"البيرو نعسو"، أو "مكتب عسو"، بناية إدارية مهجورة تقع في وسط مركز جماعة إكنيون، تعاني كل أشكال التهميش والنسيان رغم مكانتها التاريخية لدى قبائل آيت عطا، وقبائل الجنوب الشرقي عموما، تنتظر الساكنة ترميمها وإصلاحها لتكون مرآة لهذه الجماعة الترابية. يعود تاريخ تشييد هذه البناية "القشلة العسكرية الفرنسية" إلى فترة الاستعمار الفرنسي للمنطقة، حيث كانت فرنسا تتخذها ثكنة لجيوشها في جبال صاغرو ومنطلقا لها نحو جبال بوغافر لمواجهة مجاهدي قبائل آيت عطا الذين حاربوا للدفاع عن حوزة الوطن ومقدساته، وفق إفادة العديد من الروايات الشفهية. وتقول بعض الروايات الشفهية المتداولة بين كبار السن ممن حاربوا المستعمر الفرنسي في جبال بوغافر، إن هذه "الثكنة العسكرية" تسلمتها الدولة المغربية بعد انسحاب الفرنسيين من صاغرو، واتخذها قائد مجاهدي آيت عطا الذي تم تعيينه فيما بعد قائدا للمنطقة، مقرا إداريا للقيادة إلى أن تم بناء المقر الجديد بالقرب من مقر الجماعة، وتم بالتالي إهمال القيادة القديمة التي أصبحت مهجورة. حمو بن علي، من الساكنة المجاورة للبناية سالفة الذكر، أكد أن الدولة، ممثلة في القطاعات الحكومية المكلفة بالثقافة والسياحة والداخلية، أهملت العديد من المعالم التاريخية التي تعود إلى الحقبة الاستعمارية، خاصة بجماعة إكنيون، مشددا على أن "البيرو نعسو" ما هي إلا نموذج صغير من هذا الإهمال التي تعاني منه إكنيون منذ عقود من الزمن. وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن "القيادة القديمة" أصبحت مجرد أطلال باستثناء جزء منها يقطنه أحد المواطنين، موردا أنها تابعة لأملاك الدولة وكان بالإمكان تحويلها إلى متحف عمومي، والبحث عن الأرشيف السابق لإرجاعه إلى موطنه الأصلي، أو دار للثقافة من خلال اتفاقية شراكة بين المؤسسات العمومية المعنية. من جهته، قال حسن الحميدي، طالب باحث في تاريخ قبائل آيت عطا، إن "هذه البناية المعروفة لدى عموم قبائل آيت عطا بالبيرو نعسو أوبسلام، كانت ستكون قيمة مضافة للمنطقة، سواء في المجال التاريخي أو الثقافي، إلا أن بعض المسؤولين، خاصة على مستوى المركز، غير مهتمين بكل ما يتعلق بتنمية هذه الرقعة الجغرافية ولا بتاريخها". وأضاف الحميدي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "البناية توجد بموقع استراتيجي مهم وسط مركز جماعة إكنيون وتشوه صورة المنطقة بصفة عامة، لكونها أصبحت أطلالا مهجورة ومنسية"، مشيرا إلى أن "الجماعة تعاني من غياب مجموعة من الإدارات العمومية التي بإمكان الدولة بناؤها في هذا الموقع لتقريب الخدمات الإدارية من الساكنة". من جهته، قال مصدر من الجماعة الترابية بإكنيون، إن "المجلس الجماعي راسل الجهات المختصة في أكثر من مناسبة لإعادة ترميم البناية المهجورة أو تسليمها للمجلس قصد إصلاحها أو إحداث متحف عمومي بها يضم تاريخ المنطقة". وأضاف المصدر ذاته، في تصريح لهسبريس، أنه "من العار أن تبقى هذه البناية مهملة ومنسية رغم مكانتها التاريخية لدى المقاومة الوطنية المغربية". وتوجه المسؤول الجماعي بالسؤال إلى إدارة الأملاك الدولة "هل بإمكانها التدخل من أجل ترميمها أو إصلاحها أو تسليمها إلى جهة رسمية قادرة على أن تستغلها في الصالح العام؟".