أود في البداية أن أشير إلى إني واحد من هؤلاء المغاربة الذين لهم حكاية قد تطول مع صحرائهم ، ولكن هل يمكنني أن البس ثوب قاضي التحقيق وأنا في قفص الاتهام ؟ تذركون جميعا إنني كاتب المحضر بمنزل العلامة الدكتور عبد الكبير المدغري المتنور، الذي رام نقل مختلف الروايات والآراء والتوجسات لاعيان ووجهاء ومسؤولي الصحراء إلى حضرة أمير المؤمنين جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه ، هذا الملك الهمام الذي لم يسلم بعد موته من انتقادات "خدامه الأوفياء" وأي وفاء هذا الذي لا يتورع صاحبه من انتقاد من عاهده على السمع والطاعة بعد أن وري الثراء ، وكما يقول المثل الحساني : "يحرك بي أم السبع في كفاه"، يمكنني القول في قضية الصحراء المغربية ما لم يقله مالك في الخمر ، واسمعوا وعووا : 1 أقول رأيي بكل تجرد سواء وافق أم خالف التوجهات العامة أو الخاصة أو حتى خالف الاستراتيجيات التي اعترف أني لا أدرك أبعادها ، ولكن إن أمرتني الدولة العلوية الشريفة أن اذهب عكس قناعاتي سأفعل ... فانا لا احلم بدولة أخرى غيرها ولن أبايع حركة أو رئيسا أو زعيما غير أمير المؤمنين في المملكة المغربية إلى إن ألقى الله وأنا على هذه البيعة كما قطعتها على نفسي وقطعها والدي وأجدادي غير مبدلين ولا مغيرين ، ولن ارقص في الكرنفالات البهلوانية قصد الاستحواذ على المال والجاه الوهميين ، ولن اتخذ من خيانة المغرب سبيلا لكسب الحظوة فيه ... لم اذهب ولن اذهب إلى مخيمات العار والعمالة في تيندوف والتهريب والإرهاب، نعم الإرهاب بكل أيديولوجياته، لقد قلت في مقالات سابقة أن الإرهاب الممنهج قد ينطلق من الحمادة ونواحيها ، لكن لم يصغ إلي أحد ولكن عند ما ير المغرب أبناءه يذبحون على طريقة القاعدة على أرضه سيصدقون ... فانا مغربي آبا عن جد ،سباعي ادرسي حسني شريف ، وأفاجئكم بشئ فربما أنا الوحيد الذي تملك قبيلتي أرضا بحكم شرعي هي ارض أمريكلي القريبة من بوجدور الحالي وهي التي حكم بها كبار علماء شنقيط اشهرهم القاضي ادولحاجي العالم النحرير سيد اقرانه وفريد عصره الحاج احمد ولد طوير الجنة في هذه الصحراء التي تكالبت عليها الكلاب والذئاب من كل حدب وصوب ... وأكد لكم أن أبناء أبي السباع في كل أنحاء العالم ومن ورائهم الشرفاء الادارسة الحسنيين العلويين الهاشميين ، لن يسلموا أرضهم هذه لغير المملكة المغربية ولن يتركوا هذه الأرض الخصبة الممتدة من 20 كلومتر من بوجدور إلى بير كندوزولن يرفع على اديمها أي علم غير علم المملكة المغربية ، وأنبه الحركات الانفصالية وأهل الفتن أن تعداد قبيلة أبناء أبي السباع في العالم يتجاوز أربعة ملايين ونصف نسمة وهم أول من استعمل الوروار ضد الاستعمار الفرنسي في بلاد شنقيط وضد اسبانيا في منطقتي الساقية الحمراء ووادي الذهب لحماية أرضهم وتأمين تجارتهم من قطاع الطرق في المنكب البرزخي الذي يرفض الخضوع للقانون ، ويتمتع بالتشبث بأذناب الإبل ... 2 إن كلامي الذي يعتبره البعض نشازا ليس جديدا فقد بدأ مند استرجاع الصحراء إلى الوطن الأم ، أنسيتم أنني محرر محضر ندوة الصحراويين بمنزل الوزير العلامة المدغري انظر كتابي الصحراء المغربية بين المطرقة والسندان صفحة 17 هذا المحضر المتميزالذي أثار ثائرة وزارة داخلية البصري أنداك ، ولم اخضع لتهديدات عبد العزيز علبوش مدير المخابرات الداخلية أنداك، ولا الوالي حسن أشن والي العيون أنداك ... وأصدرت كتابا سميته : الصحراء المغربية بين المطرقة والسندان ، أشتمل على كل الرسائل السرية والعلنية والتقارير والمحاضر والآراء في زمن لم اخضع فيه لسلطة البصري وزبانيته ، فكيف اسكت اليوم وقد ضمن لنا جميعا جلالة الملك محمد السادس نصره الله حرية التعبير وحقوق الإنسان واحترام المواطنين ...؟ 