الأقاليم الجنوبية، نموذج مُلهم للتنمية المستدامة في إفريقيا (محلل سياسي سنغالي)    مجلس الشيوخ الفرنسي يحتفل بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة    الوداد يعود بانتصار ثمين من آسفي    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    نصف نهائي العاب التضامن الإسلامي.. تشكيلة المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة أمام السعودية    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    كرة القدم ..المباراة الودية بين المنتخب المغربي ونظيره الموزمبيقى تجرى بشبابيك مغلقة (اللجنة المنظمة )    بعد فراره… مطالب حقوقية بالتحقيق مع راهب متهم بالاعتداء الجنسي على قاصرين لاجئين بالدار البيضاء    أيت بودلال يعوض أكرد في المنتخب    أسيدون يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية.. والعلم الفلسطيني يرافقه إلى القبر    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    تتويج إسباني وبرتغالية في الدوري الأوروبي للناشئين في ركوب الموج بتغازوت    بأعلام فلسطين والكوفيات.. عشرات النشطاء الحقوقيين والمناهضين للتطبيع يشيعون جنازة المناضل سيون أسيدون    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    أولمبيك الدشيرة يقسو على حسنية أكادير في ديربي سوس    شباب مرتيل يحتفون بالمسيرة الخضراء في نشاط وطني متميز    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    تقرير: سباق تطوير الذكاء الاصطناعي في 2025 يصطدم بغياب "مقياس ذكاء" موثوق    بنكيران: النظام الملكي في المغرب هو الأفضل في العالم العربي    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    إسبانيا تشارك في المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    اتصالات المغرب تفعل شبكة الجيل الخامس.. رافعة أساسية للتحول الرقمي    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    فرحة كبيرة لأسامة رمزي وزوجته أميرة بعد قدوم طفلتهما الأولى    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(ففروا إلى الله ) لفضيلة الشيخ محمد حسان حفظه الله ورعاه
نشر في محمدية بريس يوم 05 - 05 - 2010

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده، ورسوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ([1])
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ([2])
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ([3])
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة فى النار. ([4])
ثم أما بعد .. فحياكم الله جميعاً وطبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلاً. وكعادتنا فسوف أركز الحديث مع حشراتكم تحت هذا العنوان فى العناصر التالية:
أولاً: سفينة واحدة.
ثانياً: انتكاس الفطرة.
ثالثاً: عقاب إلهى.
رابعاً: لا ملجأ من الله إلا إليه.
======================
أولاً: سفينة واحدة
نعم أيها الأحبة .. فنحن جميعاً ركاب سفينة واحدة إن نجت نجونا جميعاً وإن هلكت هلكنا جميعاً.
ولقد حسم النبى هذه الحقيقة فى الحديث الصحيح الذى رواه البخارى من حديث النعمان بن بشير رضى الله عنه أن رسول الله قال:
"مثل القائم على حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين فى أسفلها إذا استقوا من الماء مروا من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا فى نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا؟ فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً وإن أخذوا على ايديهم نجوا ونجوا جميعاً" ([5])
فواجب على أهل الحق من المصلحين الصادقين أن ينذروا، ويحذروا أهل الفساد، والواقعين فى حدود الله عز وجل، وأن يأخذوا على أيديهم قبل أن تغرق السفنية بالجميع.
وهذا الواجب الضخم قد جعله رسول الله فرض عين على كل مسلم على اختلاف مراتبه ودرجاته.
ففى الحديث الذى رواه مسلم من حديث الله فرض عين على كل مسلم على اختلاف مراتبه ودرجاته.
ففى الحديث الذى رواه مسلم من حديث أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه أن رسول الله قال: " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" ([6])
وفى صحيح مسلم من حديث عبد الله بن مسعود رضى الله عنه أن النبى قال:" ما من نبى بعثه الله فى أمة قبلى إلا وكان من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره، ثم إنه تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل".([7])
فإن عجز أحد من الناس أن ينكر بيده أو بلسانه فإن إنكار القلب كمرتبة من مراتب الإنكار فرض عين على كل مسلم ومسلمة ولا يعذر أحد بتركه على الإطلاق.
وذلك بكره المنكر وبغض أهل المنكر. أما هذه السلبية المدمرة القاتلة التى يرفع العلمانيون شعارها بقولهم: دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله. فلا سياسة فى الدين ولا دين فى السياسة. ولكل أحد أن ينتقد ما بشاء وأن يفعل ما يشاء فى أى وقت شاء وأن ينطلق ليختار لنفسه من المناهج والقوانين ما يحب ويرضى، وليس من حق أحد أن ينكر عليه أو أن يأخذ على يديه.
