أطلق المغرب نهاية عام 2024 تجربة هي الأولى من نوعها في البلاد باستخدام ألواح شمسية عائمة فوق سطح سد وادي الرمل المرتبط بميناء طنجة المتوسط، في مسعى يجمع بين توليد الطاقة النظيفة وتقليص معدلات تبخر المياه في ظل موجة جفاف غير مسبوقة منذ أكثر من أربعة عقود. المشروع يقوم على تركيب أكثر من 400 منصة طافية تحمل نحو 22 ألف لوحة شمسية مقاومة لتقلبات الطقس ومشدودة بحبال تصل إلى عمق 44 متراً. وعند اكتماله، ستغطي هذه الألواح مساحة تقدر بنحو عشرة هكتارات من إجمالي 123 هكتاراً تمثل المساحة السطحية للسد.
وتشير التقديرات إلى أن القدرة الإنتاجية للمشروع ستبلغ نحو 13 ميغاواط، وهو ما يكفي لتلبية جزء مهم من احتياجات ميناء طنجة المتوسط من الكهرباء. كما يُنتظر أن يخفض معدل تبخر المياه بنسبة تصل إلى 30 في المئة، أي ما يعادل نحو 1.2 مليون متر مكعب سنوياً، وهو ما يوازي تقريباً واحداً في المئة من احتياجات مدينة طنجة التي يقطنها أكثر من 1.5 مليون نسمة. وبحسب الخبراء، فإن المشروع يحقق ميزة مزدوجة تتمثل في حماية الموارد المائية وتوليد طاقة نظيفة بكفاءة أكبر، حيث يساعد الماء في تبريد الألواح وتحسين مردوديتها مقارنة بالمنشآت الأرضية. تأتي هذه التجربة في وقت يواجه فيه المغرب ضغوطاً متزايدة على موارده المائية بسبب تغير المناخ وتراجع التساقطات. وتشير بيانات وزارة التجهيز والماء إلى أن حجم التبخر في السدود المغربية يصل إلى ثلاثة آلاف متر مكعب يومياً في المتوسط، وقد يتجاوز سبعة آلاف متر مكعب خلال أشهر الصيف. وإلى جانب مشروع طنجة المتوسط، تجرى دراسات لتوسيع التجربة إلى سدود أخرى مثل سد تكركوست قرب مراكش وسد وادي المخازن شمالي البلاد. كما تراهن الرباط على خطط موازية تشمل توسيع محطات تحلية مياه البحر لرفع الإنتاج السنوي من 320 مليون متر مكعب حالياً إلى 1.7 مليار متر مكعب بحلول 2030. ويُنظر إلى هذا المشروع كخطوة ريادية في شمال إفريقيا، إذ يدمج التكنولوجيا الحديثة بمكافحة آثار التغير المناخي على المياه والطاقة. غير أن تحديات مرتبطة بالتضاريس وتقلب مستويات المياه قد تعيق تعميم هذه التجربة على نطاق واسع. ومع ذلك، يرى خبراء الطاقة والمياه أن الاستثمار في مثل هذه الحلول ينسجم مع التزامات المغرب في مجال الانتقال الطاقي، ويعزز مكانته كأحد الفاعلين البارزين في مجال الطاقات المتجددة على المستوى الإقليمي.