3 سأضل أفكر بصوت عال حتى يحقق المغرب وحدته الترابية وينتهي الضجيج ، واعني بهذه الوحدة الترابية من سبتة إلى الكويرة االجديدة بنواحي امهيريز مقر العمالة الجديدة اوسرد العمالة التي لا زالت الدولة تبحث لها عن مقر وارض وسكان في زمن زور فيه البعض التاريخ والجغرافية وحتى القيم الإنسانية ... ومن هنا اصرخ في وجه الزعامات الوهمية ، ورجال السلطة السذج في الصحراء المغربية ، لأقول لهم : انتم سبب ما يجري في الصحراء ...فانتم بمؤامراتكم الدنيئة هجرتم إخوتنا إلى فيافي الحمادة ، وانتم من تآمر على فلذات أكبادنا منحتموهم أدنى السلالم الإدارية وهجرتموهم إلى داخل أقاليم المملكة للانغماس في دنيا الملذات وسميتموهم ظلما وعدوانا أشبال الحسن الثاني لتسرقوا باسمهم الأموال الطائلة التي لم تعد عليكم وعلى أبنائكم إلا بالويل والثبور ... وانتم من جاء بآلاف المغاربة قلتم أنهم من أصول صحراوية لتنصبوا لهم الخيام في بضواحي المدن الصحراوية وخصصتم لهم ميزانيات ضخة تسرقون معظمها وسيجازوكم جزاء سنمار في القريب العاجل ... وأخيرا وليس أخيرا تآمرتم لإنشاء لمخيم كديم ازيك في واضحة النهار ... أمنتم له الخيام ، وحميتموه في السر والعلن ، وعبأتم الساكنة لانتقال إليه ، وبعد أن كبر وتضخم فاوضتم مجرميه واتيتم بهم لمفاوضة اكبر شخصية مرموقة في المغرب وهو الشريف مولاي الطيب الشرقاوي وزير الداخلية ، رفعتم الى الدوائر المسؤولة التقارير المزيفة ترجون الضوء الأخضر للانتقام ممن كانوا سيفضحون ممارساتكم ، وبدون تفكير في العواقب الوخيمة فككتم المخيم بطريقة فجة لا تليق بسمعة ملكنا ولا بهيبة وطننا ، نكلتم بالاف الصحراويين ودفعتموهم إلى الانتقال ليس منكم معشر الأعيان والمسؤولين الخبثاء بل من جنود للقوات المسلحة الملكية الذين ذهبوا ضحية تهوركم ومن ممتلكات عامة وخاصة أحرقت ونهبت من الصحراويين الذين انتقموا لهجمتكم عليهم شر انتقام ومن أناس مسخرين أرادوا أن يردوا الصاع صاعين لكي تزداد الهوة وروح الانتقام بين الصحراويين والشلوحة على حد قول بعض السذج المارقين ....كنا نقول : اللهم ألطف بما جرت به المقادير ،ولا تفرق بيننا وبين إخواننا البرابرة ... واليوم نقول ونردد بأعلى أصواتنا : اللهم ألطف بما جرت به المقادير ولا تفرق بيننا وبين إخواننا الصحراويين ... صدقوني ماذا تريدون ؟ ما هي أهدافكم الحقيقية ؟ هل تريدون تأزيم القضية من جديد ؟ لكي يتسنى لكم المزيد من فرص النهب ، أو تجدون ذريعة لشتم المغرب وتمريغ انفه في التراب ؟ هل هدفكم الحقيقي أن يجدد بعضكم العودة من العودة ؟ وهل العودة إلى مخيمات العار في تيندوف أصبحت مربحة ؟ وما فوائدها الحقيقية المادية منها والمعنوية ؟ نحن نعرف بعضنا بعضا فقد علمتنا الطبيعة الانتقال من مربع إلى مربع وعلمتنا الجمال أن نجوب مواطن الكلأ دون حواجز... ودون خجل ... أم كما يقول الشاعر : تخافقت البروق على الغميم شفاؤك يا مقيلة أن تشيمي 4 الحقيقة المؤلمة يلخصها بيت الشاعر الحساني التالي : هَذ الرِّجْلِ كامِلْ يَجْلِ ما صالحْ منُّ جَلدْ كْرَبْ المغربْ غالطْ فرّجْلِ والرّجْل غالطْ في المغربْ والأسئلة التي تطرح نفسها بإلحاح هي كالتالي : ما أغلاط المغرب في الصحراء ؟ وما أغلاط الصحراويين في المغرب ؟ كيف بإمكاننا تصليح هذه الأغلاط ؟ يمكن القول بدون تردد أن الغلط الأول الذي ارتكبه المغرب في الصحراء يتجلى في إهمال أبناء الصحراء الحقيقتين واخذ ثلة قليلة صحراوية لا تمثل إلا نفسها وإعطائهم أكثر مما يستحقون ، فهم من مستوى ثقافي بل وعقلي متدني جدا إلى درجة أن من بينهم من لا يذرك مفهوم الولاء ، ومن بينهم من يرتاح للتشكيك في الهوية والانتماء ... فلا هم مغاربة بالمعنى الصحيح للمغربية ولا هم من الثقافة الحقيقية للبيظان التي تمتد من وادنون إلى ازواد والتي تتجسد أساسا في الثقافة الدينية والعقيدة الأشعرية والصوفية الجنيدية ، والمذهب المالكي ... أما الغلط الثاني فهو اعتماد التصنيف القبلي الموروث عن الاستعمار والسيبة ، ويجب أن أشير هنا إلى أني لست ضد القبيلة كنسب ولا ضد القبيلة كعصبة تضطلع بمهام اجتماعية ودينية معروفة ولكنني ضد القبيلة كوسيلة إقصاء بكل أبعاده الاجتماعية والحقوقية والإنسانية ، فتلك أمور عفا عليها الزمان وتجاوزها التاريخ ، فلسنا في زمن الحما ، وداحس والغبراء ... فنحن قد دخلنا عتبة الألفية الثالثة ولن نقبل لهذه القبائل أن تعيدنا إلى العصر الجاهلي ، وأزيد أوكد آن اعتماد المغرب التصنيف القبلي في السياسة وفي وحدة أراضيه هو من كبريات ألاغلاط ، فلا معنى للسباعيين ولا للركيبات ولا لاولاد ادليم ولا لاولاد تدررين ولا لقبائل تكنة بكل تفرعاتها ومللها ونخلها، فنحن في عصر المجتمع المدني ، ويمكنني هنا آن اضرب مثالا لمزيد من الوضوح ، فالركيبي في موريتانيا موريتاني والركيبي الجزائري جزائري والركيبي المغربي مغربي ولكن اذا كنا نشجع القبيلة ونروم نفخ الروح فيها سينتفي مفهوم الدولة ومفهوم المجتمع المدني ، بل سنخلق أداة لنسف المجهود الذي بذلناه من قرون خلت من اجل الحضارة والبناء والتنمية والثقافة والملة والدين والبيعة ، فبنفخ الروح في جثة القبيلة المحنطة في هذه المنطقة من المغرب الأقصى سنعود إلى عصور ما قبل التاريخ ... فمن جر عن هذا التصنيف القبلي فكله باطل من زعامات كرطونية ووظائف وعمالات وبلديات وقرويات وعائدين ومخيمات ... وهمية لخدمة أغراض أنانية أما أغلاط الصحراويين في المغرب فيمكن تلخيصها فيما يلي : أ تصنيف المغرب كدولة استعمارية كفرنسا واسبانيا ، ومحاولة إظهار الولاء له من طرف مجموعة محدودة في العلن محاولة في السر تبني خطاب انفصالي لخلق معادلة لا وحدة ولا انفصال ... والظن أن هذا سينطلي على المغرب بشكل دائم ... وإذا كنا قد حاولنا تحديد الأخطاء فسندلي بدلونا من اجل رأب الصدع وإصلاح ما يمكن إصلاحه وذلك على النحو التالي : أولا : على المغرب اعتبار هذه المناطق الصحراوية مناطق مغربية فعلا ، وتطبيق القانون بها بدون محاباة ، وتوزيع الاراضي والمناصب الاداري واموال مخيمات الوحدة والإنعاش الوطني بالقسطاس المبين حتى ينال منه الضعفاء حقهم ويعيش الميسورين وما أكثرهم في امن اجتماعي مضمون العواقب ...كما يجب إعادة هذا التصنيف الاجتماعي داخل المنظومة الاجتماعية المغربية وممارسة السياسية داخل القنوات القائمة من أحزاب سياسية ، فإذا أرادت ساكنة الصحراء تنظيم أحزاب سياسية فعليهم أتباع الإجراءات القانونية لذلك على آن لا يكون هذا الحزب على أساس قبلي ، ومن أراد الانخراط في الأحزاب المغربية القائمة فلينخرط فيها دون خلفيات يمارس اللعبة الديمقراطية محليا ووطنيا بكل وضوح ، ومن أراد العمل الاجتماعي تأسيس منظمات اجتماعية على أساس القانون أو الانخراط في المنظمات الاجتماعية القائمة أي حفظ الموجود أولى من طلب المفقود ... * باحث متخصص في الشؤون الصحراوية