ضحايا في غارة على جنوب بيروت    إغلاق حركة الطيران بمطار هولندي بسبب رصد طائرات مسيّرة    الركراكي يتجه لاستبعاد 4 أسماء من قائمة كأس إفريقيا    فيدرالية ناشري الصحف تستنكر المجزرة الأخلاقية للجنة المؤقتة وتدعو لوقف مخطط السطو على القطاع    بعد التتويج القاري.. الرميشي تكشف سر تألقها مع العساكر في دوري الأبطال    إجراء بطولة المغرب للدراجات الجبلية في للا تكركوست    أمن البيضاء يوقف 4 أشخاص بتهمة تخريب ممتلكات خاصة وحيازة السلاح الأبيض    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    توقيف شخصين بتهمة حيازة وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية بأكادير    البرازيل.. إبراز أهمية قرار مجلس الأمن 2797 الداعم لمبادرة الحكم الذاتي    جائزة الصحافة والحاجة للتغيير    إنقاذ الثقافة من الرداءة    احتجاج جديد لعمال فندق أفانتي رفضاً للطرد التعسفي وتنصّل الإدارة من التزاماتها    "التغطية الإعلامية للتظاهرات الرياضية" محور دورة تكوينية تنظمها مندوبية حقوق الإنسان    العزوزي يعود إلى الواجهة رفقة أوكسير    موعد مباراة الوداد ونايروبي يونايتد والقنوات الناقلة    جمعيات حماية المستهلك تفنّد إشاعة حول زيت الزيتون السوسي وتطالب بوقف ترويج الأخبار المضلّلة        فضيحة "مهداوي غيت" أو كافكا على ضفاف أبي رقراق    توقيف شخصين بعد اعتداء موثق بفيديو    بنسليمان: البرلمان ليس ساحة ل"التبوريد" واستعراض العضلات بل فضاء لمصارحة المواطنين    وزارة التربية الوطنية تطلق "إحصاء الموظفين" وتشهر ورقة الاقتطاعات    مزاد خيري يبيع كاميرا البابا فرنسيس بأكثر من 7 ملايين دولار    لجنة الأفلام وCompany 3 تطلقان تعاونًا يعزز مستقبل ما بعد الإنتاج في المنطقة    النجم التركي إنجين ألتان دوزياتان في مهرجان الدوحة السينمائي:    الفنان جاسم النبهان في حديثه للصحفيين في مهرجان الدوحة السينمائي:    أرقام جديدة تؤكد الإقبال المتزايد على تعلم الإسبانية في المغرب    تكريم الفنانة المغربية لطيفة أحرار في افتتاح أيام قرطاج المسرحية بتونس    دراسة: استخدام الأصابع في الحساب يمهد للتفوق في الرياضيات    "بابا والقذافي" في مهرجان الدوحة السينمائي    فضيحة استنزاف الماء ببوروس الرحامنة... آبار عشوائية تغذي مشاريع ترفيهية وتهدّد سكان الدواوير بالعطش    اجتماع لجنة القيادة الجهوية لبرنامج مؤسسات الريادة بجهة طنجة–تطوان–الحسيمة    أكثر من ألفي شخص يتظاهرون "ضد الظلم" في تونس    نهضة بركان يستهل مشواره في عصبة الأبطال بفوز مستحق والجيش يتعثر    إعصار "فينا" يضرب الإقليم الشمالي لأستراليا ويتسبب بأضرار واسعة وانقطاع الكهرباء    المغرب يتوج بلقب "وجهة السنة" في "جوائز السفر" 2025 ببروكسيل    أوكرانيا.. اجتماع أوروبي أمريكي في جنيف لمناقشة خطة ترامب لإنهاء الحرب    المغرب يتموقع ضمن الوجهات الأكثر جذبا للاستثمار في المنطقة (سفير)    90 قتيلا في حصيلة فيضانات فيتنام    شائعة وجود مغارة ذهبية تفرض حظر التجول في جنوب سوريا    طقس الأحد: انخفاض كبير في درجات الحرارة وصقيع فوق المرتفعات    "كوب 30" تتبنى اتفاقا بشأن المناخ    محكمة الحسيمة تُصدر حكمًا في حق المتهم بجريمة القتل بشاطئ السواني                عصبة الأبطال الإفريقية (دور المجموعات -الجولة 1).. فريق بيراميدز المصري يفوز على نظيره ريفرز يونايتد النيجيري (3-0)    التساقطات المطرية تساهم في خفض أسعار زيت الزيتون بشمال المغرب    جلالة الملك يهنئ الجيش الملكي النسوي عقب تتويجه بدوري أبطال إفريقيا للسيدات    أجهزة قياس السكري المستمر بين الحياة والألم    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    أجهزة قياس السكر المستمر بين الحياة والألم: نداء أسر الأطفال السكريين لإدماجها في التغطية الصحية    جمعية "السرطان... كلنا معنيون" بتطوان تشارك في مؤتمر عالمي للتحالف الدولي للرعاية الشخصية للسرطان PCCA    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العفو الملكي: الأبعاد والدلالات
نشر في لكم يوم 17 - 10 - 2019

العفو الذي اصدره جلالة الملك بالامس، في قضية هاجر الريسوني ومن معها، ليس مجرد قرار صادر عن ممارسة حق سيادي يتمتع به الملك، طبقا لنص الفصل58 من الدستور الذي ياتي مباشرة بعد اختصاصين جوهريين في بنية القضاء المغربي، المتمثلين في رئاسة جلالته للمجلس الاعلى للسلطة القضائية وموافقته بظهير على تعيين القضاة من قبل نفس المجلس، و انما هو بالاضافة الى ذلك يشكل اي القرار، الصادر بالعفو رسالة قوية من ملك البلاد وامير المؤمنين، الى كل من له بحكم صلاحياته ومهامه وادواره علاقة بالحقوق والحريات والحقوق الانسانية للنساء خاصة ، سواء تعلق الأمر بمؤسسات الدولة الدستورية أو بالاحزاب السياسية او غيرها .
