أخنوش: نشتغل على 4 ملفات كبرى ونعمل على تحسين دخل المواطنين بالقطاعين العام والخاص    أخنوش يربط الزيادة في ثمن "البوطا" ب"نجاح نظام الدعم المباشر"    الخريطة على القميص تثير سعار الجزائر من جديد    بطولة انجلترا لكرة القدم.. مانشستر سيتي يفوز على مضيفه برايتون برباعية    المغرب يستنكر بشدة اقتحام متطرفين المسجد الأقصى    رئيس الحكومة يجري مباحثات مع وزير الاقتصاد والمالية والسيادة الصناعية والرقمية الفرنسي    بسبب إضراب غير مسبوق.. إلغاء آلاف الرحلات في فرنسا    3 سنوات سجنا لشقيق مسؤول بتنغير في قضية استغلال النفوذ للحصول على صفقات    ''اتصالات المغرب''.. النتيجة الصافية المعدلة لحصة المجموعة وصلات 1,52 مليار درهم فالفصل اللول من 2024    نمو حركة النقل الجوي بمطار طنجة الدولي خلال بداية سنة 2024    الدفاع المدني في غزة يكشف تفاصيل "مرعبة" عن المقابر الجماعية    الاتحاد الجزائري يرفض اللعب في المغرب في حالة ارتداء نهضة بركان لقميصه الأصلي    بطولة مدريد لكرة المضرب.. الاسباني نادال يبلغ الدور الثاني بفوزه على الأمريكي بلانش    رئاسة مؤتمر حزب الاستقلال تقترب من قيوح .. واللجنة التنفيذية تشعل المنافسة    التحريض على الفسق يجر إعلامية مشهورة للسجن    بشكل رسمي.. تشافي يواصل قيادة برشلونة    البطولة الوطنية (الدورة ال27)..الجيش الملكي من أجل توسيع الفارق في الصدارة ونقاط ثمينة في صراع البقاء    مهنيو الإنتاج السمعي البصري يتهيؤون "بالكاد" لاستخدام الذكاء الاصطناعي    السلطات تمنح 2905 ترخيصا لزراعة القنب الهندي منذ مطلع هذا العام    بلاغ القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية    زنا المحارم... "طفلة" حامل بعد اغتصاب من طرف أبيها وخالها ضواحي الفنيدق    بعد فضائح فساد.. الحكومة الإسبانية تضع اتحاد الكرة "تحت الوصاية"    الأمثال العامية بتطوان... (582)    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولات الخميس على وقع الأخضر    منصة "واتساب" تختبر خاصية لنقل الملفات دون الحاجة إلى اتصال بالإنترنت    تشجيعا لجهودهم.. تتويج منتجي أفضل المنتوجات المجالية بمعرض الفلاحة بمكناس    نظام الضمان الاجتماعي.. راتب الشيخوخة للمؤمن لهم اللي عندهومًهاد الشروط    مضامين "التربية