وفد نيابي برئاسة الطالبي العلمي في زيارة عمل لجمهورية فنلندا    جنيف: تعيين المغرب رئيسا للجنة المشاركين في النظام العالمي للأفضليات التجارية بين البلدان النامية للفترة 2025-2026    إيرلندا: علماء الفلك يرصدون ظاهرة قوية وغامضة في الكون        توقيف مشتبه في ترويجهم لمخدرات وحجز سلاح ودراجات نارية    حموني يراسل وزارة التجهيز بخصوص الخسائر الفادحة في البساتين الفلاحية ببولمان    بعد جدل طلاقها .. سكينة بنجلون تطلق نداء عاجلا لحسن الفذ    النائبة البرلمانية النزهة أباكريم من الفريق الاشتراكي توّجه سؤالا كتابيا للوزير حول الموضوع .. تردي الوضع الصحي بتيزنيت يصل إلى قبة البرلمان والساكنة تنظم وقفة احتجاجية صاخبة    حملة اعتقالات تطبع احتجاجات فرنسا    تداولات الافتتاح ببورصة الدار البيضاء    مجموعة بريد المغرب ومؤسسة البريد السعودي توقعان اتفاقيتين استراتيجيتين لتطوير التبادل ودعم نمو التجارة الإلكترونية    تعيينات في المصالح الاجتماعية للأمن‬    رغم استهداف سفينة جديدة .. "أسطول الصمود" يقرر الانطلاق نحو غزة    فرنسا تتأهب لاحتجاجات ضد التقشف    188 مليون طفل ومراهق يعانون السمنة .. والأمم المتحدة تحذر    احتجاجات متصاعدة في فرنسا تحت شعار "لنغلق كل شيء"        المنتخب المغربي لألعاب القوى يراهن على البقالي للتألق في مونديال طوكيو    إيكمان يشكر الجماهير المغربية والعيناوي سعيد بظهوره الثاني    "صفقات على المقاس".. الفرقة الوطنية تفتح تحقيقا في اختلالات بصفقات عمومية        صيف استثنائي بفضل الجالية.. 4,6 ملايين سائح بالمغرب خلال يوليوز وغشت    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس        فيدرالية اليسار الديمقراطي تدين العدوان الإسرائيلي على قطر وتطالب بوقف التطبيع    "فيفا" يخطر جامعة الكرة بموعد إرسال اللائحة النهائية للمنتخب المغربي المشاركة في كأس العرب    آفاق ‬التعاون ‬المغربي ‬الموريتاني ‬تتسع ‬أكثر    ملف ‬الصحراء ‬المغربية ‬في ‬الأمتار ‬الأخيرة ‬من ‬الإغلاق ‬بقرار ‬أممي    المنتخب الإماراتي لكرة القدم يتأهل إلى نهائيات كأس آسيا لأقل من 23 سنة    منتخب الرأس الأخضر يقترب من أول تأهل إلى كأس العالم في تاريخه بعد انتصاره على نظيره الكاميروني    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح العمل الاجتماعي للأمن الوطني    عبد النباوي: لا إذن بالتعدد إلا بعد التحقق من الوضعية المادية لطالبي الزواج    8 ‬ملايين ‬و271 ‬ألف ‬تلميذ ‬يلتحقون ‬بالمؤسسات ‬التعليمية    النجم كيليان مبابي يتخطى هنري ويلامس عرش الهداف التاريخي لفرنسا    الحزم السعودي يعلن رسميا تعاقده مع عبد المنعم بوطويل    قطر تتحرك دبلوماسيا وقانونيا لمواجهة الهجوم الإسرائيلي على الدوحة    توتر دبلوماسي يدفع ترامب لعدم حضور قمة العشرين    الرباط تحتضن ندوة رفيعة المستوى حول مستقبل العلاقات الأورو-متوسطية    اليونسيف: السمنة تهدد 188 مليون طفل ومراهق حول العالم    استعراض مؤهلات جهة الشمال على وفد فرنسي من تولوز    مع حضور في الطقوس والأمثال .. الخبز في حياة المغاربة: من قوت يومي إلى مقام وجودي ورمز أسطوري وسلم اجتماعي    مطارات الإمارات تتجاوز حاجز المليار مسافر خلال 10 سنوات    23 قتيلا و 2835 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع الماضي    هشام العلوي يدعو المغرب إلى قطع علاقاته مع حكومة نتنياهو مع الحفاظ على الروابط مع المجتمع والشعب الإسرائيلي    دراسة: أسماك الناظور ملوثة وتهدد صحة الأطفال    دراسة: أسماك الناظور ملوثة بعناصر سامة تهدد صحة الأطفال    باقبو الفنان الذي ولج الموسيقى العالمية على صهوة السنتير.. وداعا        تلميذ يرد الجميل بعد 22 سنة: رحلة عمرة هدية لمعلمه    1500 ممثل ومخرج سينمائي يقاطعون مؤسسات إسرائيلية دعما لغزة    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي        نسرين الراضي تخطف جائزة أفضل ممثلة إفريقية        أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حينما يتحول الإعلام إلى وسيلة للابتزاز.. !!!
