نزع سلاح المجموعات المسلحة وتفكيك بنيتها العسكرية العرائش أنفو بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي يشعر المواطنون الفلسطينيون في قطاع غزة بقلقٍ جديدٍ من المليشيات "الفلسطينية" المسلحة التي شكلتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وزودتها بالأسلحة والمعدات والآليات وأدوات القتال المختلفة، ووفرت لها المال والمؤن والمساعدات، وأمنت مناطقها وجهزتها بوسائل اتصالٍ حديثةٍ وآمنةٍ، وشكلت حمايةً لها ولعناصرها ومقراتها، وسهلت حركتها وانتقالها وسياراتها وعرباتها، ونظمت لها دورات عسكرية وأخرى أمنية، وأجرت معها مناوراتٍ مختلفة، وأنشأت لها غرف عملياتٍ ومراكز تنسيقٍ واتصالٍ مع الضباط المكلفين بمتابعتها والمسؤولين عن عملها وتوجيهها، وسهلت انتقال بعض مسؤوليها وسفرهم، إذ شوهد بعض قادتها خارج فلسطينالمحتلة، إلى جانب سياراتٍ تحمل لوحاتٍ "أجنبية". ومكنت بعضهم من نشر مقالاتٍ وعرض تصوراتهم عن مستقبل قطاع غزة، في كبريات الصحف والمجلات الدولية، والظهور على وسائل الإعلام والحديث عن أدوارهم وعرض مهامهم بكل خسةٍ ونذالةٍ، وضِعةٍ ووقاحة، في مواجهة عناصر حركة حماس والقوى الفلسطينية الأخرى المقاتلة، والاعتراف بالمهام التي نفذوها، والجرائم التي ارتكبوها، والأهداف التي يتطلعون إليها ويعملون على تنفيذها، ولا يتورعون عن الظهور إلى جانب العربات العسكرية والدبابات الإسرائيلية. لا يشعر قادة هذه المجموعات التي تشبه مليشيا العميل اللبناني أنطوان لحد، قائد جيش لبنانالجنوبي الذي أنشأه العميل سعد حداد، بأنهم خونة وعملاء، وأنهم يعملون جواسيس ضد شعبهم، وأدواتٍ قذرة لدى عدوهم، الذي لا تعنيه حياتهم، ولا يهتم لمصيرهم، ولا يقلق على مستقبلهم إذا تم الاتفاق وثبت وقف إطلاق النار، ومضت خطة السلام المطروحة، فهو أول من سيتخلى عنهم ويتركهم لمصيرهم المحتوم، بل قد يقوم بقتلهم وتصفيتهم والتخلص منهم، لأنهم سيكونون عبئاً عليه دون جدوى، وسيكلفونه الكثير دون طائل لهم أو حاجة ترتجى منهم، بعد أن فضحت أدوارهم، وكشفت شخصياتهم، وعرفت أسماؤهم وعائلاتهم ومناطق إقامتهم وعملهم. لا يدعم الاحتلال الإسرائيلي هذه المليشيات القذرة وحدة، بل تدعمها جهاتٌ أخرى تتعاون معه، وتتفق وإياه على الهدف والغاية من تشكيلها، وتحاول هذه الجهات المشبوهة الدفاع عنها وتحسين صورتها، وتلميع قادتها، وتلطيف مهامها، وتستخدم لغايتها الخبيثة أقلاماً مأجورةً وأبواقاً أجيرة، ومنصاتٍ قذرة، ولعلها جهاتٌ معروفة لدى الشارع الفلسطيني، إذ سبق لها القيام بمهام تشبهها، ورعت جهاتٍ تعمل عملها، فخربت وأفسدت وقتلت ودمرت، وأظن أنها تراهن على هذه المجموعات، وتتأمل في أن يكون لها دورٌ في مستقبل قطاع غزة، يمكنها من بسط نفوذها، ونشر مفاهيمها، وتحقيق أهدافها، ولو أنها كانت ضد مصالح الشعب وتتعارض مع آماله وتطلعاته. باتت هذه المجموعات المأجورة المدسوسة، العميلة الخائنة القذرة، تعمل في جنوب قطاع غزة وشماله، وتنتشر في المناطق الذي يتواجد فيها جيش الاحتلال خلف الخط الأصفر، وتستفيد من الحماية التي فرضها على المنطقة، لكنها تخشى مغادرتها والخروج منها، ولا تأمن على حياتها وأمنها خارجها، إذ تتربص بها المقاومة ويلاحقها رجالها، ويدل المواطنون عليهم ويبلغون المقاومة عنهم، في الوقت الذي تلاحقهم عائلاتهم وعشائرهم، التي أعلنت البراءة منهم والتخلي عنهم، وهي تتوعدهم بالقتل والتصفية، وقد أباحت سفك دمائهم والقضاء عليهم، إذ قاموا بعملٍ عارٍ أضر بسمعة عائلاتهم ولطخ شرف عشائرهم، وشوه الصفحات الناصعة لبعضهم، ممن كان لهم فضلٌ وسابقة، ودور رائد في المقاومة. أمام خطر هذه المجموعات وقذارة أدوارها، وقطعاً للطريق على مستقبل عملهم وتشريع وجودهم، فإنه ينبغي على المفاوضين الفلسطينيين في الدوحة والقاهرة، أن يفرضوا على الطاولة وجوب تفكيكها وتجريدها من سلاحها، وإخراجها عن القانون واعتبارها مجموعاتٍ مارقة ومليشياتٍ خائنةً، وعدم الرأفة بها والتهاون في أمرها، فوجودها خطر يضر بمصالح الشعب الفلسطيني، إذ ستبقى أدوات للاحتلال، تنفذ سياسته، وتؤدي المهام القذرة نيابةً عنه، وتواصل قتل واستهداف قادة ورموز المقاومة الفلسطينية. يجب أن يكون ملف هذه المليشيات ملفاً أساسياً على طاولة المفاوضات، فهم جزء من الاحتلال وتبع له، فإما أن يتخلوا عنهم وتفكك المجموعات ويسلم قادتها وعناصرها أنفسهم للعدالة الثورية الفلسطينية التي تنظر في أمرهم، وتحكم في جرائمهم، وتنفذ في حقهم الأحكام التي يستحقون، وإما أن يسحبها جيش الاحتلال مع فلول قواته، ويجرها مع عرباته، ويفرد لها حظائر تليق بها بعيداً عن المواطنين الفلسطينيين ومناطقهم، وحذارٌ على المقاومة أن تتهاون معهم، أو تستخف بهم وتغض الطرف عنهم، فهؤلاء سرطانٌ لا علاج له ولا شفاء منه إلا بالاستئصال، ولا نجاة منه إلا بالقضاء عليه، وإلا انتشر واستفحل، وسيطر وتمكن، وفتك وقتل. يتبع ……