الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    الجزائر تناور في مجلس الأمن الدولي    تقديم نموذج "السيارة الذكية" الخاصة باجتياز امتحان رخصة السياقة    37 ألفا و766 مسجدا في القرى مقابل 14 ألفا في المدن    شهيد يرد على الأحرار: "تُشيطنون" المعارضة وتجهلون التاريخ وحقوق الإنسان والممارسة السياسية (فيديو)    ندوة فكرية بمراكش حول "مجموعة اليواقيت العصرية"، للمؤرخ والعلامة محمد ابن الموقت المراكشي    الصحراء المغربية على أعتاب لحظة الحسم الأممية... معركة دبلوماسية أخيرة تُكرّس تفوق المغرب وعزلة الجزائر    الفريق الاستقلالي: المناطق الجبلية تعاني التهميش.. والمؤشر الاجتماعي يعرقل تنزيل الورش الملكي    "الديربي البيضاوي".. الإثارة والتنافس يلتقيان في مركب محمد الخامس    توقيع اتفاقية برنامج "تدرج" بالدار البيضاء    لقاء أدبي بالرباط يحتفي برواية «أثر الطير» لثريا ماجدولين    سعيد بوكرامي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ابن خلدون سنغور للترجمة    لقاء أدبي مع لطيفة لبصير بتطوان احتفاء ب«طيف سبيبة»    مجلس النواب .. الأغلبية تعتبر مشروع القانون المالي تجسيدا لإرادة الحكومة في مواصلة المسار التنموي    العصبة الاحترافية تعلن تغيير موعد مباراة الوداد واتحاد طنجة    برلماني: بعض المطاحن تطحن "الورق" مع الدقيق ليأكله المغاربة.. ولا مراقبة على 16 مليار درهم المخصصة للدعم    "أمازون" تستغني عن خدمات 14 ألف موظف وتتجه إلى الاعتماد على الذكاء الاصطناعي    ريال مدريد يعلن خضوع كارفخال لعملية جراحية ناجحة    إغلاق نهائي لسجن عين برجة بسبب تدهور بنيانه وخطورته على النزلاء    11 قتيلا في تحطم طائرة صغيرة بكينيا    الإعصار "ميليسا" يهدد حياة 1.6 مليون طفل في منطقة البحر الكاريبي    الاتحاد الإفريقي يدين "فظائع الفاشر"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    مندوبية السجون تعلن الإغلاق النهائي لسجن عين برجة    السياقة الاستعراضية والاعتداء على شرطي يوقف متهورين بالدار البيضاء    مايكروسوفت: المغرب ثالث أكثر الدول الإفريقية تعرضا للهجمات السيبرانية    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية:أضواء على صفحات منسية من تاريخ الحركة الأدبية بالمغرب، من خلال سيرة الشاعر أحمد الزعيمي وديوانه المحقق..    صورٌ ومشاهد من غزة بعد إعلان انتهاء العدوان (8)    عبد الإله المجدوبي.. العرائشي الذي أعاد للذاكرة دفئها وللمكان روحه    قيوح: نعمل على اقتناء 168 قطارا جديدا بينها 18 قطارًا فائق السرعة    مكناس.. تحسيس النساء القرويات بفوائد الرضاعة الطبيعية    فضيحة تحكيمية تهز كرة القدم التركية    كيوسك الثلاثاء | المغرب ضمن الدول ال 30 الأفضل سمعة في العالم    صلاح وحكيمي ضمن ترشيحات "فيفبرو"    بدوان تحمل العلم الوطني في المرحلة 11 "سباق التناوب الرمزي المسيرة الخضراء"    إنجازات كرة القدم المغربية تلهم مصر    الذهب يصعد وسط تراجع الدولار واحتمالات خفض الفائدة    تنفيذا لما جاء في مشروع مالية 2026.. الحكومة تكثف جهودها لإدماج الشباب والنساء في سوق الشغل    ولد الرشيد يتباحث مع سفراء بلدان آسيا-المحيط الهادي المعتمدين بالمغرب    ميسي يتطلع للمشاركة في كأس العالم 2026 رغم مخاوف العمر واللياقة    النمل يمارس التباعد الاجتماعي عند التعرض للأمراض والأوبئة    دراسة حديثة تحذر من مغبة القيادة في حالة الشعور بالإرهاق    إقبال متزايد على برنامج دعم السكن..    بريطانيا تجدد التأكيد على دعمها لمخطط الحكم الذاتي في الصحراء المغربية    المغرب يتوفر على إمكانات "مهمة" للنهوض بفلاحة مستدامة (ممثل الفاو)    طنجة وتطوان تدخلان عصر النقل الذكي بعد استقبال 56 حافلة عصرية ضمن المرحلة الأولى    تقرير أممي يتهم أكثر من 60 دولة بينها المغرب بالمشاركة أو التواطؤ في إبادة غزة    المغرب وإسبانيا يعززان تعاونهما لمواجهة آثار التغير المناخي    أمن طنجة يوقف سائق عربة لنقل العمال دهس سائق دراجة نارية ولاذ بالفرار    مواد سامة وخطيرة تهدد سلامة مستعملي السجائر الإلكترونية    تتويج المغرب في جائزة اللغة العربية    إقبال كبير من المهنيين وعشاق السينما على مهرجان الفيلم بطنجة    اكتشاف خطر جديد في السجائر الإلكترونية يهدد صحة الرئة    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    المجلس العلمي الأعلى يضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد الأشهب – "الحياة": المغرب والمنظومة الخليجية
نشر في مغارب كم يوم 21 - 10 - 2012

لم يتغير الخط البياني للديبلوماسية المغربية كثيراً، فقد انكفأت وقتاً أطول على ترتيب البيت الداخلي. وصادف أن العاهل المغربي الملك محمد السادس رغب في أن يمنح الإصلاحات الداخلية أسبقية تفوق أي دور آخر. غير أن لكل شيء ثمنه، فالاستقرار يتطلب أن يبقى مصانا، بحفظه التنمية المتوازنة وتكريس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية كما السياسية والثقافية.
