الحكومة تصادق على مشروع قانون يتعلق بنظام الضمان الاجتماعي    بايتاس يؤكد على "الإرادة السياسية القوية" للحكومة لمعالجة مختلف الملفات المطروحة مع النقابات    بايتاس… الأسرة المغربية في صلب مختلف السياسات العمومية    مطار الناظور يحقق رقما قياسيا جديدا خلال الربع الأول من 2024    المغرب يستنكر بشدة اقتحام باحات المسجد الأقصى من طرف مستوطنين    المعارضة: تهديد سانشيز بالاستقالة "مسرحية"    القمة الإسلامية للطفولة بالمغرب: سننقل معاناة أطفال فلسطين إلى العالم    حاول الهجرة إلى إسبانيا.. أمواج البحر تلفظ جثة جديدة    وزارة الفلاحة تتوّج أجود منتجي زيوت الزيتون البكر    وضع اتحاد كرة القدم الإسباني تحت الوصاية    اتساع التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جديدة    الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي : إصدار 2905 تراخيص إلى غاية 23 أبريل الجاري    عدد زبناء مجموعة (اتصالات المغرب) تجاوز 77 مليون زبون عند متم مارس 2024    ألباريس يبرز تميز علاقات اسبانيا مع المغرب    تشافي لن يرحل عن برشلونة قبل نهاية 2025    3 مقترحات أمام المغرب بخصوص موعد كأس إفريقيا 2025    الحكومة تراجع نسب احتساب رواتب الشيخوخة للمتقاعدين    الجماعات الترابية تحقق 7,9 مليار درهم من الضرائب    عودة أمطار الخير إلى سماء المملكة ابتداء من يوم غد    "مروكية حارة " بالقاعات السينمائية المغربية    في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشار المرض بسبب التغير المناخي    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    أبيدجان.. أخرباش تشيد بوجاهة واشتمالية قرار الأمم المتحدة بشأن الذكاء الاصطناعي    "فدرالية اليسار" تنتقد "الإرهاب الفكري" المصاحب لنقاش تعديل مدونة الأسرة    وكالة : "القط الأنمر" من الأصناف المهددة بالانقراض    استئنافية أكادير تصدر حكمها في قضية وفاة الشاب أمين شاريز    مدريد جاهزة لفتح المعابر الجمركية بانتظار موافقة المغرب    الرباط.. ندوة علمية تناقش النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة (صور)    منصة "تيك توك" تعلق ميزة المكافآت في تطبيقها الجديد    رسميا.. الجزائر تنسحب من منافسات بطولة اليد العربية    وفينكم يا الاسلاميين اللي طلعتو شعارات سياسية فالشارع وحرضتو المغاربة باش تحرجو الملكية بسباب التطبيع.. هاهي حماس بدات تعترف بالهزيمة وتنازلت على مبادئها: مستعدين نحطو السلاح بشرط تقبل اسرائيل بحل الدولتين    العلاقة ستظل "استراتيجية ومستقرة" مع المغرب بغض النظر عما تقرره محكمة العدل الأوروبية بشأن اتفاقية الصيد البحري    تتويج المغربي إلياس حجري بلقب القارىء العالمي لتلاوة القرآن الكريم    المالية العمومية: النشرة الشهرية للخزينة العامة للمملكة في خمس نقاط رئيسية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    هذا الكتاب أنقذني من الموت!    سيمو السدراتي يعلن الاعتزال    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    تأملات الجاحظ حول الترجمة: وليس الحائك كالبزاز    حفل تقديم وتوقيع المجموعة القصصية "لا شيء يعجبني…" للقاصة فاطمة الزهراء المرابط بالقنيطرة    مهرجان فاس للثقافة الصوفية.. الفنان الفرنساوي باسكال سافر بالجمهور فرحلة روحية    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    بطولة فرنسا: موناكو يفوز على ليل ويؤجل تتويج باريس سان جرمان    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    أخنوش: الربط بين التساقطات المطرية ونجاح السياسات العمومية "غير مقبول"    بني ملال…تعزيز البنية التحتية الرياضية ومواصلة تأهيل الطرقات والأحياء بالمدينة    المنتخب المغربي ينهزم أمام مصر – بطولة اتحاد شمال إفريقيا    الرئيس الموريتاني يترشح لولاية ثانية    نور الدين مفتاح يكتب: العمائم الإيرانية والغمائم العربية    كأس إيطاليا لكرة القدم.. أتالانتا يبلغ النهائي بفوزه على ضيفه فيورنتينا (4-1)    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون    كلمة : الأغلبية والمناصب أولا !    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رويترز: الإمارات بوابة رئيسية لتهريب ذهب بمليارات الدولارات من إفريقيا
نشر في نون بريس يوم 25 - 04 - 2019

توصل تحليل أجرته (رويترز) إلى وجود عمليات لتهريب الذهب بمليارات الدولارات من إفريقيا كل عام عن طريق الإمارات التي تمثل بوابة للأسواق في أوروبا والولايات المتحدة وغيرها.
