رغم مرور يومين على إعلان حركة حماس موافقتها على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ودعوته العلنية لوقف فوري للقصف، تواصل إسرائيل تنفيذ ضرباتها الجوية على قطاع غزة، مخلفةً عشرات القتلى في صفوف المدنيين. وقالت مصادر طبية في غزة إن ما لا يقل عن 36 شخصاً قُتلوا منذ مساء الجمعة، بينهم أطفال ونساء، في غارات استهدفت مناطق سكنية ومخيمات للنازحين في مدينة غزة وخان يونس ورفح.
ووفقاً لوزارة الصحة في غزة، تجاوز عدد القتلى منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023 67 ألفاً، فيما تشير تقارير دولية إلى إصابة أكثر من 170 ألف فلسطيني بجروح متفاوتة. وتشير التقديرات إلى أن نحو ثلث الضحايا من الأطفال، في حين تشكل النساء نسبة كبيرة من القتلى والمصابين، وسط انهيار كامل للمنظومة الصحية. وبعد عامين من الحرب، تبدو غزة مدينة مدمرة بالكامل تقريباً. فبحسب الأممالمتحدة، تضرر أو دُمر نحو 78 في المئة من مباني القطاع، وارتفعت كميات الركام إلى أكثر من 60 مليون طن. كما تؤكد منظمة الصحة العالمية أن 94 في المئة من مستشفيات غزة تعرضت لأضرار جسيمة أو خرجت عن الخدمة، فيما يعيش نحو 1.9 مليون نازح – أي أكثر من 85 في المئة من سكان القطاع – في خيام أو ملاجئ مؤقتة وسط نقص حاد في الغذاء والمياه والدواء. وتفيد تقارير أممية بأن أكثر من 90 في المئة من المدارس لحق بها ضرر كبير جراء القصف، كما طالت الغارات مئات المساجد والكنائس والمستشفيات، ما جعل القطاع يواجه واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث. سياسيًا، أعلن ترامب الجمعة أن إسرائيل وافقت على "خط انسحاب أولي" من داخل غزة، مؤكداً أن الهدنة ستبدأ فور تأكيد حماس التزاماتها. غير أن الغارات الإسرائيلية استمرت، بينما يسعى الوسطاء في القاهرة وقطر إلى استئناف المحادثات. وفي إسرائيل، يتعرض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لضغوط داخلية من اليمين المتشدد لعدم وقف الحملة العسكرية، مما يعمق الشكوك بشأن جدية التوجه نحو إنهاء الحرب. ومع اقتراب الذكرى الثانية لبدء الحرب، يبدو مستقبل غزة غامضًا أكثر من أي وقت مضى. فاستمرار القصف رغم الدعوات الدولية لوقف النار، وانهيار الخدمات الحيوية، وغياب الثقة بين الأطراف، يجعل أي حديث عن تسوية أو إعادة إعمار مشروطًا بضمانات واضحة لم تُقدَّم بعد.