد والمنزلقات القانونية والدستورية
نشر في هسبريس يوم 02 - 05 - 2013

لن أناقش ما قاله عصيد في حق النبي صلى الله عليه وسلم من منطلق النصوص القرآنية والحديثية التي تؤكد على ضرورة محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيم أمره وتوقيره والعمل على نصرته، لا لشيء إلا لأنه يعلن صراحة مناوأته وجفاءه لتلك النصوص المقدسة. ولكن تعالوا بنا نحاكم ما صدر عنه بنصوص القانون والدستور، وهو الذي يؤمن حتى "النخاع" بدولة الحق والقانون، ويزعم أن ما ينفثه في حق الإسلام ونبي الإسلام وتاريخ الإسلام من سموم ويقذف به من أباطيل هي من صميم الحق والقانون.
إن مقالة هذا الشخص تتعارض والمقتضيات القانونية والدستورية من جهة ثلاث حيثيات:
الحيثية الأولى: الطعن في المقدسات، فلا أحد يجهل أن من جملة مقدسات البلاد المغربية دين الإسلام و كل ما يرتبط به من شرائع وأحكام سواء كانت مبثوثة في القرآن الكريم أو سنة النبي الأمين محمد صلى الله عليه وسلم، حيث تم التنصيص في ديباجة دستور المملكة المغربية على أن " المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة" و " أن الهوية المغربية تتميز بتبوء الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها"، وتم التأكيد في الفصل 03 من ذات الدستور على أن " الإسلام دين الدولة"، وجاء في الفصل 07 من الدستور في سياق الحديث عن تأسيس الأحزاب السياسية ووظائفها في المجتمع أنه " لا يجوز أن يكون هدفها المساس بالدين الإسلامي، أو بالنظام الملكي، أو المبادئ الدستورية، أو الأسس الديمقراطية، أو الوحدة الوطنية أو الترابية للمملكة".
وأكد الفصل 64 من الدستور أنه "لا يمكن متابعة أي عضو من أعضاء البرلمان، ولا البحث عنه، ولا إلقاء القبض عليه، ولا اعتقاله ولا محاكمته، بمناسبة إبدائه لرأي أو قيامه بتصويت خلال مزاولته لمهامه، ماعدا إذا كان الرأي المعبر عنه يجادل في النظام الملكي أو الدين الإسلامي، أو يتضمن ما يخل بالاحترام الواجب للملك"
وحتى في سياق الأحكام القابلة للمراجعة استثنى الدستور في الفصل 175 ما يتعلق بأحكام الدين الإسلامي، حيث جاء فيه: " لا يمكن أن تتناول المراجعة الأحكام المتعلقة بالدين الإسلامي، وبالنظام الملكي للدولة، وباختيارها الديمقراطي، وبالمكتسبات في مجال الحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور. "
فكل هذه النصوص الدستورية إذن واضحة وضوح الشمس على أن أحكام الدين الإسلامي مقدسة ومصونة و فوق النقد ولا تقبل الطعن من قبل أي كان من أبناء هذا الوطن الذين يعملون بمقتضى أحكام هذا الدستور ولو كانوا من ممثلي الأمة؛ فكيف نصب هذا الشخص نفسه فوق القانون وأباح لها أن تصف الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ب"الإرهابي" من خلال فهم عليل للعبارة النبوية الواردة في رسائله إلى ملوك عصره "أسلم تسلم"؟
فما حكم إذن من ينبذ هذه الأحكام أو يطعن فيها إما تلميحا أو تصريحا؟ هل ذلك يدخل في خانة حرية التعبير أم أنه مُجرّم قانونا؟
الفصل 41 من قانون الصحافة والنشر صريح في تجريم مثل هذا الفعل الدنيء حيث ينص على ما يلي: "يعاقب بالحبس لمدة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات وبغرامة يتراوح قدرها بين 10.000 و 100.000 درهم آل من أخل بالاحترام الواجب للملك أو أصحاب السمو الملكي الأمراء والأميرات بإحدى الوسائل المنصوص عليها في الفصل 38.
وتطبق نفس العقوبة إذا كان نشر إحدى الجرائد أو النشرات قد مس بالدين الإسلامي أو بالنظام الملكي أو بالوحدة الترابية".
الحيثية الثانية: العمل على زعزعة عقيدة المسلمين المغاربة، ذلك أن عقيدة المسلمين راسخة في أن كل ما صدر عن المصطفى صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير، صدورا صحيحا ومتواترا لا شبهة فيه، هو من صميم الوحي، لأنه صلى الله عليه وسلم ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى؛ ومن جملة الاعتقادات التي لا يمكن أن تزحزح في نفوس المسلمين أنه صلى الله عليه وسلم إنما بعث رحمة للعالمين، وأنه جاء ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وأن قوله "أسلم لا تسلم" لا تخرج عن سياق الرحمة النبوية التي فهمها ربعي بن عامر القائل حينما التقى برستم قائد الفرس، ردا على قوله ما جاء بكم إلى أرضنا؟ :"جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة"؛ ومن ثم فالطعن في مقالة الرسول صلى الله عليه وسلم ووصفها بأنها "مقولة إرهابية" لا يمكن أن يفهم منها سوى أن صاحبها يريد التشويش على عقيدة ناشئة أبناء المغاربة وفتنتهم عن دينهم والانتقاص من نبيهم صلى الله عليه وسلم، وبالتالي دعوتهم إلى الصد عنه والإعراض عن أقواله وأفعاله، وذلك بتوظيف مفاهيم حقوق الإنسان المتعارف عليها دوليا كوسائل لزعزعة عقيدة أبناء المسلمين المغاربة من خلال المطالبة بإعادة النظر في المقررات التعليمية التي تتضمن أقوالا نبوية لم يتعرض لها أحد بالإنكار لا من علماء السلف ولا الخلف.. وهذه الأفعال كلها مُجرّمة بنص القانون الجنائي المغربي، حيث جاء في الفصل 220 منه ما يلي: "من استعمل العنف أو التهديد لإكراه شخص أو أكثر على مباشرة عبادة ما أو على حضورها، أو لمنعهم من ذلك، يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم.