نشر في الوجدية يوم 27 - 01 - 2010

الإعلام وسيلة من وسائل التواصل بين بني البشر في المجتمع الواحد، وبين الشعوب، سواء كان إعلاما مرئيا، أو مسموعا، أو مقروءا.
وعندما يتعلق الأمر بالإعلام، فإنه يشترط في وجوده وجود إعلاميين، والإعلاميون هم الأشخاص الذين يشتغلون في المجال الإعلامي، أو يمارسونه كهواية، من أجل جعل المعلومة الخاصة، أو العامة: المحلية، أو الإقليمية، أو الجهوية في متناول جميع الناس. حتى تساهم تلك المعلومة في إحداث تفاعل في الواقع، في تجلياته المختلفة، مما يؤدي إلى إحداث تحول معين، قد يكون إيجابيا، أو سلبيا، يؤدي بالضرورة إلى إعادة النظر في مكونات الواقع نفسه، بهدف العمل على تطويره.
وحتى يقوم الإعلام بدوره الإيجابي في خدمة الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، نرى ضرورة أن يتحلى الإعلامي ب:
1)النزاهة في التعامل مع الخبر الذي يستهدف تبليغه إلى مستهلكي الإعلام.
2) الموضوعية التي تقتضي التجرد من كل ما هو ذاتي، حتى يستطيع تقديم مادة إعلامية موضوعية.
3) الإحاطة الموضوعية بالواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي.
4) الإحاطة بالجوانب القانونية: المحلية، أو الإقليمية، أو الوطنية، التي لها علاقة بالمادة الإعلامية، التي يقدم الإعلامي على معالجتها، تجنبا لكل ما يسيء إلى العملية الإعلامية.
5) الإحاطة بمضامين المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، حتى يسترشد بها في المعالجة الإعلامية.
6) امتلاك منهج معين يمكنه من تقديم مادة إعلامية منهجية، تمكن الملتقي من استيعابها بسهولة، حتى يمتلك القدرة على التفاعل معها، وعلى تفعيلها في الواقع.
7) استهداف خدمة تطوير الواقع في الاتجاه الصحيح، مما يجعل الملتقي يتطور أيضا.
8) اعتبار أن المادة الإعلامية التي يقدمها للملتقي عبر وسيلة من وسائل الإعلام المقروءة، أو المرئية، أو المسموعة، هي مادة تعكس شخصية الجهة الإعلامية المعنوية وشخصية الإعلامي نفسه.
وتحلي الإعلامي بهذه الصفات، لا بد أن يقود إلى العمل على تجنب الممارسات التي تسيء إلى الإعلام، وإلى الإعلامي في نفس الوقت.
أما إذا كان الإعلام بعيدا عن التحلي بهذه الصفات المميزة له فإنه:
1) لا يكون نزيها في التعامل مع المادة الإعلامية، التي يقدمها للملتقي، الأمر الذي يجعل تلك المادة موجهة بهدف خدمة مصلحة معينة: فردية، أو طبقية، أو حزبية، أو أي جهة أخرى. وهو ما يترتب عنه فقدان الإعلام لمصداقية ما يقدمه من مادة إعلامية، وهو ينعكس سلبا على الإعلام، وعلى مصداقيته.
