حذرت مؤسسة وسيط المملكة من أن الاختلالات التي تعرفها الإدارة والسياسات العمومية، والحكومية لا سيما المتعلقة بالحماية الاجتماعية، قد تؤدي إلى توترات اجتماعية، خاصة وأن شكايات المواطنين لم تعد ذات بعد فئوي فقط، بل بات هناك تقدير جماعي لوجود حالة اختلال إداري تمس مباشرة بمبادئ العدل والإنصاف. وقالت المؤسسة في تقريرها عن سنة 2024 إن إمكانية الانتقال من التوترات المرفقية إلى التوترات الاجتماعية تبقى فرضية قائمة، تستند إلى سهولة الولوج إلى الفضاء العمومي، وإلى الإمكانات التي تتيحها وسائط التواصل لبناء القضايا العمومية.
وأضافت أن قابلية الانتقال من لحظة التوترات المرفقية" إلى لحظة "التوترات الاجتماعية" تبقى مرتبطة بشكل واضح ببعض الاختلالات التي تتجاوز منطق معادلة المرتفق مع الإدارة إلى معادلة المواطن مع السياسات وهي اختلالات لا تنبع من عجز في الرضا عن الخدمة العمومية فحسب، بل من عجز أعمق في الرضا عن الأداء العمومي في كليته. وعلى خلفية توسع أفق الدولة الاجتماعية وتعقيد رهانات الفعل العمومي، رصد التقرير بروز جيل جديد من الاختلالات، تتقاطع فيه ثلاثة أنماط رئيسية، وهي توترات ناتجة عن إدارة السياسات العمومية والبرامج الحكومية، وتوترات مرتبطة بإدارة سياسات الحماية الاجتماعية، وتوترات ناجمة عن تدبير المخاطر الكبرى. ومن هذا الإطار، تتخذ التوترات المرفقية اليوم دلالة استباقية تنبه إلى عمق التحولات الجارية في العلاقة بين الدولة والمجتمع، وإلى الحاجة إلى مواكبة هذا المسار بفعل عمومي أكثر عدلا ونجاعة وإنصافا، يعيد رسم أفق العلاقة بين الإدارة والمواطن. ونبه الوسيط إلى أن زمن الوساطة، في بعض الحالات يكون لاحقا على اندلاع الحركات الاجتماعية، ويطرح كأحد مخارجها الممكنة، أو يسير زمن الوساطة والحركة الاجتماعية في مسار متواز، أو يظهر في حالة ثالثة، كمؤشر على إرهاصات توتر لم يتحول بعد إلى دينامية اجتماعية. ولفت ذات المصدر إلى أن التفكير في التوترات المرفقية لا يعني استحضار البعد الجماعي في تقدير وجود حالة مس بمبادئ العدل والإنصاف فحسب، بل يتصل كذلك بتطورات الظاهرة الاجتماعية، وبالقدرة المتنامية للفاعلين الجدد، من تنسيقيات وتعبيرات فئوية وحركات اجتماعية، على تعبئة موارد تنظيمية وتواصلية وخطابية، انطلاقا من استثمار اختلالات الأداء العمومي وتحويلها إلى توترات اجتماعية. وارتباطا بذات الموضوع، سلط التقرير الضوء على جملة من الاختلالات التي تعرفها السياسات العمومية بما فيها التغطية الصحية والدعم الاجتماعي وإعادة الإيواء وبرامج الشغل مثل "فرصة، فضلا عن اختلالات الحكامة وغيرها، وهو ما يزيد من حالة التوتر خاصة مع اللايقين المتزايد إزاء الأداء العمومي.