من المؤسف حقا أن تتم في ظل ما يروج له عن إرساء دولة اجتماعية، محاولة الإجهاز على مكتسبات الموظفين والمتقاعدين بالكنوبس حسب ما تؤكده بعض النقابات المعترضة على عملية دمج الصندوقين الاجتماعيين في بعضهما البعض،فقد عبرت نقابة "الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب" عن رفضها لمشروع القانون رقم 65.00 المتعلق بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض وبسن أحكام خاصة، مؤكدة تصويتها ضده خلال الجلسة العامة التشريعية المقبلة وقال خالد السطي المستشار البرلماني عن النقابة بمجلس المستشارين، إن النقابة ترفض قرار دمج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي واعتبر المسؤول النقابي أن دمج الصندوقين يشكل تهديدا لمكتسبات فئات واسعة من الموظفين والمستخدمين، ومساساً بمبدأ العدالة في التغطية الصحية وأكد السطي أن الحكومة لم تتجاوب بالشكل المطلوب مع التعديلات التي تقدمت بها مكونات مجلس المستشارين، وخاصة التعديلات التي تقدمت بها النقابات، وقبلت بعض التعديلات الشكلية فقط، و التي لا تؤثر في جوهر المشروع ،وأشارإلى أن النقابة تشبثت ببعض التعديلات في لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية المنعقدة الاثنين 30 يونيو 2025 ورفعتها للجلسة العامة ومعلوم أن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أيضا صوّتت ب"لا" على مشروع القانون رقم 54.23 المتعلق بتعديل وتتميم القانون رقم 65.00 بشأن التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، خلال اجتماع لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين وقد عبّرت المستشارة البرلمانية فاطمة زكاغ، عضوة المجموعة الكونفدرالية بالمجلس، بوضوح عن رفض تنظيمها النقابي لإسناد مهمة تدبير التأمين الإجباري عن المرض الخاص بالقطاع العام إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ، بدلًا من الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي واعتبرت زكاغ أن المشروع يشكل "ضربًا سافرًا" لمنهجية الحوار الاجتماعي، ويخالف مضامين اتفاق 30 أبريل 2022 واتفاق أبريل 2024، مؤكدة أن موقف الكونفدرالية ينسجم مع مواقف مكتبها التنفيذي وقرارات مجلسها الوطني، التي سبق أن عبّرت عن رفضها لتمرير ما سُمّيت "سلة قوانين اجتماعية" خارج إطار التوافق ثلاثي الأطراف الدولة الاجتماعية،هل هي مجرد شعار للاستهلاك الخارجي؟ وإلى ذلك،أكد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، من جهته،على فشل حكومة عزيز أخنوش على كافة المستويات، وإنها تخدم مصالح أصحاب المال عبر شعارات اجتماعية ظاهريا،واعتبرفي كلمة له خلال انعقاد اللجنة المركزية لحزبه أن من السمات المميزة للحكومة الحالية؛ الضعف السياسي، والاستعلاء، وادعاء الإنجاز غير المسبوق وهو ادعاء يفنده الواقع، كما أنها تتهجم بشراسة على كل صوت منتقد ومعارض، سواء كان حزبا أو إعلاما أو برلمانا أو مؤسسات الحكامة وأشار إلى أن الحكومة تعتمد توجها يصطف وراء اللوبيات والمصالح الاوليغارشية، وهو ما يظهر في السياسات العمومية المتبعة، حيث إنها تقدم شعارات ظاهرها اجتماعي، لكنها في العمق تخدم مصالح حفنة من لوبيات المال. كما أن الحكومة التي ترفع شعارات الدولة الاجتماعية، فشلت اجتماعيا، حسب ذات المتحدث، حيث تقمصت شعار الدولة الاجتماعية وأفرغته من أي محتوى حقيقي، فلا هي وسعت الطبقة الوسطى ولاهي أخرجت مليون أسرة من الفقر والهشاشة، بل إن الأرقام الرسمية تبين أن أزيد من ثلاثة ملايين شخص انزلقوا للفقر والهشاشة وأشار إلى أن 50% من نفقات الصحة تخرج من جيوب المواطنين، وجل أموال الدولة في التعويض عن المرض تذهب للمصحات الخاصة التي تتناسل بسرعة، منبها إلى أن المستشفى العمومي هو العمود الفقري للنظام الصحي، كما حال المدرسة العمومية في النظام التعليمي الذي يعاني هدرا مستمرا وأكد الأمين العام لحزب "الكتاب" أن القدرة الشرائية اهتزت بقوة، والمغاربة يئنون،رغم التراجع الطفيف واستقرار التضخم، حيث إن الأسعار استقرت في مستويات عالية، وحذر من تقديم صورة جميلة في وقت هناك مشاكل أساسية الدولة الاجتماعية ليست عكازا للرأسمال وللاحتكار وهنا يقول عبد السلام الصديقي وزير التشغيل الأسبق في مقال له نشره موقع مدار 21 بتاريخ 28 يناير 2023 أن الدولة الاجتماعية لا يمكن أن تكون الآلة الطيعة لمصالح الطبقة المهيمنة، أو عكازا للرأسمال، ودولة للاحتكارات أو "مجلس إدارة" للبرجوازية، كما عبر عن ذلك كارل ماركس. إنها أيضا وبصفة أقوى تعبير للتناقض الرئيسي بين تشريك القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج الرأسمالية. فالتشريك الدولتي والعمومي للإنتاج والاستهلاك يحتوي في ثناياه جذور التناقض الرئيسي مع منطق التراكم الخاص للرأسمال. وهكذا فمفهوم "الضمان الاجتماعي" كما تم وضعه من قبل مؤسسيه يقتضي وجود بنك اجتماعي غير خاضع للسوق، والذي لا يحول الاشتراكات المقبوضة إلى رأسمال قابل للتراكم، بل على العكس، يقوم بتوزيعها على المؤمنين والمرتفقين. وهكذا يشكل الضمان الاجتماعي نوعا من تجاوز العلاقة الأجرية الرأسمالية، والقطيعة بين الاجتماعي والاقتصادي، مادام هذا البنك الاجتماعي غير السلعي لا يستثمر ولا يضارب في الاشتراكات التي تم تجميعها. بل يوزعها على المستفيدين، ليس بحسب عمل كل واحد، ولا بحسب اشتراكه (وبالتالي حسب دخله)، ولكن حسب تعضيد مساهمات المأجورين وأرباب العمل، في اتجاه تضامني للمخاطر الاجتماعية. الحماية الاجتماعية هي بمثابة ميثاق أساسي في البلدان المتحضرة. فهي تعبر عن التضامن بين النشيطين والمتقاعدين، بين المرضى ومن هم في صحة جيدة، بين المأجورين والعاطلين.وللقيام بهذه المهمة يجب على الدولة الاجتماعية، بغض النظر عن إحساسات ممكنة، أن تتمتع باستقلالية نسبية تمكنها من تجاوز المصالح الفئوية المختلفة. وهذا هو المعنى الذي أعطاه التقرير الخاص بالنموذج التنموي الجديد "لدولة قوية". الدولة القوية هي الدولة العادلة، هي دولة الحق والقانون عبدالفتاح المنطري كاتب صحفي