وتظهر بيانات جمركية أن الإمارات استوردت ذهبا قيمته 15.1 مليار دولار من إفريقيا في 2016 أي أكثر من أي بلد آخر وذلك ارتفاعا من 1.3 مليار دولار فقط في 2006.
وكان الحجم الإجمالي 446 طنا بدرجات نقاء متفاوتة ارتفاعا من 67 طنا فقط في 2006.
ولم يكن جانب كبير من هذا الذهب مسجلا ضمن صادرات الدول الإفريقية. وقال خمسة خبراء اقتصاديين حاورتهم (رويترز) إن ذلك يشير إلى نقل كميات كبيرة من الذهب دون تسديد الرسوم الضريبية الواجبة عليها للدول المنتجة.
وسبق أن سلطت تقارير ودراسات الضوء على تجارة السوق السوداء بالذهب الذي يستخرجه الناس بل والأطفال ممن ليست لهم صلات بأي مؤسسات كبرى أو يحفرون لاستخلاصه دون إشراف من السلطات.
وليس بمقدر أحد أن يذكر رقما دقيقا للقيمة الإجمالية التي تخرج من أفريقيا. لكن تحليل (رويترز) يشير إلى ضخامة الرقم.
واستطاعت رويترز تقدير حجم التجارة المحرمة من خلال مقارنة الواردات الإجمالية الداخلة إلى الإمارات بالصادرات المعلن عنها من الدول الإفريقية.
وقالت شركات تعدين في إفريقيا لرويترز إنها لا تصدر إنتاجها من الذهب إلى الإمارات الأمر الذي يشير إلى أن واردات الإمارات من الذهب من إفريقيا قد تكون من مصادر أخرى غير رسمية.
وتتنامى على المستوى العالمي أساليب إنتاج الذهب غير النظامية من خلال استخراجه على نطاق محدود. وتمثل هذه الأساليب مصدر رزق لملايين الأفارقة وتساعد البعض في تحقيق دخل لا يمكن أن يحلموا به من الأنشطة التقليدية.
غير أن هذه الأساليب تؤدي إلى تسرب مواد كيماوية إلى الصخور والتربة والأنهار. وتشكو حكومات أفريقية مثل غانا وتنزانيا وزامبيا من إنتاج الذهب وتهريبه بالمخالفة للقوانين وعلى نطاق واسع بل إن ذلك يحدث في بعض الأحيان من خلال عمليات إجرامية وكثيرا ما يكون الثمن البشري والبيئي باهظا.
وقد بدأ استخراج الذهب المحرم كنشاط محدود. غير أن رئيس غانا نانا أكوفو أدو قال في مؤتمر عن التعدين في فبراير شباط إن النشاط انتقل من المرحلة الفردية إلى عمليات "واسعة النطاق محفوفة بالخطر" تديرها عصابات إجرامية تخضع لسيطرة خارجية. وغانا هي ثاني أكبر الدول الإفريقية إنتاجا للذهب.
وليست كل حلقات هذه السلسلة مخالفة للقانون. فالعاملون في استخراج الذهب الذين يعمل بعضهم بشكل قانوني يبيعون في العادة ما يستخرجونه من ذهب إلى وسطاء.
ويعمد الوسطاء إما إلى نقل الذهب جوا للخارج مباشرة أو بيعه عبر حدود إفريقيا المليئة بالثغرات الأمر الذي يخفي أصل المكان الذي جاء منه قبل نقله مع مسافرين إلى خارج القارة ويتم ذلك في كثير من الأحيان في حقائب السفر اليدوية.