الجنسية" في تدريب مؤطري المخيمات تثير الجدل بالمغرب    حاول الهجرة إلى إسبانيا.. أمواج البحر تلفظ جثة جديدة    المعارضة: تهديد سانشيز بالاستقالة "مسرحية"    القمة الإسلامية للطفولة بالمغرب: سننقل معاناة أطفال فلسطين إلى العالم    اتساع التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جديدة    3 مقترحات أمام المغرب بخصوص موعد كأس إفريقيا 2025    عودة أمطار الخير إلى سماء المملكة ابتداء من يوم غد    ألباريس يبرز تميز علاقات اسبانيا مع المغرب    "مروكية حارة " بالقاعات السينمائية المغربية    الحكومة تراجع نسب احتساب رواتب الشيخوخة للمتقاعدين    في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشار المرض بسبب التغير المناخي    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    منصة "تيك توك" تعلق ميزة المكافآت في تطبيقها الجديد    وفينكم يا الاسلاميين اللي طلعتو شعارات سياسية فالشارع وحرضتو المغاربة باش تحرجو الملكية بسباب التطبيع.. هاهي حماس بدات تعترف بالهزيمة وتنازلت على مبادئها: مستعدين نحطو السلاح بشرط تقبل اسرائيل بحل الدولتين    وكالة : "القط الأنمر" من الأصناف المهددة بالانقراض    "فدرالية اليسار" تنتقد "الإرهاب الفكري" المصاحب لنقاش تعديل مدونة الأسرة    العلاقة ستظل "استراتيجية ومستقرة" مع المغرب بغض النظر عما تقرره محكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقية الصيد البحري    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    هذا الكتاب أنقذني من الموت!    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية "لا شيء يعجبني…" للقاصة فاطمة الزهراء المرابط بالقنيطرة    مهرجان فاس للثقافة الصوفية.. الفنان الفرنساوي باسكال سافر بالجمهور فرحلة روحية    تأملات الجاحظ حول الترجمة: وليس الحائك كالبزاز    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزاوية ‬التيجانية.. بذرة مغربية وبوابة ‬روحية ‬لإفريقيا
نشر في هسبريس يوم 28 - 07 - 2013

