الداخلية تطلب فتح بحث قضائي بشأن شبهة طلب رشوة في صفقة عمومية    بنسعيد: قانون مجلس الصحافة الجديد يؤسس لمرحلة استقلال مهني حقيقي    المغرب يقترب من إنجاز عالمي غير مسبوق ب16 انتصارا متتاليا    32 قتيلا و3255 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع الماضي    الأمم المتحدة تقدر تكلفة إعادة إعمار غزة ب 70 مليار دولار    البطولة الاحترافية 2: المغرب التطواني يسجل فوزه الأول خارج الديار وبني ملال يتذيل الترتيب بنقطة واحدة    أخنوش يستقبل وفدا صينيا رفيعا لتعزيز الشراكة الاقتصادية    الوزير برادة: قد أرتكب أخطاء لأنني لا أعرف 15% من معطيات الوزارة.. والإصلاح يتطلب الوقت    ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل يومي مفيدة لصحة القلب (دراسة)    شعلة الحي المحمدي تطلق «حوارات شبابية» مع الدكتور كمال هشومي    رسميا.. تحديد موعد الديربي البيضاوي بين الرجاء والوداد    محاربة الهدر المدرسي هو المدخل لمحاربة ظاهرة الشباب غير المندمجين في التعليم أو العمل (برادة)    منير محقق يصدر «تحليل بنيات الحكاية الشعبية المغربية»    "ماركا" الإسبانية تشيد باللاعب المغربي الدولي عثمان معما    منتخب "الأشبال" يواجه فرنسا بطموح بلوغ النهائي والاقتراب من اللقب التاريخي    إندونيسيا تستبعد رياضيين إسرائيليين    "جيتكس غلوبال 2025" .. الذكاء الاصطناعي يحدد خريطة إنتاجية جديدة    دعوات نقابية لاحترام حق الشباب في الاحتجاج وتحذير من تهديد الاحتقان المتنامي للسلم الاجتماعي    "أسعار الاستهلاك" ترتفع في المملكة    "تقنيو السكانير" ينادون بتقنين المهنة    بلاوي يشيد بمجهودات تمكين المرأة    فتح باب الترشيح للاستفادة من دعم الموسيقى والأغنية والفنون الاستعراضية والكوريغرافية    سانشيز: المسؤولون عن "الإبادة الجماعية" في غزة يجب أن يحاسبوا قضائيا    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    المغرب يتجه لدخول نادي منتجي اليورانيوم في العالم    شرطة فاس تستخدم سلاحها الوظيفي لإيقاف جانحين بعد تعرض عناصرها لهجوم بسكاكين    أكادير.. اعتقال شخص متلبس بالتحضير لعملية الهجرة غير الشرعية لفائدة 45 مرشحاً    الحسيمة.. أحكام بحق خمسة قاصرين على خلفية أحداث إمزورن    في ‬مضامين ‬الخطاب ‬الملكي:‬ التوازن ‬العادل ‬بين ‬مجالات ‬التنمية ‬الترابية    قادة أربع دول يوقعون وثيقة شاملة بشأن اتفاق إنهاء الحرب في غزة    "فيفا" يكشف التميمة الرسمية لمونديال السيدات لأقل من 17 سنة    إسبانيا ‬تتموقع ‬إلى ‬جانب ‬المغرب.. ‬نحو ‬شراكة ‬بحرية ‬جديدة ‬تعيد ‬رسم ‬موازين ‬المتوسط    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    مهرجان بن جرير يكرم رشيد الوالي ويحتفي بذكرى محمد الشوبي    التحول الحاسم في مسار النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية و نهاية الأطروحة الإنفصالية.    حركة "جيل زد 212" تقرر استئناف احتجاجاتها..    فيديو.. المنتخب المغربي يخوض آخر حصة تدريبية على أرضية ملعب الأمير مولاي عبد الله قبل مواجهة الكونغو    الحكومة الفرنسية الجديدة الهشة تعرض مشروع الميزانية    قصف يقتل 3 فلسطينيين شرق غزة    الذهب يلامس ذروة قياسية جديدة وسط إقبال على الملاذ الآمن    طقس الثلاثاء: أجواء حارة بعدد من الجهات    انفجار يقتل 3 عناصر من الدرك شمال إيطاليا    نحو ألفي قتيل و30 ألف جريح إسرائيلي منذ أكتوبر 2023.. تقرير يرصد امتداد الخسائر إلى خمس جبهات    تأخر التساقطات يقلق المزارعين ومربي الماشية من موسم فلاحي صعب    "جيتكس غلوبال" يبرز مستجدات الحلول الذكية ومستقبل الأصول الرقمية    معايير منح جائزة نوبل بين التشريف السياسي والاستحقاق الأكاديمي    فوز 3 علماء بجائزة نوبل في الاقتصاد    لافونتين المغربي والخطاب السياسي..    