التأمت الدورة 101 للجمعية العامة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أمس الخميس بمقر المجلس بالرباط، مسلّطة الضوء على تيمة الوساطة المؤسساتية: الرهانات والفرص التنموية للجمعية وكذا الأدوار التي تطلع بها مؤسسة وسيط المملكة كأحد المداخل الأساسية التي يمكن أن يرتكز عليها النموذج التنموي الجديد. وألقى وسيط المملكة، محمد بنعليلو في معرض مداخلته الضوء الكاشف على ثلاثة أبعاد، البعد الأول حول مؤسسة وسيط المملكة: السياق، والدلالات الرمزية والبعد الثاني سلّط الضوء على مؤسسة وسيط المملكة، الاختصاصات والرهانات المستقبلية والفرص المتاحة، بينما تناول البعد الثالث علاقة مؤسسة وسيط المملكة بأهداف التنمية المستدامة.
واعتبر أن إحداث "مؤسسة وسيط المملكة"، يبقى محكوما بسياق تاريخي لصيق بفلسفة ولاية المظالم، تجسدَ مؤسساتيا عبر محطات متتالية، عكست التمسك الراسخ والمتبصر بالموروث الحضاري الوطني، مع مراعاة البعد الحداثي العصري وما تفرضه متطلبات التطور المؤسساتي في مجال حماية الحقوق وضمان الحريات، قبل أن يكشف بالقول: "نحن أمام مؤسسة تشكل في جوهرها، تعبيرا عن انخراط واع في دينامية إصلاحية مستمرة انطلقت من "ديوان المظالم" كمؤسسة وطنية، لتصل إلى "الوسيط" كمؤسسة دستورية، تعكس توجها جديدا، يعبر عن مرحلة تملك جماعي للآليات الحقوقية الوقائية، ويتطلع نحو فضاء حكامة الحقوق المرفقية، بالمساهمة في صنعها وبلورتها ابتداء، وبالعمل على دعمها عندما تتبناها الإدارة، في تمسك جلي بالتقاليد الوطنية والموروث الثقافي كمشترك عام".
وأشار إلى أن المؤسسة المذكورة منذ إحداثها، أراد لها الملك محمد السادس، ألا تكون مجرد جهاز معزز للأجهزة المكلفة بحماية حريات المواطنين فقط، وإنما مؤسسة كفيلة بتقويم الاختلالات وردع الانتهاكات التي قد تمس حقوقهم، مؤسسة تجسد بدورها حرص الملك على تنمية تواصل الإدارة مع المواطن في التزام تام بضوابط سيادة القانون والإنصاف.
وعرج على الدلالات الرمزية لإحداث مؤسسة الوسيط وهو يقف عند الدلالة الحقوقية والدلالة الدستورية في تأكيد منه على أن إحداث مؤسسة الوسيط، يعدّ ترجمة واضحة لانخراط المغرب في الأوراش الإصلاحية الكبرى مؤسساتيا وحقوقيا، ولبنة من لبنات إرساء نموذج المشروع المجتمعي القائم على توفير المزيد من الضمانات لحماية الحقوق والحريات، على قاعدة مبادئ العدل والانصاف، بما يسمح بالوقوف على الاختلالات الإدارية، والنهوض بالحكامة المرفقية باعتبارها ضرورة تفرضها مستلزمات البناء الديموقراطي والتنموي.
وأكد أن الدلالة الدستورية تتمثل بجلاء في دسترة مؤسسة الوسيط، مما خولها، حسب تعبيره، صلاحيات مهمة، وعزّز مكانة تدخلها، وقوّى من دورها في مجال إحقاق الحقوق ورفع المظالم، وتتبع السياسات العمومية في تدبيرها لقضايا المواطنين.
وأوضح أن المتتبع للنقلة الدستورية التي عرفتها المؤسسة في صيغتها الحالية، يدرك، أن هذه النقلة جسدت الاستجابة الواعية لمتطلبات مواكبة النموذج الاسترشادي للوساطة المؤسساتية عبر العالم، وهو ما جعل المؤسسة مستجيبة لمبادئ باريس، ومتلائمة مع مبادئ البندقية، متجاوزة في نقاشاتها منطق الملاءمة إلى منطق الفعالية.
وأفصح أن المؤسسة أصبحت رقما فاعلا في معادلة التنسيق والتشاور بين المؤسسات النظيرة حول الممارسات الجيدة، من خلال تواجدها ضمن الشبكات الدولية والإقليمية ذات الأهداف المماثلة، كما لم يفته أن يقف في المحور الثاني عند البعد المتعلق بمؤسسة وسيط المملكة من زاوية الاختصاصات والرهانات المستقبلية والفرص المتاحة.
وأقرّ أن مؤسسة الوسيط تسعى بشكل أو بآخر إلى الخروج من نمطية الصورة المتصلة بها كمكتب للشكايات (التلقي والمعالجة)، إلى المساهمة في تحقيق أهداف التنمية، بالعمل على ألا تكون القوانين منتجة للحيف سواء في منطوقها أو في تطبيقها، وبالسعي إلى تطوير منظومة الحكامة التي تمثل عمادا من أعمدة التنمية، لتأثيرها المباشر على الحياة العامة للمواطنين.