تنسيقية نسائية تطالب بالتعجيل بإقرار إصلاح جذري وشامل لمدونة الأسرة    الخزينة.. توقع بلوغ حاجيات التمويل 38,4 مليار درهم بحلول متم 2025    تمديد طلبات اعتماد الصحافيين لتغطية كأس إفريقيا للأمم بالمغرب 2025    الاهتمام العالمي بكأس إفريقيا بالمغرب يدفع "الكاف" إلى تمديد فترة اعتماد الصحفيين    اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الثاني عشر .. بوزنيقة، 17 – 19 أكتوبر 2025 : وثيقة حول المغاربة المقيمين بالخارج    مؤشر مازي يرتفع ببورصة الدار البيضاء    إسرائيل تنشر قائمة 250 معتقلاً للإفراج    بوعياش تدعو لتحويل الإرادة السياسية لإلغاء الإعدام إلى فعل تشريعي    كأس العالم لأقل من 20 سنة.. المنتخب المغربي يضرب موعدا مع أمريكا في الربع النهائي    بدء بيع تذاكر مباراة المغرب والكونغو    عروض سينمائية للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب    فرقة أكنول تقدم عملها المسرحي الجديد «حلم ليلة سفر»    مناظر المغرب تُنعش نسب مشاهدة المسلسل التركي "الخليفة"    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    مونديال الشباب: وهبي يؤكد أن مجهودات اللاعبين والتزامهم يقوي حظوظ الفوز    فعاليات مدنية تطالب بتكريم المخرج الراحل محمد إسماعيل ابن تطوان    إسرائيل تبدأ الانسحاب من أجزاء من غزة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار    مركز حقوقي يطالب الحكومة المغربية بالتدخل لإطلاق سراح معتقلي أسطول غزة    نقابة تستنكر "التدهور المقلق" للخدمات الصحية بجهة سوس ماسة وتوجه اتهامات للوزارة    من هي ماريا كورينا ماتشادو الفائزة بنوبل للسلام؟    ارتفاع أسعار الذهب للأسبوع الثامن على التوالي    المغرب يحبس أنفاسه.. في انتظار خطاب الملك!    فوز زعيمة المعارضة الفنزويلية كورينا ماتشادو بجائزة نوبل للسلام    فوز زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو بجائزة نوبل للسلام 2025    متشرد ينهي حياة تلميذ بتازة    أرفود تستعد لاحتضان الدورة 14 للملتقى الدولي للتمر بالمغرب    هل تُعاقَب فجيج لأنها تحتج؟    قرار يثبّت سعر بيع "الدقيق المدعوم"    زلزال عنيف بقوة 7.4 درجات يضرب جنوب الفلبين وسط تحذيرات من وقوع تسونامي    حركة منشقة عن البوليساريو تدعو المجتمع الدولي لدعم الحكم الذاتي بالصحراء    ولاية أمريكية تنفذ أول إعدام منذ 15 عاماً بحق مدان باغتصاب وقتل مراهقة    الزعيمة الفنزويلية ماريا ماتشادو تفوز بجائزة نوبل للسلام لعام 2025    المنتخب المغربي يعادل رقم إسبانيا وألمانيا القياسي ب 15 انتصارا متتاليا    محكمة ألمانية تنظر في دعوى جماعية ضد "ميتا" بعد تسريب بيانات    بروكسل تطلب معلومات من منصات إلكترونية بشأن حماية الأطفال    "مؤسسة منتدى أصيلة" تصدر كتابا تكريما لمحمد بن عيسى تضمن 78 شهادة عن مسار الراحل    مهرجان فيزا فور ميوزيك يكشف عن برنامج دورته الثانية عشرة    تفاصيل فرار متهم أثناء إعادة تمثيل جريمة قتل بطنجة    تواصل ارتفاع أسعار الأسماك والخضر والفواكه يزيد من إنهاك القدرة الشرائية للمغاربة        أشبال الأطلس يطيحون بكوريا ويتأهلون بجدارة إلى ربع نهائي المونديال    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    أزمة في مركز تحاقن الدم بتطوان بسبب تراجع مخزون الأكياس الحيوية    انتشال جثة مهاجر جديدة من مياه سبتة    من طنجة إلى "الأطلسي الإفريقي" .. نحو ميثاق للوعي البحري المشترك            القصر الصغير.. البحر يلفظ كميات ضخمة من "الشيرا" واستنفار أمني لتتبع خيوط شبكة دولية    أطعمة شائعة لا يجب تناولها على معدة خاوية    دراسة: الجسيمات البلاستيكية الدقيقة تغير أعداد البكتيريا المعوية النافعة    لأول مرة في العالم .. زراعة كبد خنزير في جسم إنسان    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    أردني من أصل فلسطيني وياباني وبريطاني يفوزون بنوبل الكيمياء    دراسة: النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بسبب عوامل وراثية    عنوان وموضوع خطبة الجمعة القادمة    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تُعاقَب فجيج لأنها تحتج؟
نشر في العرائش أنفو يوم 10 - 10 - 2025

بقلم: عبد الحفيظ بوبكري – باريس
عبد الحفيظ بوبكري
تعيش واحة فجيج، أقصى الشرق المغربي، حالة غير مسبوقة من التهميش والإقصاء، أثارت استغراب ساكنتها ومتابعي الشأن المحلي بعدما غابت عن مؤتمرات وطنية ودولية تعنى أساسًا بمستقبل الواحات المغربية، وفي مقدمتها المؤتمر الدولي السادس حول الأمن المائي والسيادة الغذائية الذي احتضنته مدينة ورزازات يومي 29 و30 يونيو 2024، من تنظيم المركز الدولي للواحات والمناطق الجبلية.
