في وقت تتواصل فيه تداعيات تسريب مداولات لجنة التأديب بالمجلس الوطني للصحافة، دعا النقيب عبد الرحيم الجامعي إلى محاسبة أعضاء اللجنة المتورّطين في ما وصفه ب"مخاطر مهنية جسيمة" ارتُكبت داخل واحدة من أبرز هيئات التنظيم الذاتي في البلاد. واعتبر الجامعي أن الأفعال التي ظهرت في الشريط المتداول لا يمكن أن تمر دون مساءلة قانونية، مؤكداً أن القانون الجنائي يمكن أن يطال المعنيين بها متى ثبت ارتكابهم جرائم محتملة، من بينها التواطؤ بين من يملكون سلطة على الأفراد وحقوقهم، وإفشاء سر المداولات، والسب والقذف، وإهانة هيئة منظمة، واستغلال النفوذ، والتحريض على أعمال تمسّ باستقلال القضاء.
وقال الجامعي في مقال رأي إن التسجيل، الذي يوثّق جزءاً من مداولات اللجنة في ملف الصحافي حميد المهداوي، يُظهر "حالة تلبّس علني بالقذف والسب والإهانة" موجَّهة إلى الصحافي وإلى دفاعه، إضافة إلى "استعمال عبارات نابئة وتهديدات مباشرة" اعتبرها "انحرافاً غير مسبوق في استعمال السلطة التأديبية". واتهم الجامعي أعضاء اللجنة ب"خرق سرية المداولات، واستدعاء أسماء مسؤولين قضائيين في سياق الضغط والتأثير، والتداول بحضور أشخاص غرباء لا صفة لهم"، مشيراً إلى حديث بعض الأعضاء عن توجيه «un petit mot» لمسؤول بارز، في ما اعتبره "تشكيكاً في استقلال القضاء ومساساً بوقاره". وأضاف أن التسجيل يُظهر "مساساً بكرامة المحامين وهيئاتهم" عبر نعوت اعتبرها "مهينة"، مؤكداً أن ما وقع "لا يتعلق بملف المهداوي وحده، بل بفضيحة مؤسساتية تمس صورة المجلس الوطني للصحافة ومشروعيته الأخلاقية والقانونية". وطالب الجامعي ب"فتح تحقيق قضائي عاجل" قد يصل – وفق تعبيره – إلى حدود "لجنة تقصي الحقائق البرلمانية أو لجنة مستقلة بمشاركة منظمات مهنية وحقوقية دولية"، مبرزاً أن القضية "أصبحت بيد الرأي العام الذي لم يعد يعنيه من سرّب الشريط، بقدر ما تعنيه مضامينه". وتأتي هذه المطالب في سياق جدل واسع تشهده الساحة الإعلامية منذ انتشار التسريب قبل أيام، والذي فجّر نقاشاً سياسياً وقانونياً حول وضعية المجلس الوطني للصحافة، خاصة بعد انتهاء ولايته القانونية واستمرار "اللجنة المؤقتة" في ممارسة مهامها منذ سنتين.