تنطلق، الأسبوع المقبل، بمختلف جهات المغرب، أشغال المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين الاثنتي عشرة، وهي محطة سنوية تُعد من أبرز آليات الحكامة التربوية، يُعرض خلالها تنفيذ البرامج التحويلية لخارطة الطريق 2022-2026 برسم السنة المالية 2025، إلى جانب مناقشة مؤشرات الأداء والمصادقة على المخططات والميزانيات الموجهة لتنفيذ المشاريع الاستراتيجية للإصلاح التربوي برسم السنة المالية 2026. وبحسب معطيات حصل عليها موقع "لكم"، يأتي انعقاد هذه المجالس في سياق يتسم بتسارع أوراش الإصلاح داخل المنظومة التعليمية، خصوصا تلك المرتبطة بتنزيل خارطة الطريق، وما تستهدفه من تحسين جودة التعلمات، ومحاربة الهدر المدرسي، وتجويد الحياة المدرسية، وتثمين مهن التربية والتكوين. وتشكل هذه المجالس فضاء مؤسساتيا يضم ممثلي القطاعات الحكومية والمنتخبين والسلطات المحلية وهيئات المجتمع المدني، بما يمنح النقاش طابعا تعدديا يقوم على مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وتقييم ما تحقق خلال الموسم الدراسي المنصرم.
وينتظر أن تُعرض خلال هذه الدورة مؤشرات دقيقة حول مستويات التقدم في المشاريع الجهوية، خاصة ما يتعلق بمشروع نموذج مؤسسات الريادة بالسلكين الابتدائي والإعدادي، والتعليم الأولي، وتحسين التعلمات الأساسية وفق نتائج روائز TARL في مواد الرياضيات واللغتين العربية والفرنسية، إلى جانب مؤشرات التعلمات في مواد اللغتين العربية والفرنسية والفيزياء والكيمياء وعلوم الحياة والأرض والتربية الإسلامية في التعليم الإعدادي. كما ستُقدَّم معطيات حول تقليص التعليم غير المهيكل ونسب استفادة أطفال الفئة العمرية 3-5 سنوات من التعليم الأولي، فضلا عن برامج تأهيل البنيات المدرسية، خاصة في الوسط القروي، والرفع من قدرات الفاعلين التربويين عبر التكوين المستمر، حيث ستُقيَّم مخططات التكوين برسم سنة 2025 وبرنامج التكوين للسنة المالية 2026. وتكتسي هذه المؤشرات أهمية خاصة لكونها تعكس مدى التزام الأكاديميات بالأهداف المسطرة، وتتيح الوقوف عند الاختلالات التي تستوجب حلولاً عاجلة أو إعادة توجيه. وتشكل المجالس الإدارية، وفق المصدر ذاته، مناسبة لتأكيد التزام الأكاديميات بالشفافية في التدبير المالي والإداري، في ظل الضغط الاجتماعي المتزايد على القطاع والحاجة إلى نشر المعطيات والنتائج، وتقديم خطط واضحة لتجاوز الصعوبات المتعلقة بالموارد البشرية وتحسين الأداء وتدبير الزمن المدرسي، إلى جانب تقليص مؤشرات الهدر المدرسي بنسبة الثلث. كما يرتقب مناقشة آليات تتبع تنفيذ القرارات وصيغ جديدة لتعزيز الانخراط المحلي للفاعلين والفرق البيداغوجية، لاسيما في المناطق القروية والمناطق الهشة والمؤسسات ذات الأداء المنخفض. ورغم التقدم المسجل في عدد من الأوراش، ما تزال تحديات المرحلة المقبلة قائمة، أبرزها الفوارق بين الجهات في نسب التقدم المحققة، والضغط على بنيات الاستقبال بفعل الارتفاع الديموغرافي، ما يستدعي تعزيز التأطير التربوي وضمان الدعم لفائدة التلاميذ المتعثرين لتحسين الأداء داخل مؤسسات الريادة. وبحسب مصدر من القطاع تحدث لموقع "لكم"، يتوقع أن تبعث هذه الدورات رسائل قوية نحو تعزيز التنسيق الجهوي-المركزي، وتسريع وتيرة الإصلاحات، وتحقيق مزيد من الالتقائية بين البرامج، وسط مطالب بمحاسبة المسؤولين الجهويين والإقليميين، من مديري الأكاديميات والمديريات الإقليمية ورؤساء الأقسام والمصالح ورؤساء برامج خارطة الطريق، بالنظر إلى حجم الإمكانيات المرصودة، وهي الأكبر منذ برنامج 2008-2012. ويرى مراقبون أن انعقاد المجالس الإدارية للأكاديميات الأسبوع المقبل سيكون لحظة محورية في مسار إصلاح المدرسة المغربية، لكونه يجمع بين تقييم الأداء واتخاذ القرارات وتثبيت مبادئ الحكامة الجيدة، في مرحلة تبقى فيها الرهانات كبيرة لكنها تظل قابلة للتحقق عبر تدبير فعّال ورؤية واضحة وشفافية في التنفيذ.