رسالة قد تخضع لتأويلات وقراءات متعددة فيمكن النظر اليها كاستدراك و معالجة لقضية قضت مضجع الكثير من المغاربة نساء ورجالا محافظون وحداثيون، وان اختلفت خلفياتهم وزوايا قرائتهم للوقائع، لكن وحدهم جميعا الشعور بالظلم والحكرة فالقضية شوهت صورة المغرب وأظهرته كدولة لازال فيها من يتجرأ "باسم القانون "على تفتيش الارحام، وكأنها مسرح جريمة يتطلب التتثب منها افتضاض حميمية النساء، تماما كما يقع في بلدان ذات أنظمة تيوقراطية استبدادية تحكم باسم الدين والعقيدة والعشيرة، حيث العدالة فيها جلد وقصاص وتشويه، و تكبيل و تنكيل وضرب لإنسانية الإنسان وكرامته في مقتل، إنها قضية مؤلمة لكل ذي حس انساني، و مؤذية للوطن بكل مقاييس الايذاء، هي قضية استوجبت لكل هذه الاعتبارات على الاقل تدخلا ملكيا دستوريا، في الوقت المناسب لتعطيل و إيقاف حكم قضائي صادر عن ابتدائية" عاصمة الانوار "، و إلغاء كل نتائجه ومؤدياته التي كانت حصادا لشريط ميزته الأساس اتخاذ قرارات وتدابير ومواقف معلنة، ماسة بالحياة الشخصية والسلامة الجسدية والحصانة المهنية …..وكلها انبت شكلا و مضمونا على سوء تقييم العواقب وسوء تطبيق القانون و المغالاة في توظيف الملائمة والقسوة في تقدير العقوبة.
وعلاوة على البعد التصحيحي والإستدراكي للعفو الملكي كما تم بيانه سلفا فان هناك دلالات وأبعاد أخرى يمكن استنباطها من القرار ولعل أبرزها :
أولا : القرار يتضمن إشارات رمزية قوية، على أن الأصل في التعامل مع الحريات الشخصية والعلاقات الإنسانية هو التفهم والتقدير الانساني والاجتماعي، و أن "شراسة" القانون وقساوته وتخلفه أحيانا عن تطورات المجتمع، يمكن أن تواجه بالتسامح و التجاوز والرحمة والرأفة في انتظار الغاء تلك القوانين في أقرب الاجال و استبدالها بما يضمن ممارسة المواطن لحرياته الفردية، دون خوف و لا ترهيب و بما يكمل سيرورة إحقاق الحقوق الإنسانية للنساء كاملة غير منقوصة.
ثانيا : العفو الملكي لم يصدر مقتضبا ومقتصرا، على النطق بالعفو، بل تضمن الاسباب الكامنة وراء اتخاذه فيما يشبه " تعليل الاحكام القضائية ". حسبما يستفاد من البلاغ الصادر عن وزارة العدل، الذي تضمن تعابير انسانية تمتح من القاموس الحقوقي والانساني، تكريما واحتراما لأطراف القضية، مع احترامه لقرينة البراءة عند التشكيك في الخطأ "المفترض"، مع ما يرمز اليه ذلك من اعلاء لقرينة البراءة كمعطى وكقيمة دستورية تعد من صميم حقوق الإنسان قبل ان تكون شرطا مؤسسا للمحاكمة العادلة .
ثالثا: إن المساواة أمام القانون وباعتبار أن جلالة الملك هو أمير المؤمنين، ورئيس المجلس العلمي الاعلى، ورئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهو المطوق دستوريا في المرتبة الاولى بصيانة حقوق وحريات المواطنين والمواطنات، فإن اثار العفو، من الناحية المبدئية ينبغي ان تتجاوز البعد القانوني والمؤسساتي لتعانق بعدا حضاريا وحقوقيا وانسانيا يأخذه القضاء بعين الاعتبار ويستحضره في النوازل المماثلة حتى لا يشعر المواطن "العادي " بالتمييز او يشعر ان العدالة لا ترحمه ان كان معزولا او دون سند .
رابعا : القضية من بدايتها الى نهايتها بالعفو الملكي تسببت في "اهتززات" مست الافكار والقناعات وكثير من المسلمات وقربت بين وجهات كانت الى وقت قريب على طرفي نقيض في موضوع الحريات الفردية وكثير من القضايا المرتبطة بالمراة اساسا وهي أمور نتمنى أن تشكل بوابة لفتح نقاش مجتمعي هادئ و ناضج يعكس قيم الانفتاح والتسامح والبناء المشرك لمغرب افضل ينهي مع قوانين ما قبل الحضارة !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.