رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا : الإصلاحات التي يقودها جلالة الملك تجعل من المملكة نموذجا في المنطقة    عدد المسجلين في السجل الوطني للصناعة التقليدية بلغ 395 ألفا    المنتدى الدولي للصناعة السمكية في المغرب يوم 15 ماي بالدار البيضاء    بلينكن يؤكد أن الاتفاقات الأمنية مع السعودية لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل شبه مكتملة    الجولة 23 من بطولة القسم الثاني : الكوديم يحافظ على الصدارة ولوصيكا يحتج التحكيم والصراع يشتعل في أسفل الترتيب    كأس العالم لكرة القدم النسوية لأقل من 17 سنة (الدور الثالث/التصفيات).. الناخب الوطني يوجه الدعوة إلى 27 لاعبة لمواجهة المنتخب الجزائري    المشجع الذي "جلد" حمد الله يعود لمساندته في مباراة الكلاسيكو    17 قتيلا و2894 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع الماضي    وزارة الاقتصاد: عدد المشتركين في الهاتف يناهز 56 مليون سنة 2023    ستة قتلى في هجوم على مسجد في هرات بأفغانستان    ثمن المازوط غاينزل شوية ابتداء من غدا    مساء اليوم في البرنامج الأدبي "مدارات" : المفكر المغربي طه عبد الرحمان.. بين روح الدين وفلسفة الاخلاق    هزيمة جديدة للنظام الجزائري في مواجهة المغرب: «الطاس» ترفض طعن اتحاد الجزائر وتزكي موقف نهضة بركان    أول تعليق لعادل رمزي بعد تعيينه مدربا للمنتخب الهولندي    دل بوسكي يشرف على الاتحاد الإسباني    فاتح ماي.. نقابة ميارة تدعو لطي ملف الأساتذة الموقوفين وتسريع تفعيل رفع الأجور    توقيف نائب رئيس جماعة تطوان بمطار الرباط في ملف "المال مقابل التوظيف"    نشرة إنذارية: أمطار قوية غدا الأربعاء بعدد من أقاليم الشمال    "أسترازينيكا" تقر بخطورة لقاح كورونا وتسببه في مضاعفات جانبية مميتة    مورو يبحث في بكين عن جذب استثمارات صناعية لجهة طنجة    مساعد الذكاء الاصطناعي (كوبيلوت) يدعم 16 لغة جديدة منها العربية    تعبئة متواصلة وشراكة فاعلة لتعزيز تلقيح الأطفال بعمالة طنجة أصيلة    الدورة ال17 من المهرجان الدولي مسرح وثقافات تحتفي بالكوميديا الموسيقية من 15 إلى 25 ماي بالدار البيضاء    مقاييس الأمطار بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    لندن.. إصابة عدة أشخاص في هجوم بالسيف واعتقال مشتبه به    الريال يخشى "الوحش الأسود" بايرن في ال"كلاسيكو الأوروبي"    ألباريس دخل طول وعرض فالحزب الشعبي: فين تقرير المصير ديال الصحرا اللي كدافعو عليه فبرنامجكم الانتخابي وفيناهو فلقاءات زعيمكم راخوي مع المغرب؟    الملك محمد السادس يهنئ عاهل السويد    ثمن الإنتاج يزيد في الصناعة التحويلية    تم إنقاذهم فظروف مناخية خايبة بزاف.. البحرية الملكية قدمات المساعدة لأزيد من 80 حراك كانوا باغيين يمشيو لجزر الكناري    صفرو.. أنسبكتور استعمل سلاحو الوظيفي باش يوقف مشرمل جبد جنوية وهدد بها الناس    سياحة الأعمال.. المغرب يسعى لاستقطاب مليون ونصف سائح سنة 2026    صور تلسكوب "جيمس ويب" تقدم تفاصيل سديم رأس الحصان    "أفاذار".. قراءة في مسلسل أمازيغي    أفلام بنسعيدي تتلقى الإشادة في تطوان    أعداد الضحايا تواصل الارتفاع في غزة    "الظاهرة" رونالدو باع الفريق ديالو الأم كروزيرو    دراسة علمية: الوجبات المتوازنة تحافظ على الأدمغة البشرية    التنسيق الوطني بقطاع الصحة يشل حركة المستشفيات ويتوعد الحكومة بانزال قوي بالرباط    العثور على رفاة شخص بين أنقاض سوق المتلاشيات المحترق بإنزكان    فرنسا تعزز أمن مباني العبادة المسيحية    "النهج" ينتقد نتائج الحوار الاجتماعي ويعتبر أن الزيادات الهزيلة في الأجور ستتبخر مع ارتفاع الأسعار    عرض فيلم "الصيف الجميل" للمخرجة الإيطالية لورا لوتشيتي بمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    فيلم من "عبدول إلى ليلى" للمخرجة ليلى البياتي بمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    مدينة طنجة توقد شعلة الاحتفال باليوم العالمي لموسيقى "الجاز"    تكريم الممثل التركي "ميرت أرتميسك" الشهير بكمال بمهرجان سينما المتوسط بتطوان    ثلاث وفيات وعشرون حالة تسمم بأحد محلات بيع المأكولات بمراكش    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    توقعات طقس اليوم الثلاثاء في المغرب    حمى الضنك بالبرازيل خلال 2024 ..