أكد تقرير للجمعية المغربية لحقوق الإنسان حول احتجاجات "جيل زد" أن هذه الحركة قوبلت بالقوة ومختلف أشكال الانتهاكات، قبل انطلاقها وإلى غاية إصدار الأحكام "القاسية والترهيبية"، مرورا بالتوقيفات العشوائية والقمع، وخرق المساطر القانونية، وتوقيع المحاضر بالعنف وانتزاع الاعترافات، والتحرش، والقتل والدهس، وطالبت بفتح تحقيقات نزيهة في كل الخروقات، والإفراج الفوري عن الشباب المعتقلين. وأشار التقرير إلى أنه وبعد فشل الدعاية الاستباقية في كبح الاحتجاجات السلمية المبرمجة، تم تنفيذ إنزالات أمنية غزيرة، واحتلال أماكن الاحتجاج المعلنة، ومباشرة الاعتقالات المكثفة، والمطاردات والتنكيل بالمحتجين والتضييق على حرية التنقل والتجوال، وإشاعة جو مفعم بالقمع والترهيب النفسي والجسدي والشطط والقوة المفرطة، من ضرب ورفس، مع ما يتخللهما من سب وشتم وإهانات، مع الاستعانة أحيانا ببعض الأشخاص والمجموعات الغربية عن القوات العمومية.
وسجل التقرير أنه وطيلة أيام 27 و 28 و 29 شتنبر 2025 لم تحد الاحتجاجات، التي تبنتها ودعت إليها حركة "جيل زد" عن خيارها السلمي والمدني، رغم الشطط والتعسف، لكن المغالاة في استعمال القوة بدل اللجوء إلى الأساليب المعروفة لفض التظاهرات، بالإضافة إلى الاحتقان المتراكم والدفين، أدى إلى اندلاع مواجهات وصدامات بين القوات العمومية والمتظاهرين بالعديد من المناطق، ما أفضى إلى وقوع فواجع راح ضحيتها مواطنون لا زالوا في ريعان الشباب، حرموا من حقهم المقدس في الحياة، كما هو الشأن في منطقة القليعة بإقليم إنزكان، أو كما حدث في وجدة بعدما دهست سيارات الشرطة متظاهرين، فضلا عن رشق المحتجين بالحجارة. ومن جملة الانتهاكات الصارخة التي رصدها التقرير الحقوقي؛ تفريق الاحتجاجات خارج المساطر القانونية، وعدم إخبار عائلات القاصرين بالتوقيف، ووضع مجموعة من المعتقين بالسجون الانفرادية، وعرض بعضهم على الطبيب النفسي، وتوقيع محاضر الضابطة القضائية تحت الضغط والإكراه والعنف وانتزاع اعترافات لا أساس لها من الصحة، والاتصال ببعض المدونين الداعمين للاحتجاجات عبر الهاتف واعتقالهم دون احترام الشكليات، وتكديس المعتقلين بشكل مختلط وفي غياب المرافق الصحية، والتحرش الجنسي بالمخافر خاصة في الرباط، وانعدام حالة التلبس مع أغلب المعتقلين. كما سجل التقرير غياب محاضر المعاينة والإيقاف، والاستماع للأحداث دون حضور ولي الأمر، وخرق جميع المساطر المتعلقة بالقاصرين، وملاحظة آثار الضرب على بعض المعتقلين الذين صرحوا أنهم أنهم تعرضوا لاعتداءات جسدية، مع رفض تدوين التعرض للعنف في المحاضر، واستمرار الاعتقالات حتى بعد توقف الاحتجاجات، من داخل المنازل وبواسطة "كوموندوهات" خاصة، وفي أوقات غير مسموح بها في الساعات الأولى من الصباح، وتعريض الشباب والشابات للإهانة والمعاملة الحاطة من الكرامة، وإنجاز محاضر بسرعة تتضمن اتهامات خطيرة دون دلائل قاطعة، وتضمين اعترافات مفصلة غير صحيحة لهم بالمشاركة في الاحتجاج ورمي القوات العمومية بالحجارة. وأشار التقرير إلى أن الانتهاكات وصلت إلى حد انتهاك الحق في الحياة، كما وقع مع درك القليعة، إضافة إلى الدهس والتسبب في إصابات بليغة كما حدث في وجدة، والاعتقالات العشوائية لمئات المواطنين ومنهم قاصرون، وتقديم المعتقلين في مجموعات أمام النيابة العامة في شرط صعبة، ودون علم عائلاتهم في بعض الأحيان، وانتفاء بعض معايير المحاكمة العادلة. وأوصت أكبر جمعية حقوقية بالمغرب، بضرورة احترام الحقوق والحريات، ومنها حق الاحتجاج السلمي، والحرص على احترام الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون مبادئ الشرعية والضرورة والتناسب وعدم المساس بالكرامة وانتهاك الحقوق، وفتح تحقيقات نزيهة في الانتهاكات والتجاوزات التي تخللت الاحتجاجات، والعمل على ضمان حصول كل المعتقلين المتابعين استنادا إلى وسائل إثبات دامغة على محاكمات عادلة تستوفي جميع الضمانات والمعايير الدولية. كما دعت الجمعية إلى الإسراع بفتح نقاش وطني حول أولويات السياسات العمومية والأهداف الموجهة لإنفاق المال العام، ولوضع استراتيجية عملية للقضاء على الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية، بدءا من القطع مع اقتصاد الريع والجمع المقدس بين الثروة والمال، وجعل حد لتمدد السلطوية وتسييج الفضاء العمومي ورفع كل القيود التعسفية وغير القانونية على ممارسة جميع الحقوق والحريات. وطالب التقرير بإطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية حراك "جيل زد" السلمي، وباقي المعتقلين السياسيين، وفي مقدمتهم معتقلو حراك الريف ومن سجنوا أو سُجن بسبب الرأي والتعبير. وسجلت الجمعية بمطلق الأسف السرعة القياسية في إصدار أحكام قاسية وصلت إلى 15 سنة سجنا نافذا في جنايات، واعتبرها رسالة من القضاء لترهيب المحتجين وضغطا لوقف الاحتجاجات تماشيا مع مقاربة الجهاز الأمني.