قال المحامي والحقوقي محمد اشماعو إن مشروع المسطرة الجنائية نزل بنا إلى مستوى لم نكن ننتظره في المغرب، منذ انطلاق الحراك الحقوقي إلى 20 فبراير ودستور 2011. وأشار في ندوة نظمها حزب "الاستقلال" حول مشروع المسطرة الجنائية، أنه في 2011 اتحد الحقوقيون والسياسيون والفاعلون المدنيون لإعداد رؤية مستقبلية للمغرب، تصان فيها الحقوق والحريات، وانطلق النقاش حول إصلاح منظومة العدالة الذي توج بتوصيات هامة، حول كل القوانين، وأعدت مسودة للمسطرة الجنائية سنة 2015 كانت متقدمة رغم بعض المؤاخذات عليها، وهذا شيء طبيعي في التشريع.
وأضاف " تلك المسودة كانت تنص على حضور المحامي في مرحلة الاستجواب مع المتهمين أو المشتبه فيهم كضمانة أساسية للمحاكمة العادلة، وذلك في انسجام تم مع كافة المواثيق والمعاهدات الدولية التي ألحت على حضور المحامي، لحظة إلقاء القبض على أي شخص". وتابع " هذا المعطى كان حاضرا في المسودة الأولى التي أعدها الوزير مصطفى الرميد، وظلت الأمور على حالها إلا أن جاءت الحكومة الجديدة، وفي الفترة الممتدة من 2011 إلى 2021 صدرت عدة قوانين مرتبطة بالسلطة القضائية، واستقلال النيابة العامة، والنقاش الطويل العريض حول تجديد البنية التشريعية، وبمجرد ما جاءت الحكومة الحالية قام رئيسها بإعطاء تعليماته إلى الوزارة المكلفة بالعدل لسحب مشروع قانون الإثراء غير المشروع". وزاد " نناضل من أجل حماية المال العام والتخليق والشفافية منذ عقود، وقامت الحكومة بكل قوتها في أول قرار ذو طابع تشريعي بسحب التشريع المتعلق بالإثراء غير المشروع، بطريقة مضحكة ومبكية في الآن ذاته". وتحدث المحامي اشماعو عن المادة 3 من مشروع المسطرة الجنائية، موضحا أن الحكومة تحمي الفساد بسحب مقتضيات الإثراء غير المشروع والآن تحصنه بمنع كل وسائل التقاضي أو التشكيك في الجمعيات ومنعها من تقديم شكاوي إلا بعد إذن القطاع الوصي الذي أقر أصلا بحماية الفساد، وحصرها بالجمعيات التي تحمل صفة المنفعة العامة علما أن عددها أقل من رؤوس الأصابع. ولفت إلى أن دور الجمعيات هو تقديم الأدلة والشكايات بما فيها الشكايات ضد مجهول والقضاء كان يتحرى، وهناك عدة أمثلة في هذا الباب، منها ما قامت به الجمعية التي كان يرأسها المحامي طارق السباعي والتي أحالت ملفات كثيرة على القضاء، والآن بعد أن حصنا الفساد الكبير وسحبنا قانون الإثراء غير المشروع، نحصن التبليغ ضده، لدرجة أن بعض المنتخبين سعداء بهذه الخطوة وينوهون بوزير العدل عبد اللطيف وهبي. وأكد اشماعو أننا أمام وضع غير سليم يجعلنا نتساءل نحن مع من؟ وهل هناك جهات لا نراها تعترض على قوانين معينة، لأن ووزير العدل يقولها صراحة فهل هي عبارة عن أشباح؟ وهل نحن أمام مستقبل جديد للمغرب يحمى فيه الفساد وتضرب الحريات والحقوق الأساسية وتغيب ضمانات المحاكمة العادلة؟. وشدد على أن هناك شيئا ما يراد من خلال هذا التشريع لدرجة أننا أعطينا لخليفة القياد صفة الضابطة القضائية، وهذا يشير إلى ما يحدث في البوادي، إذ رأينا ما حصل إبان فترة كوفيد من تلفيق للتهم، ورأينا الوجه الحقيقي للسلطة عندما يمتزج فيها الشق الإداري بالشق الضبطي، وهذا أمر خطير لم نكن أبدا نتصوره في أفق إعداد دستور 2011 والنقاش الذي تلاه حول إصلاح منظومة العدالة.