فعلى سبيل المثال تعد جمهورية الكونغو الديمقراطية من المنتجين الكبار للذهب لكن صادراتها الرسمية تمثل نسبة ضئيلة فقط من إنتاجها التقديري. ويتم تهريب أغلبه إلى أوغندا ورواندا.
وقال تيري بوليكي مدير الهيئة الحكومية في الكونغو التي تتولى تسجيل المعادن النفيسة مثل الذهب وتقدير قيمتها والضرائب المستحقة عليها "بالطبع هذا أمر مقلق لنا لكننا لا نملك أدوات تذكر لمنعه".
وتوضح البيانات الجمركية التي زودت الحكومات بها هيئة كومتريد التي تمثل قاعدة بيانات تابعة للأمم المتحدة أن الإمارات وجهة رئيسية للذهب من دول إفريقية كثيرة منذ سنوات.
وفي العام 2015 استوردت الصين، أكبر دول العالم استهلاكا للذهب، من إفريقيا ذهبا أكثر مما استوردته الإمارات. إلا أنه في 2016، وهو أحدث عام تتوفر إحصاءاته، استوردت الإمارات مثلي الكمية التي استوردتها الصين.
وبلغت قيمة واردات الصين من الذهب 8.5 مليار دولار في ذلك العام لتحتل المرتبة الثانية بفارق كبير. أما سويسرا، مركز تنقية الذهب في العالم، فقد جاءت في المركز الثالث بواردات قيمتها 7.5 مليار دولار.
ويجري تداول معظم الذهب في دبي التي تمثل مركز صناعة الذهب في الإمارات.
وقد أعلنت الإمارات عن واردات من الذهب من 46 دولة أفريقية في 2016. ومن تلك الدول لم تقدم 25 دولة بيانات لهيئة كومتريد عن صادراتها من الذهب للإمارات. غير أن الإمارات قالت إنها استوردت ما قيمته 7.8 مليار دولار من الذهب منها.
وبالإضافة إلى ذلك استوردت الإمارات ذهبا أكثر من ذلك بكثير من معظم الدول الإحدى والعشرين الأخرى مما قالت تلك الدول إنها صدرته إليها.
وفي الإجمال قالت الإمارات إنها استوردت من الذهب ما قيمته 3.9 مليار دولار أي حوالي 67 طنا أكثر مما قالت تلك الدول إنها صدرته إليها.
وقال فرانك موجيني مستشار التنمية الصناعية بالاتحاد الإفريقي الذي أسس وحدة المعادن التابعة للمنظمة "كميات كبيرة من الذهب تغادر أفريقيا دون قيدها في سجلاتنا … والإمارات تتربح من البيئة غير الخاضعة للتنظيم في إفريقيا".
وأحالت هيئة جمارك دبي استفسارات رويترز إلى وزارة الخارجية في الإمارات والتي لم ترد عليها. وأحال المكتب الإعلامي الحكومي في الإمارات رويترز إلى الهيئة الاتحادية للجمارك في الإمارات والتي لم ترد أيضا.
ولا تشير كل التناقضات في البيانات التي حللتها رويترز بالضرورة إلى تهريب ذهب مستخرج من إفريقيا عن طريق الإمارات. فالاختلافات البسيطة قد تنشأ عن تسجيل تكاليف الشحن والضرائب بشكل مختلف أو الفارق الزمني بين سفر الشحنة ووصولها أو ربما يكون الأمر ببساطة مجرد خطأ.
كما أن المحللين المتخصصين في صناعة الذهب يقولون إن جانبا من حركة التجارة، وبخاصة من مصر وليبيا، قد يتضمن ذهبا أعيد تصنيعه.
إلا أنه في 11 حالة كانت قيمة الكيلوغرام من الذهب التي أعلنت الإمارات عنها أعلى بكثير من تلك التي سجلتها الدولة المصدرة.
وقال ليونس نديكومانا الاقتصادي الذي درس تدفقات رأس المال في إفريقيا إن ذلك يمثل "حالة نموذجية لقيد الصادرات بأقل من قيمتها" لتقليل الضرائب.
