يسلط التقرير العالمي للنزوح الداخلي لعام 2024 الضوء على تضاعف معاناة الملايين حول العالم، حيث بلغ إجمالي النازحين داخليا 75.9 مليون شخص بنهاية عام 2023، مقابل 71.1 مليون في العام السابق، مع تسجيل رقم قياسي جديد بلغ 20.5 مليون حركة نزوح ناجمة عن الصراعات والعنف و26.4 مليون حركة أخرى بسبب الكوارث الطبيعية. المغرب، الذي لم يكن من بين البلدان المصنفة تقليديا ضمن الدول ذات النزوح الداخلي الكثيف، شهد في عام 2023 أكبر حدث نزوح داخلي مرتبط بالكوارث منذ بدء تسجيل البيانات المرتبطة بهذه الظاهرة سنة 2008، وذلك عقب الزلزال المدمر الذي ضرب منطقة الحوز في 8 شتنبر 2023، والذي بلغت قوته 6.8 درجات على مقياس ريختر، وتسبب في نزوح 146 ألف شخص، بحسب أرقام التقرير الصادر عن المركز الدولي لمراقبة النزوح الداخلي في جنيف.
ورغم ضخامة هذا الرقم، يشير التقرير نفسه إلى أنه يُعد على الأرجح تقديرا ناقصا، بالنظر إلى أن الزلزال أسفر عن تدمير أكثر من 19,000 منزل، أغلبها في قرى نائية في جبال الأطلس الكبير، حيث كانت منازل الطين غير قادرة على مقاومة الهزات الأرضية العنيفة، ما أدى إلى تفاقم أزمة الوصول إلى المتضررين وتعقيد عمليات الإغاثة. تندرج هذه الظاهرة ضمن سياق إقليمي أوسع، إذ شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2023 نزوحا داخليا واسع النطاق جراء الزلازل، وبلغ عدد التحركات الناتجة عن الكوارث في هذه المنطقة أكثر من 1.3 مليون تحرك، أغلبها في سوريا والمغرب وإيران. ففي سوريا وحدها، تم تسجيل نحو 702 ألف نزوح داخلي نتيجة للزلازل، خصوصا في شمال غرب البلاد، في حين تسببت سلسلة من الزلازل في محافظة أذربيجان الغربية في إيران خلال يناير في نزوح حوالي 104 ألف شخص، وجاء ذلك في ظل ظروف شتوية قاسية، مما استدعى تدخلات حكومية لتوفير المأوى والغذاء والتدفئة للنازحين. على الصعيد العالمي، كانت الكوارث الطبيعية مسؤولة عن 26.4 مليون حالة نزوح داخلي في 2023 عبر 148 بلدا وإقليما، مما يجعلها ثالث أعلى سنة خلال العقد الأخير من حيث عدد التحركات الناجمة عن الكوارث، وفق التقرير. وشكلت الزلازل وحدها 6.1 مليون من هذه التحركات، وهو أعلى رقم مسجل منذ عام 2008، وجاء في طليعة هذه الأحداث الزلزال المدمر في تركياوسوريا، إضافة إلى زلازل كبرى في الفلبين وأفغانستان والمغرب. ورغم تسجيل انخفاض في عدد النزوح الناتج عن الكوارث المرتبطة بالطقس مقارنة بسنة 2022، بسبب انتقال الظاهرة المناخية من "لانينيا" إلى "النينيو"، إلا أن الفيضانات والعواصف واصلت التسبب في ملايين التحركات، خصوصا في إفريقيا الشرقية حيث تسبب إعصار "فريدي" وحده في نحو 1.4 مليون حالة نزوح عبر ست دول في المنطقة، وفقا للتقرير نفسه. وأظهرت معطيات التقرير أن النزوح الداخلي الناجم عن النزاعات ظل مرتفعا كذلك، حيث بلغ عدد الأشخاص الذين يعيشون في نزوح داخلي بسبب النزاعات والعنف 68.3 مليون في نهاية 2023، وهو أعلى رقم مسجل على الإطلاق. وشهدت دول مثل السودان (6 ملايين تحرك جديد)، والكونغو الديمقراطية، وفلسطين، ارتفاعا حادا في التحركات، لتمثل مجتمعة ما يقرب من ثلثي مجموع النزوح المرتبط بالنزاع في العالم خلال العام ذاته.