"بنك المغرب": احتياجات البنوك من السيولة تتجاوز 118 مليار درهم    70 شركة يابانية في المغرب تشغل حوالي 50 ألف شخص    أضواء قطبية ساحرة تلون السماء لليوم الثالث بعد عاصفة شمسية تضرب الأرض    النيابة العامة التونسية تمدد التحفظ على إعلاميَين بارزَين والمحامون يضربون    جائزة الحسن الثاني ل"التبوريدة" من 27 يونيو الجاري إلى 3 يوليوز المقبل بدار السلام بالرباط    غابوني يتفوق على حكيمي في "الليغ 1"    المركز الثقافي بتطوان يستضيف عرض مسرحية "أنا مرا"    السكر العلني والإيذاء العمدي يُوقفان عشريني بأكادير    ميناء طنجة المدينة.. إحباط محاولة للتهريب الدولي ل 4750 قرص طبي مخدر    صحيفة "ماركا" الإسبانية: إبراهيم دياز قطعة أساسية في تشيكلة ريال مدريد    المندوبية العامة لإدارة السجون تنفي وجود تجاوزات بالسجن المحلي "تولال 2" بمكناس    المغرب يحتفي بالذكرى ال68 لتأسيس القوات المسلحة الملكية    إضراب يشل المؤسسات العمومية يوم غد الثلاثاء    طقس الثلاثاء.. عودة التساقطات المطرية بعدد من الأقاليم    مباراة توظيف 139 منصب بوزارة التربية الوطنية 2024    تحليل آليات التأثير الثقافي في عصر الرقمنة    هذه تفاصيل العقوبات الصادرة في حق الأساتذة الموقوفين : مولاي امحمد الشهيبات: خروقات قانونية شابت المجالس التأديبية من حيث الشكل كما انعدمت فيها الضمانات التأديبية    رشيد الطالبي العلمي في زيارة عمل برلمانية لجمهورية الصين الشعبية    شح الوقود يهدد خدمات الصحة بغزة    الزمالك يشهر ورقة المعاملة بالمثل في وجه بركان    مبيعات الاسمنت تتجاوز 4,10 مليون طن نهاية شهر أبريل    هام لتلاميذ البكالوريا بالناظور.. هذه هي تواريخ الامتحانات والإعلان عن نتائجها    الطلب والدولار يخفضان أسعار النفط    المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة يحتفي بالسينما المالية    محامو المغرب يدخلون على خطّ اعتقال محامية في تونس.. "اعتقال الدهماني عمل سلطوي وقمعي مرفوض"    من البحر إلى المحيط.. لماذا يتحول مسار الهجرة من المغرب إلى أوروبا؟    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    إضراب وطني يفرغ المستشفيات من الأطباء والممرضين.. والنقابات تدعو لإنزال وطني    سي مهدي يثور في وجه بنسعيد    الارتفاع يطبع تداولات بورصة الدار البيضاء    تحقيق السيادة في مجال الذكاء الاصطناعي    قنصلية متنقلة لفائدة مغاربة إسبانيا    كأس الكونفدرالية الإفريقية: نهضة بركان يفوز على الزمالك المصري في ذهاب النهائي (2-1)    مصر تُهدد بإنهاء "كامب ديفيد" إذا لم تنسحب إسرائيل من رفح    تليسكوب "ليزا"...    الأساطير التي نحيا بها    الدرس الكبير    السينما في الهوامش والقرى تشغل النقاد والأكاديميين بالمعرض الدولي للكتاب    هل انفصلت فاطمة الزهراء لحرش عن زوجها؟    تراجع صرف الدولار واليورو بموسكو    "المراهنة على فوضى المناخ".. تقرير يفضح تورط المصارف العالمية الكبرى في تمويل شركات الوقود الأحفوري    الاشتراكيون يفوزون في انتخابات إقليم كتالونيا الإسباني    فيلم الحساب يتوج بالجائزة الكبرى في برنامج Ciné Café    نقابة تُطالب بفتح تحقيق بعد مصرع عامل في مصنع لتصبير السمك بآسفي وتُندد بظروف العمل المأساوية    لماذا قرر حزب بهاراتيا جاناتا الهندي الحاكم أن لا يخوض الانتخابات في إقليم كشمير؟    ما الذي قاله مدرب نهضة بركان بعد الانتصار على الزمالك المصري؟    "إغلاق المعبر يعني أن أفقد قدمي الثانية" شهادات لبي بي سي من مرضى ومصابين في رفح    كرة اليد.. اتحاد طنجة يتأهل لربع نهائي كأس العرش    إبراهيم صلاح ينقذ "رين" من خسارة    وفاة أول مريض يخضع لزرع كلية خنزير معدل وراثيا    مركز متخصص في التغذية يحذر من تتناول البطاطس في هذه الحالات    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    الأمثال العامية بتطوان... (596)    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    الأمثال العامية بتطوان... (595)    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب البوليساريو على مصطفى سلمى خوف انتصار الشرعية

البشير مصطفى السيد شقيق مؤسس جبهة البوليساريو في شهادة لله ثم للتاريخ
تحل الذكرى الثانية لإعلان مصطفى سلمى ولد سيدي مولود في ندوة صحفية بمدينة السمارة عن تأييده لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، وإبداء رغبته العودة إلى مخيمات اللاجئين بنية إيصال قناعاته إلى إخوانه وأبناء عمومته بمخيمات تندوف، بعدما رأى فيه الحل الأمثل لإنهاء معاناة اللاجئين الصحراويين وجمع شملهم بذويهم وإخوانهم الصحراويين بالإقليم المتنازع عليه. ولأنه ابن شيخ من شيوخ أكبر قبيلة بالمخيمات قبيلة الركيبات لبيهات التي تتربع على عرش أكثر القبائل نسبة وتواجدا دون منازع، فقد قرر من موقع المسؤولية أن إخوانه بالمخيمات يحتاجون إلى توعية وتنوير بحقيقة الوضع الذي تخفيه عنهم قيادتنا، وشرح مضامين الحكم الذاتي كمبادرة تعنيهم أولا وأخيرا ومن حقهم الاطلاع عليها ومعرفة تفاصيلها ليستطيعوا إبداء رأيهم حولها في سبيل إنهاء مشكل الصحراء بعيدا عن منغصات وعراقيل تخدم مصالح أفراد من قيادة البوليساريو ممن يحاولون التحكم في مصير الصحراويين لمصالحهم الشخصية.
إنني أتفق من حيث المبدأ على البعد الإنساني الذي انطلق منه مصطفى سلمى ولد سيدي مولود في إعلان عودته إلى داخل مخيمات تندوف دفاعا عن طرحه مهما كنت أختلف معه أو أرفضه. ولست هنا بصدد الحديث عن نفسي أو شرح قناعاتي، وإنما لأعطي المفاهيم حقها وأعيد الأمور إلى نصابها.
إنني أحترم تمام الاحترام شخصية مصطفى سلمى وأقدر الوعي السياسي الكبير الذي يتمتع به، وقدرته على الحوار والإقناع النابع من خبرة ومراس وتجربة طويلة في واقع الصحراويين بمخيمات اللاجئين، ومعرفته الدقيقة بجبهة البوليساريو وأفكارها وكيف تشتغل بالداخل والخارج وطريقة تفكير قادتها وتدبيرهم للأمور، فضلا عن براعته في الإلقاء وفصاحته في الخطاب الممزوج بروية العارف وهدوء المتمكن، كل هذا وغيره من الإمكانيات المعرفية والإدراكية والذي قل ما يجتمع في شخص واحد جعل من مصطفى سلمى المشهود له بالأخلاق والعفة وصدق القول قوة نموذجية تفوق إمكانيات قوة بشرية متعددة الأفراد والإمكانيات، وأصبح بها سلاحا فتاكا رأت فيه جبهة البوليساريو خطرا يتهدد استقرارها ويعصف بمشروعها إن هي تنازلت تحت أي ظرف من الظروف وسمحت بدخوله إلى مخيماتها. فكان قرارنا الرسمي على أعلى مستوى بإعلان مصطفى سلمى ولد سيدي مولود شخصا غير مرغوب فيه بالمخيمات أيا تكن النتائج، ومن هنا جاءت التضييقات على مصطفى وتهديده وشن الحملات الشرسة ضده - والتي لا أتفق معها طبعا - وبعدها سجنه ومن ثم تهجيره قسرا في سابقة من نوعها لم تعتمدها القيادة مع أي شخص قبله، فقد كان الهدف إبعاد مصطفى سلمى بأي ثمن، فلأول مرة أحس أن الإخوة في الأمانة