مقدونيا الشمالية تُشيد بالإصلاحات الملكية والمبادرات الأطلسية للمغرب وتعتبره قطبًا للاستقرار والتنمية في إفريقيا    منظمة حقوقية تدعوا لمحاسبة المعتدين على المغاربة بإسبانيا    الملك محمد السادس يهنئ عاهلي بلجيكا بمناسبة العيد الوطني لبلدهما    هشام بلاوي : العقوبات البديلة خطوة إصلاحية لتعزيز عدالة الأحداث بالمغرب    نجاة ركاب من حادثة سير إثر اصطدام سيارة بشجرة بمنتزه بلوطة    البنك الإفريقي للتنمية يمنح المغرب قرضا بقيمة 116 مليون دولار لدعم الزراعة المستدامة    خلال 24 ساعة… وفاة 19 فلسطينيا تجويعا ومقتل 95 منتظرا للمساعدات بغزة    العاهل البلجيكي فيليب: الوضع في غزة "عار على الإنسانية"    دبابات إسرائيلة تتوغل في قطاع غزة    روما الإيطالي يعلن تعاقده مع المغربي نائل العيناوي    مرصد: أزيد من 11,88 مليون ليلة مبيت في الفنادق المغربية المصنفة حتى ماي 2025    "سوبر مان" يواصل تصدر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية    وزارة الخارجية الأرجنتينية: المغرب يتموقع كسوق استراتيجية بالنسبة للأرجنتين        البطولة الإفريقية للفرق لكرة المضرب (تحت 16 سنة): المنتخب المغربي (إناث) يتوج باللقب ويتأهل إلى بطولة العالم    توقيع اتفاقية تعاون بين وزارة العدل والمرصد الوطني للإجرام والمندوبية السامية للتخطيط    إجهاض محاولة تهريب دولي للمخدرات بطاطا وحجز 598 كلغ من الشيرا    المصلحة البيطرية بتازة تكشف حقيقة "هياكل الحمير" بواد أمليل    البيضاء.. الأمن يُطيح بمشتبه به في قضية ضرب وجرح خطيرة بسلاح أبيض    هشام البلاوي: العقوبات البديلة ليست خيارا قانونيا فقط بل اختيار حضاري لحماية أطفالنا    العرائش تخرج عن بكرة أبيها… وتصرخ: "أعيدوا لنا شرفتنا!"    كيف تحولت الشرفة الأطلسية بالعرائش لمسرح للجريمة !    مجموعات تراثية في فن لوناسة تضيء سماء تارودانت    ما حقيقة إصابة الفنانة أنغام بسرطان الثدي؟..بيان رسمي يوضّح        اتحاد يعقوب المنصور يعلن عن تعاقده مع 6 لاعبين    مارسيليا يرفض عرض جيرونا لضم أوناحي ويصفه ب"السخيف"    الأغلبية والمعارضة تقترحان التراجع عن منح "مجلس الصحافة" صلاحية توقيف المطبوعات والصحف    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين بمختلف مناطق المملكة    "يوم الصفر".. الولايات المتحدة الأمريكية تتعرض لهجوم سيبراني غير مسبوق    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    هل تخلص مولودية وجدة من إرثه الثقيل؟    حاجيب يُتوّج النسخة الثالثة من ليلة العيطة بالرباط    "المهرجان السوسيو ثقافي لمقريصات في دورته التاسعة..منصة لإبراز تنوع وغنى الموروث الثقافي للمنطقة "    نبيل الأيوبي يتوَّج بلقب "نجم العيطة" في أولى محطات مهرجان العيطة المرساوية بالجديدة        غدا، الكاتب الأول إدريس لشكر يترأس المؤتمر الإقليمي السابع للحزب بتطوان    تير شتيغن يخضع لجراحة في الظهر تُثير الشكوك حول استمراره مع برشلونة    صحيفة إسبانية تسلط الضوء على المغرب كنموذج للاستقرار الاقتصادي في إفريقيا        في صمت بعيدًا عن الضجيج.. المغرب يواصل إغاثة غزة    مصرع 18 شخصا بسبب الأمطار الغزيرة والانهيارات الأرضية    مصرع خمسة أشخاص في حريق عبارة    مكتب نتنياهو يٌعلن إصابته بتسمم غذائي.. والصحافة العبرية تتهمه بافتعال المرض للتهرب من محاكمته    أمريكا تتسلم زعيم عصابة مخدرات    أولمبيك آسفي يتعاقد مع عماد عسكر        آسفي .. ليلة فنية تحتفي بأصالة العيطة وتجذرها في الهوية الوطنية    دراسة تكشف العلاقة بين سمات الشخصية والرياضة المناسبة    لماذا تختلف القدرة على تحمل الألم من شخص لآخر؟    الحسيمة تحتفي بانطلاق مهرجان الشواطئ بأمسية للفنان رشيد قاسمي    ترامب يغيّر وصفة "مشروب القمامة" وسط تحذيرات من مخاطر "كوكاكولا"    البيت الأبيض يعلن إصابة ترامب بمرض مزمن    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كرة القدم: البعد السياسي والنفسي
نشر في لكم الرياضة يوم 18 - 04 - 2013

كرة القدم لعبة بلغت شعبيتها الآفاق إلى درجة أن أصبح لها دور مهم في السياسة والإقتصاد وحتى في جانب التكوين النفسي للأفراد والجماعات وسنتناول في هذه القراء الجانب النفسي والسياسي لكرة القدم.