بل وقد يتشدق أحدهم كالثعلب فى ثياب الواعظين ويردد قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ([8])
وقديماً خاف صديق الأمة الأكبر أبو بكر رضى الله عنه وأرضاه خاف هذه السلبية القاتله، من منطلق فهم مغلوط مقلوب لهذه الآية الكريمة فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إنكم تقرأون هذه الآية وتضعونها فى غير موضعها وإنى سمعت رسول الله يقول:
"ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصى ، ثم يقدرون على أن يغيروا ولا يغيرون ، إلا يوشك أن يعمهم الله بعقاب".([9])
وهكذا فإن وجود المصلحين الصادقين سبب من أسباب النجاة من الإهلاك العام، فإن فقدت الأمة هذا الصنف الكريم الذى يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يحل عليها عذاب الله حتى وإن كثر فيها الصالحون الطيبون لأنهم سكتوا حتى كثر الخبث وأصبح أمراً عادياً مستساغاً تألفه النفوس.
وحينئذ يستحق الجميع عقاب الله جل وعلا كما فى الصحيحن من حديث زينب بنت جحش رضى لله عنها أن النبى دخل عليها يوماً فزعاً وفى رواية استيقظ يوماً من نومه فزعاً وهو يقول" لا إله إلا الله ، ويل للعرب من شر قد أقترب، لقد فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بإصبعيه السبابة والإبهام فقالت زينب يا رسول الله: أنهلك وفينا الصالحون قال:" نعم إذا كثر الخبث".([10])
ولقد بوب الإمام مالك رحمه الله فى موطأه باباً بعنوان باب ما جاء فى عذاب العامة بعمل الخاصة.
بل لقد روى الإمام أحمد فى مسنده وأبو داود فى سننه بسند حسن من حديث عدى بن عمير أن النبى قال:" إن الله عز وجل لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكربين ظهراًنيهم وهم قادرون على أن ينكروه، فإذا فعلوا ذلك عذب الله الخاصة والعامة".
وهكذا فواجب على أهل الحق المصلحين أن يأخذوا على أيدى الواقعين فى حدود الله وألا يتركوهم حتى لا تغرق السفينة بالجميع.
====================
هذه مقدمة لابد منها لندخل بها إلى العنصر الثانى وهو:
انتكاس الفطرة
حيث أننا نرى مؤامرة مفضوحة يريد أصحابها واذنابها أن يفرضوا على المجتمعات المسلمة ما وصلت إليه المجتمعات الغربية الكافرة من انتكاس سحيق للفطرة.
فالجالهية الحديثة فى أوروبا وأمريكا لم تكتف بنشر الزنا، والشذوذ الجنسى، ونكاح المحارم بل قننت لهذا ..!! ، وأصبح هذا الانتكاس للفطرة أمراً عادياً عندهم لا يثير الدهشة أو التساؤل..!!!.
وهم الآن يريدون أن يملوا ويفرضوا هذا الانحراف الشاذ على المجتمعات المسلمة.
ولقد صدرت دراسات عديدة تبين أن اليهود وأتباعهم، قد نجحوا من خلال سيطرتهم على بيوت المال، وأجهزة الإعلام المرئية .. والمسموعة.. والمقروءة، قد نجحوا فى نشر الرذيلة فى العالم كله بصفة عامة، وفى أوربا وأمريكا بصفة خاصة. حتى أضحت المشكلة كبيرة وخطيرة بشكل لا يتصور.
وأستطيع أن أنقل لكم فى عجاله بعض ما جاء فى هذه الدراسات بقدر ما يسمح به الحياء والمقام.
أولاً: تشير الدراسة إلى أن تسعين بالمائة من غير المتزوجات يمارسن الزنا بطلاقة أو من حين لآخر فى أوروبا وأمريكا.
ثانياً: تشير الدراسة إلى أن عدد حالات الإجهاض الجنائى قد بلغ فى عام 1983 إلى 50 مليون طفل.
ثالثاً: اصبح الحمل لدى المراهقات، مشكلة كبيرة فى أوربا وأمريكا ففى أمريكا وحدها أكثر من مليون فتاة صغيرة تحمل سنوياً من الزنا.
ولم يتوقف الأمر عند الزنا فقط بل لقد انتشر الشذوذ الجنسى بكل صوره، مادام بدون إكراه...!!.
بل وتكونت آلاف الجمعيات والنوادى التى ترعى شئون الشاذين والشاذات.
وتقول دائرة المعارف البريطانية : إن الشاذين والشاذات قد خرجوا من دائرة السرية إلى الدائرة العلنية..!!، وأصبحت لهم أماكنهم الخاصة التى يلتقون فيها.
