اختار أعضاء "اللجنة الهولندية للتضامن مع المعتقلين السياسيين بالمغرب" افتتاح ندوتهم المنظمة مساء السبت حول موضوع "الاعتقال السياسي بالمغرب"، بفيلم وثائقي قصير يوثق لتدخلات القوات العمومية في عدد من مظاهرات حركة 20 فبراير والحركات الاحتجاجية التي شهدتها مدن مغربية قبل اختتام الشريط بإظهار الأحكام الحبسية النافذة التي صدرت في حق نشطاء فبرايريين خاصة على مستوى منطقة الريف. المشهد الشهير لشاب يحاول حماية سيدة وطفلها من هراوات رجال الأمن، في مسيرة حي سباتة بمدينة الدارالبيضاء، أدمع مُقَلَ عدد من الحضور خاصة الهولنديين منهم والذين جاءوا للإطلاع على ملف يهمهم نظرا للوجود البارز لجالية مغربية مكونة من سكان منطقة الريف أساسا. الفيلم، الذي أنجزه محمد أصريح، حرك مشاعر الحاضرين في دقائقه الأخيرة، خاصة أمام صراخ والدة محمد جلول و ابنه عندما وثقت كاميرا المخرج رد فعل أسرة المعتقل بعيد النطق بالحكم الذي بلغ خمس سنوات سجنا نافذا. بعد ذلك قدم غفور أحلي ومريم المصلوحي عددا من المحاضرين الذين تناوبوا على المنصة لمقاربة موضوع الاعتقال السياسي وحرية الرأي والتعبير من زوايا مختلفة. هند عروب، أستاذة العلوم السياسية ورئيسة مركز "هيباتيا الاسكندرية للتفكير والدراسات" قالت في مداخلتها بالمناسبة إن حرية الرأي والتعبير بالمغرب غير مرحب بها وأرجعت الأمر الى طبيعة نظام سياسي واجتماعي لا يسمح بمخالفة كبير الأسرة وبالتالي كبير المجتمع أو من يجسد صورة الأب السياسي للمجتمع. عروب أوضحت أن الأب السياسي في المغرب يختزل في الملك ومستشاريه وخدامه الأقربين ومختلف مكونات ما يسمى بالمخزن. أستاذة علم السياسة قالت في ورقتها، التي ألقتها باللغة العربية بينما عرضت نسخة بالانجليزية على شاشة المركز المحتضن للنقاش، (قالت) إن أي حاكم تنفيذي، مالك للسلط في يده، لا يمكن أن يسمح بحرية التعبير. عروب أضافت أن سنة 2011 "دفعت بالمخزن الى التأقلم السريع مع مستجدات الربيع من خلال فهم الدرسين التونسي و المصري"، مردفة أن الإصلاح السياسي في المغرب عبارة عن "تعديل مساحيقي". المنظمون ربطوا الاتصال بخديجة الرياضي، الرئيسة السابقة ل AMDH، عبر السكايب، حيث عبروا لها عن فخرهم بحصولها على الجائزة الأممية لحقوق الإنسان قبل بدء مداخلتها التي قالت فيها إن "الاعتقال السياسي بالمغرب يشكل تحد كبير للحركة الحقوقية.. وإن المحاكمات أخدت شكلا جديدا يعتمد تلفيق التهم و تسخير القضاء". الرياضي أكدت على الحاجة للتواصل مع الحركة المدنية بأروبا و مناصري حقوق الإنسان بالعالم من أجل فهم صحيح لما يقع بالمغرب. من جهته، ذكر عبد الإله بن عبد السلام، نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بتاريخ الاعتقال السياسي في المغرب وارتباطه بالاختفاء القسري والاعتقال التعسفي متسائلا عن مآل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بعد سبع سنوات من تقديم هيئة الإنصاف والمصالحة لتوصياتها. بن عبد السلام، قال إن الاعتقال السياسي موجود في مغرب اليوم وأن "الدولة تنكر وجوده كما نكرته دائما.. فهي لا تعترف بالمعتقلين السياسيين إلا عند الإفراج عنهم.. حيث تهلل مقدمة نفسها للعالم بصورة البلد المنفتح" يقول المتحدث. علي سالم التامك، عضو "تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان" وجوابا على سؤال لرئيس الجلسة، قدم نفسه بصفته معتقل رأي صحراوي، اعتقل لست مرات، كما أضاف صفة النقابي والحقوقي والأب لبنت اسمها الثورة. التامك أثنى على اللقاء و منظميه ووصفه بالفعل الذي يحتاج للتراكم من أجل إطلاق صراح المعتقلين السياسيين أيا كانت قناعاتهم: كما قال إن ندوة أمستردام فرصة للقضاء على عقلية الإقصاء والإلغاء والشوفينية أيا كان مصدرها. اللقاء الذي حضره منتخبون هولنديون وعدد من رؤساء المنظمات الحقوقية وجمعيات الأحياء وأكاديميون من جامعة أمستردام وعشرات المغاربة جاء "للإعلان عن بداية حملة دولية من أجل الإفراج عن آدميين يقبعون في الزنازين عقابا لهم على أرائهم و كسرا للحصار الذي يعانيه هؤلاء و المغالطات الرسمية المحيطة بالموضوع" وفق تعبير جمال الكتابي عضو اللجنة المنظمة للندوة.