استخدمت كرة القدم من لدن العديد من الأنظمة لشغل الشعوب عن المناقشات والتفكير في حاجياتهم وحقوقهم الأساسية، وكانت القرارات المهمة وربما المصيرية تأخذ تزامنا مع المباريات التي تشد إليها الجماهير. وما إن تنتهي هذه الدوريات أو البطولات أو الكؤوس حتى يجد الناس أنفسهم قد تعايشوا مع هذه القرارات أو الزيادات في الأسعار أو تعايشوا مع إعتداءات على شعب أو دولة صديقة دون أن تجد التعاطف والدعم اللازمين.
الوجه الآخر للإستغلال السياسي لكرة القدم يكمن في كونها تستخدم للتنفيس عن الجماهير بحيث تصحبها المناقشات والإحتفاليات قبل وأثناء وبعد المباراة فتفرغ ضغوطاتها النفسية بالغناء والصراخ داخل الملاعب وكذلك المقاهي، وفي اللقاءات والتجمعات بمناقشات التشكيلة والخطة وغيرها، هذا لأن كرة القدم هي المادة التي يجد فيها الصغير والكبير، الأمي والمتعلم والمثقف، وجميع الفئات الإجتماعية أنهم على دراية كبيرة بها، فيمكنهم أن يشخصوا مكامن القوة والضعف عند اللاعبين، ويمكنهم إنتقاد خطة المدرب وطريقة التحكيم وكل شيء. ومن خلال طريقة مناقشة قاعدة كبيرة من محبي كرة القدم، تلاحظ أنهم يحاولون إثبات ذواتهم، كما أنها فرصة للتعبير عن الرأي قد لا يجدها الشخص في العمل أو البيت أو الحزب أو النقابة، وهي مجال لإفراغ منسوب غضب أو عاطفة أو غيرة، فتجد الشخص مثلا يغار على (فريقه) ولا يغار على عرضه، ويغضب إذا خسر (فريقه) ولا يغضب لظلم لحقه.
وكرة القدم هي التي تحقق للفرد الإحساس بنشوة النصر والإحساس بالتفوق الذي عجز عن إنجازه في الدراسة أو العمل أو أي مجال آخر، لذلك فهي الملاذ للتعويض عن النقص. وحينما لا يجد المتفرج النتائج التي تدخل عليه الفرح، فإنه يضيف ولاء إضافيا لفريق آخر كالبارصا أو الريال بحثا عن فرح في أعراس الآخرين. ولذلك فالعديد من الأنظمة تشجع الأبطال أو الفرق الوطنية المشاركة في ملتقيات دولية ماديا ومعنويا كأن يتصل الحاكم شخصيا باللاعبين هاتفيا للرفع من معنوياتهم، لماذا؟ لأن بانتصار فريق البلد يعم إحساس بالرضى في الشارع بين المواطنين ويغطي على فشل الحاكم في جعل المواطن يحس بهذا الرضى لما تقدمه له الدولة من خدمات، وبالتالي يحصل له الإعتزاز بالإنتماء لهذا الوطن، فتكون الإنتصارات الرياضية فرصة لتعويض هذا الشعور. والشاهد أننا نجد العديد من العاطلين اليائسين الذين بلغ بهم الإحباط أن كرهوا بلدهم وعلى إستعداد لخوض غمار الموت من أجل أن يقطعوا للضفة الأوربية، ومع ذلك تأخذهم الحمية الوطنية مع أول مباراة للفريق الوطني. لذلك لا نسمع الغيرة على الوطن والانتماء الوطني كما في مناقشة المشاكل والإخفاقات في كرة القدم، ولهذا يسمح لجمهور كرة القدم ما لا يسمح لغيره فهو يمكن أن يحتل الشوارع والأماكن العامة، فلا تقمعه السلطات ولا تتدخل مثلما تفعل مع المحتجين على الأوضاع الإجتماعية، فيكسر الحافلات فتصلحها لحمله للملاعب في الأسبوع الموالي. وعندما ترعى الأنظمة (الثقافة الكروية) من خلال تهييج الجماهير عبر إشهار المباريات وأثناء تغطيتها بتلك التعبئة الحماسية وكأنها إعلان حرب، فلا داعي لأن تتباكى فيما بعد على الأخلاق والروح الرياضية لما يصدر عن الجماهير من عنف وتخريب. وعندما تدعم الأنظمة هذه الثقافة التي تكرس الولاء لهذا الفريق أو ذاك بالإضافة إلى تكريس مبدأ إما ربح وإما خسارة في اللاشعور الجماهيري فإن هذه الأنظمة تلعب بالنار، لماذا؟ لأن السحر يمكن أن ينقلب على الساحر في أية لحظة وكل ما كانت تسعى إليه، تكون قد عملت على ما يؤدي إلى عكس المراد منه، كيف ذلك؟ لأن الجماهير إعتادت على التجمهر والهتاف، وإعتادت على شغب الملاعب، وتوالي وتعادي بنسبة مائة بالمائة، لذلك يصعب إقناع هذه الجماهير بالإصلاح إذا آمنت بالتغيير، ويصعب إقناعها بالتدرج والمرحلية إذا آمنت بتحسين الأوضاع الإجتماعية، أو رفع ظلم أو تحقيق مطلب، هذا دون الحديث عن كونها شبت على إلقاء باللائمة على الآخرين الذين تجعلهم مسؤولين عن أخطاءها، فخسران الفريق لا يعود للمستوى الجيد لفريق الخصم تقنيا وبدنيا بقدر ما يعود لخطأ هذا اللاعب أو ذاك أو تحيز الحكم أو خطة المدرب. ولها رغبة في الوصول إلى القمة دون عناء والحصاد دون زرع. ونجد لهذا في واقع الشباب ما يعضده فقد أصبح الشاب يرفض العمل براتب متواضع لأن طموحه أكبر من أن يصبر على مثل هذا الراتب فيفضل العطالة وركوب الموت ليعبر إلى البلاد التي يرى أنه سيحصل فيها على كل ما يحلم به، أو يتجه إلى أنواع مختلفة من السرقات رغبة في المال وانتقاما من واقع مرير يرى أنه لم ينصفه.
إلغاء المنطق السليم لتبرير الإنتماء : فإذا كان الإنسان كما يقول المفكر الإسلامي المقرئ الإدريسي أبو زيد يميل إلى إختيار معين فإنه يكون لسبب وظيفي أو جمالي أو رمزي، ويعطي على ذلك مثالا فيقول أن المغربي لما يلبس الجلباب يكون إما لكونه يقي من البرد وهذا بعد وظيفي، أو لكونه جميل ويضفي على صاحبه لمسة جمالية وهذا بعد جمالي، أو لأن الجلباب لباس تقليدي مغربي وهذا بعد رمزي. فلما يكون هوى الشخص وإنتماءه العاطفي مع فريق ما لا لكون هذا الفريق يلعب أحسن فإذا ما تراجع مردوده وتوالت عليه الهزائم راجع الشخص هذا الإنتماء، ولا لكون هذا الفريق له لمسات جمالية يتميز بها فإذا ما انتفت أوقف الشخص ولاءه أو غيره، حتى أننا نجد الجمهور إبتكر مثلا كلمة ” ديما رجا ” أو ” ديما وداد ” في إشارة إلى الإسرار على الرباط في نفس الخندق للفريق المفضل حتى ولو خلى هذا الفريق من كل ما يمكن أن يفضل به عن غيره. ويكون ولاءه لهذا النادي لا يضاهيه ولاء من يسترزقون منه من مدربين ولاعبين وتقنيين، لأن هؤلاء يمكن أن يغيروا النادي كلما كان العرض أحسن. وهذا يؤسس في لاشعور الفرد عدم اتخاذ قرارات على أسس منطقية، ويبني داخله عدم حاجته لتبرير قراراته ومواقفه، فتجد الشخص عندما يسأل مثلا عن السبب فيما فعل أو يفعل يجيب : “أنا هكذا”، دون شرح أو تعليل، وله قناعة أنه ليس من الضروري تبرير كل ما يُقدِم عليه.
لهذا فشغب جماهير كرة القدم من تجليات بناء فكري وبنية نفسية تؤسس لها سياسة إعلامية متبعة في لا شعور جيل يعاني من عوز مادي وفكري ونفسي يتخذ من الفنانين والرياضيين قدوة له.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.