تشن السلطات الأمنية حملة واسعة على الدراجات النارية، التي تم تعديلها بشكل غير قانوني لرفع سرعتها القصوى، حيث تم حجز مئات الدراجات على الصعيد الوطني، في عمليات خلفت استنكارا واسعا. وخلفت الحملة دعوات من طرف أصحاب الدراجات النارية للبقاء في البيت، في حين يتم تداول دعوات أخرى لتنظيم احتجاجات متزامنة بمختلف المدن، ناهيك عن تدوينات لنشطاء يستغربون فيه من "عبثية" هذه الحملة.
ودخلت فاطمة التامني النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي على خط القضية، بعدما وجهت سؤالا كتابيا لوزير النقل واللوجستيك، انتقدت فيه وجود تناقض صارخ ومقلق في هذه الحملة. وأوضحت أنه "في الوقت الذي تسمح فيه المصالح المختصة باستيراد وتوزيع وبيع هذه الدراجات في السوق الوطنية، والتي قد تكون خصائصها التقنية غير مطابقة للقانون أو يسهل التلاعب بها، نجد أن المواطن الذي يقتنيها بحسن نية هو من يتحمل وحده عبء هذه المخالفة، ويواجه العقوبات القاسية وآثارها على رزقه اليومي". وقالت التامني إن هذا الوضع يطرح تساؤلات جدية حول غياب التنسيق بين القطاعات الحكومية المعنية، وحول منطق تحميل المواطن مسؤولية إشكاليات تقع في الأصل على عاتق المستوردين والموزعين وجهات المراقبة القبلية، وبالتالي تستمر هذه الحكومة في سياستها المعتادة، بالمحاسبة الصارمة للضعفاء والتسامح مع الأقوياء اقتصاديا. ولاحظ السؤال أنه في الآونة الأخيرة تم تكثيف عمليات المراقبة الطرقية التي تستهدف الدراجات النارية ذات سعة 49 سنتيمتر مكعب، استنادا إلى مقتضيات القانون رقم 52.05 المتعلق بمدونة السير على الطرق، خاصة تفعيل الفصل 157، وقد صاحب هذه العمليات فرض عقوبات زجرية مشددة، تشمل غرامات مالية باهظة تتراوح بين 5.000 و30.000 درهم. وقد تصل إلى الحبس ومصادرة الدراجة، وذلك عبر ادغخال جهاز قياس السرعة (speedometre) أثناء عملية المراقبة. وتوقفت البرلمانية على الدور الحيوي الذي تلعبه هذه الدراجات كوسيلة نقل أساسية وأداة عمل لا غنى عنها لشريحة واسعة من المواطنين، خاصة فئة الشباب والعاملين في قطاع التوصيل والخدمات، حيث تمثل مصدر رزقهم الوحيد في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. وساءلت التامني الوزير عن غياب أي حملة تواصلية أو تحسيسية وطنية واسعة ومسبقة، تهدف إلى توعية المواطنين بهذه المقتضيات التقنية المعقدة، وإرشادهم إلى مساطر تسوية وضعية دراجاتهم، قبل الشروع في تنفيذ مقاربة زجرية مفاجئة، مما وضع آلاف المواطنين في حالة من الارتباك وأثر سلبا على استقرارهم الاجتماعي والاقتصادي. ودعت التامني إلى الكشف عن الإجراءات والتدابير الملموسة التي قامت بها وزارة النقل لإطلاق حملة تحسيسية وتوعوية وطنية واسعة النطاق ومسبقة، تستهدف مستعملي الدراجات النارية من فئة 49 سم مكعب، لشرح المقتضيات التقنية والقانونية الجديدة قبل الشروع في عمليات المراقبة الزجرية. كما ساءلت النائبة الوزيؤ حول تتوفر الوزارة على دراسة لتقييم الأثر الاجتماعي والاقتصادي لهذه الإجراءات على فئة الشباب، خاصة العاملين في قطاع التوصيل الذين يعتمدون على هذه الدراجات كمصدر رزق أساسي، وعن التدابير المواكبة التي من المزمع اتخاذها للتخفيف من حدة هذه التداعيات. وطالبت التامني بتفسير التناقض القائم بين سماح المصالح المختصة للجمارك، ووزارة الصناعة والتجارة باستيراد وتسويق دراجات نارية يتم التلاعب بخصائصها التقنية، وبين معاقبة المواطن الذي يقتنيها بحسن نية، مع استفسارها حول مدى وجود آليات التنسيق بين وزارة النقل وباقي القطاعات الحكومية لمعالجة هذه الإشكالية من منبعها ومساءلة المستوردين والبائعين. ودعت التامني إلى مراجعة هذه المقاربة الأمنية أحادية الجانب، وتبني استراتيجية شمولية توازن بين متطلبات السلامة الطرقية وضرورة حماية القدرة الشرائية ومصادر عيش الفئات الهشة مع التركيز على مراقبة سلسلة الاستيراد والتوزيع بشكل صارم.