أصدر رئيس النيابة العامة المغربية الوكيل العام للملك، محمد عبدالنباوي، مذكرة يطالب فيها القضاة في المحاكم بعدم متابعة القضايا بشأن جرائم السب والقذف في حق الصحافيين، في بادرة غير مسبوقة في المغرب. وطالب عبدالنباوي قضاة النيابة العامة، بإحالة أصحاب الشكاوى المرتبطة بالأفعال المذكورة إلى الجهة القضائية المختصة. حيث لاحظ أن بعض النيابات العامة تحرك المتابعات الجنائية في حق الصحافيين من أجل جرائم السب والقذف رغم أن المتضرر بإمكانه أن يقدم شكوى مباشرة في الموضوع. ودعا النيابات العامة إلى "عدم تحريك أي متابعة بشأن جرائم السب والقذف في حق الصحافيين إلا بعد موافاته بتقرير مفصل حول القضية مشفوعا بوجهة نظر قضاة النيابة العامة وما يقترحونه من إجراءات قانونية في الموضوع"، وذلك من أجل مواكبة التطور الذي تعرفه البلاد في ما يتعلق بصون الحقوق والحريات الأساسية ومنها حرية التعبير والرأي، وفق تعبير عبدالنباوي. ورحب العديد من المحامين والصحافيين بهذه المبادرة التي من شأنها وضع حد للشكاوى الكيدية ضد الصحافيين على خلفية نشر تقارير صحافية، كما اعتبروا أنها خطوة في الاتجاه الصحيح لتعزيز حرية الصحافة والنشر وتكريسها وفقا لمقتضيات الدستور المغربي. وقال محمد الهيني المحامي بهيئة تطوان والقاضي السابق، في تصريح لوسائل الإعلام المحلية إن "عبدالنباوي أكد في مذكرته حول المتابعات من أجل جرائم السب والقذف، أن السياسة الجنائية في قضايا الصحافة تحرص على تحقيق التوازن بين دعم حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير من جهة، واحترام القانون وصون النظام العام من جهة ثانية". وأضاف أن المذكرة "تحاول التخفيف قدر الإمكان من مساوئ المادة 97 من قانون الصحافة، والتي حافظت على ازدواجية تحريك المتابعة في قضايا الصحافة عن طريق الاستدعاء المباشر وخولته للنيابة العامة والمشتكي دون تمييز". وتابع أن "صيغة (القانون 97) المعيبة كانت تسقط مؤسسة النيابة العامة في حرج كبير وفي موجة انتقادات عارمة عن كل تحريك لاستدعاء مباشر، ولماذا تابعت هذا الشخص أو المؤسسة ورفضت في حق البعض الآخر". ويقول محامون، إن البعض من النيابات العامة على مستوى المحاكم الابتدائية كانت تلجأ إلى حفظ الشكاوى المرتبطة بجرائم السب والقذف في حق الصحافيين وتحيل أصحابها على ما يسمح به القانون من إمكانية تقديم شكاوى مباشرة إلى الجهة القضائية المختصة، وهذه النيابات لم تتردد في التراجع عن هذا الاجتهاد لتتعامل مع بعض الشكاوى المقدمة ضد الصحافيين بنفس المنطق القانوني وتبعا لنفس الإجراءات ذات الصلة بالتصدي لجرائم الحق العام، انطلاقا من تبريرات لا تراعي طبيعة عمل الصحافيين.