بنعليلو يرأس هيئات الوقاية من الفساد    سوريا.. تشكيل هيئتين للعدالة الانتقالية والمفقودين ل"جبر الضرر الواقع على الضحايا    ذكريات 1997 حاضرة في نهائي "الكان" بين المغرب وجنوب إفريقا    التوصيات الرئيسية في طب الأمراض المعدية بالمغرب كما أعدتهم الجمعية المغربية لمكافحة الأمراض المعدية    أيدي يرأس التحضير لمؤتمر "الاتحاد"    الكركرات: حجز 3 أطنان من الشيرا في عملية مشتركة للأمن والجمارك    بينهم آلاف المغاربة.. قاصرون مهاجرون في قلب تقرير حقوقي إسباني    تيك توك يطلق خاصية جديدة للتأمل والاسترخاء تستهدف المراهقين    اليمين المتطرف الأوروبي يجتمع في إيطاليا للمطالبة بترحيل جميع المهاجرين    في يومها الأول.. أبواب الأمن الوطني المفتوحة بالجديدة تسجل رقما قياسيا في عدد الزوار (صور)    كأس الاتحاد الإفريقي: نهضة بركان يدنو من منصة التتويج    نزار بركة: 2025 سنة الحسم في ملف الصحراء ومكانة حزب الاستقلال في صدارة المشهد السياسي    هشام العماري رئيساً جديداً لنادي قضاة المغرب خلفاً لعبد الرزاق الجباري    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    متحف أمريكي يُعيد إلى الصين كنوزاً تاريخية نادرة من عصر الممالك المتحاربة    قداس تاريخي في الفاتيكان: البابا لاوون الرابع عشر يفتتح حبريته وسط حضور عالمي    مديرية الأمن الوطني تشجع على الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي    سقوط 32 شهيدا في غزة على خلفية توسيع إسرائيل هجومها رغم تزايد دعوات الهدنة    القمة العربية تدعم ترشيح المملكة المغربية لمقعد غير دائم في مجلس الأمن    مأساة في نيويورك بعد اصطدام سفينة مكسيكية بجسر بروكلين تُسفر عن قتلى وجرحى    إسبانيا: قنصلية متنقلة لفائدة الجالية المغربية المقيمة بسيغوفيا    عهد جديد للعلاقات المغربية- السورية.. اتفاق على استئناف العلاقات وفتح السفارات    أوكرانيا تعلن إسقاط 88 مسيّرة    زيارة إلى تمصلوحت: حيث تتجاور الأرواح الطيبة ويعانق التاريخ التسامح    من الريف إلى الصحراء .. بوصوف يواكب "تمغربيت" بالثقافة والتاريخ    تنظيم الدورة الثالثة عشرة للمهرجان الدولي "ماطا" للفروسية من 23 إلى 25 ماي الجاري    كرة القدم النسوية.. الجيش الملكي يتوج بكأس العرش لموسم 2023-2024 بعد فوزه على الوداد    أكثر من 100 مهاجر يتسللون إلى سبتة خلال أسبوعين    ندوة ترسي جسور الإعلام والتراث    لا دعوة ولا اعتراف .. الاتحاد الأوروبي يصفع البوليساريو    بعد منشور "طنجة نيوز".. تدخل عاجل للسلطات بمالاباطا واحتواء مأساة أطفال الشوارع    المهرجان الدولي "ماطا" للفروسية يعود في دورة استثنائية احتفاءً بربع قرن من حكم الملك محمد السادس    نهضة بركان يهزم سيمبا بثنائية في ذهاب نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية    "الأشبال" يستعدون ل"بافانا بافانا"    بنهاشم يدرب فريق الوداد لموسمين    ضمنها مطار الناظور.. المغرب وإسبانيا يستعدان لإنشاء 10 فنادق بمطارات المملكة    طنجة تستعد لاحتضان الدورة السابعة للمؤتمر الدولي للأنظمة الذكية للتنمية المستدامة تحت الرعاية الملكية    بعد رفع أول حلقة من سقف ملعب طنجة.. الوالي التازي يُكرم 1200 عامل بغداء جماعي    افتتاح فضاء بيع السمك بميناء الحسيمة ب60 مليونا    انتخاب نور الدين شبي كاتبا لنقابة الصيد البحري التقليدي والطحالب البحرية بالجديدة .    