محمد إنفي الإعلام الجزائري، بكل منابره وفروعه وأنواعه، يجسد آفة الغباء في أجلى صورها؛ ويمكن أن نلمس هذا في خطه التحريري وفي مضمونه وأسلوبه؛ وهو، في الواقع، صورة ونموذج تطبيقي لغباء النظام العسكري. وهذا الغباء بلغ مداه في عهد عبد المجيد تبون وشنقريحة؛ وقد حطم هذا الثنائي الرقم القياسي في العبط والهبل، وفي الجهل والفشل بسبب قصر النظر والاعتماد على العنتريات الفارغة والغطرسة المنفوخة بالهواء. وهذه العقلية هي التي تحكمت في الإعلام الجزائري وجعلته يستحق تسميته بإعلام "الزيكو"(إعلام قنوات الصرف الصحي). وهذه التسمية أطلقها جزائريون اقتنعوا بأن خوض إعلام بلادهم في سفاسف الأمور بأسلوب حقير وقذر إلى أقصى الحدود، يضر بالجزائر قبل أن يضر بالغير (أنظر مقالنا بعنوان "لا يوجد في العالم إعلام بقذارة وحقارة الإعلام الجزائري"، نشر في "الحوار المتمدن"، الموقع الفرعي ل"محمد إنفي"، بتاريخ 10 سبتمبر 2025). ولغباوة النظام فهو يلجأ، إعلاميا، إلى الأغبياء والعُبَّط للدفاع عنه وعن الجزائر. فكيف للجاهلين بأخلاقيات المهنة وبالأخلاق العامة، أمثال بونيف والشيخ النوي وغيرهما كثير، بالقدرة على الترافع والإقناع؟ ففاقد الشيء لا يعطيه. وآفة الإعلام الجزائري أنه موجه؛ فلن تجد في الجزائر وسيلة إعلامية واحدة، رسمية كانت أو غير رسمية، تمارس المهنة بحرية ولها خط تحريري خاص بها وصحافيوها يعبرون عن آرائهم بحرية. فمن ينتقد النظام أو يخالف رأيه، ولو حتى بتدوينة في الفايسبوك أو في "إكس" (تويتر سابقا) ينتظره سجن الحراش. الحرية الوحيدة المسموح بها والمطلوبة في الجزائر، هي الإساءة للمغرب؛ وهذا خط تحريري إلزامي لكل الأنواع الإعلامية الموجودة في هذه الزريبة الآدمية. ويكفي المرء أن يتتبع ما يُكتب في الصحف الجزائرية أو ما تبثه إذاعاتهم أو تذيعه تلفزيوناتهم الرسمية وغير الرسمية من أخبار زائفة يندى الجبين لمحتواها المنحط ولأسلوبها البذيء ولقذارة وحقارة أهدافها. وما يؤجج هذا التوجه الحقير، هو الإنجازات المغربية على أرض الواقع، المتمثلة في النجاحات السياسية والاقتصادية والتنموية والديبلوماسية والرياضية وغيرها. وهذا يخلق، في الجزائر الفاشلة على كل الأصعدة (فاشلة اقتصاديا، سياسيا، ديبلوماسيا، رياضيا…) ردود فعل حاقدة وحاسدة يتردد صداها في إعلامها الصدئ، القذر والنتن…!!! لنأخذ بعض الأمثلة عن هذه النتانة والعفن والغباء الطافح من النشرات الإخبارية في الإعلام الرسمي الجزائري. يكفي أن يعلم القارئ بأن اسم المغرب ممنوع ذكره في الإعلام الجزائري، ما لم يكن الأمر يتعلق بخبر سيئ أو سلبي. ويتذكر الجمهور الرياضي كيف تعاملت التلفزة الجزائرية مع الأخبار الرياضة خلال مباريات كأس العالم بقطر سنة 2022. المرة الوحيدة التي ذُكر فيها اسم المغرب، هي لما خسر فريقنا الوطني مباراة النصف النهائي ضد فريق فرنسا (وأهل الاختصاص تحدثوا حينها عن ظلم تحكيمي متعمد لإخراج المغرب من السباق)؛ بينما كانت التلفزة الجزائرية تعلن عن خسارة بلجيكا وكندا وبعدهما إسبانيا ثم البرتغال تباعا، لكن دون ذكر اسم المغرب الذي أخرج هذه فرق هذه البلدان من المسابقة العالمية؛ مما جعل بلدان العالم العربي وإفريقيا (باستثناء بلاد الغباء والعبط، بلاد الزلط والتفرعين كما قال بوتفليقة رحمه الله) يهتفون بالإنجاز المغربي غير المسبوق باعتباره تمثيلا وتشريفا للعالم العربي وللقارة الإفريقية. وقد تكرر نفس السيناريو ونفس الأسلوب الغبي مع البطولة الإفريقية للإناث التي نٌظمت ببلادنا في يوليوز 2024. وقد تأهل إلى المباراة النهائية المغرب ونيجيريا؛ لكن الإعلام الجزائري الغبي والمنحط، لم يخجل من الإعلان بأن نيجيريا تأهلت وحدها إلى النهائي. وهناك تصرفات غبية وحقيرة تمت خلال هذه البطولة؛ وهي بعيدة كل البعد عن الروح الرياضية وعن قواعد اللعبة وأخلاقها. وبما أن غباء الإعلام الجزائري ليس له حدود، فقد بدا لنا مفيدا أن نقف هنا ونضع عبارة "يتبع" كإشارة إلى العودة للموضوع في جزئه الثاني وربما حتى الثالث إن اقتضى الحال. مكناس في 9 دجنبر 2025