استقبل ‬الملك ‬محمد ‬السادس في زيارته الأخيرة إلى السينغال، ‬‮"‬أبو ‬باكار ‬محمد ‬منصور ‬سي‮"‬ ‬أحد ‬شيوخ ‬الزاوية ‬التيجانية ‬بالسينغال٬ ‬قال ‬هذا ‬الأخير"شرف ‬كبير ‬لنا ‬أن ‬نحظى ‬باستقبال ‬من ‬طرف ‬جلالة ‬الملك ‬محمد ‬السادس٬ ‬أمير ‬المؤمنين، ‬لأننا ‬نحن ‬التيجيانيون ‬نعتبر ‬المملكة ‬وطننا ‬الروحي٬ ‬بالنظر ‬لارتباطنا ‬القوي ‬بفاس ‬التي ‬تحتضن ‬مؤسس ‬طريقتنا ‬الشيخ ‬سيدي ‬أحمد ‬التيجاني..‬‮"‬ ‬كان ‬يؤكد ‬بعد ‬قرون ‬طويلة، ‬مدى ‬الارتباط ‬الذي ‬يشد ‬تيجانيي ‬إفريقيا ‬إلى ‬المغرب، ‬البلد ‬الذي ‬خرجت ‬منه ‬الدعوة ‬التيجانية ‬إلى ‬ثغور ‬البلاد ‬الإفريقية. ‬وأعاد ‬إلى ‬الأذهان ‬ما ‬تمثله ‬الطريقة ‬التيجانية ‬التي ‬يرقد ‬قطبها ‬الشيخ ‬سيدي ‬أحمد ‬التجاني ‬بفاس، ‬بالنسبة ‬لشعوب ‬إفريقيا ‬جنوب ‬الصحراء.‬
التيجانية ‬بذرة ‬مغربية ‬
أزيد ‬من ‬400 ‬مليون ‬تيجاني ‬يوجدون ‬حول ‬العالم، ‬وهو ‬ثلث ‬عدد ‬المسلمين ‬في ‬العالم.. ‬أزيد ‬من ‬مائة ‬منهم ‬يعيشون ‬جنوب ‬الصحراء، ‬المغرب ‬الذي ‬أكرم ‬وفادة ‬الشيخ ‬المزداد ‬بعين ‬ماضي ‬بالجزائر، ‬لم ‬يجد ‬سوى ‬السلطان ‬العلوي ‬الذي ‬اشتهر ‬بحب ‬العلماء ‬والمتصوفة، ‬المولى ‬سليمان، ‬الذي ‬احتضنه ‬واقتطع ‬له ‬بعض ‬الأراضي ‬ومنحه ‬قصر ‬دار ‬المرايا، ‬حيث ‬انطلقت ‬مجالس ‬الذكر ‬لتتحول ‬إلى ‬واحدة ‬من ‬أكثر ‬الطرق ‬انتشارا ‬في ‬العالم.‬
عندما ‬تذكر ‬الطريقة ‬التيجانية ‬لا ‬يذكر ‬سوى ‬الشيخ ‬القطب ‬سيدي ‬احمد ‬التيجاني، ‬ولا ‬يذكر ‬سوى ‬العارفين ‬بخبايا ‬الطريقة ‬اسما ‬آخر، ‬الشيخ ‬محمد ‬الحافظ ‬بن ‬المختار ‬بن ‬احبيب ‬العلوي ‬المتوفي ‬سنة ‬1247ه ‬الذي ‬أخذ ‬كلام ‬أهل ‬الطريق ‬عن ‬الشيخ ‬التجاني ‬مباشرة ‬ومشافهة، ‬ومكث ‬معه ‬ثلاث ‬سنوات ‬في ‬فاس ‬قبل ‬أن ‬يعود ‬إلى ‬شنقيط. ‬
الحافظ ‬بن ‬المختار ‬كان ‬سببا ‬في ‬تخرج ‬العديد ‬من ‬الأقطاب ‬والعلماء، ‬منهم ‬سيدي ‬مولود ‬فال ‬المتوفي ‬سنة ‬1267ه ‬الذي ‬لقن ‬الطريقة ‬للسيد ‬عبد ‬الكريم ‬الناقل ‬الذي ‬لقن ‬الطريقة -‬بدوره- ‬للعالم ‬المجاهد ‬سلطان ‬الطريقة ‬الحاج ‬عمر ‬الفوتي ‬المولود ‬1213ه. ‬
ومنذ ‬مطلع ‬القرن ‬العشرين ‬وحتى ‬منتصف ‬السبعينيات، ‬كانت ‬الخلافة ‬في ‬أبناء ‬الشيخ ‬التيجاني ‬سيدي ‬الطيب ‬بن ‬سيدي ‬أحمد ‬عمار ‬التيجاني ‬الذي ‬عاش ‬في ‬مراكش ‬بالمغرب ‬وتوفي ‬سنة ‬1974.. ‬
