الصورة بألف كلمة، مثل صيني بقي خالدا على مر الأزمنة والعصور، ورغم الثورة التكنولوجية والمعلوماتية، تبقى للصورة سطوتها الكبيرة على المتلقي، وإذا كانت الصورة بأجزائها المتعددة تحتاج للدراسة، فإنه في كثير من الاحيان تكون دلالاتها الرمزية والسنيمائية قليلة التعقيد وشديدة الوضوح، والسر، في محافظة الصورة على مكانتها، هو اعتبارها في كثير من الاحيان، وسيلة تواصلية بين الافراد والمجتمعات، فضلا عن وظيفتها الاعلامية، فهي تؤرخ لأحداث وقد تدرس عادات ونمط عيش لمجتمع ما، وقد تكون وسيلة محاججة ودليل على براءة أو إدانة لجهة ما. وإذا كانت الصورة كموضوع برز في احداث العيون الاخيرة، وكيف حاول خصوم الوحدة الترابية ان يقرؤوا الصور، فإن ذات الصورة اصبحت دليل ادانة يفضحهم، وغذت الصورة سلاحا فتاكا يرهب الخصوم والاعداء. وفي المغرب التربوي، نجد ان الصورة التي يتضمنها الكتاب المدرسي، قد تطورت بشكل سريع، يتوافق وتطور العصر، فمن الرسوم الى الرسوم الأيقونية، الى الصور. وطبعا كانت صور الكتاب المدرسي دليلا على مضامينه وأهدافه التي يروم تحقيقها، وكم كانت دلالات الصورة كافية للحكم على الكتاب المدرسي بكونه يؤكد الفوارق المجتمعية ويزيد من الفجوة بين المدن والقرى، فالقرية تبرز كصورة بريدية لدى تلميذ المدينة وفيما المدينة تظهر كيوتوبيا عند التلميذ القروي، و من حيث الكم، فتكاد صور القرية تنعدم في الكتاب المدرسي. ومن جهة أخرى فإذا ما تم تحديد صور كتاب اللغة العربية مع كتاب اللغة الفرنسية الحاليين، نجد ان اغلب صور كتاب الفرنسية مأخوذة من واقع اجنبي عن الواقع المغربي، مما يكرس نفس النظرة السابقة التي كانت بين المدينة والقرية سابقا، وهذه المرة بين كل تلاميذ الوطن على حد السواء، وتلاميذ دول الشمال. ان الصورة التربوية ينبغي ان تكون معينا بيداغوجيا أولا ثم تعليميا ثانيا، ثم تواصليا، خصوصا وأن الثورة المعرفية والتكنولوجيا اعتمدت ولازالت تعتمد على الصورة كأساس لخطابها ورسائلها. حيت يتم استعمال الصورة كوسيلة تواصل وشرح وتفاهم. من هنا نتساءل عن سر تهميش الصورة وقراءتها وتحليلها داخل المنظومة التعليمية، اللهم اذا ستثنينا بعض المناولات المحتشمة من خلال درس القراءة والمطالعة في مواد اللغات، أما التحفيز على التعاطي الايجابي مع الصورة ودفع المتمدرسين لسبر أغوراها، يبقى دون المأمول. ان الصورة كمنتوج تواصلي وفني ولغوي تبقى الوسيلة الأهم لتنمية مهارات المتلقي، وتحليلها والاهتمام بمجالها هو الوسيلة المثلى لفهم الاخر وترقية القدرات التواصلية. ان تتالي الصور ينتج عنه مشاهد ومتوالية المشاهد تكون فيلما، والحديث عن الفيلم يبقى مؤجلا الى فرصة اخرى. وإلى ذلك الحين تبقى صورة المنظومة التعليمية بعيدة عن المأمول والمبتغى، ويبقى السؤال حاضرا: هل يمكن ان تستغني المنظومة التعليمية عن الصورة وتتطور بدون الاهتمام بها ؟ اظن ان ذلك هو المستحيل ....