وقال ماثيو سالومون الاقتصادي الأمريكي، الذي أجرى أبحاثا في استخدام الإحصاءات التجارية للتعرف على التدفقات المالية غير القانونية، إن هذا الأمر يستحق التدقيق.
وأضاف "يمكن من خلال التناقضات المستمرة في تجارة سلع بعينها وبين دول بعينها … التعرف على مخاطر كبيرة يمثلها نشاط محرم".
على مدار العقد الأخير ازداد إغراء استخراج الذهب في نظر العاملين غير النظاميين بسبب ارتفاع الطلب عليه واستخدموا في سبيل ذلك معدات حفر ومواد كيماوية لزيادة العائد. وتعود المياه الملوثة إلى الأنهار لتسمم ببطء الناس الذي يعيشون على مياهها.
ومنذ فترة طويلة يستخدم العاملون في استخراج الذهب على نطاق محدود الزئبق، الذي يسهل شراؤه إذ يبلغ سعر القارورة في حجم الإبهام نحو عشرة دولارات، من أجل استخراج قشيرات الذهب من أحجار الخام قبل صرفها بالمياه في القنوات المائية.
ومن الآثار السامة للزئبق إتلاف الكليتين واضطرابات في القلب والكبد والطحال والرئتين وكذلك الاضطرابات العصبية مثل الرعشة وضعف العضلات. كما يقول باحثون وعاملون في استخراج الذهب في غانا إن مادة السيانيد وحمض النتريك يستخدمان في تلك العملية.
كذلك فإن شركات في مجال التعدين الصناعي مسؤولة عن التلوث والذي يتراوح من بقع السيانيد إلى مشاكل الجهاز التنفسي المرتبطة بالغبار الناتج عن عمليات التعدين.
غير أن أكثر من عشر دول من بينها جمهورية الكونغو الديمقراطية وأوغندا وتشاد والنيجر وغانا وتنزانيا وزيمبابوي ومالاوي وبوركينا فاسو ومالي والسودان اشتكت في العام الأخير من أضرار التعدين دون ترخيص.
وقد منعت بوركينا فاسو التعدين على نطاق محدود في بعض المناطق التي ينشط فيها إسلاميون على صلة بتنظيم القاعدة وفي وقت سابق من الشهر الجاري علقت حكومة نيجيريا التعدين في ولاية زامفارا المضطربة في الشمال الغربي قائلة إن تقارير استخبارات أكدت ما وصفته بأنه "صلة قوية صارخة" بين أنشطة اللصوص المسلحين والعاملين في التعدين دون ترخيص.
وساهمت الأسعار المرتفعة في تغذية ازدهار هذا النشاط. فالذهب يجري تداوله اليوم بأكثر من 40 ألف دولار للكيلوغرام وهو ما يقل عن الذروة التي بلغها عام 2012 لكنه لا يزال يمثل أربعة أمثال ما كان عليه السعر قبل 20 عاما.
ويريد المستثمرون الغربيون الذهب حتى يمكنهم تنويع محافظهم الاستثمارية. أما الهند والصين فتريدانه لصناعة الحلي.
غير أن معظم الشركات الغربية، والبنوك التي تمولها، تتجنب التعامل في الذهب المستخرج بغير الوسائل الصناعية من إفريقيا مباشرة. وهذه الشركات لا ترغب في المجازفة باستخدام المعدن الذي ربما يكون قد تم استخراجه لتمويل صراع أو قد ينطوي على انتهاكات لحقوق الإنسان.
وقد فرضت عقوبات على تجار مختلفين يعملون في أوغندا بسبب التعامل في ذهب مهرب من جمهورية الكونغو الديمقراطية.
في دول أخرى من بينها الإمارات لا تمثل هذه المخاوف مشكلة. وخلال السنوات العشر الأخيرة أصبحت للذهب الوارد من إفريقيا أهمية خاصة لدبي. وأظهرت بيانات كومتريد أنه منذ 2006 إلى 2016 ازداد الذهب المستورد من إفريقيا الذي أعلنت عنه الإمارات من 18 في المئة إلى ما يقرب من 50 في المئة.