الملوك ‬المغاربة ‬المعاصرون ‬دأبوا ‬على ‬ربط ‬العرش ‬بشيوخ ‬الطريقة، ‬فكان ‬الملك ‬الحسن ‬الثاني ‬قد ‬عين ‬بظهير ‬ملكي ‬سيدي ‬البشير ‬بن ‬السيد ‬محمد ‬الكبير ‬بن ‬سيدي ‬البشير ‬شيخا ‬للطريقة ‬التيجانية. ‬وبقي ‬كذلك ‬حتى ‬عين ‬الملك ‬المغربي ‬محمد ‬السادس ‬في ‬سنة ‬2009 ‬بظهير ‬ملكي ‬سيدي ‬محمد ‬الكبير ‬بن ‬السيد ‬أحمد ‬بن ‬السيد ‬محمد ‬الكبير ‬بن ‬سيدي ‬البشير ‬شيخا ‬للطريقة ‬التيجانية.‬ ‬ومنذ ‬خمس ‬سنوات ‬توجه ‬المغرب ‬إلى ‬الطرق ‬الصوفية، ‬خصوصا ‬عندما ‬بدأت ‬الجزائر ‬تستعمل ‬ورقة ‬التيجانيين، ‬في ‬محاولة ‬لنزع ‬البساط ‬الروحي ‬من ‬تحت ‬أقدام ‬المغرب، ‬فأقام ‬بفاس ‬أكبر ‬محفل ‬للتيجانيين ‬عبر ‬العالم، ‬شيوخ ‬ومريدو ‬الطريقة ‬التيجانية ‬تجمعوا ‬بالعاصمة ‬العلمية ‬والروحية، ‬بإيعاز ‬من ‬النظام ‬المغربي ‬الذي ‬أطر ‬اللقاء، ‬والذي ‬جرى ‬تحت ‬الرعاية ‬السامية ‬للملك ‬محمد ‬السادس، ‬وبالإشراف ‬المباشر ‬لوزير ‬الأوقاف ‬المغربي ‬أحمد ‬التوفيق، ‬وخلاله ‬وجه ‬الملك ‬رسالة ‬إلى ‬المريدين ‬والشيوخ ‬يحثهم ‬على ‬إدراك ‬الدور ‬التاريخي ‬للملوك ‬العلويين، ‬في ‬رعاية ‬مشايخ ‬الطريقة ‬التيجانية ‬ومساعدتهم ‬على ‬نشر ‬التربية ‬الروحية، ‬وترسيخ ‬قيم ‬الإسلام ‬المثلى ‬على ‬منهج ‬التصوف ‬السني.. ‬
التيجانيون ‬مقاومون ‬أم ‬خونة
‬تضاربت ‬المصادر ‬التاريخية ‬حول ‬مواقف ‬التيجانيين ‬من ‬الاستعمار، ‬فهناك ‬من ‬اعتبرهم ‬مقاومين ‬وهناك ‬من ‬يتهمهم ‬بموالاة ‬فرنسا، ‬لكن ‬ما ‬يميز ‬تاريخ ‬علاقة ‬التيجانيين ‬بالغزاة ‬أنه ‬ينقسم ‬حسب ‬الجغرافيا ‬والتاريخ، ‬ففي ‬مملكة ‬غانا ‬أو ‬ما ‬كان ‬يسمى ‬آنذاك ‬دولة ‬‮"‬التوكولور‮"‬ ‬الإسلامية، ‬التي ‬قادها ‬أحد ‬أقطاب ‬الزاوية ‬الشيخ ‬عمر ‬الفوتي، ‬والذي ‬يعد ‬في ‬نظر ‬التيجانيين ‬الفاتح ‬الغازي ‬الذي ‬خرج ‬في ‬سبيل ‬الله ‬والطريقة، ‬من ‬أجل ‬تأسيس ‬دولة ‬إسلامية ‬في ‬إفريقيا، ‬وامتدت ‬حدوده ‬من ‬شنقيط ‬إلى ‬دولتي ‬مالي ‬ونيجيريا ‬مرورا ‬ببلاد ‬السودان ‬الغربي، ‬وسيطر ‬الحاج ‬عمر ‬في ‬عشر ‬سنوات ‬على ‬كل ‬السودان ‬الغربي ‬من ‬مدينة ‬تمبكتو ‬حتى ‬حدود ‬السينغال ‬الفرنسية، ‬وأسس ‬دولة ‬إسلامية ‬بكل ‬معانيها، ‬وحاول ‬أن ‬يمدها ‬في ‬الشرق ‬ليقاوم ‬بها ‬التوسع ‬الفرنسي ‬المسيحي ‬ودحر ‬الوثنيين ‬من ‬الشرق ‬والغرب. ‬لكن ‬القوات ‬الفرنسية ‬استطاعت ‬احتلال ‬مدينة ‬بانديا ‬جارا ‬عاصمة ‬الشيخ ‬أحمدو ‬لوبو ‬بفضل ‬تفوقهم ‬العسكري ‬سنة ‬1893م. ‬ولجأ ‬الشيخ ‬إلى ‬دولة ‬الفولاني ‬وسوكوتو ‬ومات ‬هناك ‬عام ‬1895م، ‬وانتهت ‬بذلك ‬الدولة ‬التيجانية (‬الدولة ‬العمرية)‬، ‬وأصبح ‬سكانها ‬المسلمون ‬تحت ‬الحكم ‬الفرنسي، ‬ولكن ‬أتباع ‬الشيخ ‬عمر ‬ظلوا ‬يقاومون ‬التبشير ‬المسيحي.‬