دراسة يابانية: الشاي الأخضر يقي من مرض الكبد الدهني    علماء كنديون يكتشفون طريقة بسيطة عن طريق تحليل عينات من أظفار القدم للكشف المبكر عن سرطان الرئة    جائزة نوبل للأدب بيان ضدّ الشعبوية الأوروبية    «بين حبيبات الرذاذ، خلسة صفاء» .. ما بين المبتدأ وشبه الجملة، ينهمر شعر مينة الأزهر    المغاربة متوجسون من تداعيات انتشار الأنفلونزا الموسمية خلال فصل الخريف    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مُعضلة العلمانيين: من "الإسلاموفوبيا" إلى "الديموقراطوفوبيا"
نشر في أون مغاربية يوم 06 - 11 - 2011

عقب ظهور أولى نتائج الانتخابات التونسية والتي أظهرت فوزا كبيرا لحركة النهضة، تناقلت وسائل الإعلام المختلفة تصريحات لمناضلين من التيارات العلمانية يلعنون هذه النتائج، ورأينا بعضهم يبكي على "مصير تونس" وعلى "جهل الشعب التونسي وانعدام الحس النقدي عنده" حين اختار "الرجعيين الظلاميين" ليضعوا دستورا للبلاد ويؤسسوا لمرحلة انتقالية لما بعد الثورة، بل إن بعضهم ربط فوز النهضة ب"خروف العيد" متهما الشعب ببيع أصواته من أجل مصالح مادية، وهدد آخر بثورة جديدة إذا "أساء الشعب الاختيار"، في حين قرر آخر مغادرة البلاد التي "لم تختر طريق الحرية" ووصف ما جرى بالمهزلة، بل طالبت أخرى بتدخل "الأم" فرنسا لحماية "المكاسب الديمقراطية" وتحذيرها من تأسيس "إمارة طالبان" في تونس.
لم يكن رد الفعل هذا مستبعدا، فكثيرا ما خوَّف دعاة العلمانية الناس من "المد الإسلامي" فهناك "حالة من الخوف"من كل ما هو إسلامي، فالنخبة "المثقفة" في بلادنا العربية تعلن بشكل واضح تخوفها من الإسلاميين حيث لا زالت التهمة الجاهزة التي يُواجَه بها الإسلاميون في الوطن العربي هي: "استخدام الدِّين في السياسية" أو "استغلال الدِّين لأهداف سياسية" ،ويعملون على تصوير الإسلاميين على أنهم أعداء للمرأة وللحرية وللديمقراطية ، وأنهم يستغلون المشاعر الدينية للناس من أجل كسب تأييد الناخبين للوصول إلى السلطة، وبالتالي اكتساب "الشرعية الجماهيرية" إضافة إلى "الشرعية الدينية" حسب زعمهم.
في ظروفنا هذه يقبل العلمانيون أية نتيجة تؤدي إليها الديمقراطية، إلا أن ينال الإسلاميون خلالها تمثيلًا في السلطة يمكنهم من إيصال صوتهم، وبسط مشاريعهم أمام الشعب، مثلهم مثل بقية خلق الله، بعد طول كبت وقهر ومطاردة.
يقول أحدهم {في الحالة المصرية}: (كم من الجرائم تُرتكب باسمك أيها الديمقراطية!!... وإذا طرحنا سؤالًا حول هذه الأغلبية التي في يدها الآن تحديد مستقبل مصر عبر صناديق الانتخابات ويا للأسف نجدها أغلبية تعاني الأمية، أمية القراءة والكتابة تصل إلى خمسين في المائة!! هذه هي الأغلبية التي من المقرر أن تحدد مستقبل مصر ومستقبل أولادنا وأحفادنا. وإذا اعترضنا قالوا هذه هي الديمقراطية. وهنا دعونا نجادل: هل الديمقراطية مذهب سياسي بلا عيوب؟ ولماذا لا نتدخل في فحوى كتالوج الديمقراطية ونقدم تعديلات تناسب الواقع المر، الذي أفرز لنا أغلبية إذا قادتنا حطمتنا، وإذا اعتمدنا عليها سلمتنا إلى يد من لا يرحم!!!...
ويواصل قائلا: وما معنى الأغلبية هنا؟ فهل هي أغلبية بلا ضابط ولا رابط ولا شروط؟ فقط المطلوب أن يكون لك صوت وبطاقة رقم قومي يتم بها إحصاء المواليد والموتى، ومن بلغ سن الرشد دون حتى مجرد شرط الحصول على شهادة محو الأمية!!