ورغم أن فجيج تُعد من أهم الواحات المتضررة من الجفاف والإجهاد المائي، فإنها لم تُدرج ضمن قائمة المشاركين، لا من طرف المؤسسات المنتخبة ولا من ممثلي المجتمع المدني، ولا حتى حضور رمزي باسمها في الجلسات العامة.
سؤال الإقصاء تكرّر أيضًا في اللقاء الجهوي المنظم بوجدة حول تحديات الجفاف في جهة الشرق، حيث تم الحديث عن اندثار واحات المنطقة دون أن يكون لفجيج نصيب من المنصة أو المداخلة.
الإقصاء لم يعد مقتصرًا على المؤتمرات، بل امتد إلى المجال الثقافي.
فقد تم نقل مهرجان فنون الواحات من فجيج إلى بوعنان، وهو المهرجان الذي كان يُفترض أن يكون مناسبة لإبراز الموروث الفني والثقافي الفجيجي، قبل أن يُسحب منها دون تبرير واضح، في خطوة فُهمت محليًا على أنها "رسالة تهميش إضافية".
كما تم استبعاد فجيج من برامج الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجرة الأركان، رغم الوضع البيئي الحرج الذي تعيشه ومن مشاريع مجلس جهة الشرق الخاصة بكهربة العالم القروي والمناطق الحدودية، رغم أنها تُعتبر من أكثر المناطق هشاشة من حيث البنية التحتية.
اما يوم25 يوليوز من السنة الماضية عدم تنقل وزير الصحة إلى فجيج والاكتفاء بتدشين مستشفى القرب المذكور عن بعد ، الشيء الذي خلق وجعا كبيرا لدى الساكنة التي رأت فيه عدم احترام لها ولمشاعرها الوطنية والتنموية. بالإضافةلا مقالع رمال تشتغل
لا أوراش بناء مفتوحةولا يد عاملة محلية تُشغّل كما في السابق. كل ذلك جعل من الواحة فضاءً صامتًا، كأنها تحت حصارٍ غير معلن في وقتٍ تتفاقم فيه البطالة وتُغلق أبواب الرزق أمام مئات الأسر.
يرى متتبعون أن هذا الإقصاء الممنهج قد يكون مرتبطًا باحتجاجات سكان فجيج قبل أشهر ضد ما اعتبروه "تفويتًا غير عادل" لمواردهم المائية لصالح شركة "الشرق للتوزيع". فمنذ تلك الوقفة الاحتجاجية التي طالبت بحماية مياه الواحة، تسود قناعة لدى عدد من الأهالي بأن المدينة تُعاقَب بصمت، عبر تغييبها عن كل المبادرات التي تمس مستقبل الواحات أو مشاريع التنمية المجالية.
ومع أن الاحتجاجات كانت سلمية ومؤطرة بمطالب اجتماعية مشروعة، فإن ردود الفعل الرسمية اتسمت بالتجاهل، بل وبالابتعاد المتعمد عن إشراك الواحة في النقاش الوطني حول الأمن المائي.
وفي دورته العادية لشهر أكتوبر، صادق مجلس جهة الشرق على عدة مشاريع تهم الطرق، والكهرباء والبنية التحتية الشبابية بجماعات إقليم فجيج إلا جماعة فكيك، وهو ما يطرح تساؤلات حول نية بعض الجهات في تحويل فجيج إلى منطقة "منسية"، بعد أن كانت لعقود رمزا للصمود والعيش المشترك على تخوم الصحراء الشرقية.
فجيج ليست مجرد بلدة حدودية متاخمة للجزائر، بل هي واحدة من أقدم الواحات المغربية، ذات تاريخ طويل في الزراعة الواحية والنخيل والتبادل الثقافي.
اليوم، تجد نفسها خارج خرائط التنمية، رغم موقعها الجيوسياسي الحساس، ورغم أن الحفاظ عليها يكتسي بعدًا وطنيًا يتعلق بالسيادة الترابية والبيئية.
يقول أحد الفاعلين المحليين إن ما يحدث "ليس صدفة، بل سياسة صامتة تُقصي فجيج من كل شيء: من الماء، من المهرجانات، ومن المؤتمرات، و…".
ويضيف: "الواحة تُختنق، والمجتمع المدني فيها يشعر بالعزلة وكأنها تُعاقَب لأنها رفعت صوتها".
تطرح قضية فجيج مجددًا إشكالية العدالة المجالية في المغرب، بين وعود النموذج التنموي الجديد، والواقع الذي يضع بعض المناطق في خانة "اللامرئية".
فحين تُقصى مدينة مثل فجيج من مؤتمر يناقش مستقبل الواحات، فإن الرسالة التي تصل إلى ساكنتها ليست تقنية، بل رمزية: أن صوت الهامش لا مكان له في قاعات القرار،
ومع ذلك، يبقى الأمل قائمًا في أن تتحرك الجهات المعنية، من الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجرة الأركان، إلى مجلس جهة الشرق، لإعادة إدماج فجيج في البرامج الوطنية، ليس فقط بوصفها منطقة حدودية، بل باعتبارها تراثًا بيئيًا وثقافيًا وطنيًا يستحق الإنصات والدعم.
إن فجيج لا تطلب المستحيل، بل فقط الحق في أن تُسمَع، وألا تُعاقَب لأنها احتجّت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.