في طنجة حلول ذكية للكلاب الضالة.. وفي الناظور الفوضى تنبح في كل مكان    الأمن الوطني وتحوّل العلاقة مع المواطن: من عين عليه إلى عين له    المغرب يتصدر السياحة الإفريقية في 2024: قصة نجاح مستمرة وجذب عالمي متزايد    طنجة تحتضن أول ملتقى وطني للهيئات المهنية لدعم المقاولات الصغرى بالمغرب    شركة "نيسان" تعتزم غلق مصانع بالمكسيك واليابان    وزارة الصحة تنبه لتزايد نسبة انتشار ارتفاع ضغط الدم وسط المغاربة    ريال مدريد يضم المدافع الإسباني هاوسن مقابل 50 مليون جنيه    بوحمرون يربك إسبانيا.. والمغرب في دائرة الاتهام    ورشة تكوينية حول التحول الرقمي والتوقيع الإلكتروني بكلية العرائش    معاناة المعشرين الأفارقة في ميناء طنجة المتوسطي من سياسة الجمارك المغربية وتحديات العبور…    سميرة فرجي تنثر أزهار شعرها في رحاب جامعة محمد الأول بوجدة    افتتاح المعهد الوطني العالي للموسيقى والفن الكوريغرافي عند الدخول الجامعي 2025-2026    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    منظمة: حصيلة الحصبة ثقيلة.. وعفيف: المغرب يخرج من الحالة الوبائية    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    رفع كسوة الكعبة استعدادا لموسم الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد إسقاط «الإخوان»: «الميدان» في مواجهة الضغوط المذهبة
نشر في مغارب كم يوم 25 - 07 - 2013

ليس ل«الإخوان المسلمين» سمعة طيبة في المشرق العربي خصوصاً، أما في سائر الجهات العربية، فإن صورة هذا التنظيم العريق تاريخياً يسودها قدر من الغموض، يختلط فيها الارتياب بمقاصده الانقلابية، في ظل التباسات عديدة في سلوكه السياسي المرتكز أساساً على الشعار الديني مع تغييب لبرنامجه الاقتصادي الاجتماعي، فضلاً عن الارتباك في تحالفاته السياسية.
لقد ثبتت لهم صورة محددة في ذهن الأكثرية العربية: أنهم يفضلون العمل السري في أنشطتهم، ويعتمدون صيغة «الجماعة» ذات الإيحاءات الدينية، على صيغة «الحزب» بدلالاته السياسية المحددة ببرنامج واضح في رؤيته لمجتمعه واحتياجاته وطموحاته وموقعه منها.
كذلك فقد طاردتهم شبهة اللجوء إلى الاغتيال السياسي في مواجهة خصومهم، وبالتحديد الحكام منهم، والتكتم وتقصد الغموض في علاقاتهم بالقوى السياسية ذات التاريخ، في المشرق أساساً، ثم في سائر أنحاء الوطن العربي.
كان شعارهم الإسلامي يأخذهم في سلوكهم العملي إلى موقع العداء أو الخصومة مع حركة العروبة والأحزاب ذات التوجه القومي العربي عموماً، وربما تمددت هذه الخصومة فطاولت الأحزاب والهيئات والقوى ذات التوجهات الوطنية.
ثم أنهم كانوا متهمين بمهادنة الأنظمة الموالية للغرب (السعودية مثلاً) بل الغرب الاستعماري عموماً، على حساب نضال الشعوب من اجل التحرر واستعادة قرارها الوطني الحر.
