برلماني ورئيس جماعة يمثل أمام القضاء لمواجهة تهم خطيرة    مهندسو وزارة العدل يصعدون من أجل إقرار تعويضات تحفيزية لصالحهم    المغرب لم يستطع بعد إخراج نظامه التعليمي من عنق الزجاجة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء        فاجعة انتحار تلميذة بآسفي تصل إلى البرلمان    باليريا تسير 15 رحلة يوميا إلى المغرب لخدمة الجالية.. منها رحلات إلى الناظور    مذكرة إخبارية للمندوبية السامية للتخطيط بمناسبة اليوم العالمي لمحاربة تشغيل الأطفال    كيوسك الأربعاء | أزيد من 7 آلاف طفل في خلاف مع القانون    الوزارة تكشف عدد السياح الذين زاروا المغرب عند نهاية شهر ماي    الخلاف الحدودي السعودي-الإماراتي على الياسات: نزاع حدودي أم صراع نفوذ؟    تحقيقات أممية تتهم تورط إسرائيل ومجموعات مسلحة في جرائم حرب    تحقيق للأمم المتحدة: النطاق "الهائل" للقتل في غزة يصل إلى جريمة ضد الإنسانية    تقرير: المغاربة أكثر من رفضت إسبانيا طلبات تأشيراتهم في 2023    إذاعة فرنسا العامة تطرد كوميديا بسبب نكتة عن نتنياهو    القنصلية العامة لإسبانيا بطنجة تعلن عن انتهاء مهام القنصل "غافو أسيفيدو"    حكيمي يكشف السر وراء الفوز الساحق على الكونغو    فكرة أبصرت النور بعد موت صاحبها، كيف انطلقت بطولة كأس الأمم الأوروبية؟    الداكي رئيس النيابة العامة يستقبل رئيس السلطة القضائية بجمهورية البيرو    إعادة انتخاب المغرب في اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة    تحسن في آفاق الطلب يقود أسعار النفط للارتفاع    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء بالمغرب    بتنسيق مع "ديستي".. تفكيك شبكة لترويج الكوكايين في العرائش وضبط كمية كبيرة من المخدرات    توقيع اتفاقية تعاون بين جهة الشرق وجهة اترارزة الموريتانية    مانشستر يونايتد يبقي المدرب تين هاغ    المنتخب المغربي يتألق بتحقيق فوز عريض ضد الكونغو برازافيل    اليونسكو.. تسليط الضوء على "كنوز الفنون التقليدية المغربية"    اليد الربعة: تجربة جديدة في الكتابة المشتركة    لوحات فريدة عمرو تكريم للهوية والتراث وفلسطين والقيم الكونية    أقصى مدة الحمل بين جدل الواقع وسر سكوت النص    إطلاق مشروع "إينوف فير" لتعزيز انخراط الشباب والنساء في الاقتصاد الأخضر    تطورات مهمة في طريق المغرب نحو اكتشاف جديد للغاز    توقيع على اتفاقية شراكة للشغل بالمانيا    القناة الرياضية … تبدع وتتألق …في أمسية فوز الأسود اسود    "الأسود" يزأرون بقوة ويهزون شباك الكونغو برازافيل بسداسية نظيفة    الركراكي: ماتبقاوش ديرو علينا الضغط الخاوي    غباء الذكاء الاصطناعي أمام جرائم الصهيونية    انتخابات 2026: التحدي المزدوج؟    أفاية: الوضع النفسي للمجتمع المغربي يمنع تجذّر النقد.. و"الهدر" يلازم التقارير    محكمة فاس توزع 20 سنة حبسا نافذا على "شبكة الإتجار في الرضع"    ولاية امن تيزنيت… توقيف سيدة وشقيقها بتهمة ترويج مواد طبية مهربة    ندوة أطباء التخدير والإنعاش تستعرض معطيات مقلقة حول مرضى السكري    طقس الأربعاء.. أمطار رعدية مرتقبة بهذه المناطق    الأمثال العامية بتطوان... (622)    من المغرب.. وزيرة خارجية سلوفينيا تدين إسرائيل وتدعو لوقف تام لإطلاق النار بغزة    وفاة المعلم علال السوداني، أحد أبرز رموز الفن الكناوي    سفر أخنوش يؤجل الجلسة الشهرية بمجلس المستشارين    رفيقي يكتب: أي أساس فقهي وقانوني لإلزام نزلاء المؤسسات السياحية بالإدلاء بعقود الزواج؟ (2/3)    بوطازوت وداداس يجتمعان من جديد في المسلسل المغربي "أنا وياك"    الفنان عادل شهير يطرح كليب «دابزنا» من فرنسا    الفنانة التشكيلية كوثر بوسحابي.. : أميرة تحكي قصة الإبداع من خلال لوحاتها    السعودية تحظر العمل تحت أشعة الشمس اعتبارا من السبت القادم    ارتفاع درجات الحرارة من أكبر التحديات في موسم حج هذا العام (وزارة الصحة السعودية)    خبراء يوصون باستخدام دواء "دونانيماب" ضد ألزهايمر    دراسة علمية أمريكية: النوم بشكل أفضل يقلل الشعور بالوحدة    الرسم البياني والتكرار الميداني لضبط الشعور في الإسلام    الوفد الرسمي المغربي للحج يحط بجدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغلوسي: العدالة الجنائية لا يمكن لوحدها أن تتحمل وزر التصدي للفساد وقسم جرائم الأموال باستئنافية مراكش في حاجة للهيكلة
نشر في كشـ24 يوم 24 - 12 - 2015

قال رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، المحامي بهيئة مراكش محمد الغلوسي، إن العدالة الجنائية لا يمكن لوحدها أن "تتحمل وزر التصدي للفساد، إذ لابد من تظافر جهود الأفراد والمؤسسات من أجل القطع مع كل الممارسات والسلوكات المتنازعة مع قواعد وأحكام القانون".
وأضاف الناشط الحقوقي خلال مداخلته في الندوة الوطنية المنظمة من طرف تراتسبارنسي المغرب والجمعية المغربية لحماية المال العام بمراكش يوم السبت 19 دجنبر 2015 بمراكش، والتي تطرق فيها إلى "دور القضاء في محاربة الفساد"، بأن قسم جرائم الأموال بمحكمة الإستئناف بمراكش في حاجة إلى هيكلته وتوفير شروط اشتغاله للمضي في الجهود التي يبذلها للتصدى لجرائم الفساد المالي.
ولأهمية مداخلة الأستاذ الغلوسي خلال الندوة التي شارك في تأطيرها النقيب حسن وهبي والأستاذ الجامعي عبد العزيز النويضي نوردها كاملة:
دور القضاء في محاربة الفساد : مراكش نموذجا
مساهمة في الندوة الوطنية المنظمة من طرف تراتسبارنسي المغرب والجمعية المغربية لحماية المال العام بمراكش يوم السبت 19 دجنبر 2015 بمراكش .
لتناول هذا الموضوع ارتأيت أن أقسمه إلى قسمين الأول تحت عنوان العدالة الجنائية آلية من آليات مكافحة الفساد المالي والثاني قراءة في تجربة القضاء الجنائي بمراكش وهو يتصدى لجرائم الفساد المالي.
لا شك أن العدالة الجنائية هي آلية من آليات مكافحة الفساد المالي إلى جانب الآليات الدستورية الأخرى التي أناط بها القانون مهمة الرقابة على المال العام والوقاية من الفساد .
وبهذا المعنى فإن العدالة الجنائية لا يمكن لوحدها أن تتحمل وزر التصدي للفساد إذ لابد من تظافر جهود الأفراد والمؤسسات من أجل القطع مع كل الممارسات والسلوكات المتنازعة مع قواعد وأحكام القانون.
ولا بد من توفر عدة مبادئ لدعم العدالة الجنائية في مجال مكافحة جرائم الفساد المالي حتى تقوم بدورها في القطع مع الإفلات من العقاب ويمكن إجمال هذه المبادئ فيما يلي :
1. الاستقلالية والتخصص.
أسيل مداد كثير حول استقلال القضاء كسلطة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية وعن باقي المؤثرات الأخرى، والغاية من استقلالية القضاء والقضاة هو تحقيق العدل من خلال الحرص على تطبيق القانون وهو ما يصطلح عليه بسيادة القانون .
