قراءة قانونية في واقعة توقيف محام في حالة سكر وتصويره دون علمه أثارت حادثة توقيف أحد المحامين المغاربة في حالة سكر طافح، وتصويره داخل سيارة الأمن دون علمه أو موافقته، ثم تسريب ذلك الفيديو على منصات التواصل الاجتماعي، ردود فعل واسعة في الأوساط الاعلامية والقانونية والحقوقية. كما طرحت هذه الواقعة إشكالات قانونية وأخلاقية تتعلق بتعامل رجال الشرطة مع الموقوفين، لا سيما، عندما يتعلق الأمر بشخص يزاول مهنة من مهن العدالة. أولاً: قانونية توقيف الشخص في حالة سكر ينص القانون المغربي، وبخاصة قانون المسطرة الجنائية، على إمكانية توقيف أي شخص في حالة سكر إذا شكّل خطراً على نفسه أو على الغير، أو أخلّ بالنظام العام. ومن هذا المنطلق، فإن توقيف المعني بالأمر من طرف رجال الأمن يُعد إجراءً قانونياً سليما في ظاهره، لا سيما، إذا تم وفق الضوابط التي تحكم استعمال السلطة الأمنية وفي إحترام لحقوق الإنسان. ثانياً: مهنة المحاماة والضمانات القانونية أثناء التوقيف رغم أن المحامي لا يتمتع بحصانة مطلقة، فإن القانون المغربي يمنحه بعض الضمانات أثناء توقيفه أو استجوابه، من بينها إشعار هيئة المحامين فوراً، واحترام وضعه الاعتباري كأحد أعوان القضاء. وفي حال لم يتم إشعار الهيئة أو تم التعامل مع المحامي بمهانة، فإن ذلك يُعد خرقاً للمقتضيات القانونية المنصوص عليها في القانون المنظم لمهنة المحاماة. ثالثاً: التصوير دون إذن وخرق الحق في الخصوصية تُعد واقعة تصوير الشخص داخل سيارة الشرطة دون علمه أو رضاه، ثم نشر المقطع، مخالفة صريحة لمقتضيات الفصل 447 من القانون الجنائي المغربي، الذي يُجرم تسجيل أو نشر صورة أو كلام شخص دون موافقته، متى كان ذلك يتم في ظروف تمس بكرامته أو حياته الخاصة، بغض النظر، عن العبارات المشينة التي صدرت منه ضد رجال الأمن ومؤسسات الدولة وثوابت المملكة! وتزداد جسامة الفعل إذا صدر من طرف عناصر الأمن أنفسهم، المفترض فيهم حماية الخصوصية وكرامة الأشخاص، لا انتهاكها أو تسريب معطيات يمكن أن تسيء لسمعة الموقوف، حتى قبل أن يصدر حكم قضائي في حقه. رابعاً: المسؤولية القانونية عن تسريب الفيديو يُعد تسريب تسجيل مصوَّر لموقوف انتهاكاً لمبدأ سرية الأبحاث المنصوص عليه في المسطرة الجنائية، وخرقاً لقرينة البراءة، ويُحمّل المسؤولية للمصوّر ومن سرّب المادة ومن نشرها دون وجه حق. كما يمكن أن يكون محل مساءلة إدارية وتأديبية لرجال الشرطة المتورطين في ذلك، إضافة إلى إمكانية تحريك الدعوى العمومية ضدهم. خامساً: الأخلاق المهنية والسلوك الأمني إن أخلاقيات المهنة الأمنية تفرض التعامل مع جميع المواطنين باحترام، حتى في ظروف التوقيف أو أثناء ارتكاب الجنحة أو الجريمة. وتوثيق اللحظات المهينة أو الضعف البشري، خصوصاً حين لا يكون لها مبرر أمني أو قانوني، لا يُعد فقط خرقاً قانونياً، بل أيضاً سلوكاً غير إنساني وغير مهني. تطرح هذه الواقعة ضرورة فتح تحقيق جدي في ملابسات التصوير والتسريب، وتحديد المسؤوليات، وضمان عدم تكرار مثل هذه التصرفات التي تسيء إلى صورة المؤسسات، وتهدد الثقة في العدالة والحق في الكرامة الإنسانية. كما تدعو إلى احترام القانون، بغض النظر عن وضع أو مهنة الموقوف، واحترام خصوصية الأفراد باعتبارها من الحقوق الأساسية التي لا يجوز المساس بها حتى في حالات الخلل أو الخطأ الفردي.