العامة وأعضاء الحكومة لم يعد يهمهم الحفاظ على صورة الجبهة في المنتظم الدولي، ولم يعيروا اهتماما لنداءات المنظمات الإنسانية والهيئات الحقوقية، ولا التنديدات والبيانات الاستنكارية في حقها، رغم أنم كانوا يعلمون علم اليقين أن ذلك سينعكس سلبا على صورتها في المنتظم الدولي ويضعها في موقف إحراج، إلا أن الاختيار كان صعبا بقبول التضحية بدور ظل يلازمها منذ بداية الصراع كحركة تحرير مغلوب على أمرها ومنظمة بريئة تعاني الويلات دفاعا عن طرحها، كل هذا ضحت به جبهة البوليساريو وقبلت أن تكون لأول مرة محل انتقاد حتى من أقرب حلفائها وهو ثمن باهض قبلت أن تدفعه لأجل شيء واحد وهو عدم دخول مصطفى سلمى سيدي مولود من جديد إلى عقر دارها. وربما من هنا يتبين بالملموس أن جبهة البوليساريو وقيادتها تعرف حق المعرفة معدن الرجل وما يمكن لهذا الشخص الفرد أن يقوم به وما يمكن أن يهيئ من السبل لتقويض مشروعها الاستقلالي، وهنا أتأسف على عدم قدرة الجبهة على كسب شخصية من طينة مصطفى سلمى سيدي مولود الذي أفتخر به.
قد يتساءل القارئ الكريم عن الأسباب والدواعي التي جعلت الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية تنشغل بقضية مواطن أو فرد وتعطيها حجما قد يبدوا أنه أكبر من حجمها لدرجة قد يتصدع معها مسار البوليساريو التحرري والتضحية بمكتسبات دولية مهمة. وسأحاول فيما يلي أن أجيب قدر الإمكان وبكامل المسؤولية كل التساؤلات في محاولة لإجلاء الغموض عن خفايا وأسرار الحرب المعلنة من جبهة البوليساريو على مصطفى سلمى ولد سيدي مولود.
بداية أحب أن أؤكد على خلاصة مهمة هي أن القارئ لا بد أن يضع في اعتباره أمرا ينبغي أن يعتبره من المسلمات، وهو أننا سنخلد سنوات وسنوات ذكرى إعلان مصطفى سلمى سيدي مولود بمدينة السمارة عن تأييده للحكم الذاتي وعزمه الرجوع إلى المخيمات دون أن نشهد ذلك الرجوع أو دخولا فعليا لمصطفى سلمى إليها على أرض الواقع، وذلك نابع عن قناعة مني أنه مهما يكن في قادم الأيام من أحداث ومجريات، فإن البوليساريو وحتى الحليفة الجزائر ستلاعب المنتظم الدولي وستبتكر الحلول والمخرجات التي تضمن بقاء مصطفى سلمى بعيدا عن مواقع نفوذها، وهنا نعرج على مفارقة غريبة وهي أن البوليساريو في وقت تقدم نفسها للعالم كدولة قائمة الذات نراها تمنع بكل الوسائل فردا ممن يفترض أنه من رعاياها، وهي التي لم تكف يوما عن مناشدة العالم أجمع والتوسل لمنظماته لزيارة المخيمات والإقامة بها، وبلغ بها الحد توجيه الدعوات حتى لأعدائها بدعوى أنها لا تخشى أو تخفي شيئا وأنها ذات مشروعية على الأرض غير قابلة للطعن، فكيف يمكن أن يجتمع فيها هذا التناقض الصارخ والازدواجية اللامنطقية ؟ ولماذا الترحيب حتى بالأعداء في ديارها والمنع بكل الوسائل لمن كان ينظر إليه إلى وقت قريب كواحد من أبنائها وخدام نظامها ؟.
لا يمكننا أن نجد مبررا لهذا التعامل الشاذ من طرف جبهة البوليساريو سوى أنها تعرف حقيقة الرجل وقدرته المدمرة وحنكته ودهاءه في التخطيط وسرعته في التنفيذ، وتخشى من أن يكون عائدا بمشروع جديد لا يمكن لمصطفى سلمى وهي التي خبرته أن يراهن عليه دون أن يعرف مدى جدواه وفاعليته وبالتالي قدرته على تجسيده في الواقع، ومن هنا فإن قيادة البوليساريو اتفقت على أن لا تمنحه الفرصة التي يتحينها للانقضاض على مجدها الزائف وتاريخها المزور، انتقاما لمجد آباءه وأبناء عمومته الذين لهم الحق نسبا وعددا وشرفا في أن يديروا شؤون الصحراء.