الإصابات تتجاوز 4 ملايين حالة والوفيات تفوق 1900 شخص    الصين تتخذ تدابير لتعزيز تجارتها الرقمية    معاقبة جامعة فرنسية بسبب تضامن طلابها مع فلسطين    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل مرحلتها الأخيرة    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    الأمثال العامية بتطوان... (583)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«كورونا» المتناقضات
نشر في نون بريس يوم 15 - 04 - 2020


*
لم يكن أحد على وجه البسيطة منذ الأيام القليلة الماضية يعتقد أن فيروسا تاجيا صغيرا سيفرض حجم هذه التغيرات والمتناقضات في ظرف وجيز على ساكنة المعمور, ويجبرها عنوة لالتزام جحورها خوفا من عدو غير مرئي ، بالرغم من حجم التطور العلمي و التقدم التكنولوجي , بعدما ظل الإنسان لقرون من الزمن بأنانيته و عنتريته يبطش بالطبيعة من خلال رغبته الجامحة في ترويض كل شيء يجده أمامه , فلم يكترث لحماية البيئة التي خرج من رحمها, فاستنزف موارد الطبيعة ولوث الماء والهواء وعصف بكل مكوناتها…
لكن أزمة كورونا لم تكن بنفس البشاعة التي يعتقدها كثيرون باستثناء الأرواح التي أزهقتها ,بالمقابل فزمن "كورونا " شكل فترة للراحة البيولوجية لكوكب الأرض ،فبالرغم من كون " كوفيد 19 " قد أضر بالاقتصادات وفرض الحجر الصحي على الغالبية العظمى من ساكنة الكرة الأرضية إلا أن له حسنات وجب الإقرار بها .
منذ زمن تنعقد مؤتمرات تخص البيئة والمناخ هنا وهناك من بقاع الأرض , وفيها تقدم التقارير وتتلى التوصيات …لكن على أرض الواقع, لا محصلة تذكر أمام جشع الكارتيلات الكبرى وووو, وشهدنا كيف تمكن “كوفيد19” من فرض الحجر القصري بعدما استنفر الدول والحكومات ,ليشكل فرصة للتعقيم الشامل لكوكب الأرض وسرعان ما خفض نسبة التلوث عبر العالم من نيو دلهي , بكين إلى القاهرة و نيويورك وغيرها من أصقاع الأرض … فهكذا أظهرت صور نشرتها وكالة ناسا الأمريكية تراجعا حادا في مستويات التلوث بالصين مثلا , كأحد أقوى الاقتصادات العالمية تصنيعا، نتيجة لتباطؤ النشاط الاقتصادي والصناعي بها , وأظهرت تلك الخرائط الخاصة بالناسا انخفاضا في مستويات أوكسيد النيتروجين في هذا البلد هذا العام، وبالتالي تحسنت جودة الهواء بنسبة تزيد عن 20°/° نتيجة لانخفاض النشاط البشري بسبب تفشي فيروس كورونا, في حين بإيطاليا عاد النقاء لمياه مدينة " فينيسيا " بعد توقف الحركة السياحية , ليشكل ذلك فرصة لمشاهدة الأسماك وهي تسبح عن قرب , في قنوات مياه البندقية ,حيث أصبحت أكثر نظافة أثناء إغلاق المدينة .
مآذن مساجد القارة العجوز عادت لتعانق نداءات “بلال بن رباح ” لتردد ألفاظ الآذان, بمكبرات الصوت بالمدن الأوربية , فتوارت جميع أصوات العنصرية والكراهية ضد الإسلام في أوروبا، وصدحت المساجد بالتكبير ,ومعها حناجر المسلمين من أسطح وشرفات المنازل , ولم يتصد لها أحد، بل على العكس تماما , كان ذلك بطلب من حكومات بعينها ,فتم رفع الأذان في بلجيكا وهولندا , ألمانيا وإيطاليا،… الأمر الذي لم تكن تسمح به القوانين في هذه الدول إلا في حالات الاستثناء .
فمثلا تم رفع الأذان للمرة الأولى في مسجد "دار السلام" ببرلين ضمن مبادرة سمحت بها السلطات وستستمر بشكل يومي على السادسة مساء بتوقيت العاصمة الألمانية برلين، تزامنا مع دق ناقوس "كنيسة الجليل" في حي "النيوكولون " الذي تقطنه جالية عربية مسلمة مهمة , في خطوة لتعزيز التضامن المجتمعي في ظل تفشي وباء كورونا.