2) لا يكون موضوعيا، لتحيزه لما هو ذاتي، أو طبقي، أو حزبي، أو غير ذلك، الأمر الذي يترتب عنه جعل ذلك الإعلام متحيزا بعيدا عن الموضوعية لخدمة المصالح الذاتية، أو الطبقية، أو الحزبية، أو أي مصالح أخرى، وسعيا إلى تحقيق التطلعات الطبقية التي يصير الإعلاميون مرضى بها، في ظل الشروط القائمة التي تساعد على ذلك.
3) لا يكون محيطا بالواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، نظرا لتعامله معه بطريقة تجزيئية، حيث لا يهتم إلا بجوانب الواقع التي تخدم مصلحته الإعلامية، أو مصلحة الطبقة التي يخدمها، أو مصلحة الحزب الذي ينتمي إليه، أو مصلحة جهة معينة تساعده على تحقيق تطلعاته الطبقية. وهذا التجزيء في التعامل مع الواقع، لا يمكن أن يكون إلا ممارسة انتهازية فجة، تؤدي إلى إعداد المتلقي لممارسة التعامل الانتهازي مع الواقع، الذي يصير في خدمة الطبقات الممارسة للاستغلال المادي، والمعنوي لسائر كادحي الشعب المغربي.
4) لا يكون محيطا بالجوانب القانونية، التي تجعل الممارسة الإعلامية تتسم بالمزايدة التي تعتبر في حد ذاتها ممارسة لا أخلاقية، غالبا ما تقود إلى المحاكمات، كما يحصل دائما، مما يجعل الإعلام الذي يدعي الاستقلالية، والموضوعية، يقع تحت طائلة القانون الذي يتم التعامل معه كذلك بطريقة انتهازية من قبل الإعلامي، الذي لا يقف إلا على الجوانب التي تخدم المصالح التي يسعى إلى تحقيقها. والإعلامي عندما يصير انتهازيا في التعامل مع القوانين المعمول بها، فإنه يعمل على جعل تلك الانتهازية، من خلال الإعلام، متفشية في الواقع، ومتجذرة فيه.
5) لا يكون محيطا بمضامين المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وباتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، وباتفاقية حقوق الطفل، وبالاتفاقيات المتعلقة بحقوق العمال. وعدم إحاطته بالمواثيق، والاتفاقيات المذكورة، يجعل ممارسته الإعلامية وسيلة للتربية على خرق حقوق الإنسان، التي تخترق أصلا، عن طريق اعتماد، وتفعيل القوانين المعمول بها، التي تفتقر إلى الملاءمة مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. وإعلامي من هذا النوع، لا يأخذ من المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، في حالة تعرفه عليها، إلا ما يخدم مصلحته، أو مصلحة الطبقة التي يدافع عنها، أو مصلحة الحزب الذي ينتمي إليه، أم مصلحة أي جهة أخرى يخدمها بإعلامه. وتعامل تجزيئي من هذا النوع، لا يكون إلا انتهازيا، ويربي المتلقين على نفس التعامل الانتهازي مع المواثيق المذكورة.
6) لا يكون محيطا بخروقات حقوق الإنسان، وعدم الإحاطة تلك، يؤدي إلى عدم قيام الإعلام بدوره في فضح الخروقات المختلفة، التي ترتكب في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. هذا بالإضافة إلى اعتبار الإعلام غير المحيط بالخروقات المذكورة، يعتبر إعلاما قاصرا, والقصور في الإعلام يعتبر مسألة غير مشرفة لممارسة الإعلام، الذي يفترض فيه أن يكون جادا ومسؤولا، وهادفا، حتى يؤدي رسالته كما يجب.
