هناك أصوات من داخل البروباغاندا الرسمية تدعو الفعاليات الحزبية والمدنية والحقوقية إلى إبداء الرأي في قضية الصحراء المغربية، وذلك عشية الحسم في مسألة الحكم الذاتي. ويأتي هذا النداء بعد عقود من احتكار الدولة للملف، إذ ظلت شؤون الخارجية والدين والأمن مجالات محفوظة. ولا يسع المغاربة الوطنيين إلا الإستجابة المبدئية والتعبير عن دعمهم لكل ما هو سيادي ووطني مشترك، لكن المدخل الحقيقي يتمثل في إشراك المواطنين بالمعلومة، خصوصًا فيما يتعلق بمدى استعداد المغرب الرسمي لتفعيل المقترح بعد أن كان مجرد ورقة ضمن أوراق التسوية ، حيث صار امرا واقعا ، مضطرون للتعامل معه بجدية ومسؤولية ؛ فبغض عن الكلفة الإنسانية والسياسية والمالية الباهظة ؛ فإننا سنفقد دفء تواصلنا مع عضو من جسدنا الوطني ، كمن يزوج بنته الوحيدة ، وسنختار بين الغيرة الوطنية وغيرة الفقد . من هنا وعلى الرغم من تداول هذه الدعوات إلى دعم الدولة في هذا الخيار الفوقي ، وإطلاق التعبئة لإنجاح المبادرة ؛ فهي غير رسمية، ويظل القرار الرسمي في يد الملك الذي يمتلك السلطة لتوجيه الدعوة وتنصيب المجلس الأعلى للأمن، بما يشكل فرصة لرد الاعتبار للتشاور والتواصل وفتح النقاش العمومي حول القضايا الوطنية المصيرية ؛ فتجدر الإشارة أن حظوظ مقترح الحكم الذاتي مرتبطة بضرورة تصفية الأجواء السياسية والبيئة الحقوقية ، وبوضوح معالمه الكبرى لأجل الإقناع الداخلي والتعبئة الوطنية ، فبداية عرض المقترح كانت مؤطرة بالتقرير النهائي لهيئة الإنصاف والمصالحة وبالتوصيات الصادرة بمناسبته ، وكذا بتقرير الخمسينية حول التنمية وبملامح العهد الجديد ومشروع الحقيقة والمصالحة ، وبضمانات رئيس الدولة الشاب والطموح والذي اختار ، كمصدر للشرعية ، أن يقطع مع ماضي الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ، بعد الإعتراف بفظاعتها ، وكلها عوامل اعطت زخما للدينامية ، رغم التشويش الحاصل ، بسبب احداث 16 ماي وأحداث اكديم إزيك الشاذة عن السياق ، وكلنا يتذكر التفاعل الإيجابي مع حراك عشرين فبراير ، وهذا يدفعنا إلى التذكير بالظرفية التي طرح فيها المغرب مقترح الإستفتاء يوم 26 يونيه 1981 ، اي خمسة ايام فقط على انتفاضة عشرين يونيه من نفس السنة وما عقبها من اعتقالات ومحاكمات ، حيث فرض المقترح خارج دينامية التشاور المعهودة ، وبالتالي كان موقع المغرب التفاوضي ضعيفا ، فحصل بعده ما حصل من توترات على مستوى الجبهة الوطنية الداخلية ، إلى آخر القصة المعروفة وغير المعترف بالمسؤوليات فيها . واليوم نحن أمام لحظة مصيرية يحتاج فيها المغرب إلى اختبار وحدة الصفوف ، وذلك بالعمل على تحريكها من أجل دعم المبادرة في جميع ابعادها ، فلا حل سلمي لتوتر المغرب مع الجزائر إلا بتخطي عتبة مقترح الحكم الذاتي الذي لا زالت ملامحه التفصيلية لم تتضح بعد ، ولعل فرصة تنصيب المجلس الأعلى للأمن قد حانت شروطها الموضوعية قبل الذاتية ، وليكن الحدث أول الخطو نحو بناء المغرب الكبير ، وهو رهان اكبر ، ينتمي إلى الزمن الإجتماعي الطويل الأمد ، فلنشترك في القرار وتفعيله لكي نتقاسم جميعا المسؤولية قبل الثمن ؛ مع التذكير بأننا في مرحلة "" ما خاب من إستشار "" ، وبعدها ستنتقل الأمةبالتوافق إلى مرحلة "" قضي الأمر الذي فيه تستفتيان "" !