وتشير الدراسات إلى أن عدد الشواذ فى أمريكا وحدها أكثر من عشرين مليونا وأصبحت لهم معابد وكنائش خاصة تقوم بتزوجيهم .. أى تزويج الرجال للرجال، وتزويج النساء للنساء.. فى حفلات خاصة يدعى إليها الأهل والأصدقاء!!!
بل لقد نشرت مجلة التايم الأمريكية، قصة ضابط يهودى فى الجيش الأمريكي علق لوحة ضخمة فى مكتبه الخاص، تعلن هذه اللوحة أن الضابط شاذ جنسياً..!! فلما طردته إدارة الجيش، شن الإعلام حملة ضارية على هذا التعنت والتشدد من قبل إدارة الجيش، واضطر الجيش لإعادة هذا الضابط الشاذ ..!!، ثم دعى بعد ذلك لإلقاء محاضرات فى الشذوذ فى أكبر الجامعات الأمريكية.
بل لم يتوقف هذا الانتكاس السحيق عند هذا الحد فحسب بل تعداه أيضاً إلى نكاح المحارم من الأمهات والأخوات.
وأول من دعا إلى ذلك فرويد اليهودى الذى جاء بنظريات هابطة لا تقوم إلا على الجنس.
حتى ادعى أن الطفل لا يحب أمه إلا حباً جنسياً محضاً..!! ولهذا يكره الإبن أباه ..!! وسمى فرويد اليهودى هذه الكره بعقدة "أوديب".
وقال بأن الطفلة أو البنت أيضاً لا تحب أباها إلا حباً جنسياً محضاً..!! ولذا تكره أمها، وسمى هذا الكره بعقدة "إليكترا".
ومما يدعى القلب أن هذا الهراء .. والغثاء .. يدرس لأبنائنا وبناتنا فى أخطر المراحل الدراسية ..!! على أنه من أبواب علم النفس، وهذا ورب الكعبة شئ
يؤلم النفس !!!.
ولقد نشرت مجلة التايم الأمريكية تحقيقاً واسعاً عن نكاح المحارم وذكرت فيه تقرير أحد الباحثين (وأدل بومرى) إذ يقول:
لقد آن الأوان لكى نعترف بأن نكاح المحارم ليس شذوذاً ..!!، ولا دليلاً على الاضطراب العقلى ..!! بل قد يكون نكاح المحارم، وخاصة بين الأطفال وذويهم أمراً مفيداً لكليهما..!!
ألم أقل إنه انتكاس للفطرة؟!!
لكنه الإنسان فى غلوائه
ويحى لمنتحر كأن لنفسه
اعتد أسلحة الدمار فما رعت
واليوم مد يديه للأرحام
قد صيغ من نور وطين فانبرى
ما اضيع الإنسان مهما رقى فى
ضلت بصيرته فجن جنوناً
من نفسه حقد الحقود دفينا
طفلاً ولا امرأة ولا مسكينا
تقتلعان منها مضغة وجنينا
للنور يطفئه ولبى الطينا
سبل العلوم إذا أضاع الدنيا
قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ([11])
أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ([12])
ونتيجة لهذا الأمن من مكر الله ، بل لهذا الكفر بمنهج الله، ابتلى الله هذه المجتمعات الغربية الكافرة بهذه الأمراض الفتاكة الخطيرة التى وقفوا أمامها وقفة العاجز على الرغم مما وصلوا إليه فى الجانب العلمى.
===================
ثالثاً: عقاب إلهى
نعم إنه عقاب إلهى لكل من خرج عن منهج الله وتحدى الفطرة فلقد انتشر الإيدز المعروف بمرض نقص المناعة، وبدأ يتزايد فى السنوات الأخيرة بصورة مرعبة فلقد ذكرت منظمة الصحة العالمية فى اجتماعها المنعقد فى باريس فى يونيه عام 1986 ذكرت أن عدد الذين يحملون فيروس الإيدز يتراوحون ما بين خمسة عشر مليون شخصاً.
هذا فى عام 1986 فما بالنا كم بلغ عددهم الآن؟؟!!
وقد خصصت أمريكا ألفى مليون دولار سنوياً للإيدز.
ومما يثير الرعب والخوف أن هذا المرض لم ينج من براثنه أحد من المصابين به على الإطلاق حتى الآن رغم هذه الملايين التى تنفق بسخاء فى الأبحاث للوصول إلى علاج لهذا المرض الفتاك، ولن يصلوا إلى العلاج الحقيقى على الإطلاق، ما دامت الأسباب الحقيقية لانتشاره لازالت موجودة. وهى إنتشار الزنا والشذوذ الجنسى بكل صورة.
وهذا ما أكدته الأبحاث والدراسات العلمية فى أن هؤلاء هم أكثر الناس إصابة
بهذا المرض الخطير.
هذا بالإضافة إلى الأمراض الخطيرة الأخرى التى انتشرت كالسرطان والزهرى والهربس والسيلان وغيرها.