‬ما ‬رواه ‬المؤرخون ‬أعلاه ‬يجد ‬ما ‬يناقضه ‬بشكل ‬كبير ‬في ‬مصادر ‬أخرى، ‬ففي ‬مستهل ‬القرن ‬العشرين ‬نشرت ‬جريدة (‬لابريس ‬ليبر) ‬وهي ‬جريدة ‬يومية ‬فرنسية ‬استعمارية ‬كانت ‬تصدر ‬في ‬الجزائر، ‬خطبة ‬لشيخ ‬الطريقة ‬التيجانية"محمد ‬الكبير‮"‬ ‬الملقب ‬بصاحب ‬السجادة ‬الكبرى، ‬ألقاها ‬أمام ‬الكولونيل ‬‮"‬يسكوني‮"‬، ‬في ‬زيارة ‬له ‬حضرها ‬مشايخ ‬تيجانيون ‬كبار: ‬‮"‬إن ‬من ‬الواجب ‬علينا ‬إعانة ‬حبيبة ‬قلوبنا ‬مادياً ‬وأدبياً ‬وسياسياً ! ‬ولهذا ‬فإني ‬أقول ‬لا ‬على ‬سبيل ‬المن ‬والافتخار، ‬ولكن ‬على ‬سبيل ‬الاحتساب ‬والتشرف ‬بالقيام ‬بالواجب... ‬أن ‬أجدادي ‬قد ‬أحسنوا ‬صنعًا ‬في ‬انضمامهم ‬إلى ‬فرنسا، ‬قبل ‬أن ‬تصل ‬إلى ‬بلادنا. ‬ففي ‬سنة ‬1838 ‬كان ‬أحد ‬أجدادي - ‬سيدي ‬محمد ‬الصغير ‬رئيس ‬التيجانية ‬يومئذ - ‬قد ‬أظهر ‬شجاعة ‬نادرة ‬في ‬مقاومة ‬أكبر ‬عدو ‬لفرنسا ‬الأمير ‬عبد ‬القادر ‬الجزائري، ‬ومع ‬أن ‬هذا ‬العدو -‬عبد ‬القادر- ‬حاصر ‬بلدتنا )‬عين ‬ماضي) ‬وشدد ‬عليها ‬الخناق ‬ثمانية ‬أشهر، ‬فإن ‬هذا ‬الحصار ‬تم ‬بتسليمِ ‬فيه ‬شرف ‬لنا ‬نحن ‬المغلوبين ‬وليس ‬فيه ‬شرف ‬لأعداء ‬فرنسا ‬الغالبين، ‬وذلك ‬أن ‬جدي ‬أبى ‬وامتنع ‬أن ‬يرى ‬وجهاً ‬لأكبر ‬عدو ‬لفرنسا ‬فلم ‬يقابل ‬الأمير ‬عبد ‬القادر..‬‮"‬ ‬
وفي ‬عام ‬1870 ‬قدم ‬سيدي ‬أحمد ‬ولاءه ‬العلني ‬لفرنسا، ‬وبرهن ‬على ‬ارتباطه ‬بالدولة ‬العظمى ‬على ‬شكل ‬مصاهرة، ‬فتزوج ‬على ‬يد ‬الكاردينال ‬لافيجري ‬من ‬أوريلي ‬بيكار ‬التي ‬وسمت ‬تاريخ ‬الزاوية ‬التيجانية، ‬وكان ‬لقبها ‬‮"‬زوجة ‬السيدين‮"‬، ‬ويذكر ‬أنها ‬كانت ‬من ‬عميلات ‬المخابرات ‬الفرنسية، ‬وفق ‬الطقوس ‬المسيحية، ‬فلما ‬مات ‬تزوجت ‬بشقيقه، ‬وكان ‬الأتباع ‬يطلقون ‬عليها ‬‮"‬الشريفة ‬امرأة ‬الشريف‮"‬ ‬ويحملون ‬التراب ‬الذي ‬تمشي ‬عليه ‬لكي ‬يتيمموا ‬به، ‬ونقل ‬المؤرخ ‬والانتروبولوجي ‬الفرنسي ‬‮"‬شارل ‬دو ‬فوكو‮"‬ ‬في ‬بعض ‬مدوناته، ‬أنها ‬لم ‬تتخل ‬عن ‬المسيحية، ‬بل ‬إنها ‬كانت ‬كاثوليكية ‬متدينة، ‬وقد ‬أنعمت ‬عليها ‬فرنسا ‬بوسام ‬الشرف، ‬وجاء ‬في ‬أسباب ‬منحها ‬الوسام، ‬أنها ‬استطاعت ‬تجنيد ‬مريدي ‬الزاوية ‬التيجانية ‬ليقاتلوا ‬إلى ‬جانب ‬فرنسا ‬كأنهم ‬بنيان ‬مرصوص. ‬وبالرجوع ‬إلى ‬مصادر ‬أخرى ‬نجد ‬المؤرخ ‬الكولونيالي (‬روم ‬لاندو) ‬يقول ‬في ‬كتابه : (‬تاريخ ‬المغرب ‬في ‬القرن ‬العشرين) : ‬‮"‬وقد ‬خبر ‬الفرنسيون ‬قضية ‬الطرق ‬الصوفية ‬والدور ‬الذي ‬تلعبه ‬مرات ‬متعددة ‬من ‬قبل، ‬وثمة ‬وثيقة ‬هامة.. ‬رسالة ‬بعث ‬بها ‬قبل ‬قرن ‬من ‬الزمن ‬المارشال (‬بوجو) ‬أول ‬حاكم ‬للجزائر ‬إلى ‬شيخ ‬التيجانية ‬ذات ‬النفوذ ‬الواسع، ‬إذ ‬أنه ‬لولا ‬موقفها ‬المشبع ‬بالعطف ‬لكان ‬استقرار ‬الفرنسيين ‬في ‬البلاد ‬المفتتحة ‬حديثا ‬أصعب ‬بكثير ‬مما ‬كان‮"‬. ‬
قلما ‬يعرف ‬المغاربة ‬ما ‬الدور ‬الذي ‬يمكن ‬أن ‬تلعبه ‬الزاوية ‬التيجانية ‬في ‬استمرار ‬دول ‬الساحل ‬والغرب ‬الإفريقي ‬للمغرب، ‬ولعل ‬لقاء ‬الملك ‬بشيوخ ‬الطريقة، ‬إيذان ‬ببدء ‬طريق ‬آخر ‬للديبلوماسية ‬الصوفية.‬‬
بناء ‬الزاوية ‬بأمر ‬من ‬الرسول
يتناقل ‬المريدون ‬التيجانيون ‬قصة ‬عجيبة ‬عن ‬استقرار ‬الشيخ ‬المؤسس ‬بفاس، ‬فعندما ‬وهب ‬السلطان ‬المولى ‬سليمان ‬قصر ‬‮"‬دار ‬المرايا‮"‬ ‬في ‬حي ‬زقاق ‬الرواح ‬لسيدي ‬أحمد ‬التيجاني، ‬تردد ‬القطب ‬الصوفي ‬في ‬قبول ‬المنحة ‬الملكية، ‬وانتظر ‬إذنا ‬من ‬النبي (‬ص) ‬حتى ‬جاءه ‬في ‬رؤيا ‬وأقره ‬على ‬ذلك، ‬واتخذ ‬الشيخ ‬منها ‬مكانا ‬للذكر ‬وتلاوة ‬الورد ‬التيجاني ‬وإحياء ‬حضرة ‬يوم ‬الجمعة ‬الأسبوعية، ‬مع ‬أصحابه ‬بباب ‬الدار ‬المذكورة. ‬فازدحم ‬عليه ‬الناس ‬وضاق ‬بهم ‬المكان. ‬فعاد ‬إلى ‬استشارة ‬الرسول، ‬فأمره ‬عليه ‬الصلاة ‬والسلام ‬ببناء ‬الزاوية ‬بقوله ‬‮"‬اخترها ‬من ‬هذا ‬البلد ‬اللماع ‬في ‬خير ‬البقاع ‬واجعلها ‬واسعة ‬المراح، ‬كثيرة ‬المياه‮"‬. ‬فشرع ‬في ‬بناء ‬الزاوية ‬في ‬شهر ‬ربيع ‬الأول ‬عام ‬1214هجرية، ‬وانتهى ‬بناؤها ‬عام ‬1215 ‬هجرية. ‬دار ‬المرايا ‬حاليا ‬سيشملها ‬مشروع ‬تهيئة، ‬ويكلف ‬ترميمها ‬6 ‬ملايين ‬درهم ‬مغربي..‬وسيكتمل ‬في ‬ظرف ‬24 ‬شهرا، ‬كما ‬أعلنت ‬وزارة ‬الأوقاف ‬المغربية، ‬والدار ‬من ‬الوقف ‬التابع ‬للزاوية ‬التيجانية ‬بفاس.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.