شكك خبراء في قضايا الارهاب في صحة البيان المنسوب لتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» و ينفي فيه مسؤوليته عن تفجير مقهى «آركانه» في ساحة جامع الفنا بمدينة مراكش التاريخية المغربية. وأشار خبراء إلى أن البيان الذي نشر وتضمن نفيا من التنظيم لمسؤوليته ليس سوى «ذر للرماد في العيون» ، خصوصا وأن أيا من المواقع أو المنتديات الجهادية لم تنشر بيان النفي، في وقت تواصل فيه السلطات المغربية التحقيقات في الحادث، والتي ترجح ضلوع التنظيم في تخطيط وتنفيذ الهجوم الدامي. و شدد متتبعون إلى أن بيان نفي تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي أن تكون له صلة بتفجير مقهى في مراكش ، مشكوك في مصداقيته لمجموعة من الاعتبارات، أهمها أنه لم يصدر في مواقع أخرى و خاصة منها المقربة للتنظيم الارهابي الأم الذي لم يتبن لحد الساعة البيان المذكور . من جهة أخرى كشفت صحيفة «لفيغارو» الفرنسية أن المتهم الرئيسي في التفجير المدعو «عادل العثماني»، أقام في موريتانيا لبعض الوقت عام 2008 رفقة إثنين من عناصر السلفية الجهادية المغربية لغرض العبور الى شمال مالي للالتحاق بمعاقل تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي. ونسبت الصحيفة الفرنسية لمصادر رسمية مغربية قولها إن العثماني ورفاقه أخفقوا في الوصول الى معسكرات القاعدة في منطقة «كيدال» بالشمال المالي، فعادوا إلي المغرب و هو ما أكدته مواقع موريتانية قالت إن السلطات الأمنية الموريتانية أفشلت في وقت سابق مسعى المشتبه فيه في اللحاق بمالي عبر شرق موريتانيا. و كان ما يسمى تنظيم القاعدة في شمال إفريقيا قد نفى السبت الماضي أية صلة له بالتفجير الإرهابي، الذي هز مقهى أركانة، بمدينة مراكش يوم 28 ابريل الماضي، وأودى بحياة 17 مواطنا من جنسيات مختلفة، وجرح 21 آخرين، وخسائر مادية جسيمة. وجاء هذا النفي وفق بيان، توصلت به مختلف وسائل الإعلام العربية، الفضائيات منها، وبعض المواقع الإلكترونية العاملة بمنطقة المغرب العربي، خاصة بموريتانيا، والتي لم تذكر ما إذا كانت قد تحققت من مصدره ، حيث ذكر البيان أن هذا التنظيم ، يختار وقته وأهدافه، لتنفيذ أية عملية إرهابية، ولا علاقة له بالتفجير الأخير بمراكش. ويأتي هذا التوضيح الإعلامي، من قبل ذات التنظيم الإرهابي، في وقت لم تكشف فيه تحقيقات مصالح الأمن المغربية، عن الجهة التي خططت لهذا العمل الإرهابي، حفاظا على سرية التحقيق، كما ينص على ذلك القانون، حيث تم الكشف فقط عن أسماء المشتبهين الذين نفذوا العملية، وبينهم المدبر الرئيسي لها. وكان الطيب الشرقاوي، وزير الداخلية المغربي، صرح في لقاء مع الصحافة، منتصف الأسبوع الماضي، أن مصالح مديرية المحافظة على التراب الوطني، المعروفة باسم « دي إس تي»، هي من اهتدت، بعد إجرائها لبحث عميق، إلى وضع يدها على الأسماء الثلاثة ، المشتبه في تنفيذها العمل الإرهابي، ويتعلق الأمر بثلاثة أشخاص، منحدرين من مدينة آسفي، فضل عدم ذكر أسمائهم. وحسب مصالح أمنية ، فإن الأمر يتعلق ببائعي أحذية ، وهم على التوالي، المنفذ الرئيسي، عادل العثماني، البالغ من العمر26 عاما، ورفاقه عبد الصمد بطار، وعبد الحكيم الداح. وأكد وزير الداخلية أن الثلاثة، تشبعوا بأفكار التيار الراديكالي « السلفية الجهادية»، وأعلنوا ولاء هم لتنظيم القاعدة، وعبروا، عن إعجابهم بقيادتها. وقال الشرقاوي، ان المدبر الرئيسي المشبته في تنفيذه العمل الإرهابي، تمكن من صنع عبوتين ناسفتين، الأولى تزن 9 كيلوغرام، والثانية 6 كيلوغرام، من خلال اطلاعه على موسوعات ذات الصلة بذلك عبر المواقع الإلكترونية، وعمل أيضا على إدماج عناصر جديدة، في هاتفه النقال، حتى يستطيع التحكم في عملية التفجير عن بعد، حيث استغرق عمله مدة 6 أشهر. و أوضح الشرقاوي ان المعني بالأمر، أي العثماني، حط الرحال بجامع الفنا، بمدينة مراكش، ودخل مقهى، ومكث فيها قليلا، وعدل عن ترك الحقيبتين، وفضل حملهما معه والتوجه بهما مباشرة إلى مقهى أركانة، التي يوجد بها سياح أجانب، ومغاربة، فتناول مشروبا، وكأنه سائح، ثم خرج، ليضغط على زر هاتفه النقال، فوقع الانفجار. وحسب مصادر أمنية، فإن العثماني، غير ملامحه حتى لا ينكشف، حيث وضع باروكة شعر، وقيثارة على ظهره، ومكث بمقهى أركانة، زهاء 45 دقيقة ، وطلب خلالها عصير ليمون ثم مشروبا ساخنا، قبل أن يغادر مخلفا وراءه حقيبة سفر وحقيبة أخرى للظهر محشوتين بالمتفجرات، ومباشرة بعد ابتعاده عن المقهى ركب رقم الهاتف الموصول بالجسم المتفجر، وبرنة واحدة نجم عنه رجة قوية مقرونة بانفجار ضخم. وعمد المتهم بعد ذلك إلى امتطاء سيارة أجرة نحو المحطة الطرقية باب دكالة، وهناك حلق شاربه وتخلص من الشعر المستعار وملابسه، تم توجه مباشرة إلى مدينة أسفي وفيها التقى بمشاركه الثاني الذي أفصح له عن نجاح العملية، فباركها وزكاها، قبل أن يعمدا إلى التخلص من متلاشيات المواد المستعملة في صناعة المتفجرات بشاطئ قريب من مدينة أسفي. وحسب ذات المصادر الأمنية، فإن المشتبه فيه الرئيسي، جرب في وقت سابق مفعول العبوتين الناسفتين، في منطقة « سيدي دانيال» بضواحي مدينة آسفي، قبل ان يعمد الى تنفيذ مخططه الإرهابي المقيت.