من منا كان يتوقع يوما أن يغلق محتجون مكسيكيون معبرا حدوديا مع الولايات المتحدة، ولكن ذلك وقع , بسبب مخاوفهم من تفشي فيروس كورونا وزحفه إلى ولاياتهم عن طريق المسافرين الأمريكيين, في سخرية غريبة للقدر بعد أن لوح " ترامب" بقرار خلال الأشهر القليلة الماضية وهو يعتزم بناء سور فاصل مع المكسيك، مؤكدا أنه سيكون فعالا لمواجهة تداعيات فيروس كورونا .
لكن الغريب أن المكسيكيين هم من بادروا برفع لافتاتهم بالبند العريض, على حدود بلدهم مع " و.م .أ" تقول للأمريكيين : "ابقوا في منازلكم". وتعهد سكان الولايات الحدودية المجاورة بتعطيل حركة المرور إلى المكسيك .
"حرب الكمامات " وجه آخر للحروب الباردة عصر كورونا :
لو كان الأمر يتعلق بحرب حول النفط أو الأسواق التجارية أو المياه الإقليمية أو الموارد الطبيعية ,أةحتى الحدود الجغرافية أو المياه الصالحة للشرب في عصرنا الحديث , لأمكننا أن نستسيغها , لكن لم نكن نحلم يوما أن حرب الكمامات سيكون أبطالها دول عظمى بقدر رقيها وحضارتها وقيمها ، وستركن لقرصنة شحنات بعضها البعض من الكمامات التي أضحت سلعة نادرة زمن كوفيد 19، ناهيك أنها ستقتسم مع بعضها تجهيزات طبية بقناع القرصنة العصرية .
وها هي دول غربية تتهم بعضها البعض بالاستيلاء على شحنات طبية صينية تم التعاقد المسبق على شرائها ,لتتجه لوجهات أخرى مقابل ثلاثة أضعاف سعرها الأصلي , في حين أن دولا نامية توزع حكوماتها الكامات بالمجان , وأخرى تباع فيها بالسنتيمات , كما هو الشأن بالنسبة للمغرب, بعدما أوصت الحكومة المغربية بارتدائها الإجباري بالنسبة للعموم والتزمت مصانع النسيج المحلية بإنتاج ما يعادل 5 مليون "كمامة واقية" يوميا.
في حين عبر الفرنسيين عن امتعاضهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي منتقدين الطريقة التي تعاطت بها حكومتهم مع أزمة الكمامات والمنتجات الكحولية , وأضحوا يعطون المثال بالمغرب , مشهد آخر لا يقل أهمية , مبتكرون مغاربة يبدعون في ظرف قياسي ويقومون بصنع محرار رقمي وجهاز تنفس محلي التصنيع هو قيد التعميم …
في مفارقة تدعو للتواضع وبعد زيارة الرئيس الفرنسي في خضم مشاوراته مع عدد من الفعاليات بفرنسا تحضيرا لخطاب سيلقيه أمام الشعب الفرنسي الاثنين المقبل , وفي ذات السياق قام بزيارة للعالم الفرنسي صاحب بروتوكول العلاج بدواء “الكلوروكين " ديديه راوول " لمعالجة مرضى كورونا في مركز الأبحاث جنوب الجمهورية الفرنسية. لكن المفاجأة كانت صادمة حينما بدأ الرئيس الفرنسي "إيماونويل ماكرون " يسأل أعضاء الفريق البحثي للعالم “ديديه راوول ” وليجد أن سواده الأعظم من غير الفرنسيين فهم مجموعة من الشباب الباحثين من عرب شمال أفريقيا وآخرون جنوب الصحراء فانهالت عليه الأجوبة من … المغرب ,الجزائر , تونس , لبنان , مالي , السنيغال وبوركينافاصو .
مما يعيد للأذهان فضيحة الطبيبين الفرنسيين حينما اقترحها تجريب اللقاحات التي سيتم تطويرها مستقبلا ضد فيروس كورنا المستجد في القارة الأفريقية مما لاقى استهجانا كبيرا عبر وسائل التواصل الاجتماعي , ويدعو هؤلاء وغيرهم للتواضع ويوضح بجلاء أن الفكر الامبريالي لازال ينخر بعضا من أحفاده وتناسوا أن الأفارقة الأن هم من يفتتون جينوماته وأنهم بصدد فيروس تاجي يساوى بين الوزير والغفير ويقطف السادة والعوام وتناسوا انحناءة دول عظمى وتواضعها أمامه …
وبالتالي فلا يمكننا توصيف كورونا بغير صانع المتناقضات بامتياز..
* يوسف بوغنيمي كاتب وإعلامي مغربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.