دعت الجمعية المغربية لحماية المال العام ما وصفته ب "عقل الدولة" للتصدي إلى انحرفات زواج السلطة والمال، وجنوح وزرائها لخنق حقوق الدفاع وشروط المحاكمة العادلة، وذلك على إثر رفض المحكمة الدستورية لمجموعة من المواد الواردة في قانون المسطرة المدنية ومنها المادة 17. وأوضح رئيس الجمعية محمد الغلوسي أن المحكمة الدستورية بقراراها تقول إن الحكومة ليست هي الدولة، لأن الأخيرة هي الحريصة على احترام الشرعية الدستورية والمكتسبات الحقوقية، والقواعد القانونية والقضائية المتأصلة منذ عقود من الزمن، والتي لايمكن العبث بها إرضاء لتطلعات نخبة سياسية تطمح إلى إغلاق كل الأقواس والنوافذ التي ينبعث منها شعاع الضوء والأمل.
وأضاف في تدوينة على فايسبوك : "هي صفعة في وجه حكومة يتقن وزراؤها التنطع والتهريج والصراخ الفارغ، وزراء حين يتكلمون تشعر أنهم لايفقهون في القانون ولا في السياسة، ولكن يجيدون جيدا تهديد المغاربة والاستقواء على الضعفاء، وتوظيف البرلمان للتشريع لحفنة من المستفيدين من واقع الفساد والريع والاثراء غير المشروع". وتابع " لذلك نجد اليوم حكومة الأوليغارشية المالية تتردد في إحالة مشروع قانون المسطرة الجنائية على المحكمة الدستورية، خوفا من أن ترتد نصوصها ضد رغبتها السياسية في إغلاق الحقل المدني، وتجريم التبليغ عن الفساد وحماية زبنائها المتورطين فن نهب المال العام واستغلال مواقع المسؤولية لمراكمة الثروة". وطالب الغلوسي بإحالة مشروع قانون المسطرة الجنائية على المحكمة الدستورية، معتبرا أنها ستقضي بعدم دستورية المادتين 3 و7 على الأقل من هذا المشروع، لأنهما تشكلان عنوانا واضحا لاستغلال البرلمان من طرف نخبة ريعية فاقدة للمصداقية، لتحصين لصوص المال العام والتشريع لفائدتهم لتحصينهم من المساءلة والرقابة المجتمعية، في انتهاك سافر لدور المجتمع المدني في تقييم السياسات العمومية المضمون دستوريا، وبمقتضى اتفاقية الاممالمتحدة لمكافحة الفساد التي صادق عليها المغرب ونشرت في الجريدة الرسمية. ورفضت المحكمة الدستورية مجموعة من المواد الواردة في قانون المسطرة المدنية، منها المادة 17 التي أثارت جدلا كبيرا، بمنحها للنيابة العامة حقا مطلقا لهدم حجية الأحكام القضائية النهائية دون تقييدها بأية آجال، إلى جانب رفضها للمادتين 107 و 364 اللتين تمنعان الدفاع من التعقيب عن مذكرات ومستنتجات المفوض الملكي في انتهاك واضح وصريح لحقوق الدفاع المكرسة كونيا ودستوريا وقضائيا.