إن الخطر الحقيقي الذي تخشاه البوليساريو والجزائر لا يدركه سوى الفاهمين المدركين لتاريخ الصحراء الحقيقي، فمنع مصطفى سلمى ولد سيدي مولود من الدخول إلى المخيمات وتأطير ساكنتها هو خوف من ميلاد حركة داخل الحركة، لها القدرة على نسف مشروع الاستقلال إلى الأبد، فجبهة البوليساريو تخشى من مشروع مصطفى سلمى الذي يستهدف أبناء عمومته من قبيلة الركيبات لبيهات وتأطيرهم تمهيدا لتحالف قبلي كبير يضم الأقطاب الرئيسية لقبيلة الركيبات الأم خاصة منها ذات الامتداد المتجذر بمنطقة الساقية الحمراء ووادي الذهب، وهو ما سيقلب الموازين خاصة إذا ما انطلق مشروع مصطفى سلمى من منظور يعيد الوضع بين الصحراويين بالمخيمات إلى الوضع ما قبل تأسيس جبهة البوليساريو وهو الوضع السليم والمقبول والمتوافق عليه بين كافة أطياف ومكونات المجتمع القبلي بالصحراء، وهو الوضع الذي يعطي الأولوية في الحكم وإدارة دفة تسيير شؤون القبيلة إلى «لخيام لكبارات» ، وهو الأمر الذي إن نجح مصطفى سلمى في حشد الإجماع له من داخل المخيمات فسيكون من شأنه أن يزيح محمد عبد العزيز «أحمتو ولد خليلي ولد محمد البشير» رئيس البوليساريو عن زعامة الجبهة لصالح واحد من أبناء «لخيام لكبارات» التي لا تتوفر شروطها بالضرورة في محمد عبد العزيز نظرا لأصوله التي لا تعود لقبيلة الركيبات وهي حقيقة يعرفها الكثيرون حتى شيوخ فخذة قبيلة الركيبات الفقرة التي يدعي الانتماء إليها، إلا أن غالبية ساكنة المخيمات يتجنب الخوض في هذا الأمر مخافة الاتهام بالمس بما يعرف بالوحدة الوطنية التي يستغلها عبد العزيز في مواجهة أي تحرك قبلي قد يعصف بمشروعية زعامته.
وهنا لا ينبغي أن نغفل أن أغلب ساكنة المخيمات خاصة منهم من يؤمنون بزعامة «لخيام لكبارات»، قد قبلوا مرغمين فيما مضى ويقبلون اليوم إلى حين زعامة محمد عبد العزيز لأسباب مرحلية تتعلق كما أسلفنا بمشروع إقامة الدولة الصحراوية، والخوف من أن يكون أي تحرك سببا في جلب العار على صاحبه ممن يتجرأ على ضرب قدسية الوحدة الوطنية، وهو الأمر الوحيد الذي يبقي عبد العزيز في مكانه إلى حد الآن، ولا أدل على ذلك من أن كثيرا من اللقاءات والتجمعات التي يحضرها شيوخ كبار وازنين كانت تعرف مشاحنات وسجالات ما حدا برئيس البوليساريو تجنب عقدها منذ زمن، والجميع بالمخيمات يعرف حادثة وقعت في أحد هذه اللقاءات عندما تحدث أحد الشيوخ وهو في الوقت ذاته جندي في صفوف البوليساريو بلغة شديدة اللهجة حملت نوعا من الوعيد لشخص محمد عبد العزيز حين وجه له الخطاب مباشرة وأمام الملأ بأن ما يجمعنا بك هو العهد فيما مضى وأننا ننتظر فقط نهاية مشكل الصحراء آنذاك سنقتص منك وسنثأر لدماء أبناءنا بدمك ، انتهى كلام الشيخ .