لقد حرصت الأنظمة الفاسدة الحاكمة بمصر على إبقاء هذه الأغلبية على حالها، تعاني المثلث المدمر الجهل والفقر والمرض، حتى تسهل قيادتها ويمكن الحصول على أصواتها، ولنسقط نحن في فخ الشكل الديمقراطي، فلا نحصد من الديمقراطية غير لعتنها ونشرب مرارتها، وننتظر حكم الأغلبية الجاهلة على الأقلية المستنيرة، وهذا ليس استعلاء أو كبرياء، بل توصيف صادق لواقع مؤلم يضعنا في خندق مظلم لا حل للهروب منه سوى قيادة المستنيرين ووضع شروط للتصويت الانتخابي...، ولنضف لتعريف الديمقراطية أنها حكم الأغلبية المتعلمة الواعية الناضجة أو نصمت ونستسلم ل"اللعنة" أو نبكي على مستقبلنا من الآن . (والكلام ل :روبير الفارس { جريدة المصري اليوم، 11/8/2011م}
أصبحت الديمقراطية "لعنة" تطارد العلمانيين وتؤدي إلى "حكم الأغلبية الجاهلة على الأقلية المستنيرة". والحل كما يرون هو إضافة تعاريف جديدة للديمقراطية مثل : "حكم الأغلبية المتعلمة الواعية الناضجة". ونتساءل: أي تعليم وفي أي مدرسة وعلى يد من؟
طبعا المقصود هنا هو التعليم المنفصل عن الهوية، على يد فلاسفة الأنوار وفي مدرسة التغريب ومديرها اللورد كرومر1.
فهم يرون أن صناديق الاقتراع لا تحقق الديمقراطية، ولا تأتي –في ظروفنا- إلا ب"ديكتاتورية الأغلبية" .
وقد طرح الأستاذ عصيد هذا السؤال في مقال له: هل كان الإسلاميون سيتشبثون باختزال الديمقراطية في صناديق الاقتراع ورفض أسسها الفكرية وقيمها لو لم يكن الشعب المغربي قد تعرض على مدى خمسين سنة لآثار توظيف الدين في الحياة السياسية من طرف نظام سياسي غير ديمقراطي؟ 2
وهنا نطرح سؤالا آخر: ألم يتعرض الشعب التونسي طيلة خمسين سنة لمحاربة هويته وإسلامه والعمل على تجفيف منابع التدين في المجتمع فحوربت المساجد وقمع الإسلاميون على يد كل من بورقيبة وبنعلي، ولم يتم في عهدهم أي استناد للدين في الحياة السياسية ورغم ذلك فاز الإسلاميون في الانتخابات الأخيرة؟ مما دفع عصيدا لتوجيه نصيحة للعلمانيين مفادها أنه: "عليهم أن يتكتلوا لحماية مكاسبهم الديمقراطية"3 ورغم أنه يرى أن "فزاعة الإسلاميين" لم تعد تنفع أنظمة الاستبداد. لكنه يستدرك:"لكن هل يعني هذا أنّ الإسلاميين لم يعودوا مصدر خوف أو تهديد للديمقراطية وقيمها ؟ من الصعب أن نجيب بالإيجاب"4
لا يتهم العلمانيون أنفسهم ولا يريدون، رغم العزلة التي يعيشونها في أفكارهم وخطاباتهم بعيدا عن هوية الشعب وجذوره. بل يوجهون أصابع الاتهام دائما للذين "يدخلون الدين في السياسة".
إن مناخ الحرية إذا توفر للشعوب العربية والإسلامية، ودعيت لتختار فلن تذهب بعيدا عن هويتها وتاريخها وأصالتها. طبعا إذا كان المناخ السائد مناخ ديمقراطية حقيقية، ليس كما يتم الترويج له في المغرب.
لم يعد الإسلاميون هم مصدر الخوف لدى العلمانيين بل أصبحت الديمقراطية نفسها مصدر خوف وقلق مادامت رياحها تأتي بما لا تشتهي سفنهم.
1-كان من كبار دعاة التغريب والاستعماريين في العالم الإسلامي وواحد من الذين وضعوا مخطط السياسة التي جرى عليها الاستعمار ولا يزال, في محاولة القضاء على مقومات العالم الإسلامي والأمة العربية. ومن كلام اللورد:. "إن الحقيقة أن الشاب المصريَّ الذي قد دخل في طاحون التعليم الغربي، ومرَّ بعملية الطحن يفقد إسلاميته، أو على الأقلّ أقوى عناصرها، وأفضلَ أجزائها. إنه يتجرد عن عقيدة دينه الأساسيَّةِ. إنه لا يعود يؤمن بأنه لا يزال أمامَ ربّه، وأنه تُراقبه عين لا تخفى عليها خافية، وأنه سيحاسب أمامه يوما من الأيام".
2- من مقال للأستاذ أحمد عصيد تحت عنوان "معنى الديمقراطية بين اليساريين والإسلاميين"
3 و4- من مقال للأستاذ أحمد عصيد تحت عنوان "هل تحلّ التجربة التونسية معضلة الإسلام السياسي؟"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.