تفاعلا مع الحوار التلفزيوني الأخير لرئيس الحكومة، اعتبر إدريس الأزمي، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، أن عزيز أخنوش حاول التهرب من مواجهة جوهر القضايا التي تشغل المغاربة، مؤكدا أن ظهوره الإعلامي لم يكن لتقديم حصيلة أو برنامج عمل للسنة الأخيرة من الولاية، بل للتغطية على إخفاقات وفضائح سياسية واقتصادية. وتوقف الأزمي عند ما سماه "الفضائح الكبرى" التي حاول أخنوش، حسب قوله، التهرب منها، أولها تضارب المصالح في ملف تحلية المياه، حيث قال: "رئيس الحكومة خلط عمدا بين أزمة الماء وملف تضارب المصالح، مع أن الحقائق واضحة، فهو كان موقعا على اتفاقيات منذ 2020 وكان يعلم جيدا ببرامج الدولة واستثماراتها في هذا القطاع".جاء ذلك في خطاب بثه الحزب على قنواته الرسمية بمنصات التواصل الاجتماعي، مساء الجمعة 12 شتنبر الحالي.
وأضاف أن أخنوش جمع بين أربع مسؤوليات مرتبطة مباشرة بالموضوع، بصفته رئيسا للحكومة، ورئيسا للمجلس الإداري للمكتب الوطني للماء، ورئيس اللجنة المكلفة بالشراكة بين القطاع العام والخاص، ورئيس لجنة الاستثمار، وهو ما يجعل تضارب المصالح ثابتا، حسب تعبيره. واعتبر الأزمي أن رئيس الحكومة كان عليه أن يملك الشجاعة ليقول للمغاربة: "أخطأت سياسيا، واسمحوا لي". وقال الأزمي إن "رئيس الحكومة لم يأت ليصارح المواطنين، بل جاء ليغطي على فضائح وإخلاف للوعود"، مؤكدا أن الحصيلة الحكومية كان يجب أن تناقش تحت قبة البرلمان في إطار مواجهة ديمقراطية وليس عبر شاشة التلفاز وأسئلة معدة مسبقا. وشدد الأزمي على أن ظهور أخنوش في هذا التوقيت بالذات لا يفسر إلا بمحاولة ملء فراغ تركه خلال الصيف، بعدما كان غائبا عن ملفات كبرى تتعلق بالانتخابات والتشاورات السياسية، وكذا ببرنامج تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية الذي دعا إليه الملك. وأوضح أن رئيس الحكومة حاول تبرير غيابه بادعاءات غير صحيحة حول طبيعة إشراف أسلافه على الانتخابات، مضيفا: "هذا الإشراف صعب، ولا يمكن أن يبرر تغيبك أو تغييبك عن المشهد". القضية الثانية التي وصفها الأزمي ب"الفضيحة السياسية" تعلقت بالإعفاءات الضريبية الممنوحة لاستيراد المواشي. وأكد أن هذه الإعفاءات من الضريبة على القيمة المضافة تم منحها "دون سند قانوني"، واستفاد منها أشخاص ينتسبون إلى حزب رئيس الحكومة، مضيفا أن النتيجة النهائية لم تنعكس إيجابا على السوق، ما جعل الأموال العامة تُهدر دون أن تنخفض الأسعار كما كان متوقعا. وتابع قائلا: "النتيجة النهائية أن هؤلاء استفادوا، بينما المواطن لم يربح شيئا". أما الفضيحة الثالثة، حسب الأزمي، فهي "التناقض في أرقام قطعان الماشية"، حيث انتقد كيف تحولت الأرقام الرسمية في ظرف أشهر قليلة من 17 مليون رأس إلى 33 مليون رأس، واعتبر ذلك خطأ حكوميا فادحا ترتبت عنه قرارات استراتيجية على أعلى مستوى. وقال: "كيف يمكن للمغاربة والعالم أن يفهموا هذا التناقض؟ خمسة شهور فقط وننتقل من أزمة خصاص إلى فائض؟ هذا غير مقبول". وتوسع الأزمي في نقد ملفات أخرى، أبرزها التعليم والحماية الاجتماعية والتشغيل. ففي ما يتعلق بالتعليم، هاجم مشروع "مدارس الريادة"، معتبرا أن الحكومة وعدت بتحول جذري لكن نتائج مؤشرات "تيمس" و"بيزا" أظهرت أن المغرب ما زال في المراتب الأخيرة. كما اتهم الحكومة بأنها لم تف بوعودها في تعميم التعليم الأولي، حيث لم تضف سوى 4 في المئة مقارنة بما تحقق في عهد حكومة سعد الدين العثماني، بل أجلت الأهداف سنتين إضافيتين. أما في ملف الحماية الاجتماعية، فقد كشف الأزمي عن "إقصاء 8.5 مليون مغربي من التغطية الصحية"، بينهم خمسة ملايين غير مسجلين أصلا وثلاثة ملايين ونصف مسجلين دون حقوق مفعلة، مشيرا إلى أن طريقة إدماج المواطنين في الأنظمة كانت "ميكانيكية وغير إنسانية". كما اتهم الحكومة بتقليص عدد المستفيدين من دعم الأرامل، إذ قال: "لديك تقارير رسمية تؤكد أن عدد المستفيدات كان 130 ألفا، بينما تتحدث عن 75 ألف فقط، وهذا إقصاء واضح". واعتبر الأزمي أيضا أن الحكومة تراجعت عن التزاماتها في برنامج "مليون محفظة"، حيث تم تقليص المستفيدين بمليون وستمائة ألف تلميذ مقارنة بالسنوات السابقة. وفي موضوع الدعم الاجتماعي المباشر للمسنين، أشار إلى أن البرنامج الانتخابي لأخنوش كان يتحدث عن جميع المواطنين فوق 65 سنة، بينما "اقتصر الدعم على أسر محددة، وهو ما يخالف ما التزم به أمام الناخبين". وفي ملف التشغيل، فند الأزمي تصريحات أخنوش التي تحدث فيها عن خلق 600 ألف منصب شغل، معتبرا أن أرقام المندوبية السامية للتخطيط تظهر عكس ذلك. وقال: "بين 2022 و2025، أحدثت حكومتكم فقط 51 ألف منصب شغل صافٍ، فكيف تدعون الوصول إلى 600 ألف؟". وانتقد برنامج "فرصة"، معتبرا أن تنفيذه قاد إلى متابعات قضائية ومشاكل قضائية بدلا من أن يكون رافعة حقيقية للشباب. وختم الأزمي حديثه بالتوقف عند ملف التقاعد، مؤكدا أن رئيس الحكومة تهرب من إعلان رؤيته للإصلاح. وأوضح أن تأجيل العجز إلى 2031 لا يلغي الحاجة إلى إصلاح عميق ومسؤول، مضيفا: "لا يمكنك أن تقول إنك ستنتظر موافقة النقابات، عليك أن تتحمل مسؤوليتك وتعرض مقترحاتك أمام الشعب، أما أن تبقى متفرجا فهذا ليس إصلاحا".