على ضوء الخرائط المعتمدة في التقرير العالمي للمخدرات 2025، يبرز شمال المغرب، وخاصة إقليمطنجة، كحلقة رئيسية ضمن مسار العبور إلى أوروبا بالنسبة لمخدرات الأفيونية، الهيروين والمورفين. ويُلاحظ من خلال تلك الخرائط أن التدفقات القادمة من منطقة الساحل وغرب إفريقيا تتجه عبر الجزائر والمغرب إلى أوروبا الغربية، مما يؤكد تحول المنطقة إلى مسرح مركزي في عمليات تهريب الأفيون. التقرير الصادر عن مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، يكشف عن معطيات صادمة تتعلق بتزايد استخدام المخدرات وتوسع نشاط الجماعات الإجرامية المنظمة، وهو ما يترك تبعات اجتماعية وأمنية واقتصادية وخيمة على الدول.
وبالنظر إلى المغرب، فإن موقعه الجغرافي بين أوروبا وأفريقيا يجعله على تماس مباشر مع شبكات تهريب الأفيون والكوكايين، وهو ما تؤكده الخرائط المتعلقة بتدفقات تهريب الهيروين، حيث يظهر المغرب كبلد عبور ضمن مسارات التهريب الممتدة من مصدره الرئيسي أفغانستان عبر شرق إفريقيا إلى غربها ثم شمالها باتجاه أوروبا الغربية، خصوصا عبر إسبانيا وفرنسا وبلجيكا. حيث يعد هذا التدفق نتيجة لتزايد كميات المخدرات العابرة للقارات، في وقت بلغ فيه إنتاج الكوكايين عالميا سنة 2023 مستوى قياسيا قدره 3,708 أطنان، بزيادة قدرها 34 بالمائة مقارنة بعام 2022. في ما يخص الهيروين والمورفين، تكشف خرائط أخرى من ملاحق التقرير عن وقوع المغرب في نطاق عمليات ضبط كميات كبيرة من هذه المواد بين سنتي 2021 و2024، مع تسجيل عمليات نوعية على مقربة من موانئ وسواحل المملكة أو في مناطق التماس مع أوروبا والجزائر. وفقا للبيانات الرسمية التي أوردها التقرير، فقد استُخدمت المخدرات من قبل 316 مليون شخص حول العالم في سنة 2023، أي ما يمثل 6 بالمائة من السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و64 سنة، مقارنة بنسبة 5.2 بالمائة فقط عام 2013. ويُعد الحشيش أكثر المواد استهلاكا بعدد مستخدمين بلغ 244 مليون شخص، متبوعا بالأفيونيات (61 مليون)، والأمفيتامينات (30.7 مليون)، والكوكايين (25 مليون)، والإكستازي (21 مليون). وأشار التقرير إلى أن موجات النزوح والهشاشة الاجتماعية المرتبطة بالنزاعات وعدم الاستقرار تُعد عوامل محفزة على تزايد هذا الرقم مستقبلا. وكشف التقرير أن اضطرابات استخدام المخدرات تكلف العالم ما يقارب نصف مليون وفاة سنويا، و28 مليون سنة من الحياة الصحية المفقودة نتيجة للعجز والوفاة المبكرة، كما أن شخصا واحدا فقط من بين كل 12 شخصا يعاني من اضطراب تعاطي المخدرات يتلقى علاجا ملائما. وتتضاعف خطورة الوضع مع توسع سوق المخدرات الاصطناعية، خاصة الأمفيتامينات والميثامفيتامين، إذ سجلت هذه الأنواع معدلات قياسية في المضبوطات سنة 2023، وفقا لبيانات المكتب الأممي. ويُحذر التقرير من أن المخدرات الاصطناعية تستقطب شبكات تهريب جديدة بفضل سهولة الإنتاج وانخفاض الكلفة وصعوبة الكشف عنها. وبحسب تقرير المكتب الأممي، فإن الجماعات الإجرامية المنظمة تسعى باستمرار إلى تطوير أساليبها، مستفيدة من التكنولوجيا والتكتيكات المبتكرة في إخفاء المواد ووسائل الاتصال، ما يزيد من تعقيد عمل الأجهزة الأمنية. وتقدر العائدات العالمية من تجارة المخدرات بمئات المليارات من الدولارات سنويا، ما يمنح هذه الشبكات نفوذا ماليا كبيرا يسمح لها بالتغلغل داخل المجتمعات، خصوصا تلك التي تعاني من هشاشة اقتصادية أو اجتماعية.