ويعاقب بنفس العقوبة كل من استعمل وسائل الإغراء لزعزعة عقيدة مسلم أو تحويله إلى ديانة أخرى، وذلك باستغلال ضعفه أو حاجته إلى المساعدة أو استغلال مؤسسات التعليم أو الصحة أو الملاجئ أو المياتم...".
ولا ينبغي أن يفهم من هذا على أنه نوع من التضييق على ممارسة حرية التعبير أو مصادرة حق هذا الشخص في المناقشة والنقد، لأن حرية التعبير، وكما جاء في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، مقيدة بعدم الإساءة إلى النظام العام والضمير الجمعي للمجتمع وأخلاقه ومعتقداته؛ فبعد أن أقرت المادة 18 من الميثاق الدولي بشأن الحقوق المدنية والسياسية في فقرتها الأولى حق كل فرد في حرية الفكر والضمير والديانة، فإنها عادت في الفقرة الثالثة، وأكدت أن "حرية الفرد في التعبير عن ديانته أو معتقداته تخضع للقيود المنصوص عليها في القانون، والتي تستوجبها السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الأخلاق أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية".
وعلى نفس المنوال سارت المادة 19 من نفس الميثاق التي شددت في الفقرة الثالثة، بعد أن كرست حق كل فرد في حرية التعبير، على أن "ممارسة حرية التعبير ترتبط بواجبات ومسؤوليات، خاصة وأنها قد تخضع لقيود معينة مستندة إلى نصوص القانون، والتي تكون ضرورية من أجل احترام حقوق أو سمعة الآخرين، ومن أجل حماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الأخلاق".
الحيثية الثالثة: الإساءة إلى أمير المؤمنين، فمعلوم لدى عموم المغاربة كبيرهم وصغيرهم، محافظيهم وحداثييهم، أن ملك البلاد وأمير المؤمنين هو سليل الدوحة النبوية العطرة، وينتهي نسبه الشريف إلى جده الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما فتئ يؤكده جلالته في كل خطبه سواء بمناسبة عيد العرش أو في عيد الاستقلال أو المسيرة الخضراء أو في مناسبات افتتاح البرلمان أو غيرها من المناسبات الدينية والوطنية؛ ومعلوم أيضا أن من حق هذا الملك على جميع المواطنين والمواطنات حق الاحترام والتوقير وعدم انتهاك حرمته سواء بشكل مباشر أو غير مباشر وذلك بنص الدستور في الفصل 46 الذي جاء فيه: "شخص الملك لا تنتهك حرمته، وللملك واجب التوقير والاحترام"؛ فأقوال "عصيد" المسيئة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تدخل في باب انتهاك حرمة الملك، لأن فيها قدحا مباشرا في أخلاق جده الكريم، ومن ثم فهي إساءة واضحة إلى أمير المؤمنين، والإساءة إلى شخص الملك باعتباره أميرا للمؤمنين وحامي الملة والدين حسب الفصل 41 من الدستور، هي من الأفعال المنصوص على تجريمها في القانون الجنائي المغربي باعتبارها إهانة موجهة إلى شخصه، حيث تنص الفقرة الأولى من القانون الجنائي على ما يلي: "في غير الحالات المنصوص عليها في الظهير رقم 1.58.378 الصادر في 3 جمادى الأولى 1378 موافق 15 نونبر 1958 المتعلق بقانون الصحافة ، يعاقب بالحبس من سنة واحدة إلى خمس سنوات وبغرامة من مائتين إلى ألف درهم من ارتكب إهانة موجهة إلى شخص الملك أو إلى شخص ولي العهد".
لأجل كل ما ذكر
وانطلاقا من قاعدة "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص"، واعتبارا بأن مقولة "عصيد" تستجمع كل أركان الفعل الجرمي ضد عدد من الأطراف بالمجتمع المغربي، قيادة وشعبا وحكومة، فإن قرائن المتابعة في حقه ثابتة ومتوفرة، وسلطة ذلك موكولة لوزير العدل باعتباره مكلفا بتنفيذ السياسة الجنائية للمملكة وذلك طبقا للمادة 51 من قانون المسطرة الجنائية حيث جاء فيها : " يشرف وزير العدل على تنفيذ السياسة الجنائية، ويبلغها إلى الوكلاء العامين للملك الذين يسهرون على تطبيقها.
وله أن يبلغ إلى الوكيل العام للملك ما يصل إلى علمه من مخالفات للقانون الجنائي، وأن يأمره كتابة بمتابعة مرتكبيها أو يكلف من يقوم بذلك، أو أن يرفع إلى المحكمة المختصة ما يراه الوزير ملائما من ملتمسات كتابية".
فهل هو فاعل؟ نأمل أن يكون ذلك قريبا...
* باحث قضايا الفكر والقانون


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.