إضافة إلى هذا كله، كانت لهم «سمعة دموية»، وكان خصومهم يتهمونهم باعتماد سياسة التواطؤ والسرية، في مواجهة من هم «خارجهم» والتصفيات لردع من يخالفونهم من داخل التنظيم أو في محيط أصدقائه.
ربما لهذا كله أصيب العرب، خارج مصر، بالصدمة بقدر ما صدم المصريون وأكثر، حين برز «الإخوان المسلمون» بعد انفجار «الميدان» في القاهرة بانتفاضته الأولى، والتي لم يشاركوا جدياً في إطلاقها، كطرف مقرر بالتواطؤ مع قيادة المجلس العسكري الأعلى (المشير طنطاوي)... ثم توالت المفاجآت عبر مزيد من التواطؤ مع المشير ورفاقه: التعديل الدستوري الأول، انتخابات المجلس النيابي ومجلس الشورى، وصولاً إلى الانتخابات الرئاسية.
ومعروفة هي الالتباسات وأنماط التحالفات والمخاصمات التي حكمت مسار الانتخابات الرئاسية والتي وفرت فرصة قدرية لمرشح ناقص الكفاءة والخبرة معدوم الثقافة السياسية، لأن يكون أول رئيس أخواني في الدولة العربية الرائدة في الفقه الدستوري وتجربة الانتخابات والنضال الديموقراطي.
لم يسقط ذلك الحدث الاستثنائي من خارج التوقع فقط، ولكنه جاء من خارج المسار الطبيعي لانتفاضة الميدان وشعاراته المعبرة عن طموحات الملايين التي احتشدت فيه على مدى شهور: لقد فاز بالرئاسة من لم يختره الميدان مرشحاً، ومن لم ينتخبه اقل من نصف الناخبين المصريين إلا اضطراراً وهرباً من المرشح الآخر الذي كان فوزه يعني اغتيال الميدان وأهدافه.. في الميدان وبأيدي أهله.
وكانت تلك فرصة تاريخية استثنائية لجماعة «الإخوان المسلمين» لإثبات جدارتها بالمسؤولية الوطنية، وبالثقة الشعبية التي رفعت واحداً من قيادييها إلى سدة الرئاسة، ولو لتعذر إيصال المرشح المعبر حقيقة عن ضمير الميدان وعن تطلعات ملايين المصريين إلى الخروج من نفق الحكم الفردي المصفح بالعسكر وبالفساد الشامل الذي أنهك «الدولة» في مصر وخرب إدارتها واقتصادها، وألحق قرارها بالهيمنة الأجنبية، وإسرائيل أبرز هذه المصالح وأخطرها.
لكن «الإخوان»، الذين أسكرهم هذا الفوز من خارج القدرة والتقدير، قد تصرفوا بكفاءة نادرة المثال لكي يخسروا، وبالسرعة القصوى، هذه الفرصة الاستثنائية التي لم تكن تخطر لهم ببال.
لم يعرف «الإخوان» أن يربحوا، ثم ها هم يتصرفون وكأنهم لا يعرفون كيف يحجّمون خسارتهم، وهي هائلة. وهكذا فقد اندفعوا يقامرون بتاريخهم كله وبرصيدهم الشعبي الذي اجتمع لهم حين كانوا في موقع «المقهور» أو «المغلوب على أمره»، والذي تقاتله «الدولة» جميعاً ثم تهادنه في لحظات محددة لكي تستخدمه في قهر حركة الاعتراض الشعبي الواسع أو التزوير عليها بإظهار «الإخوان» نواباً، يبررون للحكم خطاياه ويسفهون معارضيه الذين طالما اتهموه بالديكتاتورية وتزوير إرادة الشعب.
