رئيس مجلس النواب يتباحث مع وفد برلماني فرنسي بالرباط        260 قتيلا على الأقل وناجٍ وحيد بين الركاب في تحطم الطائرة الهندية    ضجة بعد انتشار فيديو لحمير داخل مركز صحي.. والمندوبية توضح    بعيوي ينفي أي صلة له ب"إسكوبار الصحراء" ويصفه ب"النصاب والمبتز"    الحكومة تصادق على مرسوم لتحسين وضعية المهندسين بوزارة العدل    قافلة "الصمود" إلى غزة: انتقام مقنّع لا علاقة له بغزة    عجز الميزانية ناهز 23 مليار درهم خلال 5 أشهر    توزيع 500 سلة غذائية على العائلات الأكثر احتياجا في قطاع غزة بمبادرة من وكالة بيت مال القدس الشريف    الغلوسي: الاتهامات بالابتزاز "تسطيح للنقاش" وهروب من مواجهة الفساد    الملك محمد السادس يهنئ الرئيس بوتين    الصين تعفي المنتجات الإفريقية بالكامل من الرسوم الجمركية وتعزز شراكتها مع القارة نحو مستقبل مشترك    مصر توقف أكثر من 200 ناشط أجنبي    خدمات الاتصالات تنقطع بقطاع غزة    "لبؤات الأطلس" يثبتن بتصنيف "الفيفا"    المغرب في الموندياليتو ب31 لاعبا    الأهلي القطري يجدد الثقة في فتوحي    تقرير: الدار البيضاء ضمن قائمة 40 أفضل وجهة للمواهب التكنولوجية العالمية    بايتاس ينفي الاعتراض على إحالة قانون المسطرة الجنائية للقضاء الدستوري    "شبكة قرقوبي" تسقط في الخميسات    إسبانيا تحبط تهريب شحنة مخدرات    ربط المسؤولية بالمحاسبة… منهج الدولة لترسيخ سيادة القانون    كاظم الساهر يغني لجمهور "موازين"    رسائل تودع مؤسس "بيتش بويز" براين ويلسن    "محمد طه.. ميلاد النور حين صار ابني"    مشاكل الكبد .. أعراض حاضرة وعلاجات ممكنة    أمام لجنة ال24 التابعة للأمم المتحدة : المغرب يدين تعنت الجزائر التي ترهن العملية السياسية على حساب الاستقرار الإقليمي    ارتفاع بنسبة 7 بالمائة في كمية مفرغات الصيد البحري بموانئ الواجهة المتوسطية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    فيديو "حمارين داخل مركز صحي" يثير الجدل.. ومندوبية الصحة بالخميسات توضح    إسبانيا تُعلن إيقاف اثنين من الحرس المدني لتورطهما في قضية "نفق سبتة"    خطرٌ وشيك كان يهدد سواحل الحسيمة... وسلطات الميناء تتدخّل في الوقت الحاسم    تقرير: المغرب يقترب من امتلاك طائرات "إف-35" بعد حصوله على ضوء أخضر إسرائيلي    فاس.. "نوستالجيا عاطفة الأمس" تعيد بباب الماكينة إحياء اللحظات البارزة من تاريخ المغرب    الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني تستنكر الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن    "350 فنانا و54 حفلة في الدورة السادسة والعشرين لمهرجان كناوة الصويرة"    تحطم طائرة في الهند على متنها 242 شخصا    قانون ومخطط وطني لمواجهة ظاهرة الحيوانات الضالة بالمغرب        بنك المغرب فقد 20 مهندسا في سنتين.. والجواهري يطالب الدولة بالتدخل للحد من نهب أطرها (فيديو)        كأس العالم للأندية.. فيفا: "كاميرا الحكم" لن تعرض الأحداث المثيرة للجدل    الاتحاد الألماني للاعبي كرة القدم المحترفين يشكو فيفا للمفوضية الأوروبية    الوداد يجري أول حصة تدريبية في أمريكا تأهبا للمشاركة في كأس العالم للأندية 2025    الرباط.. انعقاد الاجتماع السنوي الخامس لتتبع اتفاقية التعاون لمكافحة الفساد في القطاع المالي    اتهامات لعمر دودوح بتحويل الحج إلى منصة دعائية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    أسعار النفط ترتفع إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من شهرين    تفشي الكلاب الضالة في الناظور: مخطط وطني لمواجهة الخطر الصحي المتزايد    المنتخب النسوي يستعد لكأس إفريقيا في تجمع بسلا من 11 إلى 19 يونيو    اجتماع طارئ .. هل بدأ لقجع يشكك في اختيارات الركراكي؟    