شراكة استراتيجية بين المكتب الوطني المغربي للسياحة والخطوط الجوية التركية لتعزيز الترويج السياحي للمغرب    الرباط.. انعقاد الاجتماع ال74 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء العدل العرب    برقية تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيسة جمهورية سلوفينيا بمناسبة العيد الوطني لبلادها    ولد الرشيد يعرض التجربة التنموية المغربية في منتدى برلمان أمريكا الوسطى في سان سلفادور        جمعيات تهدد الحكومة بتدويل ملف المسطرة المدنية باللجوء إلى الأمم المتحدة    نشرة إنذارية: موجة حر شديدة تضرب المغرب ل6 أيام متتالية    "كوبكو" تدشن أول مصنع لمواد بطاريات الليثيوم بالمغرب    بورصة البيضاء تستهل التداول بارتفاع    مع استمرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران جيش الاحتلال يواصل استهداف غزة واتصالات لوقف الحرب وسط وعود جديدة لترامب    كأس العالم للأندية.. طاقم تحكيم كندي بقيادة درو فيشر يدير مباراة العين الإماراتي والوداد الرياضي    المنتخب المغربي النسوي يبدأ تحضيراته استعدادا لكأس أمم إفريقيا    وفاة مشتبه فيه بطنجة بعد ابتلاعه مادة مشبوهة أثناء محاولة توقيفه.. والنيابة العامة تدخل على الخط    موجة حرّ شديدة تضرب مناطق بالمغرب    طنجة.. كلب يهاجم فتاة وسائق يدهس شابا ويلوذ بالفرار    ربط "أخضر" بين إسبانيا والمغرب.. بواخر كهربائية دون انبعاثات تبدأ الإبحار في 2027    نزار بركة يكشف عن انخفاض قتلى حوادث السير في الطرق السيارة بنسبة 50 في المائة و رصد 3 ملايير درهم للصيانة الطرقية    مستجدات قضية "قتل الشاب بدر"    انقلاب شاحنة محملة بالملح يخلف ثلاث إصابات بين تارجيست والحسيمة    بنكراد: معظم المحتجين في 20 فبراير بمجرد ما عرضت عليهم المناصب ذهبوا لها وانفضوا    بكين.. مؤتمر يستكشف أوجه التعاون الصيني – المغربي في قطاع السياحة    منتدى أصيلة ينظم الدورة الصيفية    عودة الدواجن البرازيلية إلى الأسواق المغربية بعد زوال المخاطر الصحية    بسبب أزمة مالية خانقة.. معاقبة نادي أولمبيك ليون الفرنسي بالهبوط للدرجة الثانية    اجتماع بمقر وزارة الداخلية لتحديد معايير انتقاء المجندين برسم فوج الخدمة العسكرية 2025    هل تساءل المغاربة يوماً عن عدد اليهود المغاربة من المدنيين الذين قُتلوا في إسرائيل؟    النقابة الوطنية للعاملين بالتعليم العالي تجدد تمسكها بالوحدة النقابية وتدعو إلى الإضراب يوم 2 يوليوز    المغرب يستهدف 52% من إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة العام المقبل    استقالة "قاضية الفضيحة" تُعيد محاكمة مارادونا إلى نقطة الصفر    مقتل 6 من جنود اسرائيليين في قطاع غزة    الإبادة مستمرة.. إسرائيل تقتل 37 فلسطينيا بغزة بينهم 7 من منتظري المساعدات    إيران تنظم السبت جنازة قادة وعلماء    أكاديمية المملكة تنظم تظاهرة دولية    فلاحو اشتوكة أيت باها: إيقاف الدعم يهدد باختفاء الطماطم المغربية من الأسواق    دراسة: تراجع تلقيح الأطفال في العالم يهدد ملايين الأرواح    مجلس النواب الأميركي يرفض مبادرة لعزل ترامب    الجواهري: الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي بسبب تصاعد حالة اللايقين العالمية    جدول أعمال دورة يوليوز يكشف إفلاس مجلس جهة سوس ماسة وافتقاده للرؤية التنموية.. وأشنكلي يصدم رؤساء جماعات    ترامب يؤكد مجددا أن المواقع النووية في إيران "دمرت بالكامل"    كأس العالم للأندية 2025.. تعادل بوكا جونيورز الأرجنتيني وأوكلاند سيتي النيوزلندي (1-1)    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. فلامنجو البرازيلي يتعادل مع لوس أنجلوس الأمريكي (1-1)    ثلاثية تشيلسي تقصي الترجي التونسي    أموال الناظور تمول مدنا أخرى.. أين الأبناك من تنمية المنطقة ودعم الرياضة والثقافة كما أرادها جلالة الملك؟    مجموعة بريكس تدعو إلى "كسر حلقة العنف" في الشرق الأوسط    مؤسسة أحمد الوكيلي تطمح إلى إخراج "الآلة" من النخبوية الموسيقية    تقنية الهولوغرام تعيد جمهور مهرجان موازين لزمن عبد الحليم حافظ    والي بنك المغرب يدعو الحكومة إلى إنجاح برامج تمويل المقاولات الصغرى    الرجاء ينال المركز الثالث بكأس التميز    بعد غياب طويل.. عودة الإعلامية لمياء بحرالدين للساحة الإعلامية بشكل جديد    الصوديوم والملح: توازن ضروري للحفاظ على الصحة    بعد مسيرة فنية حافلة.. الفنانة أمينة بركات في ذمة الله    دراسة تكشف ارتفاع معدلات الإصابة بالتهاب المفاصل حول العالم    قهوة بالأعشاب الطبية تثير فضول زوار معرض الصين – جنوب آسيا في كونمينغ    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقاش وتعقيب حول جديد الساحة الثقافية المغربية : "استبانة" لعبد الله العروي
نشر في بوابة إقليم ميدلت يوم 29 - 09 - 2016

أسعى من خلال هذه الورقة إلى خلق فضاء للإبداع والإنتاج والتوالد المستمر للأفكار؛ فضاء للرأي والرأي الآخر؛ فضاء لتشجيع المواهب وتثمين المبادرات الخلاقة؛ فضاء للجرأة الفكرية الواعية والاستخدام المستنير للعقل المغربي المعاصر، إيمانا مني أن خاصية العقل المرن أن يفيد ويستفيد .