وتصف سوق السلع الأولية الرئيسية في الإمارات وهي مركز دبي للسلع المتعددة نفسها على موقعها الإلكتروني بأنها "بوابة عالمية للشرق الأوسط للتجارة في مجموعة واسعة من السلع". وتمثل التجارة في الذهب ما يقرب من خمس الناتج المحلي الإجمالي للإمارات.
ومع ذلك فلم تقل أي من الشركات الصناعية الكبرى التي اتصلت بها رويترز، ومنها أنجلو جولد وأشانتي وسيباني-ستيلووتر وغولد فيلدز، إنها تصدر الذهب للإمارات.
واتصلت رويترز بعدد 23 شركة للتعدين لها أنشطة في إفريقيا أنتجت أصغرها حوالي 2.5 طن في 2018. وقالت 21 شركة منها إنها لا ترسل ذهبا إلى دبي لتنقيته. ولم ترد شركتان على الاستفسار.
وفي حين أن شركات التعدين الكبرى في جنوب إفريقيا تمتلك قدرات محلية لتنقية الذهب فقد كان السبب الرئيسي الذي ذكرته شركات أخرى هو أن وحدات التنقية في الإمارات غير معتمدة لدى رابطة سوق لندن للمعادن النفيسة التي تتولى وضع المعايير للصناعة في الأسواق الغربية.
وقال نيل هاربي المدير التقني في الرابطة لرويترز إن الرابطة "لا تشعر بالارتياح في التعامل مع المنطقة" بسبب مخاوف تتعلق بنقاط ضعف في الجمارك والمعاملات النقدية والذهب المنقول يدويا.
ويقول محققون وأفراد يعملون بصناعة الذهب إن السهولة التي يمكن للمهربين بها نقل الذهب في حقائب اليد على الطائرات المسافرة من إفريقيا تسهم في خروج الذهب دون تسجيله. كما أن محدودية القواعد التنظيمية في الإمارات تعني أن الذهب المستخرج بشكل غير مشروع يمكن أن يستورد بصفة قانونية معفى من الضرائب.
وقال تجار أفارقة لرويترز إن من الممكن استيراد الذهب إلى دبي دون وثائق تذكر.
وقال متحدث باسم مركز دبي للسلع المتعددة إن المركز لديه إطار تنظيمي قوي يشمل ضوابط مشددة فيما يتعلق بالالتزام الطوعي بمراعاة الاعتبارات الاجتماعية والبيئية في التعامل مع الموردين.
وأضاف أن هذه الضوابط وضعت على غرار المعايير الدولية للالتزام الطوعي والتي وضعتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وفي يناير كانون الثاني قال سانجيف دوتا رئيس وحدة السلع بمركز دبي للسلع المتعددة إن المركز يقيم علاقات استراتيجية مع أغلب الدول المنتجة للذهب في القارة الإفريقية. وأضاف "ونحن واثقون جدا من الكيفية التي يتم بها هذا الإنتاج ومدى التزامه بالمسؤولية".
وقال إن المركز أرسى على مدار الاثني عشر شهرا الأخيرة معيارا لوحدات التنقية قال إنه في غاية الصرامة فيما يتعلق بالالتزام الطوعي بمراعاة المعايير الاجتماعية والبيئية عند اختيار المنشأ وقواعد الاستدامة.
وأضاف "نحن نطالب بشهادات تصدير".
وقال دوتا إن عددا "محدودا جدا" من وحدات التنقية تقبل الذهب المستورد في حقائب اليد لكنه لم يذكر أي أرقام.
يستبدل بعض العاملين في مجال التعدين في إفريقيا فؤوسهم ومعاولهم بالحفارات والكسارات الأمر الذي يعمل على زيادة حجم الإنتاج بشكل كبير.
ولا تزال القواعد التنظيمية هزيلة والحوادث كثيرة. ففي أسبوع واحد خلال شهر فبراير شباط الماضي وقعت ثلاثة حوادث في عمليات تنقيب غير مشروع في زيمبابوي وغينيا وليبيريا راح ضحيتها أكثر من 100 قتيل.
وفي كثير من الأحيان يتعين على العاملين باستخراج الذهب تسليم حصة من إنتاجهم كعمولة للأفراد الذين يتحكمون في منجم غير قانوني أو يؤجرون المعدات أو يشترون الذهب ويبيعونه.