بيان عاجل حول انقطاع أدويةاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه من الصيدليات وتأثير ذلك على المصابين وأسرهم    إمارة المؤمنين لا يمكن تفويضها أبدا: إعفاء واليي مراكش وفاس بسبب خروقات دستورية    متحور ‬كورونا ‬الجديد ‬"NB.1.8.‬شديد ‬العدوى ‬والصحة ‬العالمية ‬تحذر    السعودية تحظر العمل تحت الشمس لمدة 3 أشهر    السعودية تحظر العمل تحت أشعة الشمس لمدة ثلاثة أشهر في جميع منشآت القطاع الخاص    كأنك تراه    انسيابية في رمي الجمرات واستعدادات مكثفة لاستقبال المتعجلين في المدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسس ومرتكزات الإصلاح الديني
نشر في لكم يوم 11 - 06 - 2025

كانت أسس الإصلاح الديني في أوروبا ترتكز على وجه الخصوص على الاعتراض على "صكوك الغفران"، حيث اعتبر مارتن لوثر رائد هذه الثورة الفكرية والعقدية آنذاك أن مغفرة الله هدية مجانية منه وليست بمقابل يُعطى لبعض البشر، فانتقد بشدة تدخل رجال الدين بين الله والبشر وتنصيبهم لأنفسهم وسطاء يوزعون صكوك الغفران نيابة عن الله، كما رفض من جانب آخر السلطة المعرفية والتعليمية التي كان يحتكرها البابا باعتباره وحده من يحسم في تفسير الكتاب المقدس وفهمه، كما اعتبر لوثر الكتاب المقدس المصدر الوحيد لمعرفة الحكمة الإلهية التي لا يحتكرها أحد من البشر، أو يمارس بها تجارة أو سلطة على بقية الناس، هذا دون أن ننسى قراره الشجاع بأن سمح للقساوسة بالزواج عكس رجال الدين الكاثوليك، كما قام بخطوة جريئة بترجمة الإنجيل إلى اللغة العامية لقومه مما قرب لهم المضامين التي كان يحتكرها رجال الدين من خلال إلمامهم باللغة اللاتينية، لغة النخبة العالمة آنذاك.
هذه الخطوات الثورية رغم مرور قرون طويلة عليها (500 سنة)، إلا أنها في بلاد المسلمين ما زالت مطلوبة وبإلحاح، حيث رغم عدم وجود مؤسسة الكنيسة في الإسلام إلا أن المنظومة الدينية الإسلامية ما زالت مغلقة على التطور العلمي والمعرفي وعلى التجارب الديمقراطية لشعوب العالم، وما زال فقهاء المسلمين يعتبرون أنفسهم الوحيدين الذين يحتكرون الفهم والتفسير والتأويل للقرآن والسنة، وما زال من يناقشهم من خارج منطق الفقه القديم يعتبر معاديا للدين نفسه، وهو نفس ما حصل قبل خمسة قرون لمارتن لوثر الذي تم تكفيره من طرف الحرم الكنسي وإدانته باعتبار كتاباته نوعا من "الهرطقة" الخارجة عن القوانين المرعيّة في الإمبراطوريّة الرومانية المقدسة.
يصعب كثيرا تصور إصلاح شامل يتيح لبلدان منطقتنا النهوض والتطور، وإنجاح تجاربها الديمقراطية بدون حل معضلة الفكر الديني، الذي ما زال يعاكس كل محاولات النهوض والخروج من عصور التخلف، ليس لأنه يستمد قوته من منطقه الداخلي الذي يتصف بهشاشة كبيرة بعد الثورات العلمية والمعرفية التي شهدها العالم خلال القرنين الماضيين، بل لسببين: أحدهما اعتماد الساسة بنسبة كبيرة على جمود الفكر الديني لتبرير تردّدهم وعدم حسمهم في الاختيارات الكبرى بشجاعة، وثانيهما تخلف المجتمعات من خلال تشبثها بنموذج ماضوي لا يلائم قيم العصر الذي نحن فيه. وهذا ما يجعلنا نعتبر بأن من أهم أسباب النهوض والانعتاق القيام بعملية تفكيك لمنطق الفكر الديني التقليدي ومساءلته في قواعده التي مضى عليها زمن طويل دون أن تتغير، حيث صارت من فرط تكريسها دون نقد أو مراجعة حقيقية جزء من الدين نفسه، مما أضفى عليها قداسة وهمية.