تمت الإشارة في مقال سابق " نشر على صفحات البوابة " بأنني سأعود لمناقشة مؤلف " استبانة ". فقبل البدئ، في هذا التعقيب سأستعرض وأحلل أهم الأفكار التي جاءت في كتاب "استبانة" (الصادر بالدار البيضاء وبيروت عن المركز الثقافي للكتاب، في طبعته الأولى لسنة 2016، والذي يضم بين دفتيه 142 صفحة من الحجم المتوسط) للباحث المغربي، الأستاذ والمؤرخ المعاصر، الدكتور عبد الله العروي .
تعد "الاستبانة" Questionnaire"بصفة عامة أحد أدوات البحث وهي تتكون من مجموعة من الأسئلة وغيرها من أوجه طلب المعلومات وذلك من أجل تجميع المعلومات من الأشخاص موضع البحث وفكرة الاستبانة هي من اختراع " سير فرانسيس جالتون ".
وتتميز الاستبانة عن باقي أدوات البحث بكونها قليلة التكلفة وغالبا ما تكون لها إجابات قياسية محددة بشكل يجعل من السهل تجميع البيانات وتنظيمها. إلا أن هذه الإجابات المحددة غالبا ما تسبب الإحباط لدى القائمين بالإجابة وهي تلتزم بحدود أن القائمين بالإجابة بإمكانهم قراءة الأسئلة والإجابة عليها، ولهذا فإن إجراء بحث من خلال الاستبانات قد لا يكون أمرا عمليا لدى بعض الفئات السكانية. وفضلا عن ذلك قد تشكل صياغة السؤال في بعض الاستبانات مشكلة في الحصول على الإجابة الملائمة.
الملاحظة الأولى، متعلقة بعنوان الكتاب الذي يضعنا أمام عنوان غامض، يستبطن في نظرنا "تساؤل شبه استنكاري" بحيث وضع عنوان "إستبانة" بشكل نكرة وليس بشكل مُعَرَّف، وفي كلمة واحدة وليس في كلمتين أو في جملة. فلماذا هذا الاختصار؟ ولماذا هذا التوظيف؟ وما الغاية منه؟ وقبل ذلك، ماذا يقصد عموما ب "إستبانة"؟
الملاحظة الثانية، متعلقة بالصيغة التي يقدم بها الأستاذ العروي مضامين هذا الكتاب. وهو ما جاء على شاكلة سؤال وجواب، ولا أقول على شاكلة حوار لأنه ليس بحوار بتاتا! لأننا في الحوار ولاسيما الثنائي، نجد اسمين مختلفين: أحدها يطرح الأسئلة والآخر يقدم الأجوبة؛ غير أنه في نموذجنا هذا، لا نجد أية أسماء متحاورة فيما بينها . (111 سؤالا يطرحها الكاتب على نفسه، ويجيب مستعرضا رأيه ومواقفه في قضايا تاريخية وفكرية وسياسية ) فهل الكتاب بمثابة استمارة ؟
الملاحظة الثالثة ، انعدام مقدمة أو خاتمة للكتاب ؟ أرى أن المقدمة أشبه بعقد شرعي بين الباحث والقارئ ، فهي التي تهيئ القارئ في وقت قصير للتفاعل مع البحث، وهى المدخل الحقيقي والبوابة الرئيسية له، وهي محصلة البحث وتوجهاته، وبيان لطبيعة البحث والباحث، وهى التي تعكس صورتهما الحقيقية . أما الخاتمة فهي إغلاق الكتاب بطريقة تلخص الموضوع وتؤكد رأي الكاتب وتجيب عن أسئلة القارئ ، كما تكمن أهميتها في تلخيص وتأكيد الفكرة الأساسية ، فحين تقرأ كتابا جميلا مثل "استبانة" تغيب خاتمته فجأة بسبب البتر أو التمزيق تشعر بالضيق والإحباط (وكأن الإرسال انقطع فجأة أثناء متابعة مباراة جميلة ) فهل "استبانة" " جيل جديد " من التأليف بصيغة مغايرة لما عهده القراء؟
الملاحظة الرابعة ، كاتب "إستبانة"، يجمع بين ثلاث دلالات :