وقد قامت منظمات أهلية مثل غلوبل ويتنس وهيومن رايتس ووتش بتوثيق تشغيل الأطفال والفساد والصلات بين الإنتاج والصراعات في بعض من هذه المناجم.
وفي منجم زارته رويترز في زيمبابوي قال بعض العاملين إنهم اضطروا لتسليم بعض ما عثروا عليه قبل حتى أن يخرجوا من المنجم.
وقدمت رويترز تحليلها إلى 14 حكومة إفريقية. وقالت خمس حكومات منها إنه يعكس قلقا قائما من تهريب الذهب من بلدانها وإنها تحاول معالجة هذه المشكلة. وقالت حكومة واحدة إنها لا تعتقد أن تهريب الذهب يمثل مشكلة لها. وامتنعت بقية الحكومات عن التعليق أو لم ترد.
وتحاول حكومات في مختلف أنحاء إفريقيا إرساء كيفية إدارة قطاع يوفر مصدر رزق، مهما كانت مخاطره، للكثيرين من مواطنيها ويمكن الاستفادة منه كمصدر للدخل.
وتعمل بعض الدول ومنها ساحل العاج على أخذ خطوات تدريجية لتنظيم عمليات التعدين غير المشروع. وقد أرسلت غانا وزامبيا قوات أمنية إلى مناطق التعدين لوقف العمليات حتى يتسنى تسجيل العاملين في التعدين ووضع القواعد التنظيمية.
ولانزعاج غانا من أن يلحق سيل من المشروعات التي تعمل بقيادة صينية في الأساس الضرر بالبيئة ألقت القبض على مئات من عمال المناجم الصينيين وطردت الألوف في السنوات الست الأخيرة.
وفي نهاية الشهر الماضي منعت غانا بصفة مؤقتة استيراد معدات الحفر لمحاولة وقف زيادة كبيرة في التعدين غير المشروع باستخدام المعدات الثقيلة.
وفي السودان الذي يعد من اكبر المنتجين في القارة كشفت الحكومة النقاب عن خطة حجمها ثلاثة مليارات دولار تعمل بمقتضاها بنوك خاصة مع البنك المركزي لشراء الذهب من صغار المنتجين وتعرض أسعارا تقلل من إغراء بيعه في السوق السوداء.
وقدر تقرير برلماني تنزاني أن 90 في المئة من الإنتاج السنوي من الذهب المستخرج بشكل غير مشروع يُهرب إلى خارج البلاد. وتريد الحكومة أن يشتري البنك المركزي هذا الإنتاج.
وفي مارس آذار أطلق الرئيس جون ماجوفولي خطة لإقامة مراكز لإضفاء الصبغة الرسمية على هذه التجارة وذلك بفتح الباب أمام فرص التمويل والأسواق التي تعمل وفقا للقواعد التنظيمية.
وفي بوركينا فاسو يعتقد وزير المناجم عمر إيداني أن تهريب الذهب من بلاده إلى الإمارات يتم على نطاق واسع.
وقال إيداني إنه يتم الإعلان للسلطات عن كمية تتراوح بين 200 و400 كيلوجرام فقط من الذهب من بين 9.5 طن تقدر الحكومة أنها حصيلة الإنتاج من أعمال حفر غير مشروعة كل عام.
ويقول الوزير إن جانبا كبيرا من الذهب يُهرب من بوركينا فاسو التي لا تطل على أي بحار أو محيطات إلى توجو المجاورة المطلة على ساحل المحيط الأطلسي. ولا تفرض توجو أي ضرائب فعليا على الذهب.
وقال نستور كوسي أجيهون مدير تطوير التعدين وضوابطه في توجو إن عمليات التعدين غير المشروعة "مجال لم نسبر غوره على الوجه الصحيح".
وأضاف أن توجو لا ترى في الوقت الراهن سببا يدعو للشك في تهريب الذهب عبر أراضيها.
وقال الوزير إيداني في بوركينا فاسو لرويترز في مقابلة العام الماضي "أعلم أن دبي هي وجهة هذا الذهب. لكن ليست لدي أي تفاصيل لأنها (التجارة) قائمة على الاحتيال".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.