وهنا يظهر جليا أن اللاجئين الصحراويين يرضون بزعامة محمد العزيز فقط لخوفهم على تشتيت شملهم وحفاظا على تماسك جبهة البوليساريو، أما محمد عبد العزيز فلا أقل من أن يكون شخصا متجاوزا وغير مرغوب فيه، وينظر له بدونية، اعتبارا لتاريخه السيء وتورطه في القتل، ثم ادعاءه زورا انتماءه لقبيلة الركيبات، وهو الأمر الذي يعرف شيوخ الركيبات قبل غيرهم كذبه ويقبلونه إلى حين، في الوقت الذي يعول فيه هو على ماضي جبهة البوليساريو وما يعتقد في قرارة نفسه أنها إنجازات قديمة قد تشفع له. وبعدما تأكد أن أبناء الصحراء الأصليين يسعون إلى اقتلاعه ويأبون زعامته عليهم، ها هو اليوم يعمل ويقرب منه أفرادا يتشابهون معه في كل شيء، فأغلب من يديرون اليوم دفة القرار في جبهة البوليساريو لا ينتمون إلى قبائل الصحراء الأصلية ولا علاقة لهم بقضية الصحراء، وإنما ساقتهم الأقدار وقواهم عبد العزيز من خلال منصبه ليتحكموا في مصير الصحراويين، مستغلين شعار القبيلة جريمة وطنية لإبعاد أهل الصحراء وخيامها الكبار عن دوائر القرار ومنع أي توجه قبلي قد يطيح بهم، ليفسحوا الطريق لأنفسهم من أجل التحكم في خيوط قضية الصحراء وإطالة أمدها تحقيقا لمآربهم، وتأجيلا لموعد الحل النهائي لقضية الصحراء الذي سيكون بالضرورة يوم نهايتهم واندحار زعامتهم والإعلان عن القصاص منهم لما قدموه من سالف الأعمال. لأجل هذا ستظل جبهة البوليساريو ترفض أي حل ينهي قضية الصحراء ولأجل هذا تحاول إقبار مبادرة الحكم الذاتي، أضف إلى ذلك اعتمادها في السنوات الأخيرة على نضالات مستوردة ودفاعها المستميت عن أشخاص لا ينتمون للمجال الجغرافي الصحراوي وتسويقهم للمنتظم الدولي على أنهم صحراويون يدافعون عن استقلال الصحراء فيما أبناء الصحراء لا يملكون الحق في تقلد أي منصب مؤثر وإن تقلدوه فليس إلا للبهرجة والدعاية، كل هذه الإجراءات وغيرها الكثير تحاول قيادة البوليساريو من خلالها تمييع قضية الصحراء وإخراجها من جوهرها الحقيقي، وإقناع المنتظم الدولي أنها مشكلة عصية على الحل، من أجل كسب الوقت استغلالا للزمن في تأجيل حرب مشروعية من يمثل الصحراويين التي يعرف عبد العزيز ومن معه من القادة أنهم أكبر الخاسرين فيها لصالح أبناء «لخيام لكبارات».
من هنا نفهم الأسباب الكامنة وراء حرب محمد عبد العزيز على مصطفى سلمى، فهو يعرف طينة الرجل ويعرف انتماءه القبلي جيدا ويعلم أكثر من غيره التأثير الذي قد يحدثه اتحاد قبيلة مثل الركيبات لبيهات على مشروع موحد خاصة إذا كان يضمن عودة الشرعية لها كقبيلة تاريخية قادت في حقب زمنية قبائل الصحراء جميعها ولعل تجربة خطري الجماني على رأس الجماعة الصحراوية كرجل الإجماع بين كل القبائل الصحراوية خير مثال. كما أن البوليساريو تعرف أن مصطفى سلمى واع بكل ما ذكرنا سابقا وواع أكثر من غيره بحجم قبيلته وغيرها من القبائل الصحراوية الأصيلة وأكثر من ذلك تعلم علم اليقين أنه رافض لواقع رضوخ الصحراويين لحكم أقلية لا علاقة لها بأرض الصحراء، وأكثر ما يخافه محمد عبد العزيز ويراه خطرا ليس بعده خطر أن مصطفى سلمى ليس مثل الشيوخ الذين عرفوا وسكتوا، أو رضخوا لأجل مصالحهم أو تحقيقا لأهداف سياسية مستقبلية بعد الاستقلال، إنه يعرف أن مصطفى سلمى اليوم لا يؤمن بالحدود ولا ينوي الرضوخ، لأنه يرى أنه واحد من أبناء « لخيام لكبارات » وله الحق في أن يرى مستقبلا أفضل له ولأبنائه ينصفهم وينصف قبيلتهم التي تستحق الريادة والقيادة، أما من يرضى بالاستبداد وحكم الأقليات والدخلاء فلا يستحق أن يكون من أبناء «لخيام لكبارات ».