° الدلالة الأولى تشير إلى ما يشبه سردا ذاتيا لأحداث تاريخية مرتبطة أشد الارتباط بالحياة الشخصية للكاتب. وفي هذا الإطار، نكون أمام "سيرة تاريخية" للباحث أو بالأحرى أمام شهادة ذاتية تاريخية ، تعكس وقائع مُعاشَة، عاصر الكاتب أغلبها. فهل الكتاب سيرة تاريخية أم سيرة ذاتية أم سيرة ذهنية؟ أم شيء مخالف لكل ذلك كبحث ميداني أو "استمارة ذاتية"؟
° الدلالة الثانية ، يمكن إجمالها في أن العروي يبين دوره كباحث تاريخي، أي المهتم والمتمرس في التاريخ والمتخصص فيه دراسة وتحليلا ثم نقدا وتأريخا ، لكن، هل المؤرخ يسأل ويجيب بشكل مباشر كما في "استبانة"؟ أم أن الأمر يتعلق بدور جديد، يفترض هذا النوع من الكتابة الموجهة من الذات إلى نفس الذات؟
° الدلالة الثالثة، يستحضر العروي أحداث ووقائع تاريخية عاشها وعاصرها ومن هنا فإنه يقدم شهادة باحث بخصوص هذا العصر؛ بمعنى أن الكاتب، هنا، يتحدث إلينا من خلال عملية "المعاصرة" . فإلى أي حد يمكن اعتبار الكاتب، من هذا المنطلق، شاهد على العصر؟
لا يسعني الآن، سوى الدخول مباشرة في تحليل محطة واحدة من المحطات التسعة التي يحتويها الكتاب (من الرقم 1 إلى الرقم 9) وبدون أية عناوين تُذكر، مع ما يتخللها من مقاطع مرقونة بدورها وبشكل متسلسل (من الرقم 1 إلى الرقم 111). وكلها، تَبتَدِئ بسؤال وتُتبَع بجواب .
عرض الأستاذ العروي في أول محطة (من الصفحة 5 إلى الصفحة 15) ضمن كتاب إستبانة البحث عن مغزى اسمه العائلي "العَرْوي بفتح ثم سكون" فإلى ما يعود أصل الاسم العائلي للكاتب؟ وما معناه؟
إن اسم "العروي"، كما يقول الكاتب، يحمله فرعين من أسرته، أحدها يقطن بالجديدة والآخر يقطن بأزمور فضلا عن أسرة ملحقة كانت بفاس ثم انتقلت إلى الدار البيضاء. لكن خارج المغرب، توجد أسر تحمل نفس الاسم العائلي كما في تونس والأندلس وغيرها من البلدان العربية . إلا أن ربط اسم العروي في التاريخ المغربي، يعود إلى عهد السلطان مولاي عبد الرحمان والسلطان مولاي عبد العزيز، وبخاصة في عدد من الرسائل السلطانية الموجهة إلى بعض أفراد عائلة عبد الله العروي كعم والده الذي كان قائدا في حوز الجديدة . وبالرغم مما يتذكره العروي من عناصر الالتقاء بين اسمه وبين بعض الأحداث التاريخية، ولاسيما اندهاشه حينما اكتشف بأن "أول من أرّخ للأندلس يحمل اسم العروي"، إلا أنه لا يشعر "بأدنى ارتباط بأية منطقة بعينها"
من هذا المنطلق، أسائل العروي ما الذي يحدد هوية وأصل الإنسان المغربي: هل الانتماء القبلي أم الانتماء الوطني ؟ لأن البحث عن الأصل، وإثارة الأسئلة حوله، يجعلنا أمام عملية بحث عن الذات التي ترتبط بما هو شخصي نفسي أولا، ثم بما هو أبوي ثانيا، ثم بما هو أخوي ثالثا، فضلا عما هو أُسَري عموما . ولذلك فالبحث حسب العروي في شخصية والده (ص 10) ومهنته (ص 11) وثقافته (ص 12) ودوره في تربية الأبناء (ص 13)، هو بحث عن الذات، عن الخصوصية وعن الأسرة عموما .
وعليه فالأسرة والقبيلة والدولة، يجب أن تتكامل فيما بينها لتصنع لنا جيلا من المواطنين المغاربة الذين يميزون ما بين الأَصل والأَصِيل ثم التّأصيل. وهذه العملية لن يقوم بها إلا أهل العلم والمعرفة، أو بتعبير آخر، مؤسسات التّعليم وقابلية المواطنين للتّعَلّم .
وللنقاش بقية إن كان في العمر بقية....


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.