أكد تقرير الميزانية القائمة على النتائج من منظور النوع أن تنامي الأسر النووية وتسارع الشيخوخة يعيدان تشكيل التضامن المنزلي ويزيدان من عمل النساء. وبالتالي، فإن عبء الرعاية غير مدفوع الأجر يتركز عند النساء اللواتي يتحملن القسط الأكبر من الأشغال المنزلية. وتجدر الإشارة إلى أن حسابات الأسر الفرعية تشير إلى مساهمة النساء في خلق 84% من القيمة المضافة المنزلية، مقابل 16% بالنسبة للرجال. وأشار التقرير الصادر عن وزارة الاقتصاد والمالية إلى أنه في ظل غياب المساعدة العائلية، ستضطر النساء إلى تحمل دور مزدوج: رعاية الأطفال والمسنين. ومن شأن هذا التزايد في العمل غير المدفوع الأجر أن يؤدي إلى زيادة الوقت المخصص للأنشطة الإلزامية، ما يأتي على حساب فرص التعليم والتشغيل والدخل.
وأكد التقرير على أن رعاية الأطفال تشكل العبء الأكبر أمام ولوج واستقرار المرأة في سوق الشغل، سواء في المدن أو القرى، فحسب الأرقام المتوفرة وفقا للبحث الوطني للتشغيل لسنة 2021 فإن ما يفوق %63 من النساء غير النشيطات باستثناء الطالبات يعتبرن رعاية الأطفال والأشغال المنزلية سببا رئيسيا للانسحاب من سوق الشغل. ويؤكد التحليل التقابلي لقطاعات التشغيل الذي أجرته المندوبية السامية للتخطيط 2024 هذه الملاحظة، حيث أن %74 من النساء المغربيات غير النشيطات هن ربات بيوت، وتشير % 54 منهن إلى أن غياب خيارات رعاية الأطفال يعد العائق الرئيس أمامهن لولوج سوق الشغل، كما أن تحول الأسر إلى أسر نووية، الذي أصبح حقيقة ملموسة، يحد أيضا من التكافل الأسري التقليدي، مما يزيد من الاعتماد على خدمات رعاية الأطفال. وتطرق التقرير إلى العبء الثاني الرئيسي وهو رعاية المسنين، والذي يعتمد إلى حد كبير على التضامن الأسري، ويبقى في معظمه تطوعيا تسهر عليه النساء (الزوجات، البنات، وزوجات الأبناء) إذ يشكلن العمود الفقري لأنظمة الرعاية طويلة الأمد، إلا أن سرعة شيخوخة السكان وما تشده بلادنا من تزايد في عدد الأسر النووية، يركز هذه المسؤوليات بشكل أكبر على عدد محدود من مقدمات الرعاية الأسرية. واعتبر أن الأساليب الحالية لرعاية المسنين غير كافية، وخاصة التعايش بين الأجيال، الذي تلعب فيه المرأة دورا محوريا، لتلبية الارتفاع المتوقع في حجم وتنوع احتياجات المسنين، فبالنسبة للنساء يترجم إلى زيادة الوقت المخصص للأنشطة الإلزامية، وارتفاع العبء النفسي، وصعوبة التوفيق بين التكوين والحياة المهنية والحياة الشخصية. وخلص إلى أنه من شأن هذه التراكمات أن تؤثر على التمكين الاقتصادي للمرأة وعلى ولوجها إلى سوق الشغل المهيكل، والذي يتسم بضعف مشاركتها في هذه السوق (%19,1 سنة 2024 مقابل %30,4 سنة 1999)، وهو ما يطرح تساؤلا حول استدامة نموذج الرعاية القائم أساسا على التضامن الأسري. وسجل أن الاقتصاد الفضي يشكل بالنسبة للمغرب رافعة أساسية لخلق فرص الشغل للنساء، بالنظر لتنوع القطاعات والأنشطة والجهات الفاعلة التي يعبئها، وبالتالي المساهمة في تعزيز تمكينهن الاقتصادي، إذ يمهد الطريق أمام خلق العديد من فرص العمل اللائق للنساء، خاصة في مجالات الصحة والرعاية المنزلية والخدمات المجتمعية، موازاة مع ذلك، فهو يشكل أداة هامة لتعزيز ريادة الأعمال النسائية، من خلال إتاحة الفرصة للنساء لتطوير مبادراتهن الخاصة في القطاعات التي تستهدف كبار السن، مثل خدمات القرب والرعاية والتكنولوجيات ذات الصلة. وتوقع التقرير أنه من المنتظر أن تتميز السنوات القادمة بامتلاك أكبر لكبار السن للموارد من المعرفة، والدخل، والتغطية الطبية، والحماية الاجتماعية مما سيزيد من قدرتهم على الولوج لخدمات الرعاية المدفوعة الأجر والأكثر مهنية.