مباشرة بعد تعيينها في منصب الوزيرة المنتدبة في الخارجية والتعاون، في اكتوبر الماضي، وهو المنصب الذي لم ترشحها له حينئذ التوقعات والمشاورات إلا في اللحظات الأخيرة التي سبقت إجراء رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، الجراحة الأولى على حكومته؛ منذ ذلك الحين حرصت السيدة،مباركة بوعيدة، على الظهور في المشهد السياسي المغربي وكأنها وزيرة متمرسة ذات باع في الدبلوماسية، ما جعل الوزير، صلاح الدين مزوار، يوكل إليها أو يشركها في تدبير ملفات السياسة الخارجية للمملكة، وفي طليعتها ملف الصحراء حيث التقت الوزيرة المنتدبة المبعوث الأممي إلى الصحراء "كريستوفر روس" خلال زيارته الأخيرة للرباط .ما اعتبره المراقبون إشراكا للمسؤول الثاني في الخارجية المغربية في تنفيذ التوجهات الكبرى التي يحددها العاهل المغربي الملك محمد السادس، بخصوص الملفات الاستراتيجية للملكة. وعلى عكس الثنائي السابق، الذي ادار الخارجية المغربية والمكون من الوزير: سعد الدين العثماني، من حزب العدالة والتنمية، والوزير المنتدب يوسف العمراني (حزب الاستقلال) اللذين افتقدا الانسجام التام منذ الأيام الأولى في الوزارة ، فإن الوزيرة بوعيدة/ تنتمي إلى نفس حزب وزيرها، مزوار، أي التجمع الوطني للأحرار، وبالتالي فان الوزير ومساعدته الأولى ليسا غريبين على بعضهما بل يوجد تكامل بين المشرفين الحاليين على شؤون الدبلوماسية المغربية، ما يجوز معه التكهن بمستقبل مشرق للوزيرة بوعيدة، سواء في منصبها الحالي أو فيما ينتظرها في القادم من الايام، فهي من أصول صحراوية، واهل الصحراء معروفون، رجالا ونساء، بالذكاء والعصامية والرغبة في إثبات الذات، فقد فرضت الوزيرة حضورها الإيجابي على حزبها في زمن يسير، بل إنها بدت من خلال تدخلاتها في وسائل الإعلام المغربية، مقنعة وملمة بالملفات الأساسية، والأهم هو طبعها الميال إلى الحوار الهادئ والابتسامة العريضة أثناء احتدام النقاش. وفي هذا السياق التصاعدي، توجهت الوزيرة مطلع الأسبوع الجاري إلى العاصمة الإسبانية مدريد في اول زيارة مهمة لها إلى الخارج، حيث هيئ لها برنامج حافل، تمثل في محادثات شاملة مع وزير الخارجية الإسباني غارثيامارغايو، ونائب كاتب الدولة في الخارجية غانثالوبينيتو، كما استقبلت الوزيرة من طرف رئيس مجلس الشيوخ ونائب رئيس مجلس النواب ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الإسباني. وهذه حظوة استثنائية لا ينالها دائما وافد جديد على المنصب. وحسب ما اوردته وسائل الإعلام الإسبانية فإن الوزيرة المغربية بحثت فيمقر الخارجية الإسبانية أهم أوجه التعاون الثنائي بين البلدين الجارين، كما استعرضت مع محاوريها أبرز القضايا الإقليمية والدولية وخاصة الوضع على ضفتي البحر الأبيض المتوسط وفي منطقة الساحل مرورا بالأوضاع المتأزمة في مصر وسوريا، كما تدارس الجانبان الاستعدادات لاجتماع اللجنة العليا المشتركة بين البلدين حيث ستعقد الدورة المقبلة في مدريد . وبطبيعة الحال لم تخل المباحثات من التطرق إلى تطورات قضية الصحراء،على ضوء الجولة الأخيرة للوسيط الأممي "روس" والتي لم تترك أي اثر إذ لم يستقبل لا من طرف الرئيس الجزائري ولا من قبل العاهل المغربي، على الرغم من تسريبات سبقا زيارته أشارت إلى أنه يحمل الجديد المخالف شكلا ومحتوى، لما سبق أن عرضه على الاطراف منذ شروعه في مهمته. وتشير زيارة الوزيرة بوعيدة إلى تقاسم الأدوار بينها وبين الوزير مزوار، هي تتكلف بالشق السياسي والدبلوماسي بينما يعكف هو على ما يمكن تسميته الدبلوماسية الاقتصادية، بالنظر إلى خلفيته المالية وعلاقاته بأوساط المال والأعمال. هناك عامل أضافي سيساعد الوزيرة على الترقي في سلم النجاح، إنه أجادتها للغات أجنبية عدا الفرنسية، الشرط الذي قلما توفر فيمن تداولوا على قيادة الدبلوماسية المغربية، بل إن بعضهم افتقد خاصية الفصاحة.