وتحقق قول من لا ينطق عن الهوى بأبى هو وأمى إذ يقول:
" لم تظهر الفاحشة فى قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشت فيهم الأوجاع والأسقام التى لم تكن فى أسلافهم" ([13]) ­­. أليس ربك هو القائل:
وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ([14])
أقول قولى هذا واستغفر الله لى ولكم
* * *
الخطبة الثانية:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له.
وأشهد أن لا إله إلا الله .. واشهد أن محمداً رسول الله .
وبعد...
فيا أيها الأحباب:
وأخيراً : لا ملجأ من الله إلا إليه
فلا سعادة للبشرية عامة، وللمسلمين خاصة، إلا بالعودة لمنهج الله عز وجل الذى خلق الإنسان وحده، وهو وحده الذى يعلم ما يسعده وما يفسده {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} ([15])
فمنهج الله لا يحارب دوافع الفطرة ولا يستقدرها إنما ينظمها ويطهرها ويرفعها عن المستوى الحيوانى والبهيمى وبرقيها إلى أسمى المشاعر والعواطف، التى تليق بالإنسان كإنسان، ويقيم العلاقة بين الرجل والمرأة فقط على أساس من المشاعر النبيلة الرقيقة الراقية الطاهرة فيقول سبحانه:
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ([16])
ويهيئ منهج الله المناخ الطاهر النظيف ليتنفس المسلم فى جو إجتماعى طاهر نقى يتفق مع الفطرة السوية.
بل ويحدد منهج الله كثيراً من الضمانات الوقائية التى تحمى المجتمع المسلم من الوقوع فى مستنقع الرذيلة الآسن العفن.
ثم يعاقب بعد ذلك من ترك هذه الضمانات طائعاً مختاراً، وراح ليتمرغ فى وحل الرذيلة والفاحشة وليعيث فى الأرض الفساد.
وهذا هو قمة الخير للإنسانية كلها، ولتعيش الجماعة كلها، فى هدوء وأمان. إذ أن منطق العقلاء يقول:
لو أن إنساناً أصيب فى طرف من أطرافه بمرض السرطان وقرر الأطباء أنه إذا لم يبتر هذا الطرف فإن الداء سوف يسرى فى جميع الجسد ويقضى على حياة صاحبه. أما يكون من الرحمة أن نستأصل هذا الطرف للإبقاء على حياته بإذن الله جل وعلا.
كذلك الفرد إذا استعصى علاجه ولم تؤثر فيه تربية ولم تنفعه موعظة ولم يقبل نصيحة وتأصلت روح الجريمة فى نفسه وقام منتهكاً للأعراض مضيعاً للحرمات.
أيكون الأخذ على يديه لكف شره عن الجماعة كلها قسوة وعنف؟!! لا والله بل إنها الرحمة والحكمة بعينها مصداقاً لقول ربنا عز وجل:
{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ([17])
ومن هنا جاء منهج الله بهذه الأحكام ليحفظ على الإنسانية عرضها وشرفها ونسلها.
فقال سبحانه: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ * الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ([18])
أما إذا كان الزانى محصناً فإنه يرجم كما دلت على ذلك السنة الصحيحة. ([19]) وقد عاقب الله قوم
لوط أشد العقاب لانتكاس فطرتهم وخروجهم عن منهج الله الذى أمرهم به نبى الله لوط على نبينا وعليه الصلاة والسلام. قال تعالى: وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَسَاء مَطَرُ الْمُنذَرِينَ ([20])
وقال تعالى فى حقهم:
فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ ([21])
وعن أبن عباس رضى الله عنه قال: قال رسول الله :
" من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به". ([22])
وبعد .. أيها الأحبة فلقد آن الأوان بعد ما رأينا هذه المآسى أن نفيئ جميعاً إلى منهج الله، وأن نكفر بمنهج الشرق الملحد، ومنهج الغرب الكافر.
إذ لا سعادة فى الدنيا والآخرة إلا بالعودة إلى منهج الله بعد الله أحرقنا لفح الهاجرة القاتل، وأرهقنا طول المشى فى التيه والطلام.
وها هو الإسلام لازال يعرض نفسه كمخلص للبشرية كلها من كل أمراضها وعللها لأن هذه الحياة البشرية من خلق الله ولن تفتح مغاليق فطرتها إلا بمفاتيح
من صنع الله.
وأخيراً أردد مع مؤمن آل فرعون:
فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ([23])
اللهم أرزقنا قبل الموت توبة، وعند الموت شهادة وبعد الموت جنة ورضواناً، اللهم اختم لنا بخاتمة السعادة ولا تحرمنا الزيادة أنت ولى ذلك ومولاه وصلى الله على نبينا محمداً وعلى آله وصحبيه أجمعين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.