بنت من! وحفيطت من! ومرات من! أنا بنت البعزا، ورباني الخرباش، وعبيت الشنبور: بنت من، وحفيدة من، وزوجة من؟. أنا بنت البعزة، ورباني الخرباش وتزوجت الشنبور. قالت ذلك إحدى النساء، في معرض الافتخار والاعتزاز، فصارت الحاضرات يتغامزن عليها، وصارت كلمتها كمثل يقال في كل جاهلة مغفلة تظن في نفسها شيئاً كبيراً، وما هي إلا غبية معرضة للهزء والسخرية، ذلك لأن الألقاب التي ذكرت كلها من الغرابة بمكان. بالنقط كيعمر الواد: بالنقط يمتلئ النهر، أي إن النهر يمتلئ بنقط المطر التي منها تتكون السيول. يقال عندما يكون الشيء في نفسه قليلاً أو صغيراً، ولكنه باسترساله وانضمام بعضه إلى بعض، يصير كثيراً مفيداً. كما يقال للتنبيه على عدم الاحتقار أو الإهمال للأشياء التي قد تبدو قليلة أو ضئيلة، والحض على الصبر والثبات والمثابرة لغاية الحصول على المطلوب، ولو كان جليلاً أو عظيماً. وبعضهم يبدل كلمة (الواد) بكلمة (البحر). بني حسان يا المشكورا، ذبحوا الجرو وصلوا على الهيدورا: بني حسان، اسم قبيلة جبلية تقع بين مدينتي شفشاونوتطوان، وأهل القبائل المجاورة لها يصفون الحسانيين بما يبعد عن الفطنة والذكاء والعلم والمعرفة، ولهم في ذلك حكايات ونوادر وأمثال نظن أن الكثير منها مختلق للتنادر والتنكيت، ومن ذلك هذا المثل الذي يزعم أنهم أرادوا أن يصلوا في إحدى البوادي، فلم يجدوا شيئاً يصلي عليه إمامهم، فذبحوا كلباً وسلخوه، ودفعوا جلدته للإمام ليصلي بهم عليها. يقال على سبيل التنكيت على أهل القبيلة المذكورة والتعريض بجهلهم وغفلتهم. على أن لبني حسان أيضاً حكايات ونوادر ونكتاً عن أهل القبائل الأخرى، على عادة الأوساط البسيطة الفكر المحدودة المعرفة. بع الفحام، وكل اللحام: بع الفحم وكل اللحم. يقوله الذين يعجبهم أكل اللحم ويفضلونه على كل ما عداه من المأكولات، ولو بأن يقوم الإنسان ببيع الفحم في سبيل أكل اللحم، وأهل تطوان جلهم من هذا القبيل. ومن المعروف أن هناك لا يأكل اللحم بالكلية، إما لأنه حرمه على نفسه، لخلل في إدراكه وحسه، وإما لأنه من النباتيين الذين يرون أن الصحة والعافية والسلامة، في أكل النباتات والفواكه، دون اللحوم والشحوم، وللناس فيما يعشقون مذاهب، والكل يعيش ثم يموت صغيراً أو كبيراً، إلا أن الأوهام تجد السبيل حتى لعقول العلماء والأذكياء، والكمال لله وحده سبحانه. بع واندم: يقال للشخص الذي يعرض بضاعته للبيع، فيدفع له ثمن لا يرضيه ويأمل ربحاً أكثر، وذلك للتنبيه على أن الندم على ربح كثير، أهون من الندم على عين البيع وكساد البضاعة. كما يقال للحض على البيع أو على أي عمل فيه مصلحة ومنفعة، أي انتهز هذه الفرصة وبت في الأمر واندم على ما ضيعت من فرص سابقة قد لا يعود مثلها. العنوان: الأمثال العامية في تطوان والبلاد العربية للمؤلف: محمد داود تحقيق: حسناء محمد داود منشورات باب الحكمة (بريس تطوان) يتبع...