أعلن مجلس الديانة الإسلامية في فرنسا، أنه اعتمد ما اصطلح عليه ب"شرعية الإمام"، القاضي ب"التزام أئمة فرنسا بإسلام وسطي وبالعهد الجمهوري"، في خطوة منه لمساعدة المساجد المتواجدة بالمدن الفرنسية ، على مواجهة الخطاب المتطرف والمعادي للثقافة الغربية، على حد تعبير المجلس الذي يضم الاتحادات الإسلامية الرئيسية. وبناء على هذه التوصية فإن المساجد الإسلامية أصبحت مدعوة إلى أن يكون "توقيع الشرعية عنصرا أساسيا يؤخذ في الاعتبار عند التعاقد مع أحد الأئمة بفرنسا". وتأتي هذه الخطوة بعدما كان المجلس قد أعرب في 2015، بعد وقت قصير من اعتداءات 13 نوفمبر في باريس، عن عزمه اقتراح مثل هذا الميثاق والعمل به رسميا بدولة فرنسا، بتزكية من الحكومة.ومن أبرز ما ورد في نص "ميثاق الإمام" المكون من 25 بندا، كما جاء في مجلة "لوبوان" الفرنسية، أولا أن الإسلام في فرنسا ليس إسلاما جديدا، وإنما هو نتيجة إعادة تفسير النص في السياق الراهن، أي الاجتهاد. ثانيا دعوة المسلمين إلى عدم البحث عن ثقافتهم الدينية من وعاظ التلفزيون غير المعترف بهم من طرف علماء الجالية الإسلامية، وإنما يأخذونها من هؤلاء العلماء أنفسهم، وأن يكونوا رحماء ومتضامنين وضد العنصرية وضد خطاب الكراهية. وفي بند آخر يورد الميثاق أن كل الأديان تعايشت في فرنسا، وعلى كل مسلم أن يحترم قيم وقوانين الجمهورية الفرنسية، موضحا أن الميثاق يتحدث عن "الإسلام في فرنسا" وليس "الإسلام الفرنسي" بما يحمله المعنى فروقات هائلة، ويشير أيضا إلى أن فرنسا دولة لائكية (علمانية) بموجب المادة 1905، وهي لا تفضل ديانة على أخرى، وأنها تمنح الحقوق نفسها لكل الطوائف الممثلة للديانات بما فيها الإسلام، ولا يحق لأي مسلم أن يطالب فرنسا بأن تغير قيمها وقوانينها لتتناسب مع إيمانه ومعتقداته. كما يتحدث "ميثاق الإمام" عن أن المسلمين في فرنسا يستهلكون اللحوم الحلال، وأن معاناة الحيوان لا يقبلها الله عز وجل، وعليه هم مطالبون ب"تقليل المعاناة التي يتعرض لها الحيوان".كما يؤكد الميثاق أن كل أشكال معاداة السامية تخالف ما أعلن عنه الرسول صلى الله عليه وسلم في دستور المدينة، حيث أشار إلى أن جميع الذين يؤمنون بوحدانية الله عز وجل، سواء كانوا مسلمين أو يهودا أو غيرهما هم جزء من أهل الكتاب. ويتطرق ميثاق معهد مسجد باريس عن العلاقات الاجتماعية والأسرية والعاطفية، ويورد في هذا السياق أن على كل مسلم أن يبرهن على نضجه ومسؤوليته، وفي حياته اليومية يجب على كل مسلم إظهار الاعتدال والتوازن، مبرزا أن "ميثاق الإمام" يدعو أيضا إلى أنه في إطار ممارسة العقيدة الإسلامية اليوم، فإن العقاب البدني وتعدد الزوجات لم يعدا مبررين، وفي المقابل يعتبر أن المساواة بين الرجل والمرأة بات أمرا ضروريا. وحري بالذكر إلى أن دولة فرنسا يتواجد بها حوالي 1800 إمام، بعضهم يعمل جزئيا دون مقابل وآخرون يتنقلون، ويتولون الصلاة في قرابة 2500 مسجد ومصلى بحسب التقديرات. ومن هؤلاء 300 إمام تم التعاقد معهم من الجزائر والمغرب وتركيا، حيث يشرفون على حوالي أربعة إلى خمسة ملايين مسلم في فرنسا، وذلك ضمن إطار اتفاقيات بين باريس وهذه الدول.