بدت الرباط موزعة بين الهاجس الداخلي والانفتاح على عوامل خارجية، أقربها الفضاء الأوروبي. وكان أن حازت على وضع متقدم في علاقاتها والاتحاد الأوروبي، بعد مخاض حتم الانجذاب نحو قيم الشراكة التي تتخذ من الاقتصاد قطب الرحى، من دون إغفال الإصلاحات الدستورية والسياسية التي تؤهل النسيج العام ليصبح في مستوى التحديات الكونية.
صادف أيضا أن تمددها في اتجاه الشرق اصطدم بحاجز أن الوضع الإقليمي في منطقة الشمال الإفريقي لا يساعد في إقامة فضاء مغاربي أفقي، يضمن تفاعلا إيجابيا ومكونات عربية، في مقدمها مجلس التعاون الخليجي الذي استطاع أن يصمد في وجه كل الهزات. وحين التفتت إلى الجنوب باعتباره المدخل الطبيعي نحو القارة الإفريقية هالها أن انعدام الاستقرار وغياب الأمن واحتدام الأزمات المتعددة الأطراف والمجالات يحول دون بناء علاقات عربية-إفريقية متوازنة.
في صيرورة نوعية، لم يكن المغرب منفصلا عن الخليج في أي فترة، أكان ذلك على صعيد طبيعة الأنظمة السياسية أو في إطار التزام منهجية الاعتدال أو في نطاق استمرار التعاون. بيد أن هذه الصيرورة التي تضع في الاعتبار خصائص تاريخية وجغرافية لا يمكن أن تقفز عن واقع أن الفضاء المغاربي أقرب إلى الرباط. والحال أنه ليس بعيدا من المنظومة الخليجية التي ما فتئت تدعم مساعي إحلال الوفاق المغاربي. بل إن انشغالها بتثبيت أسس الاستقرار وحسن الجوار يكاد يكون أكبر من اهتمامات الأطراف المعنية.
بعيدا من أي صياغات نظرية، جاءت المبادرة هذه المرة من دول مجلس التعاون الخليجي. فقد كانت سباقة إلى دعوة كل من المغرب والأردن إلى الانضمام إلى منظومتها. كان ذلك بمثابة سقف أعلى لتوقعات مشروعة انتهت عند إقرار خطة شراكة إستراتيجية، تبدو أقل من الانضمام الكامل وأكثر من أي تعاون محدود. ومن العسف أن تقرن المبادرة الخليجية بتطورات آنية، كما في تداعيات ما يعرف بالربيع العربي، فهي في الأصل تعكس رؤية جديدة لبناء المستقبل حتى وإن تأثرت بالرياح التي تهب من كل جانب.
في رهان بهذه الأهمية الإستراتيجية تتوارى الاعتبارات الظرفية. وما تاريخ المبادرات سوى إضافات ذات أبعاد حضارية، من منطلق أن حشد الجهود وتراكم التجارب وتفاعل الرؤى إذ تنشد البناء يبقى فعلا حضاريا بامتياز. وإذا كان الأمن والسلام والاستقرار بمثابة أركان محورية لتوجه إنساني شامل، فإن محور العلاقة المغربية–الخليجية دأب على اختزال هذا التصور وتجسيده.
في زمان انقضى ولا زال نفوذه قائما، أبرم المغرب أول معاهدة عسكرية مع واشنطن تسمح للقوات الأميركية باستخدام القواعد المغربية في التوقف والانتشار والتزود بالوقود، في حال تعرضت منطقة الخليج إلى مخاطر. وقتها
أثيرت عاصفة انتقاد ضد موقف الرباط، في فترة كانت الأساطيل الأجنبية تحوم حول المياه الدافئة ولم يكن الخليج أقحم بعد في حروب وصراعات.
لكن المغاربة الذين استوعبوا ردود الفعل الصادرة من دول عربية تراجع نفوذها وانهارت نظمها كانوا يحتمون بفكرة أن أمن الخليج لا يتجزأ عن الأمن القومي العربي. ومن وقتها اعتلت الرباط بتعاون وثيق مع المنظومة الخليجية واجهة المبادرات السياسية، أكان ذلك على صعيد الصراع العربي-الإسرائيلي أو ضمن المفهوم الشامل للأمن الاقتصادي والسياسي والفكري الذي ركز على إقامة المزيد من محطات التبادل الحر التي تعزز مظاهر التضامن.
لم يعد الأمن الشامل يقتصر على دور المؤسسات العسكرية، فقد امتد نحو صون الوجود الاقتصادي وتعزيز الأمن والانخراط في عصر الانفتاح التكنولوجي والتواصل المعرفي. واستطاعت المبادرة الخليجية الأخيرة أن تجسد حرص هذه المنظومة على تأمين مناعة المنطقة المغاربية. وكان طبيعيا أن يشكل المغرب البوابة التي لا بديل عنها في نشر بذور التضامن والتآزر.
زيارة الملك محمد السادس إلى الخليج تعاود بهذا المعنى ربط جسور حوار استراتيجي لم يتوقف. وربما كان أجدى أن المغرب أعد نفسه أكثر لفتح صفحة تعاون أشمل. وكما الاستثمارات تحتاج إلى تربة خصبة في القوانين والآليات، فالسياسات أيضا تتطلب مناخا تسوده الثقة والتفاهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.