وجدير بالذكر أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد قد أكدت على أهمية استقلال القضاء ، وحثت الدول على اتخاذ تدابير لدعم النزاهة ومحاربة الفساد بين أعضاء الجهاز القضائي ، وهكذا فقد نص الفصل 107 من الدستور المغربي على استقلال السلطة القضائية عن كل من السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، وأن الملك هو الضامن لاستقلال السلطة القضائية وقد جعل الدستور استقلال القضاء واجبا على القاضي ألزمه من خلال الفصل 109 بإحالة كل أمر يهدد استقلاله على المجلس الأعلى للسلطة القضائية، واعتبر كل إخلال من القاضي بواجب الاستقلال والتجرد خطأ مهنيا جسيما ، بغض النظر عن المتابعات القضائية المفترضة ، وقد جرم التشريع المغربي كل مظاهر التدخل في أعمال السلطة القضائية صونا لاستقلال القضاء الفصول 237 إلى 240 من القانون الجنائي .
وإلى جانب مبدأ الاستقلالية هناك مبدأ لا يقل أهمية عنه يتعلق الأمر بالتخصص ، ويقصد به ضرورة وجود قضاء متخصص في جرائم الفساد المالي، قضاء مؤهل وله القدرة على فهم واستيعاب الأساليب المستعملة في ارتكاب هذا النوع من الجرائم الذي يتسم بالصعوبة والتعقيد ولهذه الغاية فقد تم تعديل التنظيم القضائي وإنشاء أقسام قضائية خاصة بجرائم الأموال داخل محاكم الاستئناف بكل من الرباط والبيضاء و فاس ومراكش، وتشمل هذه الأقسام على غرفة للتحقيق وغرفة للجنايات الابتدائية وأخرى للجنايات الاستئنافية إضافة إلى النيابة العامة .
2. توسيع دائرة التجريم مع تشديد العقاب.
إن توسيع دائرة التجريم وتشديد العقاب يسمح بتعميق الشعور بخطورة جرائم الفساد المالي وهكذا فإن التشريع الجنائي المغربي قد حاول توسيع دائرة التجريم فجرم أفعال الاختلاس الرشوة،الغدر،استغلال النفوذ، غسل الأموال وغيرها كما أنه اعتمد المفهوم الواسع للموظف العمومي وجعل الصفة مستمرة حتى بعد انتهاء الخدمة إذا كانت هي التي سهلت له الجريمة أو مكنته من تنفيذها وجعل القضاء المغربي مختصا بخصوص أفعال الفساد المرتكبة خارج المغرب من طرف مغربي أو أجنبي متى توفرت بعض الشروط .
وجرائم الفساد المالي غالبا ما ترتكب من طرف موظفين عموميين لذلك فإن المادة 30 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد قد نصت على ضرورة اتخاذ كل دولة طرف ، وفقا لنظامها القانوني ومبادئها الدستورية، ما قد يلزم من تدابير لإرساء أو إبقاء توازن مناسب بين أية حصانات أو امتيازات قضائية ممنوحة لموظفيها من أجل أداء وظائفهم وإمكانية القيام، عند ما تدعو الضرورة إلى ذلك، بمتابعات ومحاكمات في حقهم، وهكذا فإن الدستور المغربي وخلافا لما كان قائما بموجب القانون 04-31 المتعلق بحصانة البرلمانيين والذي سيج البرلمانيين بحصانة مطلقة، فإنه أي الدستور الجديد ، قد حصر هذه الحصانة في إبداء الرأي والتصويت ، وهو ما يعني أن جرائم الفساد لم تعد خاضعة لقواعد الحصانة المنصوص عليها ضمن القانون السالف الذكر مع ضرورة الإشارة إلى أن هناك قواعد الاختصاص الاستثنائية المطبقة في الجنايات أو الجنح المنسوبة لبعض القضاة والموظفين وهي لا ترقى إلى مستوى الحصانة وتبقى مجرد قواعد إجرائية تقتضى مراعاة شكليات وضمانات خاصة بمتابعة هذه الشريحة من الموظفين ، ليقتصر نطاق الحصانة بخصوص جرائم الفساد على الحصانة الدبلوماسية المقررة لفائدة أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي.
ومن مظاهر تشديد العقاب بخصوص جرائم الفساد المالي في التشريع الجنائي المغربي هو إقرار عقوبات جنائية تصل إلى 20 سنة والحرمان من الحقوق المدنية والوطنية إضافة إلى مصادرة الأموال المتحصلة من جرائم الفساد ولو كانت في يد الغير ) 247 القانون الجنائي( مع اعتبار إخفاء الأموال المتحصلة من هذا النوع من الجرائم جريمة غسل الأموال ولو ارتكبت خارج المغرب .