ويمكن اعتبار أن أي إصلاح ديني في المجال الثقافي الإسلامي لا يمكن أن ينجح بدون الاعتماد على ستة خطوات ضرورية:
الترجمة من أجل تعميم المعرفة بالأصول:
ذلك لأن من أكبر أسباب تخلف الوعي الإسلامي احتكار الفقهاء لسلطة التفسير والتأويل، عبر احتكار المعرفة باللغة العربية التقليدية، مما يجعل ترجمة مضامين الكتب الدينية إلى لغات الشعوب الإسلامية، أي لغات التواصل الجماهيري، أمرا ضروريا لما يحدثه من تحرير للعقول في معرفة النصوص والإلمام بقضاياها وسياقاتها، ويمكن لوسائل التواصل الاجتماعي الجديدة أن تساعد بشكل كبير على ذلك، وهذا ما يفسر العداء الشديد الذي يناصبه الفقهاء لكل من يتحدث عن ترجمة النصوص الأصلية، أو تفسيرها بتبسيط لعامة الناس، مع بيان سياقاتها وأسبابها.
إعادة القراءة للنصوص المؤسسة ونقد القراءات السابقة:
تعد هذه الخطوة أمرا ضروريا لما أصبح بين أيدينا من وسائل علمية لفهم وتفكيك النصوص عبر إعادة قراءتها على ضوء المناهج العلمية الجديدة، وهي مناهج تظهر بسهولة مقدار هشاشة التفاسير والقراءات القديمة وعدم تماسكها المنطقي، حيث اضطر الفقهاء القدامى إلى اعتماد تفاسير وتأويلات غير مقنعة في أمور كثيرة، مستعملين آلية "الإجماع" في فرضها، ومحاربة الآراء المخالفة.
ربط النصوص بسياقاتها التاريخية:
وهذا سيساهم في نقض القاعدة الفقهية الخاطئة التي تنادي منذ 12 قرنا بأن "العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب" والتي انتهت بالمسلمين إلى الوقوع في التشدّد و تكريس نصوص لا تطابق في شيء واقعهم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي. مما يقتضي إخضاع الآراء الفقهية والمذاهب الدينية لضرورات الوقت وحاجات الواقع المتحرك.
تفكيك ضوغمائية المؤسسة ونقد السلوكات والممارسات:
وهي خطوة ضرورية نظرا لما أصبحت تمثله المؤسسات الدينية من عوائق كبيرة في طريق تطور المجتمعات وتعديل القوانين ومراجعتها من أجل رعاية مصالح المواطنين وحقوقهم الأساسية، فمؤسسة مثل "الأزهر" في مصر، أو "المجلس العلمي الأعلى" في المغرب، وقعت في أخطاء كثيرة خلال العقود السابقة أدت إلى تأخير عجلة التطور وتجميد النصوص القانونية التي كان ينبغي أن تتغير منذ عقود، ولعل كشف تلك الأخطاء التي وقعت فيها هذه المؤسسات، إلى جانب نقد أصحاب الفتاوى الفردية الذين يرتكبون الأخطاء الفادحة لا لشيء إلا بسبب العناد الإيديولوجي، يعتبر ضرورة ملحة في السياق الراهن.
أنسنة الفكر الفقهي:
وهي عملية تتم من خلال قلب نظام الأولويات بجعل الإنسان ومصلحته وكرامته هم الغاية وليس الدين في ذاته، حيث أن الإنسان هو الهدف من كل البناء الحضاري والتطور العلمي والتقني، مما يجعل الدين وسيلة في خدمة الإنسان وليس غاية في ذاته. حيث يتضح بأن السبب الرئيسي في قساوة الفكر الفقهي وعدم اكتراثه بكرامة الإنسان النساء على الخصوص هو جعله الدين غاية في ذاته، وجعل الإنسان وسيلة في خدمته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.