7) لا يستهدف خدمة تطوير الواقع في الاتجاه الصحيح؛ لأنه يستهدف في الأصل عرقلة ذلك التطوير، في مختلف المجالات، حتى يصير في خدمة المسؤولين عن التخلف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي. والإعلام عندما لا يكون مساعدا على تطوير الواقع يتخلى عن رسالته. وهو ما يحصل على المستوى الإعلامي الوطني، والجهوي، حيث نجد الواقع في واد، ووسائل الإعلام في واد آخر، إلى درجة أن التفاعل بينهما يصير منعدما جملة، وتفصيلا، وأكثر من هذا، فإن الإعلام بوسائله المختلفة، يعمل على جعل الواقع في خدمة أهداف، لا تخدم إلا مصالح معينة، مما يؤدي إلى تكريس تخلفه على المستويات الاقتصادية/ والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. وهذا التخلف يتحول إلى داء عضال.
8) لا يعتبر أن المادة الإعلامية التي يقدمها للمتلقي تعكس شخصية الجهة الإعلامية المعنية، وشخصية الإعلامي نفسه، مادام الإعلام والإعلامي يقعان تحت الطلب، خدمة لأهداف محددة، تتغير بتغيير الآمر بالصرف، ليتحول بذلك الإعلام إلى إعلام متلون. وهو ما يجعل مصداقية في مهب الريح، ومصداقية الإعلامي في خبر كان.
والإعلام عندما لا يكون صادقا، ومتفاعلا تفاعلا ايجابيا مع الواقع في تجلياته المختلفة، ومساهما في تطويره، يتحول إلى إعلام متخلف، مهما كانت الإمكانيات المادية التي تقف وراء وجود، واستمراره في الساحة الإعلامية، مهما كان مستوى استهلاكه.
ونظرا للرداءة التي صار عليها الإعلام، وبسبب اعتماد ممارسة الإعلام الفضائحي، فإن الإعلاميين يتحولون إلى مجرد لاهثين وراء البحث عن الفضائح التي تعتمل في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي. وهذا اللهث هو الذي يحول الإعلاميين إلى ممارسة مختلف أشكال الابتزاز على الواقع في تجلياته المختلفة، وعلى ممارسي تلك الفضائح، وصولا على جمع ثروات هائلة، ليصير الإعلام وسيلة لتحقيق التطلعات الطبقية للإعلاميين.
وتحقيق التطلعات الطبقية، عندما يحضر في الممارسة الإعلامية، يصير الإعلامي مجرد مرتزق، كسائر المرتزقة، في أي مكان من العالم، يعبث بالواقع، ويعمل على جعله في خدمة عملية الارتزاق برمتها. وإلا فإنه يفقد مبرر وجوده في الساحة الإعلامية.
والممارسة الإعلامية عندما تصير مطبوعة بالارتزاق، تطرح ضرورة التصدي لها، ومواجهتها مواجهة إعلامية حادة، عبر وسائل الإعلام الجادة، والمسؤولة، سعيا إلى تصحيح مسارها عبر تمرسها على احترام أخلاقيات الصحافة ، التي تلزمها بالتخلص من الصحافيين المرتزقين، الذين يدخلون وسائل الإعلام في متاهات يصعب الخروج منها، بدل الانكباب على معالجة المشاكل الحقيقية، والجوهرية.
والخلاصة أن الإعلام عندما يتحول إلى وسيلة للابتزاز، فإنه يفقد القدرة على التحول إلى رسالة إعلامية، لا تتوخى إلا الحقيقة، ولا تسعى إلا إلى قول الحقيقة. والحقيقة بحكم طبيعتها ثورية.
ومن ثورة الرسالة الإعلامية، أن يتمرس الإعلاميون على الصدق في القول، والعمل، ولا يحتكمون في ذلك إلا إلى الضمير المهني، سعيا إلى جعل الإعلام فاعلا أساسيا في تحول الواقع في الاتجاه الصحيح، وتلك غاية إعلامية تسعى الجماهير الشعبية إلى تحقيقها على أرض الواقع.
فهل يحرص الإعلاميون على أن لا يتحول الإعلام إلى وسيلة للابتزاز؟
وهل يحرصون على تحقيق الأهداف المتوخاة من تفاعل الإعلام مع الواقع؟
أم أن التردي الإعلامي سيبقى مهيمنا على الساحة الإعلامية، بسبب ممارسة الابتزاز، والارتزاق؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.