ولأن مصطفى سلمى لا يحاول العودة إلى المخيمات بوازع قبلي أو دعوة لتغيير واقع الحكم في الصحراء فقط لأن «لخيام لكبارات» هي من تستحق تاريخيا قيادة الصحراء، بل على العكس هو عائد إلى المخيمات بمشروع مبادرة الحكم الذاتي كمبادرة في اعتقاده أنها قد تلقى الإجماع والقادرة على جمع الصحراويين تحت سقف واحد يضمن تعايشهم وتعاونهم مع حفظ مكانتهم وعزوتهم، حل اقترحه ملك المغرب على الصحراويين الأصليين وطبيعي أن يرفضه غير الصحراويين أو من نصبوا أنفسهم مدافعين عن الصحراويين من أمثال عبد العزيز وبعض قادته، وهو أمر لن يبقى مقبولا لأن الصحراويين يريدون حلا يجمع شتاتهم وهذا لن يتم إلا بجمع كلمتهم على كلمة رجل واحد كما الأيام الخوالي وهنا أصبح لزاما أن يسترد أولاد «لخيام لكبارات» حقهم في إدارة شؤون الصحراء وتوحيد كلمة الصحراويين والعيش بأمان في وطنهم وبلدهم بعد أن ضمن لهم ملك البلاد من خلال مبادرته مكانتهم وأعلن للعالم أنهم أبناء عمومته الذين سيتعامل معهم دون وسيط أو رسول، وهو ما كانوا عليه قبل تأسيس البوليساريو وما يرون أنه الحل الأمثل لإنهاء مشكل الصحراء.
لأجل هذا عمل محمد عبد العزيز على استمالة مصطفى سلمى وإغرائه بما أوتي من متاع السلطة والمال لثنيه عن الخوض في أحقية قيادة الصحراويين، ومنعه من تقديم مشروع الحكم الذاتي كحل يضمن للصحراويين عودتهم لأرضهم بعلاقة مباشرة مع ملكهم. غير أن مصطفى سلمى رفض أن يبيع شرعيته، وأن يدنس قدسية وأحقية قبيلته في أن تتبوأ المكانة التي تستحق. فكان لزاما أن يجمع محمد عبد العزيز ومن معه أمرهم على أن يمنعوا مصطفى سلمى ولد سيدي مولود من دخول المخيمات إلى الأبد، مخافة أن يجتمع على فكره من يثقون به ومن يوالونه، ومن أصلا ينتظرون على أحر من الجمر أن تعود لهم الشرعية المسلوبة، لأجل هذا قررت جبهة البوليساريو إعلان مصطفى سلمى شخصا غير مرغوب فيه بالمخيمات. إلا أننا أكيدون أن مصطفى سلمى لن يعدم الوسيلة لتحقيق فكرته ونصرة قضيته التي يشتركها معه الآلاف من الصحراويين التواقين إلى حكم أهل الصحراء أرضهم في منأى عن الدخلاء، فمتى تعود الصحراء إلى سابق عصرها؟، ومتى ترجع ل «لخيام لكبارات» الشرعية المسلوبة؟، ومتى سننعم بلم شمل الصحراويين جميعا تحت سقف حل واحد؟، أكيد أن الأمر لن يتم إلا بمعرفة من سينتصر في صراع الشرعية التاريخية التي رأيناها اليوم في صراع جبهة البوليساريو مجتمعة ضد فرد واحد هو مصطفى سلمى سيدي مولود ولد «لخيام لكبارات» ، على أمل أن يقدم الغيورون على هذا البلد العون له ولطرحه، وأن تسعى الدولة المغربية على أعلى مستوى فيها لتقديم العون الكامل له نصرة للحكم الذاتي أولا وجمعا لشتات أبناء الوطن الواحد وعودة بمنطقة الصحراء إلى سابق عهدها لحمة واحدة وقبائل موحدة تأتمر بأمر ملك البلاد عبر مواثيق وعقود بيعة ورثتها عن الأجداد.
مؤسس جبهة البوليساريو
عضو الأمانة الوطنية، وزير دولة مستشار بالرئاسة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.