هل هذا حديث عن الماضي وفيه؟
أبداً، إنه حديث عن المستقبل... ذلك أن حكم «الإخوان» قد كشف مصر لكل المتربصين بها ممن يريدون التخلص من خطر دورها القيادي في أمتها، واستدرج العديد من القوى المعادية إلى التقدم لمحاولة تدجين الميدان الذي أسقط حكم «الإخوان»، وبأقصى سرعة ممكنة، وشراء انتفاضته بالذهب، للتأثير المباشر في المرحلة الانتقالية، لتنتهي مسيرتها بنتائج تطمئن الخائفين من سيادة المناخ الثوري في المنطقة العربية عموماً.
فليس من غير دلالة أن يكون أول من يزور القاهرة، بعد انتفاضة «30 حزيران» وتنصيب الرئيس المؤقت، ومن قبل أن تتشكل الحكومة الانتقالية، نائب وزير الخارجية الأميركية، ثم أن تليه وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، ثم أن يكون أول مسؤول عربي هو الملك الأردني... وكل هؤلاء ليسوا من دعاة الثورة، أي ثورة، وليسوا بالتأكيد من الحريصين أو من المرحبين بعودة مصر إلى دورها القيادي في أمتها العربية.
يتصل بذلك التدفق الأسطوري في حجمه، والمباغت في توقيته، للمساعدات والإعانات قروضاً وهبات وبين بين من الدول النفطية، تحت الراية السعودية، التي لم يعرف عنها إيمانها بالثورات الشعبية أو بنصرتها لإرادة التغيير الثوري، أو إيمانها بحق الأجيال الجديدة ونخبهم، ممثلة بشباب ثوري من نمط «تمرد»، في التقدم لقيادة حركة التغيير في دولة عظيمة الأهمية والقدرة على التأثير في محيطها مثل مصر.
إن الزوار الضيوف الأوائل الذين توافدوا على القاهرة يشكلون ما يمكن من اعتبارهم «لجنة فاحصة» لنيات قادة حركة التغيير الذين نجحوا بالاتكاء على الجيش في إسقاط حكم «الإخوان» في الميدان وعبر الإرادة الشعبية التي احتشد لإعلانها مدوية عشرات الملايين في القاهرة وسائر المدن والقصبات والدساكر في طول مصر وعرضها.
هل هي الخصومة ل«الإخوان المسلمين» أم هو الخوف من أن تكمل حركة التغيير الثوري مسيرتها بعدما استعاد الميدان وعيه وقرر استئناف مسيرته من اجل بناء نظام سياسي يعكس طموحات الشعب المصري إلى إعادة بناء دولته العريقة على أسس من الديموقراطية والعدالة، واستعادة مصر دورها القيادي في أمتها وفي محيطها العربي والأفريقي وصولاً إلى المستوى الدولي؟
هل هو هجوم استباقي من أهل النفط، الذين طالما تصرفوا كمجرد منفذين لإرادة «الخارج»، لمصادرة الثورة بالذهب بعدما فشل حملة الشعار الديني في الهيمنة على ميدانها وشطبه بوصفه القيادة ومصدر القرار في كل ما يتصل بحاضر مصر ومستقبلها ودورها في محيطها؟
إن ملك الأردن ليس أفضل داعية للثورة والثوار، بل لعله أفضل ناقل للهواجس الإسرائيلية ومعها الهواجس الخليجية، وقد تلاقت جميعاً على إظهار القلق من أن يكون «العهد الجديد» في مصر هو الداعية والمبشر والنموذج للتغيير الثوري في المنطقة العربية جميعاً... ولذا فلا بد من محاصرته ومحاولة التسلل إلى صيغة الحكم المؤقتة فيه، للتأثير في قراراتها، بحيث تمهد لاستيلاد مصر جديدة، ولكن غير تلك التي حلم بها ثوار «الميدان» واصطنعوا لها بدل الثورة ثورتين، وما زالوا على سلاحهم حتى لا تسرق الثورة مرة أخرى، ومن الخارج هذه المرة.. و«الخارج» موجود في «الداخل» وبقوة كما يعرف الجميع، وكما ستكشف الأيام المقبلة.
"السفير"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.