– القضاء الجنائي بمراكش وملفات الفساد المالي :
لا نتوفر على إحصائيات وأرقام بخصوص أقسام جرائم الأموال بكل من محاكم الاستئناف بالرباط والبيضاء و فاس لنجري مقارنة علمية بينها وبين قسم جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بمراكش لكنه يبدو من خلال الإحصائيات والمعطيات المتعلقة بهذه الأخيرة أن هناك وثيرة تصاعدية في عمل هذا القسم وهو ما سيتضح من خلال الإحصائيات التالية : ) انظر الوثائق(
– الحاجة إلى هيكلة قسم جرائم الأموال وتوفير شروط اشتغاله .
لا يمكن أن ننكر الجهود التي تبذل بقسم جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بمراكش وهو يتصدى لجرائم الفساد المالي وهي جهود ملموسة وقد سبق لنا أن عبرنا عن ارتياحنا بخصوص تحريك الأبحاث التمهيدية والمتابعات القضائية ضد المشتبه تورطهم في قضايا اختلاس وتبديد أموال عمومية رغم ضعف الإمكانيات المادية والبشرية ، فرغم الحديث عن وجود قسم خاص بجرائم الأموال إلا أن الواقع قد كشف بأنه ليس هناك قسم بالمعنى الصحيح للكلمة فالنائب المكلف بالنيابة العامة بقضايا الفساد المالي لا يتوفر على مكتب خاصا به مع ما يستلزمه ذلك من وجود كاف لموظفين يشتغلون تحت سلطته إضافة إلى كونه يقوم بأعمال أخرى لا علاقة لها بقسم جرائم الأموال فهو يحضر باقي الجلسات ويمارس مهام الديمومة وكل أعمال ومهام النيابة العامة كما يوجد قاض واحد يمارس مهام التحقيق بخصوص هذه الجرائم ولا يتوفر على كافة الشروط الكفيلة بمزاولة مهامه ، وأما بخصوص غرفة الجنايات الابتدائية و الإستئنافية فهي تبث في كافة القضايا إلى جانب قضايا جرائم الفساد المالي وهو ما يحول دون الفعالية المطلوبة .
الحاجة إلى التكوين والتكوين المستمر وتأهيل مختلف المصالح المتدخلة .
تختلف الجرائم المالية عن الجرائم الأخرى العادية وتتميز بتعقدها وتطور وسائل ارتكابها فهي جريمة من نوع خاص تحتاج إلى دراية خاصة والمتهمين في مثل هذه الجرائم من نوع خاص غالبا ما يتقنون أساليب التحايل على النصوص القانونية بل وفي بعض الأحيان القدرة على إتلاف الوثائق التي تشكل موضوع الجريمة .
وأمام ذلك فإنه يجب التركيز على تكوين مختلف المتدخلين والمعنيين بموضوع هذه الجرائم )قضاة، شرطة قضائية، موظفين…. الخ( من أجل تأهيلهم للتصدي لجرائم الفساد المالي .
بطء الإجراءات والمساطر يولد انطباعا سيئا لدى الرأي العام .
لا جدال في كون الجرائم المالية هي جرائم معقدة وذات طبيعة خاصة وتتطلب وقتا ومجهودا خاصا وتمحيصا لمختلف الوثائق ، إلا أن تأخير الملفات و استغراقها لوقت طويل من البحث والتحقيق والمحاكمة يولد انطباعا سيئا لدى الرأي العام بكون العدالة الجنائية تسير بوثيرتين مختلفتين وثيرة سريعة كلما تعلق الأمر بالمتهمين في قضايا الحق العام ووثيرة بطيئة إذا تعلق الأمر بالمفسدين وناهبي المال العام .
إن المطلوب اليوم هو التأسيس لسلطة قضائية مستقلة كفأة ونزيهة تقوم بدورها في التصدي للفساد ونهب المال العام والإفلات من العقاب لأن استمرار الفساد يؤدي إلى تقويض القانون والعدالة ونشر ثقافة اليأس والإحباط ويساهم في خلق تفاوت اجتماعي غير طبيعي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.