خلف تفجر قضية بيع شهادات ماستر بجامعة أكادير مقابل رشاوى استهجانا كبيرا، وفتح معه نقاشا واسعا حول مدى تفشي مظاهر الفساد في الجامعات المغربية، بشكل يقوض مبدأ تكافؤ الفرص. وعلى خلفية اعتقال أستاذ جامعي ومتابعة عدة أشخاص إلى جانبه، فيما بات يعرف بشبكة الاتجار بالماستر في أكادير، تعالت الأصوات مطالبة بتشديد العقوبات في حق المتورطين في هذه الأفعال التي هزت الجامعة المغربية وأساءت لسمعتها، مع توسيع دائرة الأبحاث القضائية لتشمل مختلف الشهادات المسلمة من طرف الأستاذ المعني.
كما أثارت القضية مجموعة من التساؤلات حول الكيفية التي استطاع من خلالها الأستاذ مراكمة الثروة وتجاوز الشكايات التي كانت ضده، دون أن يخضع للمساءلة والمحاسبة طيلة سنوات، فضلا عن التساؤل عن دور الإدارة التي هي المسؤولة عن توقيع الشهادات، ويفترض فيها المراقبة. توسيع دائرة الأبحاث وعدم الانتقائية وقال محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام إن حالة الأستاذ المعني لم تكن سرية، بل كانت معروفة ومتداولة لدى الجميع، فرائحته فاحت في كل مكان وظل يتمتع بحظوة خاصة. بل إن شظايا "هذا الفساد المتعفن" وصلت إلى القضاء في أكادير في شكل شكايات دون جدوى، واكتوى العديد من الضحايا بنار هذا الفساد، وخاصة أولئك الطلبة المنحدرين من فئات اجتماعية فقيرة، والذين لم يجدوا "أمهم في العرس"واستسلموا لواقع البطالة والأفق المسدود. وقال الغلوسي إن القانون يجب أن يكون فوق الجميع ولابد أن يمتد سيف العدالة إلى كل المتورطين المفترضين، خاصة مع ما يثار حول كون بعض المسؤولين والمهنيين والسياسيين في قطاعات مختلفة استفادوا بشكل أو بآخر من ثمار وغلة هذا الفساد الذي ضرب مصداقية الشواهد الجامعية وسمعة الجامعة المغربية. ونبه المتحدث إلى أن الفساد معمم لا يقتصر على أكادير بل إنه يكاد يمتد إلى بعض الجامعات الأخرى بمستويات مختلفة ومتفاوتة (رشوة، تزوير، الجنس، منافع، خدمات…)، فهي بيئة سمحت بتشكل شبكات ومافيات فساد مركزها الجامعة وغطاؤها وامتداداتها بعض مواقع النفوذ والمال والسلطة. ودعا الغلوسي إلى توسيع دائرة الأبحاث القضائية لتشمل كل الشواهد الجامعية التي منحت تحت مسؤولية الأستاذ الجامعي الموجود حاليا رهن الاعتقال الاحتياطي، والاستماع إلى كل الأشخاص المشتبه تورطهم في شبهات الرشوة والفساد مهما كانت مواقعهم ومسؤولياتهم، وتحريك المتابعة ضدهم طبقا للقانون، خاصة وأن التجارب تؤكد تقديم بعض الأشخاص إلى القضاء دون أن تصل الابحاث إلى كل المتورطين المفترضين، وقد آن الوقت للقطع مع المقاربة الانتقائية. تشديد العقوبة ومسؤولية الإدارة ومن جانبه، قال يوسف الكواري نائب رئيس النقابة الوطنية للتعليم العالي إن النقابة تدين وتندد بكل أشكال الفساد التي تنخر الجامعة كيفما كان مصدرها، مؤكدا أن حالة أستاذ أكادير تبقى معزولة، ولا علاقة لها بوضعية الأساتذة الذين يبذلون يوميا جهودا جبارة في عملهم. ونبه الكواري في تصريح لموقع "لكم" إلى أنه لا يوجد فساد خاص بالجامعة، الفساد حالة مجتمعية في المغرب تمتد من الشعب إلى كبار المسؤولين، ولا تخلو منه أي مهنة، وموقع المغرب في مؤشرات محاربة الفساد دليل على ذلك. وشدد الفاعل النقابي على ضرورة التعامل بأقصى العقوبات مع هذه السلوكات الدخيلة على الجامعة، والتي قد تطفو بين الفينة والأخرى، مؤكدا أن الأستاذ المعني لا علاقة له بالمهنة الشريفة وشركاؤه الذين يتعاون معهم من خارج الجامعة. وسلط الكواري الضوء على مسؤولية الإدارة والمسؤولين داخل الجامعة، فالدبلومات لا يوقعها الأساتذة وليست لهم سلطة المراقبة عليها، بل هذا من اختصاص الإدارة، وهو ما يجعلها في دائرة الاتهام. ولفت ذات المتحدث إلى أن هذا الحادث المعزول، ينبغي النظر إليه كحالة شاذة، وعدم المساس بالمكانة الاعتبارية للأستاذ، وعدم العمل بالمثل الشعبي "حوتة كاتخنز الشواري"، فهذه الحالة لا علاقة لها بالمهنة ومن يمارسها.