اكزناية.. حريق بمحل أفرشة يثير الهلع بدوار بدريويين    وزير العدل يعتذر في طنجة لأسرة المحاماة    اليماني: تحرير أسعار المحروقات خدم مصالح الشركات.. وأرباحها تتجاوز 80 مليار درهم    للجمعة ال76.. آلاف المغاربة يشاركون في وقفات تضامنية مع غزة    أسرة الأمن الوطني بسلا تحتفي بالذكرى 69 لتأسيسها    الناصري يؤكد طرده كاتبة بالوداد عام 2019 وينفي فصلها بسبب شهادتها ضده    أمن ورزازات يبسط الحصيلة السنوية    تفاصيل الشروط الجديدة للحركة الانتقالية بالتعليم    وهبي يستقبل وفدا من الرأس الأخضر    شراكة تعزز وصول ذوي الإعاقة البصرية إلى المعرفة البيئية    ترامب يُنهي جولته الخليجية بصفقات قياسية    الأميرة للا حسناء تترأس الدورة الأولى للمجلس الإداري لمؤسسة المسرح الملكي بالرباط    القاضي الجباري يعتذر عن الترشح لولاية ثانية على رأس نادي القضاة    موسم طانطان: شاهد حيّ على ثقافة الرحل    تلاوة ملتمس الرقابة تنهي مبادرة المعارضة لحجب الثقة عن حكومة أخنوش    "الهاكا" ترفض شكايات الأحزاب ضد حملة "مونديال 2030"    أكاديمية محمد السادس لكرة القدم.. مشتل يسهم في تألق المنتخبات المغربية    أبرز تعديلات النظام الأساسي ل"الباطرونا"    "الكاف" يكشف عن تصميم جديد لكأس عصبة الأبطال يوم الخميس المقبل    الوزارة تكشف موعد مهرجان العيطة الجبلية بتاونات    حادثة سير مميتة تودي بحياة مسنّ بمدارة تانوغة ضواحي بني ملال    المغرب يواجه جنوب إفريقيا في المباراة النهائية لكأس أمم إفريقيا للشباب    للتتويج القاري الثالث.. نهضة بركان يستضيف سيمبا التنزاني في ذهاب نهائي كأس "الكاف"    ترامب: كثيرون يتضورون جوعا في غزة    الحرارة تعود إلى مناطق داخلية بالمغرب    وفد اسباني يطّلع على دينامية التنمية بجهة الداخلة وادي الذهب    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بارتفاع    أوراق قديمة عصِيّةَ الاحتراق !    25 سنة من الأشرطة المرسومة بتطوان    عن المثقف المغيّب والمنابر المغلقة..!    تيكتوك... حين تعرّت الشخصية المغربية أمام العالم!    تغازوت تحتضن مؤتمر شركات السفر الفرنسية لتعزيز التعاون السياحي المغربي الفرنسي    في عز الموسم.. أسعار الفواكه تلهب جيوب المغاربة وتثير موجة تذمر    لازارو وزينب أسامة يعلنان عن عمل فني مشترك بعنوان "بينالتي"    على هامش افتتاح المعرض الدولي للصحة ..دعوات رسمية تحث على استغلال البيانات وتقدم مجالات التشخيص والعلاج (صور)    واشنطن تؤكد اهتمام القيادة السورية الجديدة ب"السلام" مع إسرائيل    تقرير: 33% فقط من النساء المغربيات يمتلكن حسابا بنكيا    بورصة الدار البيضاء .. تداولات الافتتاح على وقع الارتفاع    إسرائيل تسلم واشنطن قائمة "خطوط حمراء" بشأن الاتفاق النووي مع إيران    الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر: الاقتصاد العالمي يواجه تحديات عميقة وتباطؤاً في النمو عام 2025    ريال مدريد يهنئ برشلونة بلقب "الليغا"    كأس الكونفدرالية: تحكيم موريتاني لمباراة نهضة بركان وسيمبا التنزاني    متحف البطحاء بفاس يستقطب آلاف الزوار بعد ترميمه ويبرز غنى الحضارة المغربية    جوردي ألبا يمدد عقده مع إنتر ميامي إلى غاية 2027    نداء إنساني من ابنتي الكاتب بوعلام صنصال: لا نعلم أي شيء عن حالته داخل سجنه بالجزائر    من طنجة إلى مراكش.. الصالون الوطني لوكالات كراء السيارات يتوسّع وطنياً    الزيارة لكنوز العرب زائرة / 1من3    تيزنيت تحتفل ليلاً بصعود الأمل و"الريزينغ" يشعل ساحة الاستقبال وأجواء فرح لا تُنسى ( صور )    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    تزايد عدد المشردين يقلص الدخول إلى مطار مدريد    ابتلاع الطفل لأجسام غريبة .. أخطار وإسعافات أولية    ارتفاع الضغط يطال 1,2 مليون مغربي    دراسة: الاحترار المناخي يهدد أوروبا بانتشار وبائي لحمى الضنك وشيكونغونيا    دراسة: الإفراط في الأغذية المُعالجة قد يضاعف خطر الإصابة بأعراض مبكرة لمرض باركنسون    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    جلالة الملك يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة بمناسبة انطلاق موسم الحج    رفع كسوة الكعبة استعدادا لموسم الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أضواء على انتخاب رئيس مجلس النواب
نشر في نون بريس يوم 28 - 01 - 2017

بعيدا عن أي تحليل أو تأويل للنصوص الدستورية و الصيغ القانونية التي يتقدم بها الخبراء القانونيين والمحللين السياسيين الذين باتوا يضربون أخماسا في أسداس،وتحليلاتهم تملأ القنوات العمومية والصحف الوطنية لشرح حيثيات ما يصطلح عليه في المشهد السياسي بالبلوكاج الحكومي، والذي أصبح مادة فقط للإستهلاك الإعلامي، ولايجتهدكل واحد منهم إلا في توظيف أجهزة مفاهيمية ضخمة يزخر بها القاموس السياسي المغربي..خاصة في خضم المشاورات بين عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة المكلف وعزيز أخنوش الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار مصحوبا بالأحزاب الثلاثة التي رهنت مصيرها السياسي في الكعكة بمصيره، والتي كان آخرها اختيار رئيس مجلس النواب من خارج الأغلبية الحكومية.
فإذا تتبعنا الأمر من حيثيات الممارسة الديمقراطية، فمعظم النظم البرلمانية تعطي أولوية للسلطة التشريعية لتشكيل الأغلبية الحكومية وليس العكس، فالأصل في هذه النظم أن الحكومات تستمد ثقتها من ممثلي الأمة، وبالتالي فالأنظمة البرلمانية لا تعترف بالتنصيب القانوني للحكومات إلا بعد حصولها على الدعم البرلماني، وما زاد الطين بلة هو تعيين رئيس مجلس النواب من خارج الأغلبية الحكومية، وحزبه احتل المرتبة السادسة في استحقاقات السابع من أكتوبر بعشرين مقعد.
ولكن إذا قمنا باستقراء المخاض السياسي والعراقيل التي وضعت من أجل فرملة تشكيل الحكومة في خضم المشاورات بين عبد الإله بنكيران وعزيز أخنوش، أن الأمر لا يتعلق بعدم التوافر على ثقافة دستورية أو قانونية لدى الفاعل السياسي المغربي، فهذه المقتضيات الدستورية والصيغ القانونية غالبا ما تزول وتختفي في ظل وجود الأيادي والأعراف المخزنية التي تؤتث الحياة السياسية وترسم خريطة انتخابية جديدة وتشكل تحالفات حكومية حسب المقاس الذي تقتضيه هذه الأعراف.
وإذا تم التأمل في المشاورات بين عبد الإله بنكيران وعزيز أخنوش، سنرى أن هذه المشاورات كيف غلب عليها منطق المساومة والابتزاز السياسي بهدف اقتسام الحقائب الوزارية، خاصة وأن بعض الأحزاب الإدارية التي جرفتها رياح الانتخابات وأصبحت في خبر كان، تعلقت بعزيز أخنوش الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار، ووجد فيها ضالته لتعزيز موقفه التفاوضي في مساومة عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة المكلف واقتسام الحقائب الوزارية المهمة لصالحه، كان آخرها اشتراط أخنوش دمج الاتحادالاشتراكي الذي تحول الى مايشبه الحزب الإداري في تشكيلة الحكومة.
ففي الوقت الذي تم استغلال تصريح حميد شباط بأن موريتانيا جزء من الوحدة الترابية المغربية، تأتي ذريعة أخرى لسحب البساط من تحت حزب العدالة والتنمية وأمينه العام عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة المكلف لتثبيت رئيس مجلس نواب خارج الأغلبية الحكومية، بحجة المصادقة على القانون التأسيسي للإتحاد الإفريقي والتزامات المغرب الدولية، وبهدف تمرير معارضة داخل البرلمان وتعيين رئيس مجلس النواب (الحبيب المالكي) خارج الأغلبية الحكومية، وبالتالي فنحن هنا أمام تشكيل حكومة أقلية، طبقا للفصل 88 من الدستور، الذي لا يشترط تنصيب الحكومة إلا ‘ بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، لصالح البرنامج الحكومي'. مما يعني أن الحكومة لا يمكن أن تحصل على ميلادها القانوني ومباشرة مهامها وتفعيل برنامجها الحكومي إلا بعد موافقة البرلمان، وهو الأمر الذي تم توضيحه بشدة في القانون التنظيمي رقم 065.13 المتعلق بالوضع القانوني لأعضاء الحكومة حيث تنص المادة 38 منه على أن الحكومة التي لم تنصب بعد من قبل مجلس النواب (بممارسة المهام التالية: إعداد البرنامج الحكومي الذي يعتزم رئيس الحكومة تقديمه أمام البرلمان…ممارسة الصلاحية المشار إليها في الفقرة الأولى من المادة 37 أعلاه الى حين تنصيبها من قبل مجلس النواب)
إذن فالمشرع الدستوري كان واضحا في الاختصاصات المسنودة الى صلاحيات الحكومة، كحكومة تصريف الأعمال ناقصة الصلاحية محدودة الاختصاصات، وكأنها في حالة استثنائية، في حال إذا لم تنصب من قبل البرلمان.
إن المتأمل لما يجري في خضم هذه المشاورات السياسية ثم اختلاق ذريعة التزامات المغرب الدولية والمصلحة العليا للوطن بهدف انتخاب رئيس مجلس نواب من خارج الأغلبية الحكومية وحزب سياسي حاصل على عشرين مقعد تذيل قائمة الاحزاب الفائزة في استحقاقات التشريعية الأخيرة، لهو أسلوب تكتيكي في وجود مؤامرة الإجهاز على مسار مايسمى الإصلاح الديمقراطي في المغرب وصناديق الإقتراع وتصفية حسابات سياسية يستعمل فيها لي أعناق الدستور والبحث عن مسوغات قانونية وتأويلات دستورية للمؤامرة على ما يسمى (الديمقراطية في المغرب) و(صناديق الإقتراع) وإبعاد الإسلاميين عن ممارسة قواعد اللعبة بطريقة ناعمة بعيدا عن الأضواء وبدون ضجيج قد تترتب عنه تبعات إقليمية ودولية يضر بما يسمى (التجربة المغربية الإستثنائية).
ولم يعد يخفى على المراقب والمتتبع وجود جهات عليا تريد أن تعرقل اختيارات الناخبين المغاربة والإجهاز على المكتسبات الديمقراطية، وما يسمى بالبلوكاج إذا تتبعنا كرونولوجيا امتداه التاريخي بعد سنة 2011، كان واضحا منذ مخاض تشكيل حكومة بنكيران الأولى ثم انسحاب حزب الإستقلال من الحكومة وما وظفته السلطة من حرب بلا هوادة قبل استحقاقات السابع من أكتوبر بستة أشهر بهدف إعادة عقارب الساعة الى الوراء وإحباط الإختيار الديمقراطي والعودة الى مربع التحكم والسلطوية.
إن الغاية من انتخاب رئيس مجلس النواب خارج الأغلبية الحكومية والنوايا المبيتة المدبرة من قبل (خفافيش الظلام) الذين يتحكمون في رسم الخارطة السياسية المغربية بهدف إيجاد مخرج قانوني يتمثل في تمرير معارضة داخل البرلمان، وتشكيل حكومة تصريف الأعمال ناقصة الصلاحية، غير معترف بها قانونيا،لا تمكن رئيس الحكومة من تقديم برنامجه الحكومي والحصول على ثقته، كما نص عليه الفصل 88، وهو ما يشكل بكل ما في الكلمة من معنى انقلابا على صناديق الإقتراع وضاربا بعرض الحائط كل معايير ما يسمى (الديمقراطية)، بل والذهاب الى الضغط عليه مستقبلا لطرد حزب التقدم والإشتراكية من الحكومة وبقائه وحيدا في مواجهة المكونات الحكومية الأخرى.
كما أنه لا يمكن فصل تداعيات هذه الأزمة السياسية (المعلبة بشكل قانوني) دون ربطها عن سياقها الإقليمي ضمن منطقة مغاربية، الأوضاع فيها ملتهبة، وتعاني من تنافر مجتمعي، وقوى إقليمية تضع منطقة شمال إفريقيا ضمن أولويات استراتيجيتها خاصة أن منطقة شمال إفريقيا لا تعاني من الصراع المذهبي الطائفي كما هو موجود في المشرق، ولكن هذه القوى لا تطيق دمج الإسلاميين في الحياة السياسية المغاربية، وتسعى لنسف التوافقات السياسية وتوسيع الإنقسامات المجتمعية، وتقوية التيارات الإستئصالية المدنية التي لا تؤمن بالتعايش مع الإسلاميين داخل المجتمع الواحد والوطن الواحد.
لم يتبقى هناك لوضع حد لهذه الأزمة السياسية سوى: تشكيل أغلبية حكومية واحدة منسجمة، أو المخرج القانوني والدستوري الوحيد، وهو أن يفعل رئيس الحكومة صلاحياته في المادة 104 من الدستور في حال تعذر عليه تمرير أغلبية برلمانية، أن يحل مجلس النواب والذهاب الى انتخابات